رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

جماعة كوبرى القبة..

حمدي رزق- أرشيفية
حمدي رزق- أرشيفية


مَن لا يعرف جنوب السودان، وخريطته القبلية المعقدة، ونذر الحرب الأهلية، التى توشك مخيفة لتقضى على الحرث والنسل، وتعيد الجنوب الفقير عقودا إلى الوراء، لا يقدر حجم الجهد المخابراتى المصرى، الذى أعلن عن ثمرته بتوحيد صفوف «الحركة الشعبية» فى جنوب السودان، وجمع الإخوة الأعداء على طاولة واحدة فى كوبرى القبة، ليتصدر هاشتاج «مصر تحتضن جنوب السودان» منصات «تويتر».


معلوم، قبلة الأب المؤسس لدولة جنوب السودان، زعيم الحركة الشعبية، الدكتور «جون قرنق»، كانت مصر، وعلى نهجه يسير سلفه، الرئيس الجنوبى سيلفا كير، الذى ورث تركة من الصراعات كان «قرنق» يُلجمها بزعامته التاريخية، وكان حتمياً أن تتدخل القاهرة لوقف الحرب، وجمع الأشقاء، وإصدار «وثيقة القاهرة»، التى ستكون المخابرات وسيطا أمينا فى تنفيذها، وتأتمنها الأطراف جميعا، ليذهب الجنوب نحو التنمية، التى تعثرت فى حروب أهلية لا طائل منها سوى فقر الجنوب، على غِنى موارده الطبيعية!.


نجاح مخابراتى مصرى لافت يثير الإعجاب، عقب نجاح مماثل فى جمع الأشقاء فى الأرض المحتلة على كلمة سواء، المخابرات المصرية تنطلق من أعماق الأمن القومى المصرى، الذى يمتد شمالا حتى «طرطوس» فى الشام، وجنوبا حتى «يامبيو»، عاصمة ولاية غرب الاستوائية، وعيونها مصوبة على بؤر النزاعات، التى تُخلف تهديدات تؤثر على الأمن القومى سلباً.


هل كان متخيلاً أن يجلس أمراء الحرب فى الجنوب متقابلين ليمهروا وثيقة القاهرة بأسماء قادتهم، هلا كان متخيلا أن يهتف الحمساوية: «تحيا مصر»، وأن يجلس «هنية» قبالة رئيس المخابرات المصرية يعطى الأمان للمصريين، ويقطع عهداً: «.. وأقول للشعب المصرى: أمنك أمننا ودمك دمنا..»؟!.


اللواء خالد فوزى، رئيس المخابرات العامة، ورجاله يعملون على مدار الساعة لتخفيف التوترات على الحدود المصرية، هنا على خطوط التماسّ مع غزة، أو هناك على الحدود البعيدة فى أعالى النيل، «فوزى» ورجاله ليسوا استثناء فى مدرسة المخابرات المصرية العتيدة.


«فوزى» رجل استخبارات من طراز وطنى رفيع، مفاوض متمرس وثقيل من ثقل دولة محورية ومركزية فى حجم وثقل مصر العظيمة، يتحرك بإرادة سياسية دينها وديدنها تأمين الحدود المصرية، فى ظل منطقة تغلى بالصراعات العرقية والمذهبية والإثنية والجهوية.


المخابرات المصرية تأتى عجباً من غزة إلى جوبا، انطلاقا من نصاعة الموقف المصرى تاريخيا مع الأشقاء شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وإصرارها على تجنيب المنطقة المنزلقات السياسية والتجاذبات الإقليمية والتقاطعات الدولية، وأن يقرر الأشقاء مصيرهم بمعونة مصرية صادقة، لا تفرض عليهم شيئا، ولا تدفع بهم إلى شاطئ لا يفضلونه، إذا لم تكن عوناً لهم، فأبداً لن تكون عليهم.


السيسى يحسن اختيار سفرائه، واللواء خالد فوزى سفير فوق العادة، واضح وحاسم ومذاكر الملفات جيداً، وقبل أن يصل إلى هدفه إلى جوبا، عاصمة الجنوب السودانى، يُعبِّد الطرق سالكة عبر لقاءات شاقّة مطولة، يجلس إلى كافة ألوان الطيف على قدم المساواة، وبورقة تفاوضية مصرية خالصة مخلصة، كلمة طيبة مثل شجرة طيبة.

كيف هذا؟


سيعمد المُرجِفون إلى التهوين من حجم الإنجاز المصرى فى الملفين الفلسطينى والجنوبى السودانى، وسيناهض مُتبضِّعو المواقف المسعى المصرى الشريف، وستسعى دويلات وأجهزة استخبارات إلى دق الأسافين، لتفخيخ الطريق إلى إنجاز مصرى فى جنوب السودان، كما حدث فى غزة.

نقلًا عن "المصري اليوم"