رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالأسماء.. انتشار أدوية وأنواع جديدة من المخدرات لا يجرمها القانون

شخص يدخن - أرشيفية
شخص يدخن - أرشيفية


تدق «النبأ» ناقوس الخطر عبر السطور التالية محذرة من ظهور بدائل جديدة للمخدرات المُجَرمة بحكم القانون أطلق عليها "المخدرات المشروعة"، وهي أدوية ومستحضرات جديدة يتم استخدامها حاليًا على نطاق واسع بين الشباب تحت وهم أنها تعطي نفس تأثير المخدرات.

وتنامت هذه الظاهرة التي تضعها «النبأ»، أمام الجهات المعنية بعد ارتفاع أسعار المواد المخدرة بجميع أنواعها وخاصة أقراص الترامادول والتامول التي وصلت إلى 300 جنيه للشريط الواحد، حيث لجأ العديد من المتعاطين إلى عقاقير وأدوية بديلة يكون لها نفس تأثير المخدر، وهو ما يعد خطرًا جسيمًا يضر بالمنظومة الدوائية كلها، لكون تلك البدائل تباع بالصيدليات أمام أعين الجميع ودون أي رقابة لوزارة الصحة، ولعدم إدراجها بجدول المخدرات.

وحرصًا من «النبأ» على تحذير الجهات الرقابية والمجتمع من تلك الأدوية الطبية البديلة، قامت بالتجول في العديد من الصيدليات لترصد أصناف وأنواع المواد المخدرة على أرفف الصيدليات، وكذا العقاقير البديلة لتلك المواد المخدرة المُدرجة على جدول أول وثان وثالث «مخدرات».

بداية كشف الصيدلاني «صلاح سعيد» عن مفاجأة، وهي أن أقراص الترامادول المخدر لم يتم إدراجها في الجدول الأول إلا منذ فترة قصيرة، وأنه طيلة الفترة السابقة كان الترامادول مُدرجًا بالجدول الثاني، وهو ما تسبب في زيادة انتشاره وترويجه بين الشباب، ما تسبب في بيعه في الأكشاك والأرصفة على الطرق العامة، خاصة أن عقوبة الصيدلي الذي يقوم ببيعه مخففة وتتمثل في تحرير محضر للصيدلي وفرض غرامات تصل إلى 1000 جنيه.

وعلى الجانب الآخر، تم الكشف أن هناك خطرًا أكبر، وهو أن إدمان الأدوية الطبية التي لها تأثير مخدر على الجسم يوازي تأثير المواد المخدرة، فهي أدوية غير مدرجة بالجدول ومباحة للجميع وبأسعار زهيدة والأخطر أن مدمنيها لا يتعرضون للمساءلة القانونية.

وكذلك قام بعض الشباب المدمنين بخلط بعض العقاقير مع بعضها البعض، ويتم حقنها في الوريد والعضل، ومنها عقار ريلاكس ومالتي ريلاكس، وكذا «سبازمورست، الليرجيل، واناللرج، وبرونكوفين، ونوميجران، واميجران».

وأضاف الصيدلي، أن هذه الأدوية غير مدرجة بجدول المخدرات ويسهل شراؤها، فهي عقاقير تستخدم في علاج العديد من الأمراض ولكن بكميات معينة وإذا زادت هذه الكمية تؤدي إلى الإدمان لأن متعاطيها يشعر بنفس النشوة والسعادة والقوة التي يشعر بها بعد تناول المخدرات.

وتابع: «وكذا يوجد قطرة تسمى ميدربد فهي موسعة لقاع العين، وتستخدم خلال إجراء العمليات الجراحية، ويقدر ثمنها رسميًا بحوالي 18 جنيهًا وهو ما جعل بعض المدمنين يقومون بخلطها بالبودرة وحقنها بالشريان الوركي.. وهو ما يؤدي إلى تخدير الجسم، وكذا تسببت في حدوث وفيات كثيرة لخطورتها».

وبسؤالنا للعديد من مسئولي الصيدليات بمنطقة وسط البلد والدقي، لم نجد قطرة «ميدربد» أو بدائلها، وكان رد اغلب الصيدليات: «مش بتنزل بقالها سنتين تقريبًا عشان المدمنين بيتعاطوها».

كما رصدنا حقنة «الأمتركس» التي تستخدم لعلاج القيء، ولكنها قابلة للإدمان خاصة وأن سعرها رخيص وفي متناول الجميع فيقدر ثمنها الرسمي بحوالي 8 جنيهات؛ وهو ما تسبب في زيادة مبيعاتها في الآونة الأخيرة من قِبل المراهقين والمدمنين خاصة وأنها غير مُدرجة في جدول المخدرات ولها تأثير كالمخدر حيث يشعر متعاطوها بالنشوة والسعادة من 30 إلى 180 دقيقة.

