رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سيناريو رفع الدعم عن «الوقود» بعد صرف الشريحة الثالثة من «قرض الصندوق»

وقود - أرشيفية
وقود - أرشيفية


يبدو أن مصر ستشهد خلال الفترة المقبلة، ارتفاعًا في مستوى الأسعار والتضخم كل على حدة، وذلك مع توقعات بنية الحكومة، خفضّ الدعم المقرر عن المواد البترولية، واتجاهها لتحريره كاملًا.


وما يزيد من هذه التوقعات، هو تلقي مصر الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي، خلال شهر يناير المقبل، وأنه خلال تلقي مصر الشريحة الأولى في نوفمبر 2016، والشريحة الثانية يونيو 2017، تم خفض الدعم عن المحروقات.


كانت مصر اتفقت مع صندوق النقد خلال نوفمبر الماضي على قرض بقيمة 12 مليار دولار، وحصلت على شريحيتين؛ 2.75 مليار دولار، و1.25 مليار دولار على التوالي.


وزارت بعثة صندوق النقد الدولي مصر خلال الفترة من 25 أكتوبر إلى 9 نوفمبر الماضيين، للقيام بالمراجعة الثانية لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يدعمه الصندوق لثلاث سنوات، والذي أفضى إلى موافقة الصندوق الأسبوع الماضي على صرف الشريحة الثالثة من القرض المقدم لمصر بقيمة 2 مليار دولار، ليصبح إجمالي ما حصلت عليه مصر نحو 6 مليارات دولار.


ما يدعم هذه التوقعات أيضًا، تصريحات وزير البترول المهندس طارق الملا، الذي أفصح عن رغبة الحكومة في خفض الدعم المقرر على المواد البترولية والذي قدرته في ميزانية 2017-2018 بنحو 110 مليارات جنيه، خاصة وأن تكلفة دعم المواد البترولية قفزت بنحو 68% إلى 23.5 مليار جنيه، في الربع الأول من العام المالي الجاري، مقارنة بدعم الوقود في الربع الأول من السنة المالية للعام السابق 2016/2017، والذي وصل إلى 14 مليار جنيه فقط.


وكانت الحكومة قدرت سعر برميل البترول في موازنة 2017/2018 بنحو 45 – 50 دولار للبرميل، في حين وصل سعر البرميل حاليًا إلى نحو 65 دولار للبرميل.


ويضيف وزير البترول، بأن النية تقضى إلى تحرير أسعار الوقود بشكل كامل، مع الإبقاء على دعم أسطوانات البوتاجاز، فضلًا عن ضرورة سد العجز في ميزانيات شركات البترول، جراء عدم سداد مستحقات شركات النفط الأجنبية والتي وصلت بنهاية شهر يونيو الماضي إلى أكثر من 3 مليارات دولار.


"نتوقع خفض الدعم عن المواد البترولية، وارتفاع أسعار الطاقة بعد تلقي الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي، على غرار ما حدث في الشريحتين الأولى والثانية" بهذا بدأ أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، الدكتور عبد الرحمن عليان تعليقه على مسألة خفض الدعم.


ويقول، إنه مع ارتفاع أسعار الوقود سترتفع أسعار نقل السلع بنحو 10 و15%، وهي نفس نسبة زيادة أسعار السلع، لافتًا إلى أنه من المتوقع ارتفاع مؤشر التضخم خلال شهور يناير وفبراير المقبلين، مضيفًا أنه يتوقع أن يكون خفض الدعم عن المواد البترولية خلال يوليو وأغسطس من العام القادم أو مع تلقي مصر الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد الدولي.


ويضيف، أنه ستتم إضافة المبالغ التي يتم الحصول عليها من القرض وهو 2 مليار دولار إلى الاحتياطي النقدي، لسد جزء من العجز في الموازنة، ولرفع الحصيلة من العملة الدولارية.


من جانبه، يقول الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي تمت دون وجود شروط بخفض الدعم، ولم تكن هناك أي إملاءات من جانب مسئولي الصندوق، مضيفًا أن هذه الفترة يعتبرها الصندوق «فترة التقاط الأنفاس» بالنسبة للمواطن المصري الذي تلقى ضربات صادمة خلال العام الماضي أدت إلى ارتفاعات في الأسعار غير مسبوقة.


