رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لغة المصالح و«البيزنس» وراء تأجيل إقرار 5 قوانين بالبرلمان

مجلس النواب - أرشيفية
مجلس النواب - أرشيفية


تشهد الدورة البرلمانية الحالية جدلًا حول قوانين بعينها، رغم الوعود المتتالية بالانتهاء منها، ولكن الخلافات قد تؤدي إلى تأجيل بعض تلك القوانين لأجل غير مسمى، وتقف لغة المصالح و«البيزنس» كعامل أساسي في عدم إقرار تلك القوانين وفقًا لتأكيدات بعض النواب.


وتستعرض «النبأ» في التقرير التالي أهم القوانين التي تدور حولها خلافات داخل البرلمان.


قانون الوقف الخيري

أول تلك القوانين التي تشهد خلافًا حول إقرارها هو مشروع قانون تقدمت به وزارة الأوقاف، خاص باستثمار أموال الوقف الخيري في تنفيذ المشروعات الكبرى بالدولة.


ويلقى القانون بعض الاعتراضات داخل اللجنة الدينية بـ«مجلس النواب»، وطلب النائب أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان، معرفة الحكم الشرعي في هذا الأمر، مشيرًا إلى أنه كان يعمل في الكويت ولم يرد عليه استبدال الوقف ولابد من معرفة الرأي الشرعي من الأزهر.


وهو ما يؤيده نواب آخرون داخل اللجنة، حيث استدلوا برأى أهل العلم والفقهاء، واتفقوا على أن كل شرط يصادر نصا شرعيا فإنه باطل والشيخ مصطفى الزرقا وضع شروطا صحيحة منها 4 قواعد وهي كل شرط قد يئول للضرر بالوقف أو المستحقين له، ولفت إلى أن جواز استبدال الوقف يرتبط بهذه القواعد والمسألة فيها أقوال لأهل العلم.


قانون استثمار الوقف الخيري يلقى رفضًا داخل هيئة كبار العلماء بـ«الأزهر الشريف»، ووفقًا للدستور وتحديدًا المادة السابعة منه فإن موافقة الأزهر شرط أساسي لمناقشة قانون استثمار الوقف الخيري باللجنة العامة للبرلمان.


ووفقًا للمعلومات فإن هناك ضغوطًا كبيرة تواجه نواب البرلمان في إقرار هذا القانون داخل دوائرهم، حيث يوجد عدد من الأراضي الزراعية تحت سيطرة المواطنين وبعض رجال الأعمال، والقانون الجديد يلزم الدولة بضرورة أخذها أو إعادة تقنين أوضاعها في حين إن هؤلاء المواطنين يدفعون مبالغ قليلة جدا نظير تأجيرها وهناك مئات الأفدنة تحولت لمزارع وحدائق شجر، وخاصة في محافظة الشرقية.


قانون البناء الموحد

من القوانين الهامة التي لم تخرج للنور بعد بسبب الخلاف الكبير حولها، حيث أكدت مؤخرا لجنة الإسكان وهيئة مكتب لجنة الإدارة المحلية، عدم إمكانية إصدار قانون التصالح في مخالفات البناء دون صدور تعديلات قانون 119 المعروف باسم قانون البناء الموحد.


واتفقت اللجنة على أن يتم عرض قانون التصالح وتعديلات «البناء الموحد» على الجلسة العامة للبرلمان معًا، ليصدرا معًا، حتى يتثنى للجهة التنفيذية تنفيذ قانون التصالح في مخالفات البناء.


القانون يلقى خلافًا شديدًا بين لجنة الإدارة المحلية والإسكان، حيث يرى النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، أنه إذا لم تواجه الدولة الأسباب الحقيقية التي دعت المواطنين للمخالفة فإن صدور القانون سيزيد المخالفات أكثر، لأن قانون التصالح سيكون مؤقتًا لمدة 3 أشهر فقط، وأن نجاحه سيكون مرتبطًا بتسهيل الإجراءات والتعامل بواقعية مع الأزمة، مطالبًا بإنشاء نيابة للبلدية لمواجهة أية تعديات بعد ذلك.


