رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«النبأ» تكشف العالم السري لتصنيع وتجارة «حفاضات الأطفال المسرطنة»

النبأ


ينهش الغش التجاري في جسد الاقتصاد المصرى، مخلفًا وراءه آثارا سلبية مدمرة على كافة الأصعدة، فيما يقع المستهلك فريسة يبتلعها التجار بسلعتهم الرديئة والمقلدة والمغشوشة.

ومن منطلق أهمية هذه القضية، تفتح «النبأ» هذا الملف تحت عنوان «الغش التجاري.. الاقتصاد الأسود»، بمشاركة "مستشارين قانون" وأبحاث وتقارير خاصة من داخل منابع الغش التجاري.

ويستنزف الغش التجاري بشكل مخيف الاقتصاد المصري، وموارد المستهلك، ويهدر رءوس أموال ضخمة ومستثمرة في السلع الأصلية، فيما تقع الكرة في ملعب وزارتي التجارة الداخلية والتموين، فهما خط الدفاع الأول لصد تسلل البضائع المقلدة والمغشوشة ومنع إنتاجها وانتشارها في البلاد.

ويطلق اقتصاديون تحذيرات موجهة للجميع للإسهام في مجابهة هذا الخطر، الذى يعد أحد ألد أعداء الاقتصاد، واصفين الغش التجاري بمصطلح «الاقتصاد الأسود»، الذي يهز عرش قطاع المال في العالم أجمع.

ونوهوا بإجراءات وزارة التجارة المتخذة لمكافحة الغش، من النواحي التوعوية والرقابية في آخر ثلاثة أعوام، متطلعين إلى جهود أكبر للحد من تفشي هذه الظاهرة والغول الذي يلتهم الأخضر واليابس.

تفاصيل الصفقة
البداية كانت في سوق الثلاثاء بمنطقة المنيب التابعة إلي محافطة الجيزة، حيث رصدت رجل يجلس وسط السوق لبيع الحفاضات الخاصة بالأطفال وكأنها سلع تموينية، والمفاجأة أنه يأتي إليه الناس بأعداد كثيفة تصل إلى درجة أننا لا نستطيع الوقوف في ذات المكان من شدة الازدحام على شراء الحفاضات، حيث يقوم الرجل بيبع الحفاضة بأسعار تتراوح بين 50 قرشًا وجنيه.

من هنا جاءت فكرة هذا التقرير، حيث ظهر بين الكميات الكبيرة رجل يبلغ من العمر ما يقرب من الـ50 عاما يدعى أبو سيد الصعيدي، ليتجه إليه محرر "الـنبأ" لعقد صفقة على أنه تاجر جملة ويحتاج كميات ضخمة من الحفاضات.

وعلى الفور رحب الرجل بالصفقة، قائلا "أنا أكبر واحد ماسك الشغل من المنيب للواحات"، وعند سؤاله عن مكان المصنع أصبح القلق يظهر على وجهه، قائلًا "المصنع في 6 أكتوبر بس مش هتعرف توصل له هناك"، وبدأ يتهرب من الأسئلة، ولكن بعد حوار دام ساعة ونصف الساعة، بدأ يطمئن في كلامه، ويقول إن التصنيع يتم في أي مكان مغلق، لكنه مكلف جدًا، وأضاف "أبو سيد" أن من أكبر الأماكن لتصنيع الحفاضات هي مدينة "باسوس"، التي تقع أول محافظة القليوبية.

