رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«عام الكلب».. كل عام وأنتم بخير!

محمد سلماوي- أرشيفية
محمد سلماوي- أرشيفية


وجه أنتونيو جوتيريش سكرتير عام الأمم المتحدة تهنئة للعالم بمناسبة العام الصينى الجديد.. عام الكلب! وذلك فى الوقت الذى يواجه جيش الاحتلال الاسرائيلى مشكلة طارئة بعد أن امتنعت شركة «فور ويندز K9» الهولندية مع بداية عام الكلب، عن إمداده بالكلاب المدربة، والتى ظل طوال السنوات العشرين الماضية يستوردها كى يستخدمها فى هجماته على الفلسطينيين.

فقد قام أخيرا أحد شباب الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، وهو حمزة أبو هاشم، برفع دعوة قضائية ضد الشركة الهولندية بسبب ما لحق به من إصابات خطيرة بواسطة الكلاب التى أطلقها عليه الجنود الإسرائيليون قبل ثلاث سنوات، والتى تقوم الشركة بتوريدها لإحدى وحدات جيش الاحتلال الإسرائيلى المعروفة باسم K9، ويقدر عدد الكلاب التى يتم استيرادها من الشركة لهذا الغرض بالعشرات كل عام، وقد صرح شوان جابارين مدير مجموعة «الحق» لحقوق الإنسان فى الأرض المحتلة، بأن هذه الكلاب المدربة تدريبا فائقا تتسم بالشراسة، وهى تستخدم بشكل مقصود فى الاعتداء على الفلسطينيين، وإلقاء الرعب فى قلوبهم، خاصة أثناء عمليتى تفريق المظاهرات الاحتجاجية، وفى الغارات التى تقوم بها وحدات الجيش على بيوت الفلسطينيين أثناء الليل.

وكانت مثل هذه الكلاب قد استخدمت قبل ذلك بواسطة الأمريكان ضد الزنوج المطالبين بحقوقهم فى أواسط القرن الماضي، واستخدمتها القوات الأمريكية أيضا فى حربها ضد أفغانستان، كما استخدمتها حكومة جنوب إفريقيا العنصرية ضد المواطنين الأفارقة المطالبين بحقوقهم أثناء حكم «الأبارتيد». وقد اعتمد حمزة أبو هاشم فى دعواه القضائية على تصريحات صحفية لأحد ملاك شركة «فور ويندز» نشرت عام 2015، قال فيها إن 90 بالمائة من الكلاب التى يستخدمها الجيش الإسرائيلى تم تدريبها بواسطة شركته، وقد طالب بعض رجال القانون فى هولندا آنذاك من وزيرة التجارة الهولندية حظر تصدير هذه الكلاب لما هو معروف عن شراستها وعن الأغراض التى تستخدم فيها، وأقرت الوزيرة وقتها برغبتها فى حظر تصدير الكلاب، لكنها قالت إنها لم تتمكن من إيجاد الأساس القانونى الذى يبرر قرار الحظر.

وقال أبو هاشم فى دعواه التى قام برفعها منذ بضعة أسابيع إنه كان فى الـ 16 من عمره عام 2014 حين أطلق عليه الجنود الإسرائيليون كلبين قاما بقضمه فى ساقيه وفى ذراعيه وفى كتفه مما أصابه بعاهات مستديمة، وذلك أثناء تصديه مع بقية شباب القرية التى يسكنها لقوات الاحتلال التى قامت بالاستيلاء على أراضى القرية لإقامة مستوطنة يهودية جديدة باسم كارماى تسور، وقد قام أحد الجنود بتصوير الكلاب وهى تطارد الشاب الفلسطينى وتقوم بقضمه عدة مرات، بينما كان الجنود يحثونها على ذلك ويوجهون له السباب وسط تعالى صرخاته، وبعد انهياره قام الجنود بإلقاء القبض عليه، وقد قام أحد الجنود الإسرائيليين بتصوير هذا المشهد وتم نشر الفيديو على «الفيسبوك» حاملا تعليقا يقول بأن الكلاب لقنت زالإرهابى الصغيرس درسا لن ينساه.

