رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة من 5 محاور لـ«إعادة هيكلة الإعلام» علشان عيون السيسى

السيسي والإعلاميون
السيسي والإعلاميون - أرشيفية


تسعى الدولة إلى إجراء تغييرات جذرية في كل وسائل الإعلام التي تسيطر عليها سواء رسمية أو خاصة مقروءة أو مكتوبة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، وتراجع شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفشل الإعلام الرسمي والخاص في توصيل صوت مصر للخارج، واتساع فجوة عدم الثقة بين الإعلام المصري والمواطنين.

وتنفذ الدولة تلك الخطة الجديدة من خلال خمسة محاور – حسب خبراء الإعلام والصحافة:

المحور الأول: يتمثل في تغيير نمط ملكية وإدارة المؤسسات الإعلامية التي تسيطر عليها الدولة ممثلة في أجهزتها الأمنية، والتي يديرها رجال أعمال وشخصيات محسوبة على النظام الحالي، بدأت إرهاصاتها باستحواذ شركة «إيجل كابيتال» على كل الكيانات الإعلامية التي كانت مملوكة لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة الذي كان ملقبا بإمبراطور الإعلام، وصاحب شركة «إعلام المصريين»، والتي تشمل صحفًا ومواقع اليوم السابع وصوت الأمة وعين ودوت مصر وانفراد، ومجموعة قنوات on tv، والتي تضم قنوات "أون لايف" و"أون بلاس"، و"أون دراما"، و"أون سبورت"، في أكبر صفقة في تاريخ الإعلام المصري، والتي بلغت أكثر من 6 مليارات جنيه مصري، حسبما هو متداول في وسائل الإعلام.

وكذلك اندماج مجموعة قنوات «سي بي سي» مع مجموعة قنوات «النهار»، وقيام شركة فالكون للأمن المملوكة للواء شريف خالد رئيس قطاع الأمن السابق في اتحاد الإذاعة والتليفزيون، والضابط السابق في جهاز المخابرات، بشراء شبكة قنوات الحياة المملوكة لرجل الأعمال ورئيس حزب الوفد الدكتور السيد البدوي، وقيام العميد محمد سمير، المتحدث العسكري السابق، بقيادة قنوات العاصمة.

المحور الثاني: ويتمثل في إنشاء قناة إخبارية مصرية عالمية لمواجهة قناة الجزيرة القطرية والقنوات المعادية لمصر، وتوصيل صوت مصر للخارج، بعدما فشل الإعلام الحالي في ذلك، وهذا ما كشف عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويقول خبراء الإعلام إن إعلان السيسي عن إطلاق هذه القناة هو بمثابة شهادة وفاة للإعلام المصري الحالي، وتأكيد على فشله في تسويق سياسات النظام في الداخل والخارج.

المحور الثالث: يتمثل في تغيير السياسة التحريرية لوسائل الإعلام من أجل رفع شعبية السيسي، واستعادة ثقة الجماهير في الدولة والنظام، وجذب الجماهير المصرية مرة أخرى للإعلام المصري بعد أن أصبح لا يشاهد إلا القنوات الخارجية لاسيما القنوات المعادية للنظام والدولة، كما تهدف إلى تسويق إنجازات الرئيس السيسي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها أوائل العام القادم.

المحور الرابع: ويتمثل في البحث عن وجوه إعلامية جديدة لتكون بديلا عن الوجوه القديمة التي تم حرقها شعبيا الفترة الماضية، وعلى رأسها أحمد موسى ووائل الإبراشي ولميس الحديدي وعمرو أديب ومصطفى بكري وغيرهم، كذلك السماح بعودة الرموز الإعلامية التي تم استبعادها الفترة الماضية وعلى رأسها محمود سعد وإبراهيم عيسى وعمرو الليثي، ولكن بشكل جديد وبما يتلاءم مع المرحلة المقبلة.

المحور الخامس: يتمثل في إعادة هيكلة وسائل الإعلام الرسمية بسبب خسائرها المادية المتزايدة والمستمرة، وفشلها في تسويق وجهة نظر الدولة في المحافل الدولية والإقليمية وحتى في الداخل المصري.