الطريق إلى عزبة السرطان
وبدأت المغامرة وفي طريقي إلى "باسوس" شاهدت مئات البيوت لا تعرف غير هذه التجارة، كبارًا أو صغارًا، يتخذون منها مصدرًا للرزق ولقمة العيش عشرات المحال، هناك تلتصق جدرانها ببعضها البعض، لا عمل لها سوى التجارة فى الحفاضات جملة أو قطاعى، وتمتلئ الأرصفة عن آخرها بالآلاف من العبوات، والأسعار موحّدة للقطاعى، أما الجملة تتلخص في مفاوضاتك مع البائع، وكان أول اشتباك عندما دخلت إلى أحد المحلات وسألت صاحبه عمن يورّد له، فاعتدل فى جلسته، وحاولت أن أطمئنه، وأخبرته أنني أستعد لافتتاح محل كبير بمنطقة حلوان وأسعى للحصول على أقل سعر لضمان زيادة المكسب، فكان الرد "اتفضل يا بيه" وطلب مني الجلوس، وقال ضاحكًا "يعنى هتبقي ابن كار يبقى تقعد بقى" وبدأ فى الحديث عن المورّد، قائلًا "البضاعة دى بتيجى من مصنع بمدينة 6 أكتوبر وصاحب المصنع اسمه أبو سيد الصعدي، بس أنا أقدر أديك الكمية اللى أنت عاوزها.

فى البداية رحّبت بالفكرة التى طرحها الرجل، لكنني أبديت رغبتي فى أن ألقى نظرة على عملية التغليف قبل عقد الصفقة، ولكنه رفض رفضًا شديدً، وبرر ذلك بأن سر الصنعة لا يخرج إلا لأبنائها هنا فى المدينة، وأنه لا يجد أى مبرر لرغبتي، ما دام بإمكاني أن أرى المنتج النهائى متكدسًا على أرفف محله، وأغلق باب النقاش، فعدت إلى نقطة الصفر من جديد.

فى الطريق رأيت طفلا لا يتجاوز عمره 10 سنوات، يقف يشرف على بيع الحفاضات، وبدأت في الاتفاق مع هذا الطفل، قائلا إن كيس الحفاضات 40 قطعة بـ23 جينها، وسألته عن المخازن التى أحضر منها تلك البضاعة، فرفض فى البداية أن يجيب، فقلت له إنني تاجر غريب عن المنطقة وأريد أن أشتري كميات كبيرة من هنا، فوافق على الفور وأصبح دليلي إلى هناك.

تركت الشارع الرئيسى، وخلف الطفل الصغير سرت فى شوارع جانبية تمتلئ عن آخرها بمخازن التعبئة، العشرات منها تنزل أبوابها الحديدية حتى المنتصف، فيضطر من يدخلها إلى أن ينحنى ليدخل، وأخرى وضع أصحابها ستائر يخفون بها ما يجرى بالداخل، وجميعها لا تحمل أى لافتات بأسمائها، فبدا الأمر وكأن تلك المخازن تمتلئ عن آخرها بالأسلحة أو بأطنان المخدرات، لكن الحقيقة أن تلك الأبواب وتلك الستائر تخفى وراءها أطنانًا من الحفاضات.

محلان أو ثلاثة فقط فتحت أبوابها، عكس الجميع، فاتجهت نحوها، وما إن وطأت أقدامي مدخل أحد تلك المخازن، حتى وجدت أمامي 2 من العاملين يقفان، قائلين من أنت؟ وماذا تريد؟، فأعدت نفس الإجابة على مسامعهما، واستغرق الأمر حوالى 10 دقائق بين أسئلتهما وإجابتي حتى سمحا لي بالدخول.

العمل داخل المخزن يسير مثل المؤسسات الحكومية، خلية نحل يعلم كل من فيها دوره ويتقنه، الفتيات والصبية يجلسون على الأرض وأمامهم آلاف الحفاضات، فيقومون بثنيها وتطبيقها ووضعها داخل الأكياس، وآخرون يجلسون أمام الماكينات التى خُصصت لعمل لاصقات الحفاضات، وهناك من ينقل أكياس التغليف، ومجموعة أخرى لنقل الحفاضات بعد تغليفها إلى المحال بالشارع الرئيسى، ويوميتهم كما قال لنا أحدهم لا تتجاوز فى أفضل الأحوال الـ10 جنيهات.

