رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

في «6» خطوات.. روشتة نبوية للرقابة الإدارية للقضاء على «الفساد»

الرقابة الإدارية
الرقابة الإدارية - أرشيفية


محاربة الفساد شعار رفعته الدولة المصرية، والرئيس عبد الفتاح السيسي في ولايته الأول لحكم البلاد، وأطلق يد هيئة الرقابة الإدارية في كشف ظاهرة فساد الموظفين بالجهاز الإداري بالدولة، ومؤخرًا نجحت الهيئة في القبض على عدد من الشخصيات المتهمين في وقائع استغلال السلطة و«النفوذ»، وصولًا إلى الرشوة و«اختلاس» المال العام.


وكان الإسلام قبل أربعة عشر قرنا هو الأسبق في مواجهة هذه الظاهرة التي يمكن التأريخ لها ببداية وجود البشر على الأرض، وكانت معالجته لها قدوة في تحقيق الانضباط والنزاهة في أعلى الهرم الإداري للدولة، الأمر الذي تحلم بالوصول إليه دول العالم الإسلامي، التي تنتشر فيها حملات مقاومة الفساد.

والموظف العام في الدولة الإسلامية في حالة اقترافه أمرًا منهيًا عنه أو اتهامه به، وقامت عليه البينة، يجب على ولي الأمر عزله من وظيفته جزاء ما ارتكبه من مخالفات شرعية، ويمكن لنا أن نجمل الأسباب التي يترتب على ارتكابها أو انتهاكها عزله فيما يلي: 

أولًا: الردةاشترط الفقهاء المسلمون بوجه عام فيمن يتولى وظيفة من الوظائف أن يكون متصفًا بصفات هي العدل والأمانة والكفاءة، كما اشترط الفقهاء شروطًا خاصة أو مواصفات وكفاءات تتعلق بطبيعة كل وظيفة على حدة، وإذا خرج الموظف عن تلك الشروط أصبح غير لائق بها، ما يطلق عليه «الردة»، وهذه الشروط تتجلى في الإسلام والرجولة أو الذكورة والعدل والأمانة وغيرها.

ثانيا: النفاق: ومن الأسباب الموجبة لعزل الموظف العام صفة النفاق، ومن التطبيقات العلمية الدالة على ذلك ما حدث في عهد عمر بن الخطاب فقد كان الفاروق عمر يعد صفة النفاق سببًا من أسباب عزل الموظف العام في الدولة الإسلامية.

ثالثا: الخيانة (الاختلاس) 
وتعرف خيانة الموظف إذا ظهرت عليه زيادة، كأخذه في التطاول في البنيان والغرس وشرائه الدور والأراضي وأخذه بالتجارة، واختلاس الأموال العامة في الإسلام جريمة يعاقب عليها بالقطع (حد السرقة) ويضاف إلى عقوبة القطع العزل من الوظيفة.

رابعا: الرشوة وقبول الموظف العام الرشوة ينتج عنه العزل من الوظيفة، ويدخل ضمن الموظف العام (القاضي)، ولذلك فإنه إذا ولي منصب القضاء ثم تقاضى الرشوة فإنه يعزل، وما يحصل عليه الموظف بصفة عامة من أموال المسلمين بغير وجه حق كالهدايا تعد «رشوة»؛ لأنه حصل على ذلك بسبب مركزه الوظيفي، ما يترتب عليه إنزال أقصى العقاب به ومصادرة تلك الأموال التي تعد في نظر الشرع الإسلامي «سُحتًا»، ويتأكد هذا المعنى من خلال ما رواه إبراهيم الحربي عن عبد الله بن مسعود قال: «السحت أن يطلب الحاجة للرجل فيقضي له فيهدي إليه فيقبلها».

خامسًا: الشبهة وسوء السيرة 
إذا ارتكب الموظف العام أفعالا تتنافى مع الشريعة الإسلامية أو اقترف أمرًا منهيًا عنه أو شيئًا من المحرمات، كارتكاب المعاصي والذنوب والمنكرات كشرب الخمر مثلًا فإنه يجب عزله بناء على ما فعله عمر بن الخطاب مع واليه الذي قال شعرًا وضعه موضع الشبهة، فعزل على أساسه، وكان عمر يعتبر الشبهة مبررًا من مبررات العزل، وكان يبيح سياسة العزل للشبهات من قبيل الاحتياط، وقد يرتكب الموظف العام خطأ إداريًا جسيمًا يعصف بمركزه الوظيفي، حيث يسوغ عزله من الوظيفة، وكذلك من المبررات الإدارية التي يعزل الموظف بشأنها مخالفة أوامر ولي الأمر أو القائد.

سادسا: مصادرة الأموالالمفترض أن تتم مصادرة أموال الموظف المعزول أو مشاطرتها كأثر للعزل من الوظيفة، ونجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أول من طبق عقوبة مصادرة الأموال على الموظفين في الدولة الإسلامية الذين استغلوا وظائفهم في جمع الأموال دون وجه مشروع، حيث طبقها على عامله على الصدقة "ابن اللتبية"، وصادر جميع الهدايا التي أهديت إليه وضمها إلى بيت المال، أما في عهد الخلفاء الراشدين، فقد طبق مبدأ مصادرة الأموال على نطاق واسع وبالأخص في عهد عمر بن الخطاب.

وكان من سياسة عمر أنه إذا استعمل موظفا حصر ماله وكتبه، وهو ما يسمى الآن بإقرار الذمة المالية، حتى يعرف ما يطرأ عليه من زيادة أثناء توليه هذا العمل، فإذا عزل من وظيفته طلب إليه أن يقدم بيانا مفصلًا عن شؤون ولايته.