ويقول الدكتور سامي الشريف، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق، وأستاذ الإعلام الدولي بجامعة القاهرة، إن الإعلام المصري يشهد حالة من الفوضى منذ فترة، ويشهد دخول أشخاص لا علاقة لهم بالإعلام، ويشهد إهمالا متعمدا من الدولة للإعلام الرسمي لحساب إعلام رجال الأعمال، هذا المشهد لم يكن في حاجة إلى المزيد من الإرباك، وبالتالي هذه التغيرات والاندماجات التي حدثت في الآونة الأخيرة وانتقال ملكية بعض القنوات ذات التأثير القوي في الشارع المصري من أحد رجال الأعمال إلى شخصية لا علاقة لها بالإعلام أيضا، وسط شائعات غير مؤكدة تتحدث عن ملكية الدولة لهذه القنوات، ما يزيد المشهد الإعلامي في مصر إرباكا.

ويأمل الدكتور سامي الشريف أن تعود هذه التغيرات والاندماجات بالنفع على المشاهد أو القارئ المصري وتحقق له إعلاما يحقق مصالح الأمة ويراعي الحالة التي تعيشها مصر من خوض حروب حقيقية في الداخل والخارج.

وأضاف «الشريف»، أن مصر في حاجة إلى إعلام يخاطب الخارج، لأن الإعلام المصري يخاطب نفسه، ويتحدث بلغة محلية بحتة، وبمعايير  إقناعية محلية، لكنه لا يتحدث بلغة يفهمها الغرب، وبالتالي مصر في حاجة إلى قناة إخبارية قوية تخاطب الآخر أينما كان وتتحدث باسم مصر وتعرض الحقائق، لكن ليس من خلال قناة جديدة، ولكن من خلال تطوير «ماسبيرو» الذي يضم أكثر من 24 قناة، على رأسها قناة النيل للأخبار، وقطاع مهم جدا ولديه إمكانيات كبيرة.

وأعرب «الشريف» عن دهشته من عزم الدولة إطلاق قناة إخبارية جديدة وهي تمتلك كل هذه القنوات، مؤكدا أنه مع تطوير قناة النيل للأخبار وتطوير قطاع الأخبار، وضد إنشاء قناة من الصفر، لاسيما أن مصر ليست دولة حديثة في الإعلام، بل هي دولة عتيدة، فمصر لديها إعلام قوي ولديها كوادر إعلامية متميزة يمكن الاستفادة منها في تطوير أدائها وعمل قناة تخاطب العالم وتخاطب الآخر باللغة التي يفهمها.

ولفت الرئيس السابق لاتحاد الإذاعة والتليفزيون إلى أن تطوير الإعلام الرسمي للدول لا يكون بتطبيق آليات تطوير الإعلام الخاص، مشيرا إلى أن الإعلام الخاص يهدف إلى تحقيق الربح، أما الإعلام الرسمي فله معايير أخرى للنجاح، فهو يستثمر أمواله في الفكر والتثقيف والتعليم، وهي أهداف لا يسعى إليها الإعلام الخاص، وبالتالي تطوير الإعلام الرسمي بنفس معايير الإعلام الخاص محاولة فاشلة ولا يمكن أن ترى النور.

وشدد «الشريف»، على أن تجربة سيطرة الدولة على وسائل الإعلام كانت مضرة، مشيرا إلى أن جعل الإعلام كله يتحدث بنفس الصيغة ويقول نفس الكلام ويكون له نفس التوجهات كما كان يحدث في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي فهذا شيء عفا عليه الزمن، لأن ذبائن الإعلام التقليدي أصبحوا قلة، فالعالم الآن يتحدث عن الإعلام الجديد، الإعلام الذي يتابعه الشباب وقطاع كبير من الجمهور وهو «إعلام الموبايل»، وبالتالي تنميط الإعلام بقول واحد وفكر واحد أصبح تجربة فاشلة بكل تأكيد.

وأوضح أستاذ الإعلام، أن مواجهة الفكر لا تكون إلا بالفكر ومواجهة الشائعات لا تكون إلا بنشر الحقائق ومواجهة ما نراه ضدنا لا يكون إلا بنشر ما نراه معنا، مؤكدًا أن منح المزيد من حرية التعبير وحرية الإعلام فيما لا يمس الأمن القومي للوطن، وترك الناس يعبرون عن آرائهم بحرية وكما يريدون، ووجود بعض وسائل الإعلام المعارضة من بين عشرات القنوات التي تهتف للدولة، يثري التجربة الديمقراطية ويصب في النهاية في مصلحة النظام وليس ضده، لافتا إلى أن المشهد الإعلامي في مصر مرتبك ويزداد ارتباكا كل يوم.