ويتابع، أنه بالفعل أُثير جدل بين الصندوق والجانب المصري من أجل سد عجز الموازنة الذي حدث بعد ارتفاع أسعار البترول عالميًا خلال العام المالي الحالي، لذا اقترح الصندوق أن تتم تجزئة خفض الدعم على فترتين الأولى في يناير من هذا العام، والأخرى في شهر يوليو من عام 2018 أثناء الموازنة الجديدة، إلا أن الحكومة المصرية رفضت هذا الاقتراح، وأصرت على أن يتم خفض الدعم كاملًا عن المواد البترولية في شهر يوليو القادم وشهر يناير من العام 2019.


ويضيف النحاس، أن العام الجديد سيشهد زيادة في الأسعار العالمية قدرتها المؤسسات الاقتصادية بنحو 7% بسبب نية بعض الدول في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية برفع نسب التضخم بنسب تتراوح بين 2 إلى 3% لتحريك الأسعار بالارتفاع.


علاوة على أن ارتفاع أسعار البترول عالميًا سيؤدي حتمًا إلى زيادة أسعار المُنتجات والسلع، لزيادة أسعار الطاقة في المصانع، إضافة إلى الوقود المُستخدم في السفن والناقلات التجارية وغيرها؛ لكل هذا سترتفع الأسعار عالميًا وبالتالي ستشهد مصر موجة تضخم خلال العام الجديد وارتفاعات أخرى في الأسعار، بحسب الخبير الاقتصادي.


ويلفت النحاس إلى أن مؤشر التضخم لم ينخفض كما أُشيع وأُعلن من عدة جهات سواء رسمية أو غيرها، ذلك لأن مستوى التضخم الشهري مازال مرتفعًا، إذ سجل في أكتوبر الماضي 31،1% وهذه نسبة مرتفعة جدًا، مشيرًا إلى المقارنات التي يعقدها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تكون سنوية على مؤشر التضخم.


ويوضح، أن تأثر مصر بموجة ارتفاع الأسعار العالمية كبير، لأنها تستورد أكثر من نصف احتياجاتها من الخارج، مشيرًا إلى أن عدم استقرار الأسعار وتذبذبها بين الارتفاع والانخفاض يعود إلى ما يمكن وصفه بـ"التخبطات السعرية"، قائلًا: "المستثمر بيحاول يحرق الأسعار حتى يتخلص من بعض السلع نتيجة لحسابات اقتصادية خاطئة، كلفته بعض الخسائر".


كما يقول أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، إن أكثر المستفيدين من عملية رفع أسعار البترول عالميًا "المُصنعين" في مصر، لأنهم دأبوا على المطالبة بخفض أسعار الغاز والطاقة لمصانعهم، لافتًا إلى أن مصر أرخص بلد تقدم الطاقة والبنى التحتية في منطقة الشرق الأوسط.


وتبيع الحكومة الغاز للمصانع بأسعار تتراوح بين "7 – 8" دولارات للمليون وحدة حرارية، في حين يصل السعر العالمي لها إلى 4،5 دولار للمليون وحدة، وتُحصَل الحكومة ثمن الغاز من المصانع بالجنيه المصري، ولكنها تُسعَره مقدمًا بالدولار. وقدرت الحكومة تكلفة استيراد الغاز من الخارج بنحو 12 دولار للمليون وحدة حرارية، وبالتالي يوجد فرق بين كلفة الاستيراد والأسعار بما يتراوح بين "4-5 "دولارات، في حين وصلت فاتورة استيراد الغاز من الخارج إلى نحو 3 مليارات دولار، وذلك بحسب الموازنة العامة للدولة للعام 2017/2018.


ويوضح شيحة، أن سعر نقل الحاوية الواحدة يُكلف نحو 2000 دولار، وأن ارتفاع أسعار الوقود عالميًا، سيزيد أسعار النقل بنسبة تُقدر بـ 0،5% فقط، لافتًا إلى أنه ليست نسبة ضخمة، وقد لا يشعر بها المواطن على المدى القريب.


ويجب على الحكومة أن تتخلى بشكل كامل على دعم المواد البترولية، لأنه يسبب عجزا للموازنة العامة ولا يستفيد منه إلا قلة من المواطنين، وأن يصبح سعر المحروقات والطاقة طبقًا للأسعار العالمية، بحسب رئيس شعبة المستوردين.


على جانب آخر، يقول المتحدث الرسمي السابق لوزارة البترول حمدي عبدالعزيز، إنه لا صحة لرفع أسعار المواد البترولية، بعد تلقي الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي.


ورفض «عبد العزيز» التسليم بحدوث أي توقع، قائلا: «مش كل واحد توقع حاجة هتحصل.. رئيس الوزراء ووزير المالية أعلنا أنه لا زيادة خلال السنة المالية الحالية وهذه قرارات رسمية».