رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة حكومية لرفع الدعم كاملًا فى 2019

النبأ


قبل أسابيع من نهاية العام المالي 2017/2018، يسود التوتر الأجواء، خاصة أن الحكومة أعلنت أنها ماضية في تنفيذ برنامجها لخفض الدعم عن المواد البترولية والغاز الطبيعي حتى يتم إلغاؤه كاملًا خلال العام 2019.

خبراء أجمعوا على أن خطة الدولة تقضي أيضًا برفع أسعار توريد الغاز الطبيعي للمصانع، طبقًا لقانون بيع وتداول الغاز الطبيعي الذي تم اعتماده في سبتمبر الماضي، والذي يعطي المصانع أيضًا الحرية في استيراد الغاز الطبيعي من الخارج. 

وأعلن وزير البترول المهندس طارق الملا، رغبة الحكومة في خفض الدعم المقرر على المواد البترولية، والذي قدرته في ميزانية 2017-2018 بنحو 110 مليارات جنيه، خاصة أن تكلفة دعم المواد البترولية قفزت بنحو 68% إلى 23.5 مليار جنيه، في الربع الأول من العام المالي الجاري، بحسب تصريحات سابقة لوزير البترول في شهر نوفمبر الماضي مقارنة بدعم الوقود في الربع الأول من السنة المالية للعام السابق 2016/2017، والذي وصل إلى 14 مليار جنيه فقط.

وبحسب مشروع الموازنة العامة الجديد للعام المالي 2018/2019، فقد تم تقدير سعر برميل النفط بنحو 65- 67 دولارًا للبرميل، هذا في حين ارتفع سعر برميل النفط عالميًا ليصل إلى نحو 80 دولارًا، مما هدد بزيادة عجز الموازنة العامة بأكثر من 15 مليار جنيه، حسبما أكدت وزارة المالية في بيان صادر عنها.

وارتفع حجم الاستهلاك المحلي من البترول والغاز الطبيعي خلال ديسمبر الماضي لأول مرة في 4 أشهر، إلى 6.55 مليون طن، كما ارتفع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال شهر ديسمبر الماضي، إلى 3.45 مليون طن مقابل 2.78 مليون طن في الشهر المقارن من 2016، بحسب النشرة الشهرية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

أيضًا زاد الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي خلال ديسمبر 2017، إلى 3.6 مليون طن مقابل 3.25 مليون طن في ديسمبر 2016. كما ثبتت الحكومة أسعار الغاز المورد للمصانع عند 5،5 و7 دولارات في شهر يونيو 2017، وذلك بعدما تم رفعه خلال أعوام سابقة.

ويقول الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية وعضو جمعية البترول المصرية، إن الغاز الطبيعي له قانون جديد هو قانون بيع وتداول الغاز الطبيعي نشأ طبقًا للمادة 98 من الدستور المصري. 

ويُضيف، أنه بموجب قانون الغاز يحق للمصانع استخدام الغاز طبقًا للطريقة التي تتماشى معه اقتصاديًا سواء إذا كانت شركات أو مصانع، متابعًا أن هناك مصانع كثيفة استهلاك الطاقة وهي قطاعات: "الأسمدة- الإسمنت – البتروكيماويات – الحديد والصلب" وهي تعتمد على تعريفة الدولة للغاز الطبيعي والتي تم إقرارها في يونيو 2017، بسبب أنها تتماشى اقتصاديًا مع منظوماتها العامة.

ويُشير «القليوبي» إلى أن خطة الدولة القاضية برفع الدعم الجزئي عن المحروقات والمواد البترولية حتى الوصول لنسبة "صفر" والتي بدأتها منذ عام 2015، تشمل أيضًا المصانع، وبالتالي قد ترفع الدولة أسعار توريد الغاز الطبيعي لهذه المصانع.

ويتابع، أن خطة رفع الدعم كاملًا عن المواد البترولية والغاز الطبيعي ستنتهي خلال العام القادم 2019، وحينها سيكون تم رفع الدعم كاملًا، لافتًا إلى أن الدولة تُدّعم المواد البترولية والغاز الطبيعي بنسبة 37% على الرغم من ارتفاع أسعار النفط عالميًا. 

ويوضح أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن قانون الغاز الجديد يُعطي الحق لهذه المصانع في استيراد الغاز الطبيعي من الخارج، في حالة ارتأت أن هذا يصب في مصلحتها اقتصاديًا، متابعًا أن الشبكة القومية للغاز الطبيعي تتيح للمصانع إمكانية توريد الغاز إليها.

ويقول، إن الدولة تُدّعم الغاز الطبيعي بنحو 4،5 وحتى 5 دولارات على كل مليون وحدة حرارية، حيث إن سعر المليون وحدة حرارية عالميًا يصل إلى 8-9 دولارًا، بينما يبلغ سعرها المُدعم للمصانع بنحو 4،5 إلى 5،5 دولار للمليون وحدة حرارية. 