هنا توجد حفاضات للأطفال، تبدأ من يوم حتى عامين، ولا تقتصر على الأطفال حديثى الولادة، فالمسنون لهم أيضًا نصيب كبير من أطنان الحفاضات المتراكمة على الأرض وجميعها يحمل اسمًا رئيسًا هو كوتشى، وهى تقليد لماركة شركة كوتشى للحفاضات، لكن كل تاجر يصنع إكليشيه لنفسه تميزه عن غيره من التجار، فهناك من يطبع اسم كوتشى الأهرام، وكوتشى بيبى فاين، وكوتشى السلام، وغيرها من الأسماء، ولا يتم تدوين أى بيانات على الكيس من الخارج، وتحوى كل عبوة على 40 حفاضة تتراوح أسعارها بين 23 إلى 30 جنيهًا، وفقًا لكل تاجر.

وفي طريقي إلى أحد المخازن رأيت مشهدا تسبب في صدمة شديدة لي، حيث اكتشفت أن بعض الحفاضات معبئا في أكياس قديمة، وملقاة على جانبي المخزن بلا اهتمام من أحد، ويصدر منها رائحة كريهة وعند الاقتراب منها، وبسؤالنا أحد الاعمال، قائلا" دي حفاضات نص عمر". 

امرأة بدا عليها أنها فى بداية عقدها الرابع، كانت تجلس وسط تلال من الحفاضات لتقوم بفرزها، وأثناء عملية التعبئة، تساعد الفتيات، وتلقى عليهن الأوامر بالإسراع وضرورة الانتهاء قبل غروب الشمس، فعلمت أنها المشرفة على هذا المخزن.

 أريد كميات كبيرة من الحفاضات لبدء مشروع للمنتجات الورقية، ولكن أخشى الملاحقة القانونية.. هكذا تحدثت إلى المسئولة الأولى هناك، فردت "مافيش حد هيقولكم فين ومنين، ما كلنا شغالين أهوه ولو عاوزين تغيروا الاسم روحوا عند عادل بتاع الإكليشيهات ويعملكم الاسم اللى انتوا عاوزينه بـ500 جنيه".

 داخل أحد محال تعبئة الحفاضات، وجدت شابا وفتاة تتراوح أعمارهما بين 13 و16 عامًا، وثلاثة أطفال يفترشون الأرض وحولهم الآلاف من حفاضات الأطفال والمسنين ملقاة على الأرض فى انتظار دورها للتعبئة، فيما كان هذا المحل خاليًا تمامًا من أى لافتة توضح نوعية عمله، وكان مبنيًا بالطوب الأحمر.

اقتربت من أحد الشباب المفترشين الأرض، كان لا يركز فى شىء آخر سوى عمله، يضع الحفاضة على إحدى قدميه ويثنى طرفيها ويضعها بين قدميه حتى يتسنى له تعبئتها فى الأكياس المعدة سلفًا لذلك.

 وسألته إذا كان بإمكاني أن أحضر بمكونات الحفاضات، فأجاب قائلا "في أكتر من طريقة تجيب منها المكونات وأسهلهم حتة اسمها عكرشة بأبو زعبل"، لأنها المنطقة التي لا تقع عليها عين الحكومة ولها مجال واسع، فشكرته وتركته لأكمل مهمتي.

مدينة الحجر الصحي "عكرشة"
وعلى الفور تحركت إلى قرية عكرشة التي تقع بين حي المرج ومدينة القليوبية، "منطقة العكرشة" هي منطقة صناعية بها بأكثر من 1000 مصنع، وتعانى من حالة متردية من الظروف البيئية والتلوث الذى يدمر صحة المواطنين دون أدنى اهتمام من المسئولين، وكانت الصدمة عندما رأيت عكرشة، هي عبارة عما يسمى منطقة الحجر صحي، يتجمع بها كل مخلفات الدولة وتتم إعادة تصنعها من جديد.  

 وبمدخل قرية «العكرشة»، إحدى قرى أبوزعبل بالقليوبية، تستقبلك شوارع ضيقة ومتهالكة، تفترشها أكوام من الأقمشة البالية، وأصوات الماكينات الصاخبة من المصانع العشوائية، التى يتصاعد من أعلى فتحاتها الأدخنة الكثيفة، لترسم سحابة سوداء تغطى سماء القرية.

