رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

صاحب الحلم.. حزينًا

وحيد عبد المجيد-
وحيد عبد المجيد- أرشيفية


«لدى حلم». كلمتان ساهمتا فى تغيير مسار التاريخ. لم يكتمل هذا التغيير بعد. ولكن هذا ليس ما يجعل مارتن لوثر كينج صاحب الحلم حزيناً فى مرقده فى ذكراه الخمسين التى حلت قبل أيام. كان يعرف أن طريق التغيير طويل بطابعه. وصعوباته كثيرة، وخاصة عندما يكون هدفه إنهاء التمييز بين البشر.

وأكثر أنواع هذا التمييز صعوبة فى مواجهته ذلك الذى يتعلق بالأعراق والأديان. الموجة العنصرية الراهنة، وغير المسبوقة فى الولايات المتحدة منذ رحيله، هى ما يحزنه فى مرقده.

اقترن حلمه لإنهاء التمييز ضد الأمريكيين من أصل أفريقى برؤية واضحة قامت على ركيزتين، الأولى نبذ العنف، وحث المظلومين على تحاشيه، ودعوتهم إلى النضال السلمي. والثانية العمل من أجل رفع الظلم عنهم بدون كراهية الظالمين. دعا إلى مقاومة الشعور بكراهية الأمريكى الأبيض الذى ينتهك حقوق السود، ويضطهدهم. دعا إلى كراهية الحالة العنصرية التى يتجلى فيها الظلم، بدلاً من كراهية العنصريين أنفسهم.

تأثر كثيراً بتجربة المهاتما غاندى فى الهند. وهى الأكثر إبداعاً فى المقاومة السلمية، التى اعتبرها البعض سلبية بسبب الامتناع عن الرد المباشر على الاعتداءات والانتهاكات، والتركيز فى العمل على تغيير الظروف التى تحدث فيها.

اعتمد على قوة القضية التى دافع عنها. قوة أخلاقية ومعنوية يتمتع بها صاحب القضية العادلة دائماً حين يكون مستقيماً ومخلصاً. القوة المعنوية والأخلاقية فى مثل هذه الحالة تفوق القوة المادية مهما بلغت. وقضية إنهاء التمييز ليست عادلة فقط، بل هى تجسيد للعدالة نفسها.

لم تؤثر الاعتداءات التى تعرض لها فى إيمانه بالعمل السلمي. وعندما ألقيت قنبلة على منزله فى يناير 1956، واشتعل الوضع غضباً. أسرع إلى تهدئة الغاضبين وطالبهم بمواصلة الطريق السلمي.

وقد تحقق الكثير مما حلم به فى خطابه المشهور فى أغسطس 1963: (لدى حلم بأن يأتى يوم يعيش فيه أطفالى الأربعة فى مجتمع لا يحكم على الناس بألوان جلودهم، بل بأفعالهم).

لا يُحزنه أن بعض ما حلم به لم يتحقق, بل الأجواء العنصرية التى يخشى أن يتراجع فى ظلها بعض ما تحقق، بعد 50 عاماً على اغتياله برصاصة أُطلقت عليه فى تينسيسى فى 4 أبريل 1968.

نقلًا عن «الأهرام»