رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

برج الصابرين

عمر طاهر
عمر طاهر


وضع كل بلد لمسته الخاصة على الإسلام فأصبح هناك نسخ عديدة، قلبها واحد لكنها متعددة المذاقات، أنا شخصيا مفتون باللمسة المصرية، وتأسرنى بساطتها وتعصب المصريين فى التمسك بها، انحناءة الصلاة ليست الوحيدة التى يراها المصريون انحناءة العبادة، عندك انحناءة عدل الشبشب المقلوب، او انحناءة التقاط كسرة الخبز من على الأرض.

نحن شعب يتعبد بالقبلات، قبلة أول رزق فى اليوم قبل أن تستقر تحت شماسة التاكسى، أو تقبيل الكف «وش وضهر» قبل مغادرة فرشة الطعام، وهناك الصنايعى الموهوب الذى ما إن يعجبه عمله حتى يقبل أصابع يده واحدا تلو الآخر، تلقائية أن تقبل المصحف ما دام مر فى يدك ولو بالصدفة فى الطريق لواحد يطلبه.

المايوه الشرعى ذو الست قطع، الفرح لا بد أن يبدأ بأسماء الله الحسنى حتى لو كان كل من فى الفرح ينتظر البهجة مع أغنية «أنا شارب 3 ستيلا»، النبى قبل الهدية، وجوزوهم فقرا يغنيهم ربنا، والأم فى قبرها بتدعى لابنها لأن رضا الرب من رضا الأب، فرحة الهدف لم يعد لها معنى ما لم تبدأ أو تنته بالسجدة، يمكنك أن تنصرف وتغلق محلك تاركا بداخله الراديو مفتوحا على إذاعة القرآن الكريم، الاقتباسات موجودة حتى فى الأمثال «لو نسيت الفاتحة تصلى بإيه؟»، وفى أسماء المحلات والشركات والأحزاب بداية من التوحيد والنور نهاية بكبابجى الإيمان، وبقالة الصحابة مرورا ببرج الصابرين.

اقرأ المعوذتين فى سرك وأنت داخل الفرح، وإذا قابلك كمين قل فى سرك «فأغشيناهم فهم لا يبصرون»، وأنت داخل على الإنترفيو بص فى عين المدير وقل فى سرك «الله أكبر»، وما ترميش الورق لَيكون فيه اسم ربنا، اللى مات ربنا افتكره ومن اغتنى ربنا فتحها عليه ومن مرض ربنا بيطهره من الذنوب والمبتلى ربنا بيختبره والغائب ربنا يرجعه بالسلامة والغلطان ربنا يسامحه فإن ساق فى الغلط يبقى ربنا يورينى فيه يوم فإن استحلى العملية فـ «ربنا ياخده»، وعموما إحنا مخلوقين علشان نقول بس الحمد لله، ما توقفش فى وش اللى بيصلى يا ولد، وسمى قبل ما تاكل يا بنى آدم، وسلم على عمو.. السلام باليمين يا جحش.

عد النقود بطريقة «الله واحد ما لوش تانى»، الإيمان بأن التكبير فى الأذن يعيد من فقد وعيه إلى الحياة حتى لو كان فى غيبوبة سكر، الوقوف لنعش يمر فى الطريق العام مع التلويح بأصبع التوحيد، الأصبع التى لا تستقر على حال أثناء التشهد وكلما تحركت شعر الواحد باندماجه فى الصلاة، تقسيم المحبة فى ميدالية فضية من نصفين: «لا إله إلا الله» و«محمد رسول الله» إنها أيقونة التلاقى من جديد مهما طال الفراق، الخوف من أن يحل غضب الله إذا ما قلت «أنا» والعياذ بالله من قولة أنا، الاستعانة بحول الله فى الاصطباحات المقلقة «اصطبحنا واصطبح الملك لله»، الإيمان بأن مفتاح الفرج فى يديك «فكها علشان ربنا يفكها علينا»، مهارة عد النعم مهما كان الحال بائسا بالمقاييس البشرية «ربنا مشحتنى حاجات كتير»، أيقونة البركة التى تضاعف الطعام باللمة، وتجعل نظرية «ربنا مش مبارك» تفسيرا لتدهور أحوال كل من سلك الطريق الشمال، فنصيحة يعنى «اتقى الله».

نقلًا عن "المصري اليوم"