رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد قتله صيدلى الزيتون.. سيجارة حشيش تضع سائق الميكروباص المستهتر أمام «حبل المشنقة»

المجني عليه
المجني عليه

سعيد عوض موسى أبو خضرة، في بداية العقد الرابع من عمره، ويقطن شارع خليل صادق بعين شمس، وعلى الرغم من أنه سائق ميكروباص لكنه في الحقيقة مجرم خطير علمته قسوة الحياة التعجرف في تعامله مع الآخرين وعدم احترام القوانين؛ فهو اعتاد على ارتكاب الجرائم من خلال مهنته والهرب من المسئولية والمساءلة القانونية، بعدما يتعاطى المواد المخدرة وما شهدته البلاد منذ عام 2011 عندما حضر من بلدته الفيوم ليشق طريقه معتقدًا أن القاهرة ملاذ لكل ريفي يبحث عن الثراء، إلا أنه انتهت قصته كما لم يتوقع بأن ينال عقابه نتيجة لهمجيته وعدم تقديره لقيمة روح إنسان بسيط لا ذنب له سوى أن قدره ساقه للوقوع بين يد المتهم.


اعترافات القاتل

البداية كما جاءت على لسان المتهم، أنه ولد بقرية سرسا بمحافظة الفيوم وعقب حصوله على دبلوم التجارة حضر إلى القاهرة إبان ثورة يناير للعمل بها معتقدًا أن مهنة السواقة أفضل بكثير من الفلاحة مع والده، فتعلم قيادة السيارات دون ترخيص ثم نجح في استخراج رخصة قيادة حتى تعرف على أحد الأشخاص بمقهى شهير بشارع جسر السويس وعرض عليه الأخير العمل معه على سيارة أجرة "ميكروباص" فقبل العرض، ومنذ ذلك الحين اعتاد على نقل الركاب بشكل يومي من محطة رمسيس إلى مساكن عين شمس وجسر السويس، وكان يقوم بتلك الرحلة ثماني مرات في اليوم، وكان يمر دائمًا من أمام سنترال مصر الجديدة مكان الحادث.

وفي يوم الواقعة الموافق 4 ديسمبر الماضي، قام بتحميل الركاب من رمسيس وسار في طريقه المعتاد حتى وصل لشارع جسر السويس وعند مطلع كوبر التجنيد فوجئ بإحدى السيارات الملاكي ماركة ماتسوبيشي لانسر فضية اللون، تحاول أن تمر من الناحية اليسرى، فاعتقد أن قائدها يحاول مضايقته والاستهزاء فسمح له بالمرور، ثم قام بالاصطدام به من جانب الميكروباص الخاص به، إلا أن قائد السيارة الملاكي قام بالوقوف والنزول لمعاتبه على فعلته، فنزل المتهم ونشبت مشادة كلامية قام على أثرها الأخير بتوجيه ضربة بوجه قائد الملاكي مما تسبب في كسر النضارة الخاصة به وإصابته بجرح أعلى الحاجب.

وتابع المتهم، أنا فوجئت بوجه الشاب غارق في الدماء، فاستشاط غضبًا وقام بالصياح من ألم اللكمة وصمم على عدم التحرك من المكان إلا بحضور الشرطة وأخذ حقه القانوني، ووقف أمام سيارته وقام بالاتصال بشرطة النجدة، ووقتها حضر شخص مجهول طالبًا مني أن أراضيه فأجبته بأنه لا يريد التراضي ويرغب في إحضار النجدة.

ويستكمل، وهنا أوعظ لي الشيطان بقتله بعدما قام بالوقوف أمام الميكروباص خاصتي، فقمت بالصعود على كرسي القيادة وأغلقت الأبواب وقمت بالضغط على دواسة البنزين لتخويفه ومغادرة المكان فلم يستجب لتلك التهديدات وصمم على منعي من التحرك بالسيارة فقمت بالرجوع للخلف مسافة صغيرة ثم قمت بالاصطدام به ودهسه لرغبتي في التخلص من الأمر برمته.

ويضيف في اعترفاته، استمررت في السير رغم علمي بأن المجني عليه مازال أسفل السيارة، ثم وصلت إلى مطلع الكوبري، ووقتها شعرت بأن كاوتش السيارة يدهس شيئا اعتقدت أنه مطب أو حجر ولكني علمت فيما بعد أنه جسد المجني عليه.

ويستطرد، فوجئت بالركاب يصرخون ويعتدون علي بالضرب قائلين «حرام عليك حرام عليك» بينما يقوم آخرون باعتراض طريقي لإيقاف السيارة وإنقاذ المجني عليه، ثم أجبروني على الوقوف بعد إلقاء الحجارة على السيارة وقاموا بإنزالي وكسر زجاج الميكروباص وقاموا بتلقيني «علقة موت» وربطي بالحبال واحتجازي بإحدى المقاهي القريبة من مكان الحادث حتى حضر رجال الشرطة.

وأضاف أنه كان يريد الهروب من المساءلة القانونية لاعتدائه على المجني عليه واعترف بأنه المخطئ مبررًا ذلك بأنه قام بصدم سيارة الشاب من الخلف، وأنه كان في حالة عصبية وقرر دهس المجني عليه لأنه كان يمنعه من الهرب والتخلص من الأمر دون ضبطه، مؤكدًا أنه كان يعلم أن المجني عليه أسفل السيارة ولكنه لم يتوقف.

