رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«5» مواد تُشعل الحرب بين الأزهر و«الأوقاف» للسيطرة على «الفتوى»

الطيب ومختار جمعة
الطيب ومختار جمعة - أرشيفية


شهدت الأيام الماضية حالة من التلاسن والمشاحنات المتبادلة بين وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر واللجنة الدينية بالبرلمان، بسبب صراع النفوذ والسيطرة على الفتوى في مصر، وأعلن كل طرف الحرب على الآخر، والسبب قانون تنظيم الفتوى المقرر مناقشته، خلال الفترة المقبلة، داخل الجلسة العامة بمجلس النواب والذي ينتظر وفقا لهذا الخلاف ألا يرى النور قريبًا.


ومؤخرًا حوّلت لجنة الشؤون الدينية بالبرلمان مشروع القانون لهيئة كبار العلماء لوضع ملاحظاته عليه وفقا لنص المادة السابعة من الدستور، وكانت المفاجأة الكبري رفض الأزهر القانون كاملا وقرر نصوص مواد جديدة قرر من خلالها منع الفتوى نهائيا عن أئمة المساجد وعلماء الأوقاف، الأمر الذي كان سببًا في إشعال الموقف داخل الوزارة ورفضت ملاحظات الأزهر نهائيا، وقررت الوزارة التحدي والعصيان على الأزهر والبرلمان في حالة إقرار القانون.


وحصلت «النبأ» على نص تقرير هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بشأن الرأى فى مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، وهو التقرير الذي أشعل الحرب، وجاء نص المادة الأولى من قانون مجلس النواب:


«يحظر التصدى للفتوى فى الأمور العامة إلا من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المشار إليها، وفقًا للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون»، فيما جاء تعديلات الأزهر ليكون نصها كالتالي: «يحظر التصدى للفتوى الشرعية إلا من خلال الهيئات المعنية بالفتوى فى الأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو من يرخص له بذلك من أى منهما، ويرجح رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى حالة تعارض الفتوى بين الجهات المذكورة وفقا للإجراءات والشروط التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون».


وجاء بالمادة الثانية للقانون الحالي بالبرلمان: «للأئمة والوعاظ ومدرسى الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر أداء مهام الوعظ والإرشاد الدينى العام بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة»، وجاءت تعديلات الأزهر ليكون نص المادة كالتالي: «للأئمة والوعاظ ومدرسي العلوم الشرعية والعربية بالأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم من خريجى الكليات الشرعية والعربية جامعة الأزهر أداء مهام الإرشاد الدينى بما يبين للمسلمين أمور دينهم، ولا يعد ذلك تعرضًا للفتوى».


أما المادة الثالثة بالقانون الحالي: «يحظر ممارسة الإفتاء فى الأمور العامة عبر وسائل الإعلام إلا على المرخص لهم من الجهات المشار إليها فى المادة الأولى من هذا القانون.


وجاء اقتراح نص المادة من الأزهر كالتالي: «تقتصر الفتوى الشرعية عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى المختلفة على أعضاء الجهات المذكورة فى المادة الأولى، ومن يرخص له بذلك من هيئة كبار العلماء، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون الضوابط اللازمة لذلك»، أما المادة الرابعة بالقانون فذكرت: «يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لاتقل عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العودة تكون العقوبة هى الحبس والغرامة التى لاتزيد عن عشرة آلاف جنيه»، وجاء اقتراح الأزهر ليكون النص كالتالي: «يعاقب كل من خالف أحكام هذا القانون بالحبس مدة لاتزيد على ستة أشهر وغرامة لاتزيد عن خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين».


وفى حالة العود تكون العقوبة هى الحبس وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه».


أما المادة الخامسة: «يتطلب الأمر استحداث مادة جديدة بشأن إصدار اللائحة التنفيذية للقانون؛ لتصدر بناءً على مقترح من الجهات المحددة بالمادة الأولى، حيث إن الدستور المصرى منح رئيس الوزراء حق إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين ما لم ينظم القانون المقترح طريقة إصدار اللائحة التنفيذية الخاصة به بطريقة أخرى، حرصًا على ضبط شروط وإجراءات منح تراخيص الفتوى من جهات الاختصاص»، وجاء اقتراح التعديل من قبل الأزهر ليكون النص كالتالي: «تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس مجلس الوزراء، بناءً على عرض الإمام الأكبر شيخ الأزهر بعد أخذ رأى الجهات المذكورة فى المادة الأولى من هذا القانون».