ويلفت القليوبي إلى أن الحكومة ترجو من وراء الدعم المُقدم للمصانع زيادة الاستثمار وتوفير فرص عمل، وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، وإنشاء بنية تحتية قوية. 

تخفيض سعر الغاز 
الدكتور محمد سعد الدين، رئيس جمعية مستثمرى الغاز الطبيعي، يقول: "مفيش حاجة اسمها الحكومة ترفع سعر أو تَخَفض سعر، ولكن هناك برنامج حكومي يهدف لترشيد استهلاك الطاقة وتقليل حجم الدعم للمواد البترولية". 

ويُضيف، أن سعر توريد الغاز الطبيعي مرتبط بالبيع والتداول والسعر العالمي له، مشيرًا إلى أن الدولة تدعم الصناعات المصرية وبالتالي لا تعطي الغاز الطبيعي بكلفته الحقيقية".

ويتوقع رئيس جمعية مستثمري الغاز، قيام الدولة بتخفيض سعر توريد الغاز الطبيعي للمصانع، أو تثبيته عند سعر (4،5-5،5 دولار للمليون وحدة حرارية)، بسبب الإنتاج الضخم من الغاز الطبيعي الناتج عن الاكتشافات الجديدة في البحر المتوسط، لافتًا إلى أنه يتم رفع أسعار الطاقة المُستوردة من الخارج وهي "السولار – البنزين- المازوت- البوتاجاز".

وبحسب تقرير صادر عن هيئة معلومات الطاقة الأمريكية، الأسبوع الماضي، فإن مصر ستُصبح دولة مُصدرة للغاز الطبيعي على المدى المتوسط نتيجة اكتشافات الغاز الأخيرة في مصر، متابعًا أن اكتشافات الغاز الطبيعي الكبيرة في مصر أثارت اهتمامًا كبيرًا بين المستثمرين، كما أنها من المرجح أن تزيد الإنتاج وهو ما يسمح لمصر أن تصبح دولة مصدرة للغاز في الأجل المتوسط.

وأعلنت شركة «إيني» الإيطالية في أغسطس 2015 اكتشاف حقل «ظُهر» بمنطقة امتياز شروق بالمياه الاقتصادية المصرية، وهو أكبر حقل غاز بالبحر المتوسط، ويحتوى الحقل على «30» تريليون قدم مكعب من الغاز، ما يمثل 5.5 مليار برميل من البترول المكافئ.

من ناحيته، يقول الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول بجامعة فاروس: «لا يمكن لأحد توقع قرارات الحكومة، فرغم أنها تؤكد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بسبب الاكتشافات الجديدة، لكنها ماضية في رفع الدعم عن الوقود».

ويُضيف، أنه من المفروض عدم زيادة أسعار الغاز على المواطنين، بسبب أنه أصبح مُنتجًا محليًا وتم تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، لكن الحكومة تعودت على استغلال أي خبر لتلبية طلبات البنك الدولي، بدليل أنها اسَتغلت رفع أسعار النفط عالميًا، وبدأت في الحديث حول إمكانية رفع الدعم الكلي عن المواد البترولية، بدعوى أن رفع أسعار النفط سيزيد عجز الموازنة بنحو 12- 14 مليار جنيه.

ويُشير «أبو العلا» إلى أن الدولة تسير على خطى البنك الدولي الذي حدد طلباته في رفع الدعم الكلي، لأنه لا يعني قيادته من قريب أو بعيد أي بُعد اجتماعي، لافتًا إلى ضرورة تغيير الحكومة الحالية "الاوتوقراطية" وتولية حكومة سياسية تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والسياسية وكُلفة رفع الدعم على المواطنين. 

وكانت مصر اتفقت مع صندوق النقد خلال نوفمبر الماضي على قرض بقيمة 12 مليار دولار، وحصلت على شريحتين 2.75 مليار دولار، و1.25 مليار دولار على التوالي.

وزارت بعثة صندوق النقد الدولي مصر خلال الفترة من 25 أكتوبر إلى 9 نوفمبر الماضيين، للقيام بالمراجعة الثانية لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يدعمه الصندوق لثلاث سنوات، والذي أفضى إلى موافقة الصندوق الأسبوع الماضي على صرف الشريحة الثالثة من القرض المقدم لمصر بقيمة 2 مليار دولار، ليصبح إجمالي ما حصلت عليه مصر نحو 6 مليارات دولار. 

ويتابع أستاذ هندسة البترول، أنه لا يمكن تقدير نسبة ارتفاع الأسعار في حالة رفع أسعار توريد الغاز للمصانع، لافتًا إلى أنه لا يوجد وضوح في معرفة الأسعار الحقيقية للغاز الطبيعي، إضافة لأن الدولة ترفع أسعارها بصورة غير متوقعة، فضلًا عن الرفع الذي يقوده التُجار والموردين. 
ارتفاع الأسعار "100%".

