رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الزيارات الخارجية تكشف سر هجوم الحرس القديم على بابا الكنيسة

البابا تواضروس -
البابا تواضروس - أرشيفية


يبدو أن الزيارات الخارجية للبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، دائمًا ما تصاحبها حالات من الهجوم من قبل المعارضين للبابا، وخاصة الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم جماعات لحماية الإيمان المسيحي الأرثوذكسي، معتبرين أن ما يقوم به البابا في هذه الزيارات مخالف لتعاليم الكنيسة.


الهجوم لم يتوقف عند هذا بل تطور إلى قيام البعض بإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعى تحمل اسم البابا تواضروس، وتم نشر صورة تجمع رؤساء الكنائس خلال اجتماع الصلاة بمدينة بارى الإيطالية، وكتب تعليق: «كنيسة واحدة جامعة رسولية»، ما دفع الكنيسة إلى الإعلان عن أن هذه الصفحات ليس لها علاقة بالبابا تواضروس، موضحة أن البابا يمتلك صفحة واحدة محددة باللون الأزرق والتى تعطى من قبل إدارة الفيس للشخصيات المعروفة.


نقاط الخلاف التى روج له هؤلاء عبر صفحاتهم المستعارة على مواقع التواصل الاجتماعى، تتركز في قيام البابا بالسماح لوفد كاثوليكي إيطالي، إقامة قداس وصلاة داخل دير السريان العامر في وادى النطرون، التابع للكنيسة الأرثوذكسية، وكذلك مشاركة البابا تواضروس في اجتماع البطاركة الأرثوذكس التي تضم «الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في أنطاكية والهند، القبطية الأرثوذكسية، الأرمنية الأرثوذكسية»، حيث تناول الاجتماع موضوع «توحيد عيد الفصح»، الذى تسبب في جدل واسع بين المحبين للكنيسة.


زيارة البابا للفاتيكان كانت هي الأخرى نقطة خلاف وأثارت جدلا واسعا خاصة أنها بدعوة من البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، للمشاركة في يوم الصلاة المسكونى ببارى الإيطالية.


لم يتوقف الهجوم على البابا تواضروس عند هذا الحد، بل كتب أحد الكهنة تحت اسم كاهن من نيوجيرسى، فى موقع يحمل اسم أقباط أمريكا، رسالة زعم أن البابا تواضروس يسعى لجعل الكنيسة القبطية تابعة للبابا فى روما، مضيفًا أن استقبال البابا فرانسيس للبابا تواضروس لم يكن يليق بمكانة أعلى سلطة دينية بأقدم الكنائس فى العالم.


وأكد الكاهن فى رسالته أن الفاتيكان يهدف إلى السيطرة على كل كنائس الشرق بما فيها الكنيسة القبطية، لتطبيق ما تم الاتفاق عليه فى مجمع فلورنسا المسكونى، ويأتى ترتيب الكنيسة القبطية الثالث بعد الكاثوليكية والقسطينطنية وهذا ما وضح فى ترتيب جلوس البابا تواضروس خلال الصلاة المسكونية ببارى.


وتساءل: لماذا تتم «شخصنة» كل ما يكتب وفى بعض الأحيان «شيطنة» بعض ما يكتب، وفى أحيانا أخرى «تكفير» ما يكتب بدعوى الولاء والحفاظ على الكنيسة، وكأن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الراسخة رسوخ الجبال والصخور، تهتز جنباتها برأى أو نقد أو فكر يقوم به أب من آباء الكنيسة القبطية علا منصبه أو ارتفعت رتبته، بينما الكنيسة القبطية بتاريخها الطويل تشهد فى عصور كثيرة ما نشهده الآن، بأشكال وصور مختلفة، وكان الآباء يتسمون بسعة صدر، لأنهم يدركون أن الإيمان المقدس للكنيسة بغية قلب وضمير الجميع دون تصنيف أو استثناء.


وأضاف: «للأسف يا قداسة البابا تواضروس، وضعوا سكرتير بابا الفاتيكان قبلك فى الجلوس على مائدة الجلوس فى الجلسة التى عقدت ونشرت صورها، أي إذلال للكرسى المرقسى، بعد تاريخ طويل من الحفاظ على مكانة كرسى مارمرقس حافظ عليه آباؤنا باباوات الكنيسة القبطية».


وتابع: « قداسة البابا تواضروس.. حزنت وأنا أرى بابا الكنيسة القبطية فى سيارة بابا الفاتيكان فى زمرة أعداد من الطوائف التى لا يذكرها سوى القليل، حزنت وأنا أراك فى خورس الموعوظين وبابا الفاتيكان يرأس القداس من داخل المذبح الخاص بكاتدرائية القديس نيكولا، أليست ليتورجيا شاركت فيها؟».


