رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

اجتهادات .. أسود وأبيض

وحيد عبد المجيد-
وحيد عبد المجيد- أرشيفية


هاتان الطفلتان التوأم تدفعاننا إلى إعادة التفكير فى كل شيء نعرفه حول الأصل أو العرق Race. استهلت مجلة «ناشيونال جيوجرافيك» NationalGeographic العريقة، والعميقة، عددها الأخير بهذا التعليق البالغ الدلالة على صورتين لطفلتين توأم تشبه إحداهما الأخرى تماماً فى كل ملامحها، باستثناء أن إحداهما سوداء والثانية بيضاء. 

وفى العدد نفسه تقارير، ومقالات، مصحوب معظمها بصور تؤكد مدى عبثية التمييز العرقى الذى أذاق الملايين من البشر ويلات لا حصر لها. 

عانى ذوو البشرة السوداء، ومازالوا، تمييزاً ضدهم بدعوى أنهم من عرق أو أصل أدني. يعتمد هذا التمييز على لون بشرتهم، والذى يثبت العلم اليوم بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يدل بالضرورة على الأصل أو العرق.

ومن أبرز الإضاءات التى يتضمنها هذا العدد بخلاف المقالات العلمية، حول موضوع العلاقة بين لون البشرة والأصل أو العرق، العمل الذى قامت به المصورة انجيليكا داس المهتمة بهذا الموضوع، وتوصلت من خلاله إلى عدم إمكان توقع كيف يكون لون ابن أو ابنة زوجين من لونين مختلفين، سواء الأسود والأبيض أو غيرهما. ويؤكد هذا مجدداً أن مسألة الأسود والأبيض هى من صنع البشر لأسباب بدأت اقتصادية، ثم أخذت أبعاداً أخري. 


فقد اقترن التمييز ضد السود فى التاريخ بأشكال أخرى من التمييز منذ أن أخذ الاجتماع الإنسانى طابعاً منظماً، وصار هناك حكام ومحكومون، ومُلاك ومعدمون، وأغنياء وفقراء. كان المُلاك والأغنياء فى حاجة إلى من يعمل فى خدمتهم، فاخترعوا قصة الأصل الأدنى لأصحاب البشرة السوداء، لتبرير استعبادهم وتسخيرهم. 

وأدى تسلم أول مجموعة من ذوى البشرة السوداء، حين فرض عليهم الاستعباد، إلى تكريس هذا التمييز الذى كان مفترضاً أن يتراجع كلما تقدمت البشرية. ولكن ما حدث كان العكس، لأن النقلة النوعية الكبرى نحو التقدم فى مطلع العصر الحديث اقترنت بتحولات اقتصادية وكشوف جغرافية دفعت المستفيدين منها، وكانوا أوروبيين بيضاً، إلى التوسع فى استعباد السود، وجلبهم من بلادهم لتسخيرهم، منذ القرن السابع عشر، فى الأعمال والمشاريع التى أسهمت فى تقدم العالم ولكنها انطوت على استعباد واسترقاق ارتكبت فى ظلهما بعض أبشع الجرائم فى تاريخ البشرية بزعم وجود علاقة بين لون البشرة ورقى العرق أو الأصل.

نقلًا عن «الأهرام»