ويقول الدكتور هاني النحاس، المحلل المالي وأستاذ التمويل والاستثمار، إن الدولة تنظر لملف دعم المصانع بحساسية خشية هروب المستثمرين، أو عدم تحمل المصانع كُلفة استخدام الطاقة العادية. 

ويُضيف، أن هناك إمكانية لرفع سعر توريد الغاز الطبيعي المُقدم للمصانع وذلك على غرار رفع الدعم عن المواد البترولية "السولار – البنزين"، متابعًا أن هناك أزمة في المازوت في مصر، لأنه مستورد ولا توجد له بدائل في بعض المصانع.

ويُشير أستاذ التمويل والاستثمار إلى المازوت هو أحد مخلفات معامل تكرير البترول، وأن الدولة تسعى حاليًا إلى الدخول في صناعة معامل تكرير البترول رغبة منها في توفير المازوت، لافتًا إلى أن الدولة أوجدت أزمة لما أجبرت مصانع الإسمنت والحديد والصلب على استخدام الفحم، وطلبت منهم استقدام آلات ومعامل لذلك كلفتهم ملايين، ثم تُعلن حاليًا أن هذا غير مستوفي للاشتراطات البيئية أو غيره، فمن الذي سيُعوض هذه المصانع عن خسائرها.

ويتابع، أن ذلك التضارب في السياسات الاقتصادية تسبب في ارتفاع أسعار الأسمنت والحديد، موضحًا أنه مع المُضي قُدمًا في رفع الدعم عن المواد البترولية والغاز الطبيعي، فإن ذلك سيتسبب في ارتفاع نسبة التضخم من 11،6% إلى نحو 22% خلال العام القادم 2019.

ويقول «النحاس» إن هذا يعني ارتفاع الأسعار "100%"، لافتًا إلى أن التضخم لا يقل بل حتى لم تحاول الحكومة تثبيته، وبالتالي فإن ارتفاع أسعار السلع والمُنتجات بنحو الضَعف خلال أشهر سيكون «كارثيًا»، مضيفًا أن الحكومة تُعلن مرارًا على زيادة المردود الاقتصادي لمشروعاتها القومية سواء "العاصمة الإدارية- توسعة قناة السويس.. وغيره"، إذا من الممكن تحويل جزء من المردود الاقتصادي الناتج عن هذه المشروعات لبند الدعم وعدم العبث به، وتوفير مظلة تأمينية للمواطنين. 

ويلفت إلى أنه على الحكومة الأخذ في الاعتبار زيادة النولون "مصاريف الشحن" عالميًا وبالتالي فإن المُنتجات والسلع العالمية أصبحت مُّحملة بأعباء، مشيرًا إلى أنه في حالة رفع سعر توريد الغاز للمصانع قد تجد بعض المصانع وخاصة الحديد والصلب والإسمنت نفسها في أزمة بسبب زيادة التكاليف والأعباء.
 
من جانبه، يقول رئيس شعبة السيراميك باتحاد الصناعات شريف عفيفي، إن غرفة مواد البناء تقدمت بدارسة لوزير الصناعة والتجارة المهندس طارق قابيل بضرورة خفض أسعار الغاز لقطاع الصناعة إلى 4،5 دولار للمليون وحدة حرارية بدلًا من 7 دولارات.

ويُضيف، أنه تتم محاسبة الشركات والمصانع بالدولار وليس بالجنيه، مما يزيد من حجم الأعباء الواقعة على هذا القطاع. 

وكان مجلس الوزراء أقر في جلسته في مارس 2016 بخفض سعر الغاز الطبيعي المُورد لمصانع الحديد والصلب من 7 دولارات للمليون وحدة حرارية إلى 4،5 دولارًا، وذلك لمدة عام، لكن القرار لم يتم تفعليه حتى الآن.

وبحسب دراسة صادرة عن قطاع الأسمدة، فإن أسعار توريد الغاز الطبيعي الحالية تُناسب تكاليف الإنتاج الذي تم تخصيصه للتصدير، مقارنة بتكاليف الإنتاج التي يتم توريدها لصالح وزارة الزراعة.

وتورد «7» مصانع كميات تصل إلى 227.5 ألف طن شهريًا لـ«وزارة الزراعة»، وهى «المصرية – الإسكندرية – موبكو – حلوان – الدلتا – أبوقير – النصر».

وتُورد المصانع طن الأسمدة لصالح وزارة الزراعة بأسعار تبدأ من 3200 جنيه لـ«طن اليوريا»، و3100 جنيه لطن النترات، ورغم ارتفاعها مرتين فى أقل من عام، لكنها مازالت أقل من التكلفة الحقيقية للإنتاج.

ويُمثل الغاز نحو 60% من تكلفة إنتاج الأسمدة، وتدفع الشركات مستحقاته بما يُعادل الدولار بالجنيه والذي تضاعفت قيمته نتيجة تحرير سعر الصرف ليصل الدولار إلى 17.70 جنيه مقابل 8.88 جنيه قبل «التعويم».