واستكمل: «قداسة البابا ألا يؤلمك أنك كنت فى خورس الموعوظين وأنت بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يقف أحد الأشخاص الذين يشاهدون بابا الفاتيكان يقدس الذبيحة، فى صلاة مسكونية مفترض أنهم يعلمون أن كنائس متعددة مشاركة وتختلف معهم فى الطقوس؟ ومع ذلك خضعتم للحضور؟»، متابعا: «المحبة المسيحية لا تلغى الترتيب واللياقة، ولا تلغى خصوصية العقائد والطقوس، قداسة البابا تواضروس، كان كل شىء بينهم مشتركًا، وليس كل شىء بينهم بالإخضاع بمسميات براقة، قداسة البابا ألا تدرك مغزى عدم حضور بطريرك الكنيسة الروسية، أكبر الكنائس الأرثوذكسية من العائلتين الأرثوذكسيتين عددًا فى العالم كله، وإرسال المطران إيلاريون نائبًا عنه؟».


الهجوم المستمر على البابا تواضروس الثانى، دفعه إلى الرد، من خلال مواقع التواصل الاجتماعى وبعض المواقع، عقب اشتراكه فى الصلاة المسكونية، التى دعا إليها البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بمدينة بارى، بحضور عدد من بطاركة ورؤساء الكنائس للصلاة من أجل السلام فى الشرق الأوسط، قائلا: «بعض الناس تخلط بين الوحدة المسيحية واجتماعات الصلاة، ولكن أعرفوا أن الوحدة المسيحية بين الكنائس تتحقق يوم نصلى كلنا على مذبح واحد ونحن نرتدى لبس الصلاة «التونية» غير ذلك لا تكون وحدة، اجتماع صلاة مسكونية، لم يحدث مثله من قرون كثيرة، ربما من عشرة قرون، لأن شهد حضور قادة وبطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، التى تنتمى لها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأيضًا مجموعة كبيرة من الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية ومن الكنائس الكاثوليكية، الاجتماع كان به حوالى 20 من قادة الكنائس، اجتماع صلاة لكى يحل السلام فى منطقة الشرق الأوسط».


بدوره قال المفكر كمال زاخر، مؤسس التيار العلماني القبطي، إن الهجوم على البابا تواضروس صراع لتسوية خلافات قديمة بين ما نطلق عليه «الحرس القديم» والبابا، فهم يصارعون للحفاظ على مكتسبات حققوها من قبل ويظلون متصدرين المشهد، مضيفًا إذ كنا نؤمن بمبادئ المسيحية، فالمسيح يعلمنا من أراد أن يكون أولًا فليكن أخيرًا، لذلك فالحديث عن مكان البابا خلال الصلاة هو نوع من الازدواجية.


وأضاف« بعض من تربوا في أجواء الخوف والتربص والتوجس يملئون الدنيا نواحا على مجد غابر، ويحذرون من ذئاب متوهمة، ويديرون معارك بسيوف خشبية، فيما ترتعد فرائصهم ويخفون فزعهم بأصوات عالية تطن الآذان كلما طالعت حساباتهم ومواقعهم وكتائبهم في جنبات الفضاء الإلكتروني».


وتابع: «بعض الأمناء المتصالحون مع اللحظة ومع أنفسهم ومع رسالتهم، يلتئمون حول طاولة الحوار، يتنادون من الشرق والغرب، في جسارة القفز فوق موروث ثقيل، شكلته صراعات تبدو لاهوتية لكنها ابتلعت في صراعات السياسة والإثنيات والقوميات، والذات والأنا، حتى صار الموروث فى الفضاء العام المسيحي أصلد من الإيمان كما استلمته الكنيسة الأولى».


وأوضح أن هذا النوع من اللقاءات يجد دائما من ينظر إليه بارتياب بفعل صورة ذهنية رسمتها خبرات مؤلمة عبر عقود وقرون، يتحالف معها شبكة مصالح استقرت وترجمت في مواقع وسلطات ومراتب تتهددها نجاح هذه اللقاءات في خلق واقع جديد يحرك وربما يفكك هذه المصالح والمواقع.


ولفت إلى أن إقامة البابا تواضروس صلاة القداس في كاتدرائية القديس بولس في باري، ليس أمرا جديدا، موضحا أنه أسس لهذا النهج البابا شنودة الثالث داخل وخارج مصر.