من جانبه، اتهم النائب خالد عبدالعزيز، وكيل لجنة الإسكان، الحكومة، بإرسال مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء ولم تضع فيه «آليات محترمة» للتنفيذ، موضحًا أن الحكومة أرسلت مشروع القانون ولديها 3 مشكلات لم تقدم لها حلول، وهي مشكلة تقييم المخالفات، ومشكلة المخالفات على الأراضي الزراعية، ومشكلة التحصيل إذا رفض المخالفون التقدم للتصالح.


ونقل «عبدالعزيز» عن وزير الزراعة قوله إن وزارته تعمل حاليًا على الانتهاء من التخطيط العمراني والأحوزة، إلا أن هناك أزمة في المحليات؛ لأنها لم تقدم تخطيطًا تفصيليًا لأحوذتها.


ويرجع السبب الحقيقي في تأجيل مناقشة القانون، لصعوبة تنفيذه على أرض الواقع، خاصة أن 80% من المخالفات تمت في المناطق العشوائية، أي أن أغلبية المستهدفين من القانون من الطبقة غير القادرة على الدفع، كما أن الأموال التي توقع الحكومة تحصيلها نظير تقنين الأوضاع وفقا للقانون في حالة إقراره تقدر بنحو 200 مليار جنيه، إلا أن الحكومة لن تستطيع تحصيل الغرامات من المواطنين، والأمر الأهم في سبب تأخير خروج القانون، هو اكتشاف قيام عدد من كبار رجال الأعمال بالبناء على أراض زراعية وإقامة مشروعات عليها، بجانب تعدي مصالح حكومية ونوادي وأصحاب ملاهي وبواخر على أراضي الدولة ومن الصعب تقنين أوضاعهم في حالة إقرار القانون، خاصة أن هؤلاء يستغلون ورقة تشغيل الشباب العاطل من أجل الحصول على تعاطف الحكومة لكسب المزيد من الوقت لتأجيل مناقشة وإقرار القانون.


قانون تنظيم انتخابات البرلمان

يعتبر قانون تنظيم الانتخابات البرلمانية من القوانين الهامة، التي تلقي خلافات شديدة بين النواب بحثا عن المصالح.


وكشف الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، أن قانون الانتخابات البرلمانية مهم للغاية، ويوسع عدد المقاعد المخصصة للقائمة، ويسمح بمشاركة الجميع في العملية الانتخابية، وللأحزاب أن تكون فيما بينها ائتلافًا قويًا.


والقانون الجديد لانتخابات مجلس النواب سيكون مختلفا عن القانون الحالى، خاصة أن مواد الدستور رقم 243، و244 من الدستور الحالى نصت على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج، والعمال والفلاحين فى أول مجلس للنواب عقب إقرار دستور 2014، وبالتالى لم تعد هناك حاجة لهذه النصوص فى القانون الجديد، والتى كانت موجودة فى القانون الحالى فى المادة 4 والمادة 5 حول توزيع الدوائر والتمثيل المناسب وفق الدستور، ووفقا للمعلومات فإن ملامح القانون الجديد تدور حول زيادة نسبة القوائم مقارنة بالفردي.


وهناك مطالب باقتصار تخصيص 120 مقعدا للنظام الفردي، بحيث يكون الثلثين للقائمة والثلث للفردي، كما تدور المقترحات حول تقليل عدد المقاعد المخصص حاليا بالبرلمان بحيث لا تزيد عن 500 مقعدا، ووفقا للمادة 102 من الدستور فقد حددت عدد نواب البرلمان بألا يقل عن 450 نائبا، بالإضافة إلى النسبة المخصصة لرئيس الجمهورية فى التعيين.


وفقا لتصريحات النائب مصطفى بكرى، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، فإن الملامح الأولية لقانون الانتخابات البرلمانية الجديد المقدم من الحكومة، تشير إلى إجراء الانتخابات بالنظام المختلط بواقع 75% لنظام القوائم المغلقة، و25% للنظام الفردى، مشيرا إلى أن البرلمان سيناقش هذا القانون للبحث عن النظام الأفضل.


وأضاف "بكرى"، أن البرلمان سيكون أمام 3 خيارات خلال مناقشة مشروع قانون الانتخابات البرلمانية، سواء إجراء الانتخابات بالنظام المختلط الذى يجمع بالنظامين المختلط "القائمة والفردى"، لافتا إلى أنه يحبذ إجراءها بهذا النظام بواقع الثلثين لنظام القائمة والثلث للنظام الفردى، بالإضافة إلى إمكانية إجراء هذه الانتخابات بالنظام الفردى فقط، أو نظام القائمة فقط.


