رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

وعجزنا عن إنتاج.. قرص إسبرين!

عباس الطرابيلى- أرشيفية
عباس الطرابيلى- أرشيفية


ثار عدد كبير من صناع الأدوية فى مصر عندما تحدثت هنا - منذ أيام - عن «تعمد» تقليل نسبة المادة الفعالة فى الأدوية المصرية.. ووعدونى برد علمى ينفى هذه التهمة عنهم.. وانتظرت، ويبدو أن انتظارى سوف يطول!! وهذا يجعلنى أسأل: هل عندنا هيئة طبية علمية تراقب صناعة الدواء المصرية.. كما هو موجود فى معظم الدول.. وأنه دون موافقة هذه الهيئة لا تجرؤ أى شركة على طرح أى دواء جديد.. دون موافقتها؟!.. أقول ذلك رغم أننى أعلم أن بين هؤلاء الصنّاع من يحترم قواعد المهنة.. ويلتزم بالأصول.. ولكن ذلك لا ينفى وجود غيرهم ممن يضع العملية كلها فى باب الاستثمار المالى.. لا أكثر ولا أقل.. ولا يهتم بتأثير ما يصنعون على صحة الإنسان المصرى.

وأعترف بأن السوق المصرية حجمها كبير.. مع وجود أسواق أخرى محيطة بنا تطلب الدواء المصرى.. ربما بسبب انخفاض أسعاره - بينما هناك - داخل مصر - من يفضل الدواء المستورد.. لأسباب عديدة.. ورغم ذلك دعونى أتساءل: لماذا حتى الآن لا ننتج قرص إسبرين صُـنع بالكامل فى مصر لأن أسرار هذا الإسبرين لم تعد خافية.. بل إننا نستورد بعض أنواع الإسبرين يجرى صناعتها فى دولة عربية شقيقة.. وهل لابد من أن يكون اسم هذا المنتج إسبرين أو إسبرو، أو إسبيول.. وهى أسماء تجارية كانت مصانع مصرية تقوم بإنتاجها منذ أكثر من نصف قرن.. ولم يبق منها إلا هذا النوع الهزيل من إسبرين الأطفال.. إياه؟!

وهذا يجعلنا نسأل: هل المادة الفعالة لهذا الإسبرين أو ذاك مازالت حكراً على شركات بعينها؟.. وما يقال عن قرص الإسبرين يقال أيضاً عن أى دواء مسكن للآلام.. وما أكثرها عندنا، وفى الخارج.. وهل أيضاً ارتفاع سعر الدولار هو السبب، ولذلك يحرص أى مصرى يسافر خارج مصر على حمل أى كمية من هذه الأدوية، التى لا تحتاج إلى «روشتة طبية» لصرفها.. بل هى تباع بحرية تامة فى محال السوبر ماركت.. بجوار أنواع الجبن العديدة.

وكنت أتوقع أن ترد على تساؤلاتى الوزارة الوحيدة المسؤولة عن صحة كل المصريين.. ولكن يبدو أن المادة الفعالة - فى هذه الوزارة أيضاً - أقل مما يجب!! وإذا كان هذا هو حال وزارة الصحة.. فلماذا لم تتحرك نقابة الأطباء.. أو نقابة الصيادلة.. بل أين هى لجنة الصحة فى البرلمان المصرى نفسه.. أم أيضاً أصبحت «كل هذه الجهات» تعانى من نقص المادة الفعالة.. فى نشاطها؟!!.

وقد روى لى أحد وزراء مصر الكبار «السابقين» أنه يستخدم دواء لإدرار البول «لاسيكس» وهو مستورد.. ونتيجته رائعة من حيث كمية البول.. ولما لم يجد هذا الدواء «المستورد» لجأ إلى الدواء المصرى.. والنتيجة غير سارة بالمرة!!

** وإذا كانت وزارة الصحة المنتهية صلاحيتها لا تريد أن ترد، أو ربما ليس لديها أى رد مقنع.. فماذا عن غرفة صناعة الدواء المصرى.. أم هى أيضاً تغط فى نومها أو لا تملك الرد؟!

** أقول ذلك لأن فى مصر «مافيا» رهيبة دخلت مجال صناعة الأدوية بسبب أرباحها، بجانب مافيا أخرى تقوم بترويج الدواء المستورد.. وأصبح مندوبوها هم الأكثر قوة فى عالم هذا الدواء كثير الربح.. قليل الفاعلية.

** وهنا نسأل: ماذا عن شركة الدواء المصرية المملوكة للدولة، أى قطاع عام.. لا أسكت الله لها صوتاً، وهل تخلت عن دورها الريادى.. المطلوب.. على الأقل دفاعاً عن سمعة الدواء المصرى.. الذى أراه من أفضل القطاعات لولا الدخلاء الذين يسيطرون الآن عليه.. طلباً، أو طمعاً، فى مكاسبه.

أفتونا.. حتى نريح ونستريح.. وكم أكون سعيداً أن أعرف أننى «أفترى» على هذه الصناعة الوطنية.. وأن الدواء المصرى.. مازال بكل خير، وعافية، وفاعلية.

نقلًا عن«المصري اليوم»