شقيقة المجني عليه

وباستدعاء شقيقة المجني عليه مريان جان شكري، 33 سنة، صيدلانية، إلى النيابة العامة، جلست أمام المستشار سعد أبو العز، وكيل النائب العام بنيابة غرب القاهرة الكلية، وظهرت عليها ملامح الانكسار والحزن متشحة بالسواد، وقررت أن شقيقها مينا يبلغ من العمر 27 سنة، في السنة الأخيرة من كلية الصيدلة جامعة المستقبل ويعمل في إحدى الصيدليات بمنطقة عين شمس.

وأضافت أنها علمت بالحادث حال تواجدها بمنزلها بأن جاءها اتصال هاتفي من أحد الأشخاص يخبرها بأن شقيقها طرف في مشاجرة أمام سنترال مصر الجديدة، وبالتوجه للمكان المشار إليه شهدت جثة شقيقها ملقاة على الأرض مغطاة بالجرائد، كما رأت سيارته على جانب الطريق قبل الجثة بحوالي 250 مترا.

وتابعت بأن بعض شهود العيان قصوا عليها ما حدث بأن وقعت مشاجرة كلامية بين سائق ميكروباص وشقيقها، وأن السائق تعدى بالضرب على شقيقها وأحدث إصابته في وجهه.

واستكملت بأن الأهالي أخبروها بأن شقيقها رفض المغادرة وترك حقه، وأصر على الاتصال بالشرطة لأخذ حقه القانوني.

المعمل الكيماوي

وجاء في تقرير المعمل الكيماوي التابع لمصلحة الطب الشرعي، بأنه بفحص عينة بول المتهم تبين أنها تحتوى على أحد نواتج تعاطي جوهر الحشيش المخدر.

وبمواجهه المتهم مرة أخرى بما أسفر عنه التقرير، أقر بأنه أعتاد تعاطي مخدر الحشيش في الأفراح الشعبية منذ أكثر من عام، وأن آخر سيجارة تعاطاها كانت قبل أسبوع من ارتكابه الواقعة.

تحريات المباحث

من جانبه قرر الرائد محمد المعداوي، معاون مباحث قسم شرطة الزيتون، أن تحرياته حول الواقعة وملابستها أكدت أن المتهم كان متعمدًا قتل المجني عليه وإزهاق روحه بعد حدوث مشادة كلامية بين المتوفي والمتهم بسبب الخلاف على أولوية مرور سيارة كل منهم تطورت لمشاجرة وانتهت لدهس المجني عليه وسحله أسفل عجلات الميكروباص.


شهود الواقعة

بينما أكد شهود الواقعة خالد محمد السيد مرسي، 21 سنة، طالب بكلية تجارة جامعة عين شمس، وزميله أحمد مبارك محمود حسن، وأحمد خميس إبراهيم معوض، 24 سنة، طالب بمعهد لاسلكي، بأنهم حال عودتهم إلى منزلهم عقب انتهاء يومهم الدراسي استقلوا سيارة ميكروباص أجرة قيادة المتهم، وأثناء سيره استوقفته سيارة ملاكي قيادة المجني عليه لمعاتبته عن فعلته معه، فباغت المتهم ضحيته بضربة بيده في وجه المجني عليه من الجهة اليسرى فأحدث إصابته أعلى حاجبه وسالت دماؤه، فاستشاط المجني عليه غضبًا وصمم على إبقاء المتهم بمسرح الواقعة حتى يحصل على حقه بمعرفة الشرطة إلا أن المتهم أبى ذلك وهب مسرعًا صوب سيارته واستقلها وأحكم غلق بابها وحاول السير بها إلا أن ضحيته اعترض طريقة فقام بصدمه ودهسه مما أدى إلى وفاته.

وأضافوا أن المتهم تعمد صدمه وسحله ودهسه أكثر من مرة، وأنه حاول الهرب إلا أن إحدى سيارات المارة بشارع جسر السويس قامت بقطع الطريق عليه وقام الأهالي بالاعتداء عليه بالضرب.

بينما أكد عبد الرحمن حامد مهران، 42 سنة، مقيم بمنطقة الحادث، أنه بائع متجول ويتخذ من مسرح الواقعة مكانًا لبيع تجارته، وحال مباشرة عمله سمع صوت من بعيد يصرخ، فتتبع ذلك الصوت وتبين له أنه منبعث من داخل سيارة ميكروباص، وأنها تقترب ناحيته إلا أن وصل أمام عربته فأبصر الضحية أسفل الميكروباص ومنتصف جسده السفلي تعبر عليه عجلات سيارة المتهم، وتزامن مع ذلك مشاهدته لمستقلي الميكروباص تعديهم عليه بالضرب لإنقاذ المجني عليه، وأعقب ذلك مشاهدته للمجني عليه ملقى أرضًا والدماء تسيل من جسده ويلفظ أنفاسه الأخيرة والأهالي يعدون خلف المتهم حتى تمكنوا من ضبطه.

المحكمة

وبإحالة المتهم لمحكمة الجنايات بتهمة القتل العمد، قضت برئاسة المستشار محمد أبو الأسرار، وعضوية المستشارين مدني دياب، ومحمد فؤاد، وبأمانة سر عادل عبد الحليم، ومحمد لاشين، بإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقًا، بعدما ثبت للمحكمة باقتران جناية القتل بجريمة أخرى وهي تعاطي المواد المخدرة.