رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

3 سيناريوهات خطيرة لمواجهة تطورات أزمة سد النهضة

سد النهضة
سد النهضة


دخلت أزمة «سد النهضة» مفترق طرق جديدة، بعد وعد الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا بعدم وجود مشكلة، إلا أن هذا الأمر تبخر بعد استقالة رئيس مجلس الوزراء الإثيوبي، ورئيس الحزب الحاكم، هايلي ماريام ديسالين، وما ترتب عليه من تأجيل اجتماعات ثلاثية بين السودان ومصر وإثيوبيا، بمشاركة وزراء الخارجية والمياه ورؤساء أجهزة الاستخبارات في الدول الثلاث، لبحث أزمة سد النهضة، وبالتالي تأجيل المسار الزمنى للمفاوضات التي اتفقت عليها الدول الثلاثة مؤخرًا وخرج على أساسها السيسي ليعلن عدم وجود أزمة.


تطورات الأزمة ودخولها طريقًا مسدودًا جديدًا طرح بعض التساؤلات بشأن مصير مفاوضات سد النهضة الإثيوبي والتي تخوضها القاهرة مع أديس أبابا، على إثر هذه الاستقالة. وتأجيل المفاوضات الأمنية، وما هي الأوراق المتاحة حاليا أمام القاهرة حول هذا الأمر، وما حقيقية التقارير الأجنبية التي تشير إلي لجوء القاهرة للخيار العسكري في حالة تردي الأوضاع الاقتصادية والاختلاف العرقي والديني في إثيوبيا؟ فإلى أي مدى يمكن أن يستغل طرفا أزمة السد التطورات الأخيرة لصالح كل منهما، وكيف يمكن للوضع الحالي أن يؤثر في مستقبل الأزمة؟


وشهدت الفترة الماضية تقاربًا مصريًا إثيوبيًا؛ ففي منتصف يناير الماضي، أجرى «ديسالين» أول زيارة رسمية له إلى مصر تركزت معظم محاورها على سبل دفع مفاوضات سد النهضة التي كانت قد تعثرت في نوفمبر الماضي لعدم اتفاق الدول الثلاثة على تقرير المكتب الاستشاري الفني.


وأبدى مراقبون تفاؤلهم حيال تلك الزيارة في عودة المفاوضات مجددًا.


وفي نوفمبر، لم يتوصل وزراء الري في الدول الثلاث إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات التي يجريها المكتبان الاستشاريان الفرنسيان، حيث رفضت السودان وإثيوبيا الموافقة على التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات «سد النهضة»، فيما وافقت مصر على التقرير.


وبعدها بنحو أسبوع، زار الرئيس عبدالفتاح السيسي، العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وعقد قمة مع «ديسالين»، والرئيس السوداني عمر البشير، وقال السيسي: «لن يحدث أي ضرر لمواطني أي دولة من الدول الثلاث فيما يتعلق بقضية المياه».


كان الرئيس عبدالفتاح السيسي، أعلن عقب انتهاء القمة الثلاثية التي عقدت 30 يناير الماضي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا على هامش القمة الإفريقية أنه لا ضرر على مواطني أي دولة من الدول الثلاث فيما يتعلق بقضية المياه.


ولعل الجدل الدائر عن احتمالية توجيه ضربة عسكرية تقضي على سد النهضة، يتجدد في الوضع الحالي، خاصة مع صدور تقرير بريطاني، كشف النقاب عن حالة استنفار في صفوف القوات المسلحة الإثيوبية والسودانية، بعد تداول تقارير عن نيات مصرية لضرب السد.


ونقل موقع «ميدل إيست مونيتور» عن مصادر استخبارتية وأمنية سودانية، قولها: إن «هناك حالة استنفار من قبل القوات العسكرية في السودان وإثيوبيا على حدود البلدين، لوصول أنباء لها باستعداد مصر للقيام بهجوم محتمل على سد النهضة في إثيوبيا».


