رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«ذبح» أصحاب المعاشات بـ«قانون التأمين الصحى الجديد»

أصحاب المعاشات -
أصحاب المعاشات - أرشيفية


يعاني أصحاب المعاشات من أزمة كبيرة تتعلق بمستوى الخدمات المقدمة لهم بـ«منظومة التأمين الصحي»، خاصة مع سوء المعاملة، ورفع رسوم الخدمة المفترض أن تقدم مجانًا لشريحة معظم أفرادها مصابون بـ«الأمراض المزمنة»؛ نظرًا لكبر سنهم.

اللافت للنظر، أن الحكومة أعلنت عن مشروع جديد لـ«التأمين الصحي» من المقرر مناقشته في الدورة الحالية للبرلمان، خاصة بعد تفاقم الأجواء الصعبة التي يعاني منها «أصحاب المعاشات»، وهو ما يطرح مزيدًا من التساؤلات حول قدرة القانون الجديد على إنهاء الأزمات التي تعاني منها هذه الفئة المهمة في المجتمع.

وينص مشروع القانون، على أن نظام التأمين الصحى الشامل الجديد، نظام إلزامي يعتمد على توفير الخدمة الصحية الشاملة اللائقة لجميع المصريين المقيمين داخل مصر، ويرتبط رقم التأمين الصحى بالرقم القومى، ويعتمد على الأسرة، وليس الفرد، كما سيتم تطبيقه عبر آلية فصل التمويل عن تقديم الخدمة من مختلف القطاعات الصحية، ويقوم المشروع على التكافل الاجتماعى على أن تتحمل الدولة أعباء غير القادرين، وفقًا لما تحدده وزارة التضامن الاجتماعى من فئات مستحقة للدعم، وبما يضمن توازن التغطية المالية لتلك الفئات.

وذكر مشروع القانون، أن 35٪‏ من الشعب المصرى من فئة غير القادرين، ستتحمل الدولة أعباءهم المالية، كما أن تطبيق القانون سيلغي فكرة العلاج على نفقة الدولة، وسيكون للمواطن بعد تطبيق المشروع أحقية الرعاية الصحية دون انتظار الدور.

وفي هذا السياق، قال مصطفى حجازي، أحد أصحاب المعاشات، إنه يعاني من أمراض مزمنة، «سكر وضغط وقلب»، فهو يتعامل بشكل مستمر مع مستشفيات التأمين الصحي، واصفًا الخدمات المقدمة في تلك المستشفيات بأنها «بلا قيمة.. وهي والعدم سواء».

وأضاف «حجازي»، أن الأدوية التي تقدم في تلك المستشفيات تنقسم إلى جزءين، أحدهمًا مجاني، ولا يزيد فيه سعر الأدوية عن 10 جنيهات، والآخر اقتصادي يتعلق بالأدوية التي يضطر معها صاحب المعاش لدفع ثلثي المبلغ في ظل ظروفه المادية السيئة.

وتابع: «أضطر لشراء أدوية السكر والضغط من خارج التأمين شهريًا؛ لأن الأدوية رديئة جدًا، ومعظمها بدائل لا تفي بالغرض، على الرغم من أن دخلي ضعيف، ولدي التزامات شهرية، إضافة إلى الارتفاع الجنوني في أسعار كل شيء».

وأشار «حجازي» إلى أن الأطباء الذين يعملون بالتأمين يكتفون بمعرفة شكوى المريض دون فحص وتدقيق سليمين، مضيفًا أن جاره كان يعانى من أعراض جلطة في المخ، والدكتور لم يكتشف ذلك، واكتفى بإعطائه بعض المسكنات، لولا أن أسرته ذهبت به لمستشفى خاص، وتم إسعافه في الحال.

وفي نفس السياق، قال حسين عبد الرحمن، أحد أصحاب المعاشات، إن المشكلة الأبرز التي يعاني منها «أصحاب المعاشات»، هي الخدمة الطبية السيئة بالمستشفيات التابعة للتأمين، لاسيما بعد قرار وزير الصحة الحالى، عماد الدين راضي، بتخفيض قيمة الأدوية  المدعمة.