ثم يتحول إلى اكتئاب وحزن، فيضطر المتعاطي إلى أخذ حقنة أخرى وقد تسبب هذه الحقن وفاة المدمن؛ بسبب استخدام جرعات كبيرة منها مما يؤثر على مراكز معينة بالمخ فتسبب له الوفاة. 

وكذلك يوجد العديد من أدوية البرد والتي تحتوى على بعض المركبات التي تصيب بالإدمان وخاصة أدوية الكحة والمضادات للاكتئاب كالكونجستال والبرونكفين والإيفانول والفلورست وقطرة الأوتريفين.

وعن عقار «البريجابالين» حدث ولا حرج فهو يستخدم كعلاج للأعصاب، ويضم حوالي 30 نوعا، و200 منتج أدوية، فهو يباع بشكل طبيعي في الصيدليات لكونه غير مدرج بجدول المخدرات، ولكن المتعاطين استخدموه في الفترة الأخيرة كبديل للترامادول، لرخص ثمنه وسهولة جلبه، ولكنه له تأثير شبيه بالأقراص المخدرة ويؤثر على الحالة النفسية لمتعاطيه، وهو ما حذرت منه نقابة صيادلة مصر بعد ارتفاع مبيعاته بالسوق بنسبة كبيرة، ومعظم متناوليه من المراهقين والمتعاطين.

وبالرغم من أن العديد من الدول العربية أدرجت «البريجابالين» وبديله «ليركا» ضمن جداول الأدوية المخدرة، ولكنه مازال يصرف في الصيدليات المصرية، دون روشتة طبيب.

وفي تقرير صادر عن معهد السموم، أوضح أنه يوجد العديد من الأدوية التي مع كثرة الاستخدام تتحول إلى إدمان، ومنها بعض المسكنات والأدوية المنومة والتي تعمل على المستقبلات وبمرور الوقت يصبح تعودا، ومع التكرار فلابد من زيادة الجرعة لتعطي نفس التأثير. 

ويوجد أيضا بعض أدوية البرد والتي بها بعض المركبات التي تصيب بالإدمان، وخاصة أدوية الكحة وأدوية مضادات الاكتئاب.

وأشار إلى أن وصول المريض لدرجة الإدمان يرجع إلى الجرعة والحالة المرضية للمريض خاصة مرضى الأورام المعالجين بالكيماوي فيضطرون إلى تناول المسكنات لفترات طويلة، ولذا حذر بعدم استخدام أي دواء بدون استشارة الطبيب وتحديد الجرعة والمدة الزمنية وعدم تكرار أي دواء دون الرجوع إليه.

وكذا هناك قطرات للعين تستخدم في الحصول على تأثير إدماني وكذلك أدوية البرد التي تحتوي على مادة «دكسترميثورفان»، وهي بالفعل أدوية متوافرة بالصيدليات.

فيما قال الدكتور أحمد رامي رئيس مؤسسة الدواء للجميع الخيرية، في تصريح خاص لـ«النبأ»: إن الأدوية العلاجية البديلة التي يستخدمها المدمنون كبديل للمواد المخدرة ليس لها أي تأثير إدماني، ولكن المتعاطين يلجأون إليها لأن تأثيرها يشابه تأثير المواد المخدرة.

وأضاف أن القوانين والتشريعات الحالية غير كافية لضبط السوق الدوائي في مصر، وطالب بسن قانون يلزم الصيدليات بعدم صرف أي دواء في حالة عدم وجود روشتة طبيب، وتشديد العقوبات على أي صيدلي يخالف ذلك.

وأشار «رامي» إلى أن هناك كارثة حقيقية يعاني منها المرضى حاليًا في مصر، وهي عدم توافر عقار الترامادول، وذلك بسبب إدراجه في جدول المخدرات وهو ما يصعّب على المرضى الحقيقيين شراءه ويضطرون إلى اللجوء لأساليب المدمنين ويشترون شرائط الترامادول من تجار المخدرات والأكشاك.

في حين أوضح الدكتور محمود عبد المقصود أمين عام نقابة الصيادلة الأسبق، أن ظاهرة استخدام المدمنين عقاقير طبية بديلة للمواد المخدرة ليست جديدة بل منتشرة منذ عدة سنوات، مؤكدًا أن الأزمة ليست في الرقابة أو الصيادلة بل هي تكمن في ازدياد معدلات الإدمان بين الشباب، قائلًا: «إحنا مش عاوزين نعالج المنظومة الدوائية، إحنا محتاجين نعالج المجتمع والشباب المدمنين».

