رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

11 مليون جنيه خسائر «السويس لتصنيع البترول» قيمة صفقة «طلمبات مضروبة» من «شيرتك للمقاولات»

النبأ


حصلت «النبأ» على مستندات هامة، تكشف خطابات الضمان البنكية «المزورة» بين شركتي شيرتك للمقاولات، والسويس لتصنيع البترول، وتورط الشئون القانونية، والإدارة العامة للمهمات، والإدارة العامة للشئون الهندسية، و«العامة للشئون المالية»، بإبداء رأي قانوني مخالف للائحة المشتريات الخاصة بـ«الهيئة العامة للبترول» ما يكبد الشركة خسائر مالية فادحة.


وترجع أحداث الواقعة إلى عامي ٢٠١٣/٢٠١٤، عند احتياج شركة السويس للبترول إلى 4 «طلمبات» بمحرك ديزل ٦ بوصة، و٨ بوصة، وتم بالفعل عمل مناقصة محدودة تحت رقم  (٢٤ ح ٢٠١٣ ٢٠١٤)، وتمت ترسية العطاء على «شركة شيرتك» بقيمة إجمالية قدرها (٢٥٨٠٦٠٠) جنيه، بمدة توريد قدرها من ٤ إلى ٦ أشهر من استلام أمر التوريد والدفعة المقدمة على أن تنتهى مدة التوريد فى ٢٠١٤/٢/٢٤، ولكن لم يتم تنفيذ أمر التوريد فى الميعاد المحدد، وتم توقيع غرامة تأخير على المورد كما تنص (فتوى رقم ٦٤٦ بتاريخ ٢٠٠٣/٩/١٠ ملف ٣٩٦١٥٤) وطلب المورد بعد ذلك مهلة إضافية لـ«التوريد»، وتم إعطاؤه مدة إضافية.


كما تنص المادة (٦٨) من لائحة المشتريات والأعمال بالهيئة العامة للبترول، أن توقع عليه غرامة تأخير من بداية هذه المهلة ثم قام بعد ذلك المورد بتوريد الطلمبات بتاريخ ٢٠١٥/٣/٢٣، وتم تشكيل لجنة لفحصها وجاء تقرير اللجنة برفض «الطلمبات» الموردة؛ لعدم مطابقتها للمواصفات المطلوبة، وقامت شركة «شيرتك» بسحب «الطلمبات» غير المطابقة للمواصفات، وطلب المورد (شركة شيرتك) مرة أخرى مهلة جديدة لمدة من ٣ إلى ٤ أشهر، وتمت الموافقة مرة أخرى من شركة السويس للبترول على أن يتم توقيع غرامة تأخير تبدأ من تاريخ الاستحقاق الأصلي، وقام بالفعل المورد بتوريد «الطلمبات» بتاريخ ٢٠١٥/١١/٤، وتم تشكيل لجنة لفحص المهمات، وتبين بعد الفحص عدم مطابقة الطلمبات للمواصفات المطلوبة للمرة الثانية، وقامت اللجنة برفض الطلمبات، وبناءً على ذلك تقدم بعدها بشهر تقريبًا مدير عام الشئون الهندسية بمذكرة لرئيس مجلس الإدارة، يسرد فيها الوقائع سابقة الذكر.


وقام مدير عام المهمات فى واقعة غريبة تثير العديد من التساؤلات، برفع مذكرة لرئيس مجلس إدارة شركة السويس للبترول، يطلب مهلة أخرى  «ثالثة» لشركة شيرتك لتوريد هذه الطلمبات، وقام رئيس مجلس الإدارة بإحالة الواقعة بأكملها إلى الشئون القانونية لإبداء رأى قانونى، وبالفعل قامت الشئون القانونية بالرد فى المذكرة رقم (٣٤) لسنة ٢٠١٥، بالتوصية بـ«فسخ» التعاقد مع شركة «شيرتك»، أو تنفيذ العقد على حسابها على أن يتم إخبارها بخطاب مسجل بعلم الوصول على عنوانها، ويصبح التأمين المؤقت أو النهائي من حق شركة السويس للبترول دون اللجوء إلى أى إجراءات قانونية، كما تنص المواد «٦٦ _ ٦٧» من لائحة المشتريات.


وبناءً على ذلك، تم صدور قرار مجلس الإدارة رقم (٥٩٠) لسنة ٢٠١٥، بجلسته الثالثة المنعقدة بتاريخ ٢٠١٥/١٢/٢٩، بضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد شركة «شيرتك» للمقاولات؛ نظرا لتقاعسها فى تنفيذ أمر التوريد رقم (٢٤١ح ٢٠١٤٢٠١٣)، وإعطائها مهلة قدرها أسبوعًا من تاريخ التوريد بخطاب ضمان موصى عليه بعلم الوصول، وإلا سيتم الآتي:


أولا: فسخ التعاقد مع شركة «شيرتك».


