رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سر «رعب» النظام من مقاطعة الانتخابات الرئاسية

الانتخابات الرئاسية
الانتخابات الرئاسية - أرشيفية


أطلقت القوى المدنية دعوات لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، وأثارت هذه الدعوات جدلًا واسعًا في الوسط السياسي، لاسيما وأن رد فعل الحكومة والنظام ووسائل الإعلام تجاه المنادين بالمقاطعة كان عنيفًا، ووصل لحد اتهام أصحابها بالخيانة ومحاولة قلب نظام الحكم.


وانتفض البرلمان ضد دعوات المقاطعة، ووصف النائب محمد أبوحامد، دعوات المقاطعة بأنها محاولة للانقلاب على الدستور، وضرب استقرار مصر السياسي، كما وصفها النائب مصطفي بكري بأنها تحريض ضد الدولة.


ويقول بعض فقهاء الدستور المؤيدين للنظام، إن الداعين لمقاطعة الانتخابات ارتكبوا جريمة تعطيل الدستور، والتى تصل عقوبتها للسجن 5 سنوات، وغرامة لا تقل عن ألفي جنيه، ولا تجاوز خمسين الف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين طبقا للمادة 98 ب-  والمادة 102 مكرر من قانون العقوبات، والمادة 54 من قانون الانتخابات الرئاسية.


عن هذا الموضوع، يقول الفقيه الدستوري عصام الاسلامبولي، إنه لا يجوز قانونيا ودستوريا للدولة معاقبة المطالبين بمقاطعة الانتخابات أو المقاطعين لها، مشيرا إلى أن الدعوة لمقاطعة الانتخابات والامتناع عن التصويت يدخل ضمن حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور، مؤكدا مخالفة القانون الخاص بتوقيع غرامة على المقاطعين للانتخابات للدستور.


وأضاف «الاسلامبولي» أن الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في 2014 يقوم على عدة مبادئ وأفكار، أولها مبدأ التعددية السياسية الذي يعني تعدد الممارسات السياسية في القضايا العامة وإبداء الرأي فيها سواء متعلقة بالانتخابات أو غيرها، لافتا إلى أن الدعوة لمقاطعة الانتخابات تدخل ضمن حرية الرأي والتعبير، طبقا للمادة 73 من الدستور التي تنص على: «للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أى نوع، بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون. وحق الاجتماع الخاص سلميًا مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولايجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه»، وبالتالي وحسب نص هذه المادة من حق المواطن استخدام كل وسائل التعبير عن الرأي ومن بينها الاحتجاجات، والمطالبة بالامتناع عن التصويت في الانتخابات إذا رأى عدم توافر الشروط الدستورية فيها.


وأكد الفقيه الدستوري مخالفة المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية للدستور، وهي تنص على: «يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء»، لأن التصويت في الانتخابات يدخل في إطار حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور والقوانين الدولية، مشيرا إلى أن الامتناع عن التصويت حق من حقوق الدول داخل الأمم المتحدة، وبالتالي الامتناع عن التصويت نوع من أنواع التعبير عن الرأي، والأهم من ذلك هو أن الانتخاب هو حق وليس واجبًا، والواجب فيه إلزام، مثل التجنيد الإجباري واجب وطني الامتناع عنه جريمة.


ووصف «الإسلامبولي» اتهام المطالبين بمقاطعة الانتخابات بالانقلاب على نظام الحكم بالكلام الساذج، مشيرا إلى أن القانون لم يحدد نسبة مشاركة في هذه الانتخابات، ولكنه اشترط حصول المرشح الذي يخوض الانتخابات منفردا بالحصول على 5% من أصوات الناخبين، لافتا إلى أن النظام يخشى من مقاطعة الانتخابات خوفا من الرأي العام العالمي.


ويقول الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، إن دعوات مقاطعة الانتخابات تدخل ضمن جرائم التحريض ضد الدولة وضد نظام الحكم، وهي من قضايا أمن الدولة العليا، مؤكدا أن هذه الدعوات لا تدخل ضمن حرية الرأي والتعبير التي نص عليها الدستور، لأنها تتضمن تحريضا على النظام وعلى الدولة وعلى عدم ممارسة الناس لحقوقها الدستورية، ومثلها مثل التحريض على الاعتصام وعلى الامتناع عن العمل والعصيان المدني، وكلها من جنايات أمن الدولة العليا، مشيرا إلى أن الغرامة التي يتم تطبيقها على المقاطعين منصوص عليها في قانون ممارسة الحقوق السياسية، وهي لا تتعارض مع الدستور، لأن التصويت في الانتخابات واجب دستوري، وبالتالي الإخلال بالواجب فعل يستحق العقوبة، مؤكدا عدم وجود أي تأثير لنسبة المشاركة على شرعية الانتخابات، لكن تأثيرها يكون على المستوى السياسي.


ويقول خالد داود، رئيس حزب الدستور، إن رد فعل الدولة على دعوات مقاطعة الانتخابات التي أطلقتها القوى المدنية نوع من الهيستريا غير المبررة مطلقا، لاسيما وأنها ليست المرة الأولى التي تدعو فيها أحزاب المعارضة لمقاطعة الانتخابات، وحدث ذلك أيام حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك أكثر من مرة، ولم يتم التعامل مع المعارضة بهذه الهيستريا التي تحدث الآن.


وأضاف «داود»، أن ما يحدث يعكس تراجع الحقوق والحريات الأساسية في مصر، في ظل عدم وجود مرشح حقيقي أمام السيسي، وبالتالي الانتخابات الرئاسية تحولت إلى استفتاء على منصب الرئيس، وهذا دفع المعارضة إلى التعبير عن رأيها بشكل سلمي، والمطالبة بوجود مرشحين مختلفين، مؤكدا أن مطالب القوى المدنية لا تحتوى على أي نوع من الإثارة أو التأليب، ولا تخالف القانون أو الدستور، لأنها لا تحتوى على أي دعوات للعنف أو تعطيل الدستور أو إجبار المواطنين على المقاطعة أو قلب نظام الحكم، مشيرا إلى أن حسم الانتخابات مسبقا لصالح السيسي سوف يدفع المواطنين لمقاطعتها، لكن النظام لن يكترث بهذه المقاطعة، وسوف يقوم بإخراجها مثل المرة السابقة، مؤكدا أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة سوف تحدد شكل المشهد السياسي في مصر الفترة القادمة.


ويقول الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال، إن دعوات مقاطعة الانتخابات مؤثمة شرعا لأنها شهادة، ومجرمة لأنها دعوة لإثناء الناس عن ممارسة حق دستوري، مشيرا إلى أن رد فعل الدولة كان ضعيفا ولا يرقى لمستوى الجرم، وكان فيه خوف وجبن، وكأن الدولة تخشى من رد الفعل الدولي على معاقبتها لهؤلاء رغم مخالفتهم للقانون والدستور، مطالبا الدولة بمحاكمة كل من يدعو لمقاطعة الانتخابات نظرا لما لها من تأثير سلبي على المشهد السياسي، مؤكدا على مخالفة هذه الدعوات للقانون والدستور.


وأضاف «الزنط»، أن مقاطعة الانتخابات ستكون دليلا على عدم رضا الناس على الحياة السياسية، وسوف تتسبب في حدوث مشكلة لمصر مع الخارج، لذلك تخشى الدولة من هذه المقاطعة، وأنه كمواطن مصري قلق جدا من استجابة الشعب لدعوات المقاطعة، مستبعدا أي تأثير لهذه المقاطعة على شرعية الانتخابات، لأن النظام السياسي يستمد شرعيته من الدستور والقانون.