وعلى الفور وبمجرد وصول تلك التعديلات للجنة الدينية بالبرلمان وعلم الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بما جاء فيها، واستبعاد مشايخ وعلماء وأئمة المساجد من الفتوى، اشتعلت الأجواء داخل الوزارة وعقد اجتماعا مطولا مع قيادات الدعوة لبحث كيفية الرد، خاصة أن الوزير والقيادات رأت أن الأمر متعمد من قبل الأزهر في إطار الحرب الباردة الدائرة بين الطرفين منذ فترة، وأن النية كانت مبيتة خاصة بعد مشادة التي حدثت بين الوزير والدكتور محي الدين العفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية ومندوب شيخ الأزهر داخل لجنة الشئون الدينية بالبرلمان اعتراضًا على القانون المقدم من قبل الحكومة، وأعلنت الوزارة رفضها لتقرير هيئة كبار العلماء وأنه غير ملزم له وحدثت مشاورات مع عدد من أعضاء اللجنة الدينية بالبرلمان أكدوا خلالها اعتراضهم عما جاء من تعديلات من قبل الأزهر، وحيال عملية التصعيد أصدرت الوزارة عبر أبواقها الإلكترونية حملات ضد الأزهر والتعديلات التي صدرت بخصوص قانون تنظيم الفتوى.


وقررت وزارة الأوقاف التوسع في لجان الفتوى بالمساجد الكبرى على مستوى الجمهورية؛ تيسيرا على السائلين القاصدين أئمة بيوت الله عز وجل، وفِي سبيل ذلك عقدت الوزارة عددًا من الدورات التدريبية في فقه المقاصد وفقه الأسرة وفقه المعاملات وفقه المواريث وفقه الحج وغير ذلك من سائر الموضوعات الفقهية وبخاصة ما يتصل بالقضايا والمستجدات العصرية، وجعلت التمكن في علم الفقه شرطا رئيسا لتعيين الأئمة الجدد.


وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بـ«وزارة الأوقاف»، إن الوزارة عمرها 400 سنة، ومجمع البحوث الإسلامية أنشأ سنة 1961م، فكيف يتم إقصاء وزارة الأوقاف وأئمتها من الفتوى.


وتابع «طايع» أن إدارة الفتوى بوزارة الأوقاف إدارة ممولة، والجهاز المركزي وضعها في الهيكل التنظيمي، ولدينا أفرع في المحافظات للفتوى، مضيفًا أن الواقع يفرض أن الأئمة قادرون على الفتوى، وأئمة الأوقاف معتدلون ووسطيون، نافيًا تورطهم في الفتاوى «الشاذة» التي تثير الجدل.


وحذرت وزارة الأوقاف جميع الأئمة والعاملين بها من الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال المنابر فيما يدور حاليا من خلافات بين الوزارة ومشيخة الأزهر بشأن أزمة استبعاد الأئمة من الفتوى في قانون تنظيم الفتوى الجديد.


وقالت الأوقاف، إن الوزارة حريصة على قيام أئمتها وعلمائها بمهامهم الدينية والوطنية والمهنية كاملة غير منقوصة بما فيها حق الإفتاء الشرعي خدمة للدين والوطن، فإننا نؤكد شرف انتسابنا للأزهر الشريف وانتمائنا له واحترامنا وتقديرنا الكامل لفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ولجميع مؤسسات الأزهر الشريف وهيئاته العلمية وعلى رأسها هيئة كبار العلماء، ولا نقبل النيل من أي مؤسسة وطنية تصريحا أو تلميحا أو تعريضا.


على الجانب الأخر، يري قيادات المشيخة أن لا نية مطلقًا للتراجع عن تعديلات المقدمة، وأن «الطيب» مصمم على إبعاد مشايخ الأوقاف من الفتوى، وأن البرلمان لا يحق له وفقًا للمادة السابعة من الدستور إبعاد تعديلات الأزهر وإلا يكون القانون مطعونًا عليه بعدم الدستورية، وهو ما يشير إلى أن الصراع لن ينتهي قريبًا، وأن القانون سيدخل «الأدراج» لحين الوصول لصيغة تفاهم بين الأوقاف والأزهر، خاصة أن هناك جهودًا ووساطة كبيرة من قبل شخصيات وجهات عليا بالدولة بهدف إدخال مشايخ الأوقاف في حقهم بالفتوى وفقا لشروط دقيقة، ومن بين المقترحات أن يقتصر الفتوى للأوقاف على حاملى الدكتوراة والماجستير، وبعد حصوله على دراسات ودورات تدريبية في علوم العقيدة والشرع بالأزهر.