وتابع: إن الحل في قيام خبراء علم النفس والاجتماع بعمل دراسات ووضع حلول جذرية للحد من الإدمان وحل أسباب تفشيه في المستويات الفقيرة اجتماعيًا والشباب العاطلين، وعلى الدولة أيضًا اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمكافحة المخدرات والإدمان.

وأكد أنه إذا قمنا بوضع تشريعات وقوانين تغير في نظام صرف الأدوية سينتج عنها صعوبة عملية صرف المواطن العادي الدواء وسيشعر بمعاناة شديدة، فجميع الأدوية التي يستخدمها المتعاطون كبديل للمخدرات هي أدوية طبية يتجرعها كافة المواطنين، وإذا منعناها سنعذب كل مريض يحتاج لتلك الأدوية.

وأضاف، إنه في جميع دول العالم يتم صرف تلك الأدوية بسهولة ودون روشتة طبيب، معبرًا: «أحنا مش هنحط قانون لينا لوحدنا».

وأشار «عبد المقصود» إلى أنه بعد منع الترامادول وإدراجه في جدول المخدرات نتج عنه تعذيب مرضى السرطان والأمراض المستعصية الذين يحتاجون لهذا العقار بشكل دائم.

وفي سياق متصل، قالت الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن السبب الحقيقي وراء تفشي ظاهرة الإدمان بين الشباب هي شلة الأصدقاء وحبهم في تتبع الموضة الجديدة، ومعاناتهم من الفراغ الفكري وشعورهم بالتهميش، وتفضيلهم البطالة والتباطؤ في العمل وترددهم الدائم على المقاهي والكافيهات، ووجود انعزال خطير بين الشباب وأسرهم.

وأشارت إلى أن هناك مخططات خارجية تستهدف الشباب وتجرهم لتقليد العادات وثقافات الجماعات الخارجية لتدمير طاقتهم، فقديمًا كانوا يحتلون الأرض والآن هم يريدون تدمير الطاقات البشرية الكائنة فوق الأرض وأهمها على الإطلاق هي طاقات الشباب.

وتابعت، بأن الشباب يشعرون دائما بالوحدة ومرارة الحياة، فيلجأون لتعاطي المواد المخدرة للهروب بها والانسحاب من الحياة.

وعن أضرار تلك السموم، أضافت أنها تدمر صحتهم وطاقاتهم وتفقدهم التركيز وتجعلهم دائمًا في حالة غيبوبة، فهي تؤثر بشكل سلبي على القدرات العقلية والذهنية وكافة حواس مدمنيها، وتجعلهم دائمًا في حالة ضعف وانهيار.

كما طالبت أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، الدولة بخلق مناخ طارد للإدمان كالتثقيف بالاستعانة بالتعليم والإعلام والمؤسسات الدينية، وكذا محاولة إيجاد فرص حقيقية للشباب لمحاربة الفراغ الفكري الذي يمرون به.

وأكدت أن هذه الأقراص والمواد المخدرة تؤدي بالشباب إلى التجرؤ على ارتكاب الأفعال الإجرامية والسير في سلوك منحرف.

ولم يكتف المدمنون بذلك بل بدأ في الآونة الأخيرة، انتشار ظاهرة جديدة بين أوساط الشباب داخل الوطن العربي ومصر، تشكل خطرًا شديدًا وهي المخدرات الرقمية، ويتم التحصل عليها من خلال مقاطع موسيقية تعطي المستمع إليها الشعور بالنشوة، حيث يتم بث ترددات معينة في الأذن اليمنى، وترددات أقل إلى الأذن اليسرى، وهو ما يجعل المستمع يحاول جاهداً أن يوحد بين الترددين للحصول على مستوى واحد للصوتين، وهذا الأمر يجعل الدماغ في حالة غير مستقرة، على مستوى الإشارات الكهربائية والعصبية التي يرسلها.


وبالبحث عن طرق التحصل على تلك المقاطع اكتشف محرر «النبأ» بأن هناك مواقع متخصصة تبيع تلك المقاطع على مواقع الإنترنت، وتقوم بترويجها على مواقع التواصل الاجتماعي وبمقابل مادي من الدولارات، دون أي رقابة أو تقييد.


كما توفر دليلا مكتوبا في ما يقرب الأربعين صفحة يشرح فيها بالخطوات الإجراءات التي يجب أن تقوم بها حتى تحقق الفاعلية المطلوبة حيث أن أكثر من 80% ممن جربوها وفق الدليل حققت الهدف المنشود منها.