ويقول الدكتور حسن على، أستاذ الإعلام، إن ما يحدث الآن من تغيرات واندماجات وصفقات ونقل ملكية في الإعلام المصري وإنشاء قنوات جديدة يدخل في إطار تهيئة المسرح الإعلامي للانتخابات الرئاسية القادمة، وإعادة هندسة المشهد الإعلامي للمزيد من سيطرة الدولة عليه، وترسيخ قاعدة الصوت الواحد التي يسعى إليها النظام المصري، متوقعا أن تشهد الفترة القادمة المزيد من التغييرات في الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية، وفي شكل الملكية والمحتوى بهدف المزيد من القبضة الأمنية على وسائل الإعلام،

وأضاف «على» أن الهدف الرئيسي من عزم الدولة إنشاء قناة إخبارية جديدة هي «عقدة» قناة الجزيرة التي لم تستطع مصر والدول العربية إغلاقها الفترة الماضية، مشيرًا إلى أنه طالب قبل ذلك بإنشاء قناة جديدة تنافس قناة الجزيرة القطرية بدلا من المطالبة بإغلاقها.

وأوضح «على» أن الإعلام صناعة مثل أي صناعة لها مقومات، مشيرا إلى أن الإعلام المصري يعمل بـ«الفهلوة والفكاكة»، وبالتالي عمل إعلام محترم يستطيع المنافسة وجذب الجماهير يتطلب توفير عدد من المقومات منها، وجود خبرات محترفة.

ولفت «على» إلى أن وجود أسامة الشيخ على رأس الإدارة الجديدة لمجموعة «إيجل» التي قامت بعقد الصفقة الأخيرة، يمكن من عمل قناة إخبارية قوية ومنافسة نظرا لما يمتلكة أسامة الشيخ من خبرات ومع توافر الإمكانيات المادية.

وأضاف خبير الإعلام، أن أول مقومات صناعة الأخبار هي الحرية وتوافر المعلومات، لأن روح أي إعلام في العالم هى المعلومة والحرية، مطالبا الدولة بسرعة إصدار قانون تداول المعلومات الذي لم يصدر حتى الآن، مشيرا إلى أن مشكلة الإعلام المصري ليس في الإمكانيات المادية ولكن في عدم وجود منظومة متكاملة لصناعة الأخبار، هذه المنظومة تشمل حرية الإعلام وحرية تداول المعلومات وإدارة مهنية محترفة تكون حريصة على مصلحة البلد ولا تحتاج إلى رقيب يعرفها ذلك، مؤكدًا أن القبضة الأمنية لا تصنع إعلاما قويا ومنافسا، والدليل أن ما نراه الآن من خراب في الإعلام هو القبضة الأمنية الشديدة.

وأكد «على»، أن الوصايا الأمنية على الإعلام في مصر أدت إلى بهدلة الإعلام وعطلت تطويره، مشيرا إلى أن لجوء المصريين إلى الإعلام الخارجي ووسائل التواصل الإجتماعي شيء طبيعي بسبب ضعف الثقة في الإعلام المصري.

ويقول الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، ورئيس لجنة تقييم الأداء الإعلامي السابق، إن التغيير في نمط الملكية سيكون له تأثير من حيث الشكل على بعض القنوات والصحف والمواقع وفقا لرؤية الإدارة الجديدة، مشيرا إلى أن المقومات الأساسية لنجاح أي وسيلة إعلام وقدرتها على المنافسة تتمثل في وجود نظام سياسي يؤمن بالإعلام المهني بكل ضغوطه ومحتواه وبكل أشكاله التعددية، وإنفاق بلا حدود على مواقع ومكاتب ومراسلين، وسياسة إعلامية مرنة، مؤكدا أن القناة الجديدة التي أعلن عنها الرئيس تحتاج إلى عوامل أخرى قد لا تكون متاحة الآن، لافتا إلى أن الإعلام المصري في حاجة إلى إعادة تجربة 2012، عندما كانت هناك لجنة لتقييم الأداء الإعلامي، وهذا من الصعب أن يتكرر.