ولأن كل نائب وحزب وائتلاف يبحث عن مصالحه عند مناقشة القانون، فإن هناك خلافات كبيرة بشأنه، خاصة أن القانون سيترتب عليه تعديل عدد من الدوائر الانتخابية وهو ما يضر بشدة شعبية عدد من النواب في حالة ترشحهم مجددا، في حين يسعى ائتلاف دعم مصر بأن تكون الغلبة للقائمة لكون ذلك يصب في صالحهم في اكتساح الائتلاف الانتخابات، في حين يسعى عدد من الأحزاب الممثلة داخل البرلمان في زيادة نسبة النظام الفردي، لكون ذلك يصب في صالحهم، في حين يريد عدد من النواب الجنرالات بالبرلمان أن يكون نسبة الفردي بالقائمة 50%.


الخلاف الأكبر حول القانون يتمثل في حالة تغيير بعض الدوائر الانتخابية، حيث يعمل كل نائب وحزب على عدم تغيير دوائرهم، خاصة أن تغيير الدوائر قد يكون بهدف الإطاحة بعدد من رموز المعارضة بالبرلمان، وعلى رأسهم تكتل نواب «25- 30».


قانون الإدارة المحلية

من القوانين الهامة الأخرى التي تواجه خلافات شديدة بشأن إقرارها، خاصة أن انتخابات المجالس المحلية القادمة ستجرى على أساسه، كما أنه يضع ضوابط وقواعد تطبيق نظام اللامركزية في المحافظات.


ووفقًا لنص المادة 180 من الدستور فإن "تنتخب كل وحدة محلية مجلس محلى بالاقتراع العام السرى المباشر، لمدة 4 سنوات، وينظم القانون شروط الترشح وإجراءات الانتخابات، وتخصص ربع المقاعد للمرأة وربع للشباب، وألا تقل نسبة العمال والفلاحين عن 50 %، ومراعاة تمثيل ذوى الإعاقة، وبالتالى المادة 180 قاطعة بأن المحليات كلها بالانتخاب"، الخلاف حول قانون الإدارة المحلية بدا واضحًا حيث اقترح النائب سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، أن يتم تعيين 70% من أعضاء المجالس المحلية، توفيرا للنفقات المالية الكبيرة التى تتكبدها الدولة في الصرف على الانتخابات، على أن يكون الاختيار بناء على معايير موضوعية وشفافة وباختيار عناصر ذات كفاءة، ومراعاة تمثيل الفئات المختلفة مثل المرأة والشباب.


كما تسعى الحكومة إلى السيطرة على المجالس المحلية، حيث ترفض تحويلها لبديل لمجلس النواب وحقها في سحب الثقة من المحافظ، كما يريد النواب في مقترحاتهم حول القانون، كما ترفض الحكومة المشاركة في تعيين المحافظين أيضا.


قانون تنظيم الفتوى

رغم تقديم دار الإفتاء مشروع قانون تنظيم الفتوى من أكثر من عام، إلا أنه لم ير النور بعد، ومازال مدرجًا على جدول أعمال اللجنة العامة للانتخابات، والقانون مؤجل لأجل غير مسمى، رغم الحديث اليومي عن خروج الفتاوى الشاذة والصدام حول قائمة المفتين المصرح لهم بالظهور على القنوات الفضائية ووسائل الإعلام.


ويعود سبب تأجيل القانون إلى صراع المؤسسات الثلاثة الأوقاف والأزهر ودار الإفتاء حول بعض مواد القانون وخاصة المتعلقة بالجهة التي يحق لها اختيار من لهم الحق في الفتوى بالأزهر الذي يرى أنه الأحق بالاختيار وفقا للمادة 7 من الدستور.


في حين ترى وزارة الأوقاف أنها الجهة الوحيد المشرفة عن أئمة المساجد، كما يدخل في الخلاف أيضًا رجال أعمال مسئولون عن القنوات الفضائية، حيث لا يريدون خروج القانون للنور؛ لأن ذلك يصب في صالحهم بظهور بعض رجال الدين الذين تحقق برامجهم نسبة مشاهدة وإعلانات كبيرة.