وتتيح تلك المواقع إمكانية اختيار نوع المخدر الذي تريده، ويقول أحد المروجين لهذه المقاطع بأنه بعد تعاطي نوع معين من المخدرات يمكن تحديد حالة النشوة المرغوبة، فكل نوع من تلك المقاطع يمكنه أن يستهدف نمطا من النشاط الدماغي، فمثلا عند سماع ترددات الكوكايين لدقائق معينة، فإن ذلك سينتج عنه تحفيز الدماغ بصورة تشابه الصورة التي يتم تحفيزه فيها بعد تعاطي مخدر الكوكايين بصورة حقيقية.


وتتعدد أنواع هذه الترددات فمنها: «الكوكايين، وميثانفيتامين المعروف بـ«كريستال ميث»، وغيرها فمنها ما يؤدي إلى الهلوسة، ومنها ما يؤدي للاسترخاء وآخر للتركيز.


فيما يعاني العديد من مروجيها من آلام بالرأس والأذنين بعد الانتهاء من سماع المقطع، وذلك حسب أقوال بعض الشباب المستخدمين له.


ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل يجب على المتعاطي أن يلتزم بشروط سماع تلك الترددات، حيث الاسترخاء الكامل وتغطية العينين، وشرب ماء قبل الاستماع وغيرها من الشروط.


وبداية ظهور المخدرات الرقمية في العالم العربي كانت من نصيب لبنان، والسعودية، حيث نشرت وسائل الإعلام السعودية خبرًا عن تسجيل أول حالة وفاة نتيجة تعاطي «المخدرات الرقمية»، وذلك بعدما رفعت المملكة السعودية مستوى التأهب للحد من هذه الظاهرة عبر الإنترنت.


وتعود نشأة تلك الموسيقى بعدما اكتشفها العالم الفيزيائي الألماني «هاينريش ويلهلم دوف» عام 1939، واستخدمها في التجارب والأبحاث عن طريق اختلاف ترددات وموجات معينة لعلاج المرضى النفسيين وقتها نظرًا لارتفاع أسعار الأدوية، حيث ينتج عن هذه الموجات السمعية هرمون «الدوبامين» من المخ تساعد على الراحة والاسترخاء، وأطلق عليها اسم «الدقات الثناية»، وتم انتشار هذه الطريقة بشكل موسع عام 1970 خاصة لمن يعانون من بعض الأمراض النفسية والصرع للسيطرة على انفعالاتهم واستخدمت في مستشفيات الصحة النفسية، نظرا لأن هناك خللا ونقصا في المادة المنشطة للمزاج لدى بعض المرضى النفسيين، لذلك يحتاجون إلى استحداث الخلايا العصبية لإفرازها، تحت الإشراف الطبي بحيث لا تتعدى عدة ثوان، أو جزء من الثانية وألا تستخدم أكثر من مرتين يوميًا، وتوقف العلاج بهذه الطريقة آنذاك لتكلفتها العالية.


فيما قال اللواء محمد عبد الواحد، مدير إدارة البحث الجنائي بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق، بأن هناك مواقع تقوم بعرض ملفات موسيقية على امتداد «mp3»، يُروج لها على أنها تُعطي المستمع لها شعور وإحساس الكوكايين والماريجوانا والحشيش، وتتراوح أسعارها ما بين 18 و30 دولارًا، ومدتها تصل من 15 إلى 20 دقيقة».


وأضاف، بأن مستمعي تلك المخدرات الإلكترونية يشترطون، عند سماع هذه الموسيقى، ارتداء ملابس فضفاضة وتغطية العينين، وأن تكون الغرفة مظلمة وإغلاق التليفونات، والسماع لتلك الموسيقى عن طريق سماعات مباشرة للأذن، مشيرًا إلى أن تلك الموسيقى تُسبب الوفاة.


وأشار إلى أن الوزارة لم تتلق أي بلاغات بشأن مواقع موسيقى الإدمان الرقمي، مؤكدًا على أنه إذا تقدم أحد ببلاغ لا يستطيع الأمن عمل كشف طبى على المُبلغ ضده، لأن تحليل الدم والبول لا يوجد به آثار للمواد المخدرة، مؤكدا أن تأثير هذه الموسيقى يكون على المخ، وتكون بشكل لحظي، وبالتالي لا يستطيع معاقبته، ولكن يتم التعامل معها على أنها حالة نصب، معتبرًا أنه لا يوجد إنسان يقوم بالإبلاغ أنه يسمع مخدرات.