ويوجد بالقرية عشرات المصانع العشوائية، يعمل بها المئات من العمال ذكور وإناث، تتباين أعمارهم ولكن تتشابه وجوههم التى اختفت ملامحها خلف الغبار الأسود والملابس الرثة، وتتوسط القرية ترعة ملوثة تستقبل الصرف الصناعى للمصانع والصحى` للمنازل، والحيوانات والطيور النافقة، فيما تشرب الحيوانات الحية من مياهها.

ليس بالأمر السهل، دخول المنطقة الصناعية بـ"العكرشة"  فأصحاب المصانع على يقظة دائمة، يتفحصون وجوه الوافدين إلى القرية، ويسألون الغريب عن سبب مجيئه، وللتعرف على صناعة فرم القماش وتحويله إلى قطن، تطلب الأمر دخول محرر "النبأ" المنطقة وخوض مغامرة على أنه تاجر يبحث على كمية كبيرة من القطن، فى أحد مصانع فرم القماش.

وبعد دخولي أحد المصانع، وهو عبارة مبنى مكون من دور واحد، ترصفه تلال من أكوام القماش الناتج من مخلفات القمامة، والعشرات من الأجولة يتكدس فيها القطن بألوانه المتباينة، يفترش شاب لفرم القطن مبتور الأصابع بسبب ماكينة فرم المخلفات، فسألته عن صاحب المصنع. 

وبالفعل قابلته هو شاب في العقد الثلاث من عمره يسمي ع حسين، من الغريب أنه أيضا لديه أصابع مبتورة وعند سؤاله عن القطن الأبيض الذي يدخل في صناعة الحفاضات، قال "أنا مبشتغلش في القطن الابيض لأنه له ناسه" وتابع ووصف رجلا يعمل على هذا النوع من القطن، موضحا أن التجار لديهم ماكينات مستوردة من الصين لتصنع أفضل أنواع القطن.
   
ودخلت المصنع ورأيت كارثة في الأرضية، حيث رصدت، استخدام المصنع للمخلفات الطبية التابعة للمستشفيات وفرمها مع "فضلات القماش" المتبقية من مصانع الملابس الجاهزة وتحويلها إلى قطن.

للتعرف على مراحل صناعة القطن من الأقمشة البالية، وتبدأ "صناعة القطن من المخلفات"، تدخل أقمشة المخلفات في ماكينة تقطيع لتسهل فرمها، قبل الماكينة الصينية التي يبلغ طولها حوالي 7 أمتار، الذي يخرج منها القطن ناعم جدا لا يمكن التفريق بينه وبين الجديد، وبعدها، وفي المرحلة النهائية يدخل القطن إلى ماكنية الكبس ليخرج منها على شكل مكعبات.

ورصدت عدسة "النبأ" أماكن تجلب المواد منها التي تتدخل في صناعة الحفاضات، والتي تنتشر في منطقه العكرشة بمنطقة أبو زعبل، فعندما تدخل هذه المنطقة لا تسطيع أخذ نفسك بسهولة، بسب الأتربة الناتجة من عملية فرم الاقماشة وتحويلها إلى أقطان ومواد لتصنيع الحفاضات وبعض الأشياء الأخرى. 

وظهر رجل في العقد الخامس من بين الأقمشة والمخلفات، ملقب بالحاج حسين صاحب مصنع فرم القماش المنتج للقطن الأبيض، وهو ينظر في استغراب شديد، قبل إقناعه بأني تاجر لحفاضات الأطفال وأحتاج قطنا أبيض بكمية كبيرة جدا.

أكد الحاج حسين أن قطن الحفاضات له طابع خاص، قائلًا "حفاضات يعني طلب خاص مش أي حد يطلبه"، موضحا أن هذا النوع من القطن هو نتاج الماكينة الصينية، والتي تخرج القماش مفروما بجودة عالية جدا لا تسطيع تفريقها عن القطن العادي. 