وتابع عبد الرحمن: «أنا مريض سكر وضغط ودهون على الكبد.. وكان يُصرف لي 6 أصناف من الأدوية، وبعد قرار الوزير أصبحوا أربعة، وتمت زيادة سعر الأنسولين إلى الضعف»، مضيفا: «معظمنا يتجاوز سنه الـ60 عاما، ومرضى يضطرون إلى البحث عن ماكينة تصوير للروشتات لصرف الأدوية الشهرية فى كل مرة بعدما منعت الوزارة صرف صورة الروشتة وأصلها بحجة توفير النفقات».

من جانبه  قال رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، البدري فرغلي، إن التأمين الصحي أصبح الآن الأسوأ في تاريخ مصر بعدما كان يمثل القلعة الصحية للتكافل، مضيفًا أنه أصبح لا يمثل الدور الدستوري المحدد له، وأصبح فرض الرسوم هو الأساس فيه.

وأضاف «فرغلي» أن كثيرًا من «أصحاب المعاشات» يضطرون لشراء الأدوية من الخارج، خاصة أنه في كثير من الأحيان تكون الأدوية الموجودة بالتأمين لا ينتج عنها أي فاعلية، متابعًا أن الشىء المؤسف في الأمر هي تلك الطوابير الطويلة أمام المستشفيات، والتي يضطر معها الدكتور إلى الاكتفاء بسماع الشكوى وكتابة دواء أو منح إجازة؛ لضيق الوقت الذي لا يسمح بالفحص في ظل هذه الجموع الغفيرة  التي تتجه لطلب المساعدة الصحية، خاصة أن هؤلاء الناس دفعوا سنوات عمرهم في اشتراكات التأمين الصحي، وعندما يخرجون إلى المعاش لا يجدون العناية، رغم أن التأمين يمتلك 500 مستشفى كبرى، 120 ألف سرير، وبالرغم من ذلك الإدارة صعبة للغاية».

وتابع: «قانون التأمين الصحي الجديد حدد علانية خصخصة التأمين، إذ يوجد جدول في مشروع القانون به أسعار الخدمات المقدمة من علاج وأدوية وحتى السرير»، مضيفًا أن الأخطر من ذلك هو أن القطاع الخاص دخل من خلال مشروع هذا القانون الجديد، وبالتالي ففي منظومة التأمين الصحي سوف يدفع المواطن جزءًا والتأمين الصحي يتحمل الجزء الآخر.

وأضاف رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، أنهم وضعوا كارثة أكبر في مشروع القانون هو وجود شرط على المستشفيات التي ستخضع لهذا القانون، ينص على ضرورة حصولها على معايير الجودة العالية التي لا توجد في التأمين الصحي، أو المستشفيات الحكومية، ما سيكون سببًا في الاستعانة بـ«المستشفيات الخاصة».

وختم: «أؤيد رفع الاشتراك على المشتركين في التأمين الصحي لتعويض خسائره المادية، ولكن لا يحدث ذلك بفرض رسوم على العلاج والأدوية وجميع مراحل العلاج».

بدوره، أكد مسلم أبو الغيط، نائب رئيس حركة الدفاع عن أصحاب المعاشات، أن هذه الفترة تعد الأسوأ على الإطلاق بالنسبة لأصحاب المعاشات في منظومة التأمين الصحي، قائلا: «لا في خدمة.. ولا في أدوية».

وأضاف «أبو الغيط»: «لو كشفنا خارج التأمين الصحي، وتمت كتابة أدوية معينة، والذهاب للتأمين الصحي لصرفها، فإنه يكتب علاجًا آخر لا جدوى منه؛ لأنه رخيص السعر، وكذلك العمليات الجراحية لا يتم الاهتمام بها مثل مستشفيات القوات المسلحة على عكس أصحاب المعاشات الذين لا يجدون أدويتهم.

وتابع: «قانون التأمين الجديد يستهدف جمع أموال من جيوب الغلابة فقط.. ورفع نسب الخصم بهدف الإيرادات»، مشيرًا إلى أن عددًا كبيرًا من الشركات والقطاعات خارج مستشفيات التأمين الصحي منها البترول والطيران والاتصالات، والقانون الجديد يستهدف قطاعات محدودة.