رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سر تخوف الحكومة من الإفراج عن قانون «التأمينات والمعاشات الموحد»

غادة والي - أرشيفية
غادة والي - أرشيفية


منذ أكثر من عامين، والحكومة لا تكف «ليل نهار» عن الحديث حول المزايا التي يتضمنها قانون «التأمينات والمعاشات الموحد»، وأنها على وشك الانتهاء منه، ولكنه حتى الآن لم يخرج القانون إلى النور، ولم يتم الكشف عن بنوده، أو عرضه للحوار المجتمعي، وكأنه سر من أسرار الحرب، بحسب وصف الخبراء.


وتكشف معظم تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي، في وسائل الإعلام، أنها لا تحمل جديدًا حول ملامح القانون، سوى وعود بزيادة المعاشات دون التطرق إلى البنود التفصيلية للمشروع الذي لا يزال «حبيس» الأدراج دون أسباب مبررة أو معلنة، ما دفع أحد نواب البرلمان إلى التقدم بطلب إحاطة لمعرفة مصير هذا المشروع، الأمر الذي يفجر تساؤلات عدة حول نية الحكومة من خلال هذا القانون تجاه أصحاب المعاشات.


وتقدم النائب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، باستجواب للحكومة متمثلة في وزير التضامن الدكتورة غادة والي، حول تأخر صدور هذا القانون.


وأوضح النائب خلال طلبه أنه رغم أهمية القانون الذى تحدثت عنه الحكومة كثيرًا، وتعهدت فى سبتمبر 2016 بعد إقرار علاوة أصحاب المعاشات أنها ستتقدم بمشروع قانون جديد خلال شهرين، إلا أن القانون لم يظهر للنور حتى الآن.


وأشار «الحريري»، إلى أنه على الرغم من مرور عام كامل لم تلتزم الحكومة بتعهداتها، مؤكدا أن هذا القانون يمس 9 ملايين مصري من أصحاب المعاشات، وأيضًا جميع العاملين بالدولة الذين يعانون من تدني المعاشات في ظل صندوق لأصحاب المعاشات يحتوي على مئات المليارات من الجنيهات.


وطالب «الحريري»، برد كتابي من وزيرة التضامن الاجتماعي، الدكتورة غادة والي، بخصوص تأخر الحكومة فى تقديم القانون، كما طالب ببيان تفصيلي بأموال المعاشات وكيفية استثمارها والفوائد المستحقة لهذه الأموال فى السنوات الماضية.


ولعل الغموض الذي أحاطته غادة والي، بالقانون، أثار غضب حركات أصحاب المعاشات، ما جعل نقابة أصحاب المعاشات برئاسة سعيد الصباغ، تلوح بالوقوف ضد المشروع حال عدم عرضه على المجتمع المدني.


وقال البدري فرغلي، رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات، إن وزيرة التضامن الاجتماعي حتى هذه اللحظة لم تطرح مشروع قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الموحد على البرلمان، قائًلا: «هناك اعتراضات ولا تستطيع إخراج مسودة القانون من مكتبها حتى الآن».


وأضاف «فرغلي» في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن هذا القانون سيتسبب في حدوث كارثة اجتماعية؛ مشيرًا إلى أنه لا توجد أي مادة في القانون تتناول منح أي حقوق مادية لأصحاب المعاشات.


وتابع: «ما يتم تداوله حول زيادة المعاش في القانون، غير صحيح»، مشيرًا إلى أن هذه الزيادة لن تمس أصحاب المعاشات الحالين وهم 9 ملايين أسرة، ولكنه يتحدث على الذين سيخرجون إلى المعاش.


وأشار «فرغلي»، إلى أن الوزيرة اعتمدت - باعترافها - على منظمات العمل الدولية في صياغة مشروع القانون، وعلى الخارج، على الرغم من وجود عمالقة في قانون التأمينات على حد وصفه، وتتحدث عن قرب إقرار القانون دون صدوره حتى ضاق بها البرلمان وقال إنه سيناقش مشروعًا آخر من أحد النواب.


وأضاف: «قانون الوزيرة من خلاله يتم احتساب المعاش عن كل سنوات الخدمة، وبالتالى أصحاب المعاشات سيتعرضون لانخفاض المعاش؛ على عكس القانون الحالي الذي يكون متوسط الأجر فيه عن آخر سنتين فقط».


وتابع: «كما وضعت والي كارثة لرجال الأعمال، وهي دفع الاشتراكات بحسب قيمة الدخل الذي يحصل عليه العامل، ما يضطرهم إلى تخفيض الأجور أو تسريح عدد من العاملين لديه».


وأضاف مسلم أبو الغيط، نائب رئيس حركة الدفاع عن أصحاب المعاشات، أنه يرفض صدور هذا القانون؛ لأنه قانون معيب، على حد وصفه، مضيفًا أن السر في تأخر الحكومة في إصدار القانون، يعود لمعرفتنا بنية وزارة التضامن من هذا القانون، وبالتالي تخشى رد فعلنا.


وتابع «أبو الغيط»: «الحكومة تستهدف فائدة من وراء هذا المشروع، من خلال عمل اشتراكات جديدة بصندوق أصحاب المعاشات، وجمع أموال أكثر، بهدف التغطية على  ديونها الداخلية التي وصلت  قيمتها لـ720 مليار دولار».


وأشار «أبو الغيط»، إلى أن هذا القانون لم يعرض حتى الآن على ممثلين عن  أصحاب المعاشات، قائلًا: «الدول العربية والأجنبية تستعين بخبراء من التأمينات من مصر، وإحنا بنجيب منظمات أجنبية مش فاهمين شيء في التأمينات».  


وأضاف «أبو الغيط»، أن وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، جاءت بقانون 135 الذي تم إلغاؤه بعد محاولات مستميتة من جديد تحت مسمى  قانون التأمينات الاجتماعية الموحد الذي تناقشه حاليًا.


وتابع: «القوانين التى يقومون باختراعها تهدر الجانب الاجتماعي التكافلي، وتقوم على أن الزوجة هى الوريث الأوحد، وعدم أحقية الابنة في المعاش في حالة طلاقها أكثر من مرة».


من جانبه، أشار منير سليمان، مسئول المتابعة بالاتحاد العام لأصحاب المعاشات، إلى أنه منذ عام 2014، والحكومة تتحدث بأنها على وشك إصدار القانون الموحد، متابعًا: « لو بيكتبوا سطر كل يوم كان خلص».


وأضاف «سليمان» في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن السر وراء هذا التأخر يعود إلى رغبة الحكومة في الهروب من فكرة زيادة المعاشات، بالإضافة إلى تخوف التضامن الاجتماعي من الحديث عن استقلالية أموال المعاشات، الأمر الذي يترتب عليه إلغاء دور التأمينات، كما تخشى الحكومة من الخوض في تفاصيل الحد الأدنى، ومن ثم تحمل نفقات زيادة.  


ووصف قانون التأمينات والمعاشات الموحد  بـ«السري»، قائلًا: «أي حاجة في الدنيا تعرض على أصحابها، ولكن نحن تتسرب لنا مواد، وعندما نتحدث عنها تخرج الحكومة وتنفي»، مضيفًا: «يلبعون بنا الكرة.. ولا يستمعون إلا أنفسهم».