ثانيا: مصادرة التأمين النهائي فى العملية.


ثالثا: التنفيذ على حساب شركة «شيرتك».


رابعا: تحميل شركة «شيرتك» بأى تعويضات أو غرامات تأخير.


خامسا: إيقاف مستحقات شركة شيرتك لحين تسوية الأمر.


سادسا: عرض أمر شطب شركة شيرتك من سجل الموردين، وعدم التعامل معها، وإخطار الهيئة العامة للبترول بذلك.


ولكن تتوالى المفاجآت، وتتقاعس «شركة شيرتك» عن توريد «الطلمبات» المتفق عليها خلال المهلة الزمنية المتفق عليها (أسبوع)، ولكن الغريب عدم تنفيذ التوصيات الصادرة بقرار مجلس الإدارة رقم (٥٩٠) لسنة ٢٠١٥ من المسئولين بشركة السويس للبترول؛ بل والعجيب قيام مدير عام إدارة المهمات بإرسال فاكس لـ«شركة شيرتك» يطالبه بسحب «الطلمبات» غير المطابقة، وتوريد غيرها للمرة الثالثة على التوالى، وترد شركة شيرتك بفاكس يؤكد سحب «الطلمبات» وتوريد أخرى خلال 4 أشهر، ثم يأتي خطاب آخر من شركة شيرتك بتعديل فترة التوريد إلى ٤: ٦ شهور وليس هذا فقط بل سوف يتم تغيير أيضا المصنع والمنشأ الخاص بالطلمبات ليصبح المنشأ «إنجليزى» بدلًا من «أمريكي»، وأيضا تعهد المورد بضمان الطلمبات لمدة خمس سنوات ضد عيوب الصناعة، وضمان توريد جميع قطع الغيار طوال فترة الضمان على أن يتم الاحتفاظ بالتأمين النهائى لمدة ١٢ شهرًا من التشغيل، أو ١٨ شهرًا من الاستلام، وبالفعل وافقت الإدارة العامة للشئون الهندسية على العرض، وقام أيضًا مدير عام المهمات برفع تقرير إلى مجلس إدارة الشركة للموافقة على توريد شركه شيرتك للطلمبات فى مدة تتراوح من ٤ الى ٦ شهور وتغيير المنشأ بنفس القيمة المالية مع توقيع غرامة تأخير من تاريخ استحقاق التوريد الأصلي بنسبة (٥٪) من إجمالى أمر التوريد، وكذلك توقيع نسبة مخالفة مواصفات وغرامة مخالفة قدرها (٧،٥٪)، على المورد.


والمثير للدهشة هو مطالبة مدير عام المهمات بصرف مستحقات المورد طرف الشركة، والتى تتمثل فى أوامر توريد بمبلغ ٨٥٥٣٦٤ جنيها، وأيضًا صرف دفعات مقدمة ٢٥٪ لأوامر التوريد التى قدم فيها المورد خطابات ضمان دفعة ونهائية، ضاربا بالقوانين واللوائح عرض الحائط.


والطريف أيضًا أنه أثناء تلك الأحداث، ارتكبت «شركة شيرتك» مخالفة أخرى، وتم صدور قرار مجلس الإدارة رقم (٦٧) لسنة ٢٠١٦ بتاريخ ٢٠١٦/٣/١ بتحميل هذه الشركة الموردة جميع المستحقات من إعادة التصنيع والوصلات التي تم تنفيذها بعملية تصنيع وتركيب عدد (٢) خط قطر (١٤) ٩٪ كروم  (12d1_d2) بمجمع التفحيم على النحو التالى:


١- خصم مبلغ خمسمائة ألف جنيه من مستحقات شركة شيرتك لإعادة تصنيع وتركيب الوصلات المعيبة الموردة بأمر التوريد (٦٥١ح ٢٠١٣٢٠١٢).


٢- تحميل شركة شيرتك قيمة الوصلات التى تم توريدها فى حالة عدم توريد أخرى مطابقة مع توقيع كافة غرامات التأخير والتعويضات إن وجدت.


ورغم كل ذلك تقدم مدير عام المهمات بمذكرة أخرى إلى رئيس مجلس الإدارة يطلب فيها تعديل القرار رقم (٥٩٠) لسنة ٢٠١٥ بخصوص حظر التعامل مع شركة شيرتك، وكذلك يطلب بإحالة الموضوع للشئون القانونية للدراسة مع الإحاطة بأنه تم إرسال أصل الضمانات «خطابات الضمان البنكية» للإدارة العامة للشئون المالية للمراجعة.