وتابع يتم فرم القماش ثلاث مرات لاستعماله في  صناعة الحفاضات لكي يكون ناعما ويمتص المياه، بينما يترواح سعرها مابين 600 جنيه إلى 700جنيه، بوزن حوالي 100 كيلو. 

رأي القانــــون
قال الأستاذ رامي عبدالمنعم، المحامي بالاستئناف، إن قانون الدولة يجب تغليظه لتصل عقوبة الغشاش وكل من يتلاعب بأرواح البشر، للإعدام، فقد حدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، ونص فيها "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع  المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق، فقد حدد القانون الغش بعدة حالات، مثل حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها، ونوع البضاعة وأصلها ومصدرها فى الأحوال التى يعتبر فيها.

وأضاف الأستاذ أحمد أبوالنيل، المحامي بالنقض أن العقوبة تكون الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة، أيهما أكبر او بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت أو شرع فى ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة". 

وأنهى أن محكمة النقض المصرية قد قررت ذلك فى أحكامها "يكفى لتحقق الغش خلط الشيء أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن المادة المخلوطة خالصة لا شائبة فيها أو بقصد إظهارها فى صورة أحسن مما هى عليه.


مواجهة مع البرلمان
فقد أكد برلمانيون أن تجارة الحفاضات المغشوشة الخاصة بالأطفال والسيدات وبعض المنتجات الطبية تحمل مخاطر كبيرة تضر بالمواطنين والمرضى ويجب التصدى لها بكل قوة ومحاربتها من المنبع.

فقد أشاد النواب بالخطوة التى اتخذتها وزارة الصحة والمتمثلة فى إعداد مشروع التتبع بنظام الباركود للعبوات بالمصانع المعتمدة لدى الدولة فقط وتعميمه في الصيدليات لمواجهة مافيا غش الدواء.

ومن جانبه قال النائب محمد العمارى رئيس لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إن ظاهرة انتشار مصانع بير السلم لتصنيع الحفاضات والمنتجات الطبية تمت مناقشتها أثناء اجتماعات اللجنة بدور الانعقاد الثانى بناء على طلبات إحاطة مقدمة من اعضاء البرلمان، فيما أوضح أن نظام الباركود الذى أعلنت عنه وزارة الصحة لتتبع المنتجات الطبية المغشوشة إحدى توصيات اللجنة، موضحا أن النظام يرصد منشأ الأدوات الصحية ومساره منذ تصنيعه وحتى وصوله إلى المستشفيات تمهيدا لبيعه للجمهور.

وأكد رئيس لجنة الصناعة بالبرلمان أن تطبيق وتفعيل نظام الباركود يحتاج إلى تكلفة مالية ومن المفترض أن تكون على نفقة الشركات، مؤكدا أن تطبيق هذا النظام وإقراره من جانب وزارة الصحة بداية صحيحة ومبشرة وستضبط القطاع بشكل كبير فى قطاع الأدوية.

وأشار الدكتور أيمن أبو العلا وكيل لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إلى أن تجارة الحفاضات والأدوات الصحية المغشوشة تسبق تجارة المخدرات، موضحا أن مواجهة تلك المشكلة تحتاج إلى تكاتف الجهود من الجهات المعنية، بالإضافة إلى ضرورة تشديد الرقابة من جانب وزارة الداخلية عليها وتتبع الجريمة والموزعين للوصول إلى مصانع بير السلم لمواجهة مافيا المنتجات الطبية المغشوشة. مشيرا إلى أنه سبق وتقدم ببيان عاجل للبرلمان يتضمن الحلول الأمثل لمواجهة تلك الظاهرة المتفشية في مجتمعنا، ومن بينها نظام الباركود الذى أعلنت عنه الوزارة الصحة.