ويقول الدفاع عن أبو هاشم إن هذا الاستخدام الوحشى وغير الآدمى للكلاب يعد انتهاكا صريحا لاتفاقية جنيف الرابعة التى تنص على حماية المدنيين فى الأراضى التى تقع تحت الاحتلال، موضحا أن استخدام الكلاب المدربة على الهجوم بهذا الشكل الوحشى يهدف الى فرض سيطرة اسرائيل على الأراضى الفلسطينية المحتلة ومصادرتها من أجل إقامة المزيد من المستوطنات اليهودية غير الشرعية، وقال إن الشركة بتوريدها هذه الكلاب للجيش الإسرائيلى انما تنتهك أيضا مبادئ حقوق الإنسان. أما عن قيام جيش الاحتلال الإسرائيلى بمهاجمة منازل الفلسطينيين وسط الليل ومصادرتها فقد قدم أخيرا أحد أهم البرامج الحوارية فى هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سي» وهو Hardtalk، حلقة نادرة استضاف فيها أحد الضباط الاسرائيليين الذين رفضوا القيام بتلك المهام وكونوا جماعة اسموها Breaking the Silence، أى «كسر الصمت» تكلموا من خلالها عن الأهوال التى يقوم بها الجنود الإسرائيليون ضد الفلسطينيين، مطالبين بضرورة انهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية.

وقد شرح الضابط الإسرائيلي، واسمه أفنر جفارياهو، كيف ترك الخدمة بالجيش، ومعه مئات آخرون تخطى عددهم الآن الألف، احتجاجا على تلك الممارسات الوحشية التى يقوم بها الجيش بشكل ممنهج ضد الفلسطينيين، وتحدث عن معاناته وهو يقتحم بيوت الفلسطينيين فى جنح الليل فى نابلس وفى جنين على وجه الخصوص، والنظرات الثاقبة التى كانت تقابله فى عيون الفلسطينيين داخل بيوتهم، والغضب الصامت الذى كان يواجهه فى كل مرة يقتحم بيتا فلسطينيا لمواطنين أبرياء لم يرتكبوا أى جرم يتطلب مصادرة بيتهم بهذا الشكل، وأوضح جفارياهو أن جماعته صار لها 13 عاما الآن تقوم بجمع شهادات الجنود الرافضين لسياسة تكريس الاحتلال عن طريق إلقاء الرعب فى نفوس المواطنين المدنيين وإهانتهم بشكل مستمر لإقناعهم بعجزهم وبأنهم لا يملكون من أمرهم شيئا، وقال إن الشهادات تضمنت أيضا عمليات سرقة ونهب يقوم بها بعض الجنود الإسرائيليين أثناء اقتحامهم بيوت الفلسطينيين.

وقد نشرت جريدة «هاآرتس» الإسرائيلية تحقيقا استقصائيا حول سياسة اقتحام بيوت الفلسطينيين فى الليل ومصادرتها، أوضحت أن أحد أهم أدوات جيش الاحتلال فى تنفيذ تلك السياسة هو استخدام الكلاب المدربة على مهاجمة الفلسطينيين بطريقة وحشية.

وقد زادت وحشية الهجمات على الفلسطينيين وممتلكاتهم بعد تصريحات بداية العام الهوجاء التى أعلن فيها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب اعترافه بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل والتى تتسم بعدم الشرعية مثلها مثل مصادرة الأراضى والبيوت الفلسطينية، وهو ما أدى الى التوسع فى إقامة المستوطنات، وبالتالى زيادة حدة الهجوم على الفلسطينيين واقتحام بيوتهم بواسطة الكلاب وغير الكلاب. كان ذلك فى بداية هذا العام، قبل حلول عام الكلب حسب التقويم الصيني، وقبل أن يقوم سكرتير عام الأمم المتحدة بتوجيه تهنئته المشكورة لنا وللعالم على حلول عام الكلب! والتى أكد فيها أن الكلاب هم حراس الإنسان على مدى التاريخ، وأن عام الكلب يرمز للوفاء والثقة، والثقة تحث على الوحدة والتعاون، الذى نحتاجه فى عالمنا اليوم....وأنهى جوتيريش تهنئته قائلا إنه يتمنى لنا جميعا الصحة والسعادة والرخاء... فى عام الكلب!
نقلًا عن «الأهرام»