رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سوق الفتوى جَبَر

حمدي رزق- أرشيفية
حمدي رزق- أرشيفية


استضفت فى برنامج فضائى الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وهو خارج قوائم الأزهر والأوقاف المعتمدة من المجلس الأعلى للإعلام، ولم يعترض الإمام الأكبر، ولا وزير الأوقاف، ولا الأستاذ مكرم محمد أحمد، بصفته رئيساً للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.

ليس شرطاً أن تظهر فى فضائية أو صحيفة أن تفتى، وقصر الفتوى على المبشرين بالفتيا فى القوائم لا ينقص من قدر العلماء (مع تحفظ الدكتور الهلالى على الوصف فكل مختص فى مجاله عالم، والعالم كوصف ليس حكراً على طائفة من المشايخ).

و«الهلالى» عالم تواضع لله فرفعه، ولم يبد رفضاً لتسمية حتى تلاميذ تلاميذه فى القوائم التى هو خارجها، لأنه لا يمتهن الفتيا، يملك علماً ويبلغه للناس كأمانة.

الفتوى مش أكل عيش، وليست مهنة مشاعاً، سداحاً مداحاً، ولا يعيب العالم أن يقول لا أعلم، ومعلوم دينياً لا يجوز للمسلم أن يقول فى دين الله ما لا علم له به، فقد قال الله عز وجل: «وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ» {النحل:116}، وقال صلى الله عليه وسلم: «ومن كذب علىّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»، وقال على، رضى الله عنه: «ولا يستحى من يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم»، وقال مالك: «من فقه العالم أن يقول لا أعلم».. ومثلها شائع من قول الحكماء «من قال لا أدرى فقد أفتى».

ومَن أفتى فعليه أن ينسب فتواه إلى مرجعيته الفتوية، لأن استباحة فتاوى العلماء نوع من السرقة العلمية، كما أن إغماض بعض الآراء الفقهية وتسييد آراء مذهبية بعينها يخرج العالم من منطقة الصدق فيصدقه الناس وهو يخون الأمانة العلمية متلبساً بتضليل العوام.

القوائم التى لا أحبذها تماماً خشية تسييد مذهب أو رأى فقهى على كثير غيره، فيها منفعة مرتجاة، نفر منهم ضيع الأمانة، وقول المصطفى، صلى الله عليه وسلم، عظيم الدلالة: «إذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتُها يا رسول الله؟ قال: إذا أُسندَ الأمْرُ إلى غير أهله.. »، كيف يسند الأمر إلى غير أهله، فيفتى هذا بنكاح الميتة، وتفتى هذه بنكاح البهيمة ويسيئون إلى رقى وسمو الإسلام.

ما يثار حول القوائم حق يراد به عند البعض باطل، الباطل هو ما يأتيه المتبضعون بالفتوى على الفضائيات، وهؤلاء جاءت القوائم لتضرب أسواقهم وتضيّق عليهم، المرتزقون بالفُتيا هم المتضررون، أما العلماء المحترمون فيملكون من العلم الذى يجعلهم مطلوبين لعلمهم وليس لفُتيهم، سوق الفتوى جَبَر.

والحق أن القوائم جنّبت علماء مشهودا لهم بالكفاءة والفقه والتخصص، لأسباب لا ندريها، وضمت تلاميذ تلاميذهم، وفى هذا يستحب مراجعة الإمام الأكبر ووزير الأوقاف، لأن هدر الثروة الفقهية بقرار فوقى يستوجب أسباباً، قوة الأزهر فى قوته الناعمة التى تحمل رسالته الوسطية إلى العالم.

ما نخشاه خارج القوائم تماماً، الخطر فى سيل من الفتاوى التحتية والإلكترونية من كيانات وشخوص خارج قانون الدولة تماماً، أمامهم المجال واسعا دون مراجعات أو قوائم، وفى الأخير يقيناً المسلم هو من يحكم الفتوى ولا تحكمه الفتوى، ويستفتى قلبه وإن أفتاه ياسر برهامى، فإذا اشتط أحدهم أو انحرف أو انجرف فالمسلم هو من يرده على عقبيه، وحدث: مثال نكاح البهيمة اِزْدَرَاهُ، واحْتَقَرَهُ، واسْتَخَفَّ بِهِ العامة قبل العلماء.

نقلًا عن "المصري اليوم"