رأي العلماء
رغم الوعود المتعددة التي يطلقها يوميًا مسئولو محافظات جمهورية مصر العربية بالقضاء على ظاهرة انتشار وتراكم للنفايات الطبية أمام بعض المستشفيات العامة والخاصة داخل المناطق السكنية، إلا أن الواقع يكشف كذب تلك الوعود، ما أثار حفيظة المواطنين، وأصابهم بحالة من الرعب والفزع الشديدين حيال تجمع الكلاب الضالة والقطط وانبعاث الروائح الكريهة وتجمع الحشرات بكميات كبيرة على أكوام النفايات؛ خشية تعرض حياة أبنائهم وذويهم للإصابة بالأمراض المزمنة والأوبئة والموت.

البداية عندما فتحت جامعة بنها تحقيقًا حول انتشار النفايات الطبية الخطيرة التي يتم إلقاؤها أمام مبنى مستشفى بنها الجامعي منذ أكثر من شهرين، وتحتوي على مواد شديدة الخطورة، كالمستهلكات التي يتم استخدامها مع المرضى، وفلاتر الكلى الصناعية المستخدمة والتي تحمل العديد من الأمراض، بجانب مستهلكات العمليات الجراحية، والنفايات الخطيرة كانت سبب انتشار الحشرات والرائحة الكريهة بين المرضى وداخل مبنى المستشفى.

المثير في الأمر هو تعطل ماكينة «فرم» النفايات الطبية بالمستشفى منذ أكثر من شهرين، ما تسبب في تكدس النفايات أمام مبنى المستشفى مباشرًا، إضافة إلى انتشار النفايات الطبية وهي تحوي بعض المعدات والأدوات الطبية، وفوط عمليات وكميات من القطن الملطخ بالدماء والصديد، تجمعت منها أكوام حول إحدى الحاويات المقابلة لمستشفى التأمين الصحى فى بنها، وكذا المستشفى التعليمى والأطفال التخصصي، إلا انهم اكتشفوا مجموعة من الزبالين يقومون بجمع تلك المخلفات يوميًا، وذلك لأسباب تم العلم مسبقًا أنه يتم إعادة تدوير تلك المخلفات في مصانع بير السلم، وينتج عنها المناديل والحفاضات.

وحسبما قالت منظمة الصحة العالمية في صحيفة الوقائع رقم ٢٥٣ في شهر نوڤمبر ٢٠١٥، إنه تشمل المخلفات والمنتجات الثانوية مجموعة كبيرة من المواد، حيث المخلفات الناقلة للعدوى، وهي المخلفات الملوثة بالدم وسوائل الجسم الأخرى، مثل المخلفات الناتجة عن عينات التشخيص المنبوذة والمزارع ومخزونات العوامل المُعدية التي تخلفها أعمال المختبرات، مثل مخلفات المشارح والمصانع، والناتجة عن أعمال المختبرات، أو مخلفات المرضى في أجنحة العزل والمعدات، مثل الممسحة والضمادة والمعدات الطبية التي تُستعمل مرة واحدة.

المخلفات غير الخطرة أو العامة، المخلفات التي لا تشكل أي خطر بيولوجي أو كيميائي أو إشعاعي أو مادي خاص، وفيما يلي المصادر الرئيسية لمخلفات الرعاية الصحية، مثل المستشفيات وغيرها من المرافق الصحية، والمختبرات ومراكز البحوث، ومخلفات المصانع، والمشارح ومراكز التشريح، ومختبرات البحوث والفحوصات الحيوانية، وبنوك الدم وخدمات جمع العينات، ودور رعاية العجزة والمسنين.

وتنتج البلدان المرتفعة الدخل، في المتوسط، نحو 0.5 كيلوجرام من المخلفات الخطرة يوميًا لكل سرير علاج؛ في حين تنتج البلدان المنخفضة الدخل، في المتوسط، 0.2 كيلوجرام من تلك المخلفات يوميًا لكل سرير علاج، ولكن لا يتم في أغلب الأحيان التمييز بين مخلفات الرعاية الصحية الخطرة وغير الخطرة في البلدان المنخفضة الدخل، الأمر الذي يعني أن الكمية الحقيقية للمخلفات الخطرة أكبر كثيرًا، وتتسبب في الإصابة بالأمراض الخطيره بالعضو التناسلى منها السرطان.