رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لا مشكلة!

محمد على ابراهيم-
محمد على ابراهيم- أرشيفية


يوم كنت في هونج كونج بهرني عامل صغير في أحد الدكاكين.. لم يكن في نيتي أن أشتري، وإنما فقط أن أتفرج.. هناك اعتقاد راسخ لديّ بأن وزني مشكلة.. لا أصلح للملابس الجاهزة.. ولكنه عاملني بأدب ورقة فسألني ماذا أريد، فقلت له: شنطة جلد بنقوش ويدها سوداء ومن الجلد السميك واكتب اسمي عليها.. وفي نفس الوقت ليست ثقيلة الوزن ورخيصة!.

وظننت أنني وضعته أمام مشكلة عويصة: الجودة والثمن الزهيد.
وقال بسرعة: لا مشكلة.
وبلمح البصر أتى بشنطة وخلع يد شنطة سوداء ووضعها في الشنطة الحمراء، وأتى بحروف من الحديد ووضعها في النار ليكتب اسمي بسرعة.

فقلت: لا.. بل أريد أن تكون الحروف باللون الأسود الرفيع وأن تكون يد الشنطة من اللون الأخضر، قال: لا مشكلة.. وغير يد الشنطة وسهل الحروف.. وحاولت أن أفلت من شطارة هذا البائع فلم أستطع وخرجت وقد امتلأت الشنطة بما لم أكن أريد من الأقلام والكتب والراديوهات الرخيصة!.


وعندما خرجت من المحل طلع واحد كأنه عفريت من تحت الأرض: بدلة تفصلها الآن وتتسلمها ليلاً.. ولا تدفع مليمًا مقدمًا! بدلة لشخص وزنه 120 كيلوجراما تحتاج ثلاث بروفات على الأقل ولا يمكن أن تكون مضبوطة هذا نصاب أكيد، قلتها لنفسي! لاحظ ترددي، فقال جرب لن تخسر شيئا..

وفي الليل جاءت البدلة بالضبط كما أردت طولاً وعرضًا ولونًا وقماشًا وسعرًا!.
لقد أعجبتني عبارة: لا مشكلة!.

ففي الدول الصناعية التجارية لا يعرفون إلا الحلول لكل المشاكل.

فإذا قال لك الواحد: لا مشكلة.. فهو يعني ما يقول. وإذا لم تكن تصدق ذلك فاخترع مشكلة، وسوف يقفز الحل أمام عينيك. كيف؟ هذه شروط النجاح في كل شيء!

وتسمع في أوروبا وأمريكا عبارة: ماشي.. أي أنه موافق على ما تقول.
ونحن في مصر مع الأسف نسرف كثيرًا في هذين التعبيرين ونفاجأ بأن كل شيء مشكلة لا حل لها، أي لا نريد لها حلاً.. وإذا حاولنا تولدت مشاكل جديدة.. وتكون النتيجة أن يتوقف كل شيء عن الحركة والانطلاق والنمو. لماذا؟ لهذا. ومع ذلك فنحن قد نقلنا هذا التعبير أيام الوحدة مع سوريا.. وهو تعبير مترجم عن الفرنسية: سا … فا … أو سا … يي … وسوريا، ما كانت ولا هي الآن أحسن حالاً.. ولا أظنك تحتاج لأن أدلك على ألوف الأمثلة التي فوقها جميعًا لافتة «لا مشكلة» وهي قنابل تنفجر في وجهك.

نقلًا عن «المصري اليوم»