ثم فى إصرار شديد، أرسل مدير عام المهمات مذكرة ثالثة إلى رئيس مجلس الإدارة، يفيد بأن «شركة شيرتك» تقدمت بطلب تقديم خطاب ضمان قدره (مليون وخمسمائه جنيه) كتغطية لغرامة الأسعار والخسائر والتعويضات فى حالة عدم التوريد، إضافة لخطاب الضمان النهائى وكذلك خطاب الضمان المقدم سابقا بقيمة (مليون جنيه)، وأنه تم عرض الأمر على الشئون الهندسية، ووافقت على العرض.


وطالب فى النهاية، بعرض الأمر على الشئون القانونية؛ لإبداء الرأي بشأن قبول خطابات الضمان المقدمة من شركة شيرتك بقيمة مليوني وخمسمائة ألف جنيه، كتغطية لفروق الأسعار والخسائر والتعويضات فى حالة عدم التوريد بالإضافة إلى خطاب الضمان النهائى، وكذلك بشأن إبداء الرأي فى المذكرة الأولى المقدمة منه سابقا.


وبالفعل تمت إحالة الموضوع بأكمله من رئيس مجلس الإدارة إلى الشئون القانونية؛ لإبداء الرأى القانونى وتم بالفعل إرسال المذكرة رقم (٣) ٢٠١٦ من الشئون القانونية تفيد أن صالح الشركة هو الأساس، وأن العرض المقدم من «شركة شيرتك» يمثل تقديم ضمان ١٠٠٪ من قيمة أمر التوريد وهو الحد الأقصى فى حالة الإخلال بالالتزامات التعاقدية، بجانب ما أقرته الإدارة العامة للشئون الهندسية لذلك نوصي بعرض الأمر على مجلس الإدارة لقبول الضمانات المقدمة من «شركة شيرتك» وذلك حتى انتهاء مدة ستة أشهر من تاريخ إخطار المورد بالموافقة مع خصم كل ما تستحقه الشركة من مستحقات على المورد عن كل عملية على حدة مع صرف أى مستحقات أخرى خلاف أمر التوريد محل البحث.


وهذا الرأى الذى انتهت إليه الشئون القانونية يخالف الرأى السابق الذى صدر أيضا من الشئون القانونية فى نفس الموضوع، والصادر به قرار مجلس الإدارة رقم (٥٩٠) لسنة ٢٠١٥ بوقف جميع مستحقات شركة شيرتك والتوصية بشطبها فى تناقض غريب يثير الشك والريبة والدهشة فى نفس الوقت.


وبالفعل بعد ذلك تم صدور قرار (تفصيل على المزاج لشركة شيرتك) حيث صدر القرار رقم (٢٥٧) لسنة ٢٠١٦ بتاريخ ٢٠١٦/٦/٢٩ بالموافقة على قبول الضمانات المقدمة من شركة شيرتك التى تمثل ١٠٠٪ من قيمة أمر التوريد لضمان تنفيذ قرار مجلس الإدارة رقم (٥٩٠) لسنة ٢٠١٥، بحد أقصى ستة أشهر من تاريخ موافقة المجلس، وإخطار المورد مع خصم كل ما تستحقه شركة السويس من مستحقات على المورد لكل عملية على حدة مع صرف أية مستحقات أخرى للمورد عن أى أوامر توريد أخرى، خلاف أمر التوريد محل القرار طبقا لظروف ملابسات كل عملية على حدة.


وهذا القرار سهل لشركة شيرتك جمع معظم الأموال الخاصة بتعاملاتها داخل شركة السويس؛ لأنه ضرب بلائحة المشتريات والقوانين عرض الحائط.


وكانت الفاجعة الكبرى عندما ذهب المسئول من الإدارة العامة للشئون المالية بتعزيز خطاب الضمان المقدر بقيمة مليوني وخمسمائة ألف جنيه بالبنك، والمقدم من شركة شيرتك والتي تم منحها مهلة أخرى للتوريد، وتفصيل قرار من مجلس الإدارة لها على المزاج؛ بسبب تقدمها بهذا الخطاب، حيث تبين أن خطاب الضمان مزور «مضروب على الكمبيوتر»، وتم بعد ذلك الكشف على باقى خطابات الضمان المقدمة من «شركة شيرتك» بهذا الشأن، وتبين أيضا وجود 4 خطابات ضمان أخرى مزورة ما كبد شركة السويس أموالا طائلة وخسائر فادحة تقدر بحوالى ١١ مليون جنيه تقريبا قيمة تعاملات الشركة مع المورد، وتم بالفعل توجيه الجهاز المركزى للمحاسبات لهذه المخالفة التي أدرجها المسئولون فى تقريرهم والتوصية بإحالة الواقعة لنيابة الأموال العامة، والمضحك فى النهاية أن «الطلمبات» المطلوب استلامها من المورد بعد انتهاء مدة المهلة الأخيرة لم يتم توريدها، حتى الآن، رغم انقضاء حوالى 9 أشهر بعد المهلة.