وقالت التقارير، إن مصر تُجري اتفاقًا سريًّا مع إريتريا لتأسيس قاعدة بحرية على جزيرة «نورا» في البحر الأحمر، الأمر الذي أثار مخاوف إثيوبيا من شن القاهرة لضربة عسكرية تدمر سد النهضة.


وقال الدكتور سعد محمد سعد، خبير الشئون الإفريقية بـ«المعهد الإفريقي جامعة القاهرة»، إن أزمة سد النهضة تسير نحو ثلاث سيناريوهات أولها، أن يبقى الحال كما هو عليه، والمضي قدما نحو المفاوضات السياسية والهندسية.


السيناريو الثاني، يشير إلى تأثيرات سلبية يمكن أن تلعبها الأزمة السياسية التي تضرب البلاد ضد سد النهضة، بحيث يتأخر اختيار رئيس وزراء جديد، وتستمر حالة الطوارئ؛ الأمر الذي من شأنه عرقلة بناء السد، ولو بشكل مؤقت، وهو السيناريو الذي تريده مصر.


أما السيناريو الثالث، فيقود إلى نجاح إثيوبي في استغلال أزمة البلاد السياسية لصالح تسارع بناء السد وتشغيله، استثمارا لتلك الأزمة، ولعل طلب تأجيل الاجتماع الثلاثي الذي كان مقررا في أديس أبابا يصب في الإطار ذاته.


وسيناريو استغلال تردي الأوضاع قد يمثل مخرجًا حقيقيًا أمام إثيوبيا لفرض الأمر الواقع في بناء السد، مما تضع مصر أمام الأمر الواقع في المستقبل القريب.


وأكد خبير الشئون الإفريقية، أن الخيارات المصرية للتعامل مع أزمة سد النهضة لصالحها -وفق المعطيات الجديدة التي يوفرها الوضع السياسي الإثيوبي- تبدو محدودة للغاية، حيث لا يوجد أمام القاهرة على المستوى السياسي سوى الالتزام بالإطار الزمني الذي حدده القادة لحسم الخلافات الفنية القائمة.


وبناء عليه؛ فإن السيناريو الأول المتوقع بالنسبة لمصر، يقف عند حدود الاستمرار في البحث عن وسائل سياسية ودبلوماسية للخروج من المأزق الحالي، أي ما يعني تلقائيا الاستمرار في خسارة الوقت الذي لا يصب في صالحها.


وكشف «سعد»، عن مفاجأة كبيرة تؤكد أن تردي الأوضاع في إثيوبيا وعقب استقالة رئيس الوزراء، لم تؤثر مطلقا على عملية بناء السد، ومازالت الإشغالات قائمة وبقوة، خاصة أن الحكومة الإثيوبية ليست لها دور في تمويل السد الذي يُشيد بتمويلات دول أجنبية بدعم مخابراتي وبتمويل بحق الانتفاع، ما يؤكد أن الحكومة الإثيوبية قد تستغل تردي الأوضاع لكسب الوقت خاصة وأن سير المفاوضات حول السد في ظل تردي الأوضاع غير منطقي، وأن بدء توليد الكهرباء من السد سيكون في شهر أكتوبر المقبل، وإثيوبيا تريد المماطلة لحين هذا الوقت.


واستبعد اللواء نصر موسى، الخبير العسكري، اندلاع حرب على المياه بين مصر وإثيوبيا، كما كشفت بعض التقارير، ولكن في الوقت نفسه فإن مصر لن تسكت على ضياع حقوقها في المياه، وهناك خيارات كثيرة بعيدًا عن الحرب، في ظل وجود «شغل» للمخابرات وتنسيق مع دول أخرى لحل الأزمة.


وأضاف «موسى»، أن مصر تدرك جيدًا جميع السيناريوهات التي تدور في ذهن الحكومة الإثيوبية حاليًا، خاصة أنه من الواضح جيدًا أن مباحثات الدول الثلاثة مؤخرًا تبخرت فعلًا بعد استقالة رئيس الحكومة هناك، وبالتالي فإن المفاوضات تحولت لمنعطف خطير وجديد قد تشهد الأيام المقبلة مفاجآت بشأنها حيث يتوقع خروج تحذيرات مصرية شديدة لإثيوبيا.