رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل عمليات «الغش والتهريب والنصب» في سوق «المكملات الغذائية»

وزارة الصحة - أرشيفية
وزارة الصحة - أرشيفية


في أحد أيام أغسطس الحارة من العام الماضي، دخل أحمد عيد صالة رياضية، وهي ضمن مئات الصالات الرياضية الشعبية التي انتشرت في ربوع مصر في السنوات القليلة الماضية.


الصالة الكائنة في شارع عمرو بن العاص، أحد شوارع حي فيصل بالجيزة، تعج بعشرات الشبان والرجال والصَبية، من الراغبين في عمل ما يُطلقون عليه «الفورمة».. وهي أن يكون شكل عضلات الجسم بارزة، وفي سبيل تحقيق ذلك، يبتلعون أشكالًا من الحبوب والمكملات الغذائية دون وجود لرقابة طبية كانت أو قانونية.


أحمد عيد.. واحد من مئات الشباب الذي تعرضوا لعملية نصب بسبب «الإعلانات المُضِللة» حول المكملات الغذائية، وكاد أن يفقد حياته ثمنًا لهذه المكملات التي لا رقيب ولا حسيب عليها، ويبلغ سوق المكملات الغذائية ما بين 7- 10 مليارات جنيه، بحسب غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية.


حتى العام 2005، كانت المكملات الغذائية لا يتم ترخيصها في مصر، لكن بدءًا من العام التالي، اتخذت وزارة الصحة قرارًا بضرورة التسعير الجبري للمكملات وحصولها على ترخيص بالتصنيع من وزارة الصحة، وشمل القرار الوزاري نحو 70% من المُكملات المُنتجة محليًا، بينما أمهلت المُنتجات الباقية لتوفيق أوضاعها حتى نهاية مارس 2017، وعليه خَضَعت كل المكملات الغذائية لقاعدة «التسعير الجبري» التي تسري على الأدوية.


الدكتور علي عوف رئيس شعبة تجارة الأدوية بالغرف التجارية يقول، إنه بسبب "التسعير العشوائي" انخفض حجم سوق الأعشاب والمُكملات الغذائية من 35% من إجمالي سوق الدواء في مصر، قبل بداية التسعير الجبري، إلى 5% فقط من إجمالي سوق الأدوية.


ويُضيف «عوف»، أنه تَقدم منذ أكثر عامين لوزارة الصحة بمشروع لاستخلاص الأعشاب الطبية واستخدامها في صناعة الأدوية، لافتًا إلى أن الأعشاب الطبية تُمثل نحو 80% من حجم سوق المُكملات الغذائية في مصر، بما تحتويها من مُستخلصات طبيعية وفيتامينات.


ويُشير رئيس شُعبة تجارة الأدوية إلى وجود كَّم ضخم من المكملات الغذائية "مغشوشة" و"مُهربة"، مُرجعًا ذلك إلى الإعلانات المُضللة التي تبثها بعض القنوات التلفزيونية، إضافة للصالات الرياضية التي تقوم ببيع مثل هذه الأنواع من المُكملات دون وجود رقابة طبية سواء من وزارة الصحة أو من جهاز حماية المُستهلك.


الدكتور أحمد السقا نائب رئيس الشعبة العامة للصيدليات بالغرفة التجارية يقول، إن أي مُكمل غذائي يتم التصريح بإنتاجه من قبل "معهد التغذية" بوزارة الصحة وهو المسئول عنه، لافتًا إلى أن المُكمل الغذائي لا يعني أنه "مُكمل للدواء" فقط، ولكنه أحيانًا كثيرة يحل بدلًا عن الدواء الكيميائي.


ويُضيف، أنه يحصل على تصريح من معهد التغذية وليس من الإدارة العامة للصيدلة مثل الأدوية، لعدم احتوائه على أي نسب كيمائية، لافتًا إلى حجم التهريب الكبير في نشاطات الصالات الرياضية بالتحديد.


ويوضح «السقا»، أنه يتم غش المُكملات الغذائية أو تهريبها عن طريق جلب بعضها من الخارج وخاصة من الصين، أو عن طريق السَماح لبعض مُصنَعّي الأدوية بإنتاج المُكملات دون رقابة، إذ يقوم بإنتاج بعضها في مصانع الأدوية، ثم يُنتج الجزء الأكبر في "مصانع بير السلم"، بسبب ضعف الرقابة.


ويُحمل نائب رئيس الشُعبة العامة للصيدليات، وزارة الصحة والإدارة العامة للتفتيش الصيدلي وجهاز مباحث التموين، مسئولية انتشار المُكملات الغذائية المغشوشة، لأنهم الجهات المُخول لها التفتيش والرقابة على الصالات الرياضية وعلى الصيدليات وعلى كل القطاعات الطبية في مصر.


بحسب إدارة التفتيش الصيدلي بوزارة الصحة، فإن عدد المُفتشين بها يصل إلى نحو 1500 مُفتش، مهمتهم التفتيش على نحو 153 مصنع أدوية ونحو 1100 مخزن دواء مُرخص، وأكثر من 71 ألف صيدلية، وبالتالي فعدد الُمفتشين أقل بكثير ولا يفي احتياجات الرقابة.


ويُشير السقا إلى أن الرقابة ليست مسئولية نقابة أو شُعبة، ولكنها مسئولية الدولة ممثلة في وزارة الصحة وإدارة التفتيش الصيدلي، مشددًا على ضرورة منع الإعلانات المُضللة وفرض رقابة على الصالات الرياضية المرخصة كانت أو غير المُرخصة.


من جانبه، يقول الدكتور محمد البهي عضو مجلس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، إنه لاشك أن كثيرًا من المُكملات الغذائية "مغشوش" و"مُهرب" وبالتالي يجب تفعيل دور الرقابة الحكومي أو الرقابة الذاتية من قبِل المواطنين.


ويُضيف، أنه يجب تغليظ العقوبات، فليس من المعقول رؤية كل هذه السلبيات ولا تزال العقوبات ضعيفة في مواجهة ذلك.


ويتم اعتبار مثل هذه الجرائم على أنها "جريمة غش تجاري" والتي يُعاقب عنها بغرامة 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 20 ألف جنيه، ومدة حبس لا تقل عن عام واحد ولا تتجاوز الـ5 أعوام، وفقًا للمادة 1 من القانون رقم 281 لسنة 1994.


ويُشير إلى أنه لا يوجد تقدير رسمي لحجم تهريب المُكملات الغذائية سواء لدى غرفة صناعة الدواء، لافتًا إلى أن حجمها ضخم بسبب الربح المادي الكبير الذي يتم جنيه من وراء هذا النوع من الأدوية.. "تهريب المُكملات يحقق أرباحًا أكثر من تجارة المُخدرات بسبب ارتفاع أسعارها الكبير".


ويتابع عضو مجلس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، بأن هناك "مافيا" كبيرة تتحكم في صناعة المُكملات الغذائية المغشوشة والمُهربة خاصة أصحاب صالات الرياضة، مشددًا على ضرورة تغليظ العقوبات وسن بنود في متن القوانين تمنع الغش وتجريمه.


كما يقول رئيس شعبة صناعة الأدوية بغرفة صناعة الدواء، الدكتور محيى حافظ، إن صناعة المُكملات الغذائية تعتمد بصورة كبيرة على الأعشاب، لافتًا إلى أن اشتراطات تسجيل المُكملات الغذائية أصبح ضمن برنامج تسجيل الأدوية خلال الآونة الأخيرة، بعد أن كان يتم تسجيلها في معهد التغذية التابع لوزارة الزراعة.