كما كشفت دراسة أعدها المقدم الدكتور أبو سريع أحمد عبد الرحمن الضابط بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية، والذي قدمها إلى مؤتمر الجرائم المستحدثة التي تواجه المصريين الذي عُقد بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن تعاطي المخدرات عبر شبكة الإنترنت يتم من خلال جلوس تاجر المخدرات أمام جهاز الحاسب الآلي الخاص به ليتلقى طلبات الشراء للمواد المخدرة عبر موقعه الالكتروني، وهنا لا يقوم بإرسال أحد تابعيه ليسلم المادة المخدرة المشتراة، وإنما يقوم الراغب في شراء هذا المخدر بتحميله وهو عبارة عن ملفات صوتية تحتوى على نغمات أحادية أو ثنائية يستمع إليها المتعاطى تجعل الدماغ يصل إلى حالة من التخدير تشابه تأثير المخدرات الحقيقية التى يريدها.


وصممت هذه الملفات الصوتية أو «المخدرات الرقمية» لمحاكاة الهلاوس وحالات الانتشاء المصاحب لتعاطى المواد المخدرة عن طريق التأثير على العقل بشكل اللاوعي، هذا التأثير الذى يحدث عن طريق موجات صوتية غير سمعية للأذن تسمى «الضوضاء البيضاء».


وتقول الدراسة إن المستخدم الذي يرغب فى شراء المادة المخدرة يقوم باختيار الجرعة الموسيقية ونوعها من بين عدة جرعات متاحة على الموقع يمثل كل منها نوعا من أنواع المخدرات التي يرغب فيها هذا المستخدم وسماعات أستريو «MP» ثم يقوم بتحميل ما تم اختياره وشراؤه من ملفات، ويستمع لها بالأذنين والاسترخاء فى غرفة بها ضوء خافت وتغطية العينين والتركيز على المقطوعة الموسيقية لمدة نصف ساعة للمخدرات أو 45 دقيقة لتشديد التأثير على المتعاطي.


ويؤكد تجار المخدرات الرقمية من خلال مواقعهم على قانونية الملفات الصوتية «أو المخدرات الصوتية والإلكترونية»، استنادا إلى عدم وجود قانون يمنع تحميل الملفات الصوتية حتى وإن كان لها تأثير المخدر، فاستخدام الموجات الصوتية في عمليات المحاكاة العقلية للأحاسيس المختلفة مستخدم بالفعل فى مجالات أخرى كالعلاج النفسي وعلاج القلق والتوتر والأرق وعدم انتظام النوم من خلال بث موجات غير سمعية تؤثر فى اللاوعي للتحكم في الحالة المزاجية.


وقدم الباحث من خلال دراسته عددا من الفيديوهات على موقع «YouTube» لمجموعات من الشباب والمراهقين أثناء تجربة تلك المخدرات الإلكترونية وهم غارقون فى حالة من الهلوسة.


وأشار الباحث إلى أن أحد المواقع الذي يبيع هذه المخدرات الرقمية يبيع أكثر من 1.4 مليون ملف شهريا، ويقوم الموقع بعملية إغراء مكشوفة إذ يمنح مستخدميه تجربة مجانية فى البداية ويشجع المروجين لبيع ملفاته على شبكة الإنترنت لقاء عمولة تزيد على 20 %، ويتراوح سعر الملف الواحد بين 3 و9 دولارات، بينما يكون الملف الأول للمستخدم مجانا، وتنقسم الملفات أو«الجرعات» كما يسميها الموقع، إلى تصنيفات مثل هلوسة، مخدرات روحية، سعادة، مضادات للقلق، مخدرات سريعة، مخدرات، شرود ذهني.


وأشار «أبو سريع» إلى أنه عرض تلك النوعية من الملفات الخاصة بالمخدرات الرقمية على أطباء المخ والأعصاب فكانت آراؤهم تؤكد كما يقول الدكتور راجي العمدة، مستشار طب الأعصاب باللجنة الطبية للأمم المتحدة، أن هذه الجرعات من الموسيقى الصاخبة تحدث تأثيرا سيئا على مستوى كهرباء المخ وهذا لا يشعر المتعاطي بالنشوة والابتهاج فقط، لكنه يحدث ما نسميه طبيا بـ«لحظة شرود ذهني»، وهى من أخطر ما يكون لأنهم يشعرون بنشوة واستمتاع، بينما هى لحظة يقل فيها التركيز بشدة ويحدث فيها انفصال عن الواقع، وتكرار اختلاف موجة كهرباء الدماغ بهذا العنف وتأثرها بالصخب يؤدى ليس فقط للحظات شرود ولكن لنوبات تشنج.