رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أزمة جديدة تهدد بإثارة الفتنة بين الطوائف المسيحية في مصر

تواضروس - أرشيفية
تواضروس - أرشيفية


يبدو أن الأيام المقبلة، ستشهد أزمة جديدة بين الطوائف المسيحية، وخاصة بين الأرثوذكس والكاثوليك، بعد إعلان قيادات بـ«المجمع المقدس»، أن الأساقفة في اجتماعهم الأخير، رفضوا الاعتراف بمعمودية الكنيسة الكاثوليكية.


وكان من أبرز الرافضين من الأساقفة لمبدأ «توحيد المعمودية»، الأنبا أغاثون، أسقف مغاغة والعدوة، والأنبا مايكل، أسقف فيرجينيا الأمريكية، والأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ، والأنبا مكاريوس، أسقف المنيا وأبو قرقاص.


وقال الأنبا مكاريوس، فى مقطع فيديو نشره عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، إن أعضاء المجمع المُقدس من أساقفة ومطارنة أعلنوا رفضهم قبول معمودية الكنيسة الكاثوليكية، فى الجلسة الأحدث للمجمع بدير الأنبا بيشوي، موضحا أن هذا الرفض لم يأت من فراغ ولكن يعود لعدة أسباب، وعلى رأسها التمسك بـ«تعاليم الإنجيل».


وأشار إلى أن الكاهن الكاثوليكي الذي يجرى المعمودية غير معترف بكهنوته من الكنيسة الأرثوذكسية، ولا بالأسرار المقدسة التى يقوم بها، وذلك ليس تشكيكا فى الأسرار المقدسة وإنما لعدم الاعتراف بمن قام بها، مضيفًا أن الأرثوذكس موجودون من القرن الميلادي الأول، وإن الكاثوليك جاءوا مع الحملة الفرنسية وعددهم لا يتجاوز ١٦٠ ألفا، و«البروتستانت» جاءوا مع الاحتلال الإنجليزى، متسائلًا: «منعرفش جايين يعملوا إيه».


وأكد أن عدد البروتستانت فى مصر لا يتجاوز ٥٠٠ ألف فيما يتراوح عدد الأرثوذكس بين ١٧ و٢١ مليونا على الأقل، وعدد الكنائس فى كل الجمهورية يبلغ نحو ٣٦٠٠ كنيسة منها ١٠٠٠ كنيسة للبروتستانت.


أزمة الاعتراف المتبادل بالمعمودية بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية لم تكن وليدة اللحظة، وظهرت بقوة على الساحة بعد أن وقع البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، اتفاقية مع البابا فرانسيس الثانى، بابا الفاتيكان، إبان زيارته لمصر، تقضى بالسعى لقبول المعمودية والتوحد بين الكنيستين، الأمر الذي رُفض من قبل بعض القساوسة داخل المجمع المقدس.


والمعمودية فى المسيحية هي أحد أسرار الكنيسة السبعة تيمنًا بتعميد المسيح شابًا على يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن وهي الطقس الذي يدخل بموجبه الطفل للعقيدة المسيحية ويسمى التناصير، ويرفض الأرثوذكس القبول بمعمودية الطوائف الأخرى ومن ثم الزواج منهم إلا بعد تغيير الملة حيث ترى أن المعمودية: سر يحصل به المعمد على نعمة الميلاد الجديد، وهو باب كل الأسرار، ويتم بالتغطيس للصغار والكبار، ومادة السر الماء.


فيما يقول الكاثوليك إنه يجوز العماد بالرش أو السكب، بينما يرى البروتستانت أنه ليس سرًا مقدسًا بل علامة يجوز ممارستها بالرش أو التغطيس، المعمودية التي يعترفون بها هي معمودية الروح القدس بدون ماء.


من جانبه أكد القس بولس حليم، المتحدث الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أنه في الاجتماع الأخير لأساقفة المجمع المقدس الذى عقد فى نوفمبر قدمت أوراق بحثية بشأن توحيد المعمودية بين الكنيستين، موضحا أنه تم مناقشة هذه الأبحاث وتم إرجاء البت فيها لإجراء مزيد من الدراسة.


وأضاف «حليم» فى تصريح خاص لـ«النبأ»، أن وثيقة توحيد المعمودية الموقعة بين بابا الكنيسة المصرية وبابا روما في إبريل الماضي، لا تزال حتى الآن مجرد بيان، مشيرا إلى أنه جارٍ إعداد دراسات حول المعمودية بشكل عام من قبل أساقفة المجمع المقدس ويتم مناقشتها حاليا.


ويقول الكاتب السياسى والحقوقى جرجس بشرى، إن تصريحات الأنبا مكاريوس بشأن عدم الاعتراف بمعمودية الكاثوليك، تستند إلى حقائق إيمانية وتاريخية وليست رأيا شخصيا يُلام عليه، مؤكدا أن هناك ثوابت إيمانية مشتركة بين الطوائف المسيحية الثلاث مثل التجسد والفداء والصلب والقيامة والميلاد تتفق عليها جميع الطوائف المسيحية ويجب أن تكون مجالا للتقارب والوحدة العضوية بين الكنائس المصرية على مختلف طوائفها.


وأضاف بشرى في تصريح خاص لــ"النبأ"، أنه لا مجاملات في الإيمان والعقيدة، فلا يجب أيضا تحت ستار الدعوة لوحدة الكنائس أن نفرض على البروتستانت الاعتراف بالكهنوت وشفاعة السيدة العذراء، وأيضا لا يجب أيضا أن نجبر الكنيسة الكاثوليكية على رفض "عصمة بابا روما" أو "المطهر" أو "الخلاص في لحظة".


وأكد بشرى أن مثل هذه التصريحات لا يمكن أن تؤثر على وحدة الطوائف المسيحية لأن الشرط الرئيسي في التوحد هو قبول الاختلاف واحترامه مع التفاعل والتعاون في المشتركات وهي كثيرة جدا، مضيفا أنه أول من طالب في مصر بتأسيس مجلس محلي للكنائس عام 2010 وكان هدفه تحقيق وحدة الطوائف مع احترام الأمور المُختلف عليها، والتعاون في المساحات الكبيرة في الاتفاق التي يمكن أن تخدم المسيحيين ومصر كلها.


من جانبه قال مينا أسعد كامل، مدرس اللاهوت الدفاعي بأحد المعاهد القبطية الأرثوذكسية، إن رفض أساقفة المجمع المقدس لتوحيد سر المعمودية صحيح 100%، موضحا أن هذا لا يعد عودة إلى  نقطة الصفر من جديد فى مسألة الوحدة بين الطوائف.


وأشار "أسعد"، إلى أن الحوارات اللاهوتية مستمرة بخصوص هذا الشأن، موضحا أنه لا يوجد أزمة حقيقية بشأن توحيد المعمودية، لافتا إلى أن المجمع المقدس أعلن أنه لا قبول معمودية دون حوار لاهوتي، منوها إلى أن هذا ما نادى به منذ الوثيقة التى وقع عليها البابا تواضروس مع بابا الفاتيكان.


وبشأن تصريحات الأنبا مكاريوس أكد "أسعد"، أن  أسقف المنيا نقل رأي المجمع المقدس، واصفا القرار بـ«الأصوب»، مشيرا إلى أن الحديث عن وحدة معمودية مع الكاثوليك «زائفة».


وأكد مينا أسعد، أن السبيل الوحيد للوحدة مع الكاثوليك هو الحوار، لافتا إلى أنه يوجد تعايش بينهم، وغير ذلك لن يكون هناك وحدة فى هذا الأمر.