رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

134 يوماً من الفَخَار

حمدي رزق- أرشيفية
حمدي رزق- أرشيفية



كتبت سابقاً، كم تحنُّ نفوسنا إلى فيلم سينمائى يصل بين أرواحنا الضائعة وأرواح الشهداء التائهة فى زمن الضياع، وقصدت فيلماً ملحمياً عن أبطال العبور العظيم، واغتبطت كثيراً بأخبار نُشرت أخيراً بأن تحضيرات فيلم «134 يوم» دخلت المراحل الجدية لإنجاز مشروع سينمائى وطنى عسكرى بامتياز، تأليف السيناريست الكبير وحيد حامد.

حسناً، ليتها تصدُق هذه المرة، ضاع وقت لا نمتلكه بين أيدينا، ضاع الكثير من السنوات مضت على العبور العظيم 44 عاماً ونحن ننتظر فيلماً يعبِّر عن روح الانتصار العظيم، شهور الشتاء تهبُّ باردة على المنهكين الصابرين، وشهور الصيف مضت لافحة سلخت وجوهنا بلهيب من الإفك والكذب والاجتراء والافتراء على الجيش العظيم، وتشتاق النفوس إلى ما يرطِّب أيامنا بنسمات الفَخَار، وتتملَّل الروح تودُّ لو تعود، وكما عادت من رحم الهزيمة تعود من رحم الفوضى، وتثبت حضوراً بعد غياب طال كدهر.

لماذا تأخرت البطولة عنا؟، لماذا تغيب الملحمة عن الشاشة؟، لماذا نقصِّر فى حق أنفسنا إن قصَّرنا فى حق هؤلاء الأبطال، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر؟، أعلم أن البطل العظيم «سيد حرب» ينتظر أن يرى «حفيده» بطولة «جده» يوم كان يعبر القناة يحمل الماء والطعام إلى الجنود المحاصَرين تحت قصف العدو، ولم يخش ولم يخف، ولا خاف ولا هان ولا لانت عريكته.

وليس سراً أن الرئيس السيسى أوصى سينمائيين محترمين ومؤتمنين على كتابة بطولات الجندى المصرى العظيم، وتحدث إليهم مطولاً، وعبَّر عن شوقه وأشواق المصريين إلى فيلم يجسِّد المعجزة، ويعيد الروح، ويستلهم البطولة، ويعيد الاعتبار، ويزيل الغبار، ويقشع الظلام الذى فيه يَعْمَهُ المرجفون.

فيلم يؤنسن البطولة المصرية، ويلمس جوانب عظمتها الإنسانية، وأوصى القوات المسلحة ووزيرها المؤتمن الفريق أول صدقى صبحى على تقديم كل المعونة الخالصة للإنتاج ليس فيلماً بل ستة أفلام مهما بلغت كلفتها، تمناها هدية متواضعة لأبناء وأحفاد الأبطال الذين حوَّلوا ليل الوطن إلى نهار، وجانا نهار.

ومعلوماتى البسيطة أن كتيبة من المضروبين بحب تراب هذا الوطن توفروا كُلٌّ على حدة على بطولاتٍ ستٍّ، بل قل: معجزات ستّ، تولى كل منهم معجزته، وكانت باكورة هذا العمل الوطنى المعتبر الذى دخل مرحلة التحضير كما تقول الأخبار المنثورة «ملحمة كبريت.. ما تيسر من سيرة البطل إبراهيم عبدالتواب ورفاقه العظام» بعنوان «134 يوم».

لن أذهب إلى التفاصيل، كما يقولون لن أحرق الفيلم، وأتوق أن أرى العرض الأول لهذا الفيلم فى 13 يناير فى ذكرى استشهاد البطل العظيم «إبراهيم عبدالتواب» الذى كتب بشارة النصر بدمه فى 13 يناير 1974، وفاضت روحه إلى بارئها راضية مرضية.

وعشمى أن يرى أكتوبر المقبل نفحة سينمائية طيبة ترد الروح، أخشى أن أعواماً تمر وأجيالاً لا تعرف أنه كان هناك بطل مصرى من ضهر مصرى، أسد غشيته الهزيمة فلم ينسحق، وعاش الموت بقلب شجاع، وذاق حلاوة النصر قبل الشهادة، وإذ جاءته الشهادة أوصى جنوده بالأرض.

سينما الحرب ليست رفاهية، ولا ترفاً، والبطولات الست التى انتهت إليها الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة ليست من قبيل تزجية الفراغ بل هى من لحم ودم وروح وإبداع، وإذا لم نتوفر على إنتاج هذه الأفلام نخطئ كثيراً، أخشى أن زمن البطولات يفلت من بين أيدينا كأشعة شمس يعميها الظلام.

نقلًا عن "المصري اليوم"