رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

رسالة إلى ضابط حزين

حمدي رزق- أرشيفية
حمدي رزق- أرشيفية


حاسس بيك، مقدر أحزانك، وعارف أن قلبك ينزف دماً، أخوك، شقيقك، دفعتك، ابن أيامك راح شهيد، البقية فى حياتك، قم يا بطل ودع أحزانك، افرد طولك، اليوم يومك، ولنجيب حقهم لنستشهد زيهم.

كن كما عهدتك بطلا، أنت بطل، أنت جدع وشهم وابن بلد، افرد قلوعك، واغسل أحزانك، وتذكر أن الشهادة علينا حق، والشهادة تنادى أصحابها، يا بختهم نالوها، وأنت أهل لها، أنت لها، والمعركة طويلة، ووقودها عزم الرجال، وعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم.

قلبك مجروح، ودمعك على الخد سايل، وسرير الشهيد جنبك خالى يشتاق لصاحبه، صاحبك وحبيبك، إياك أن تنسى يوم أوصاك بالثأر، وقالك يا خوى لو مت شهيد أوصيك بالوالد والولد، وأوصيك وصية غالية، حطها فى قلبك، بلدك أمانة يا بطل.

إوعى تتكسر يا بطل، أو يهزمك الحزن، أو يفت فى عضدك الفقد، اخترت الطريق، واعر الطريق، صعيب قوى، ولكنه طريق الشهادة، نصر أو شهادة، ومصر ولادة، وخير من أنجبت هم الجنود، وأنت من خير الجنود، قر عيناً واستغفر ربك، وإذا جاء أجلهم.

عارف أن الفراق صعب، والعشرة متهونش، وكان وكان وكان، ولكن كن أنت العوض، وعليك العوض من بعد ربنا سبحانه وتعالى، العمر واحد والرب واحد، لا تخش ما هو قادم، فالقادم بمشيئته أحلى، وستجنى من حديقة الجنة ورودا ورياحين.

الديابة سعرانة، والثعالب متلمظين، والعيال اللى متربوش على طبلية أبوهم شمتانين، ولكن أنت وحدك تملك الرد المبين، أنت القوى الأمين، رد على الأصغرين، كل طلقة فى صدور الارهابيين نصر، والصمود فى وجههم نصر، ونصرك بين يديك، والأمل فى عينيك.

قم يا بطل اغسل دموع الحزن، وامسك سلاحك، وانشد نشيدك، عارف إنه صعبان عليك، وكل الناس حواليك محزونين، كل القلوب بتعزيك، لست وحدك، لا تحزن من متقولين، ولا تبتئس من مرجفين، ولا تحبط من يائسين، وكن كما يجب أن تكون، أسدا هصورا، لا تكسره الخطوب، ولا تقعده الأحزان، وارتق فوق الحزن، واجعل من الحزن بركان غضب.

أنت بطل، واللى مات شهيد، واسمع وصية الشهيد، إنت فاكر أن الناس بتنسى الشهيد، أبداً فى القلب عايش وفى العيون مرسوم، إنت بس صعبان عليك من هلافيت، لا تحسب لهم حساباً، ولا تسمع لما يهرفون، اسمع منى كلمة، انت بطل، ومن سبقك شهيد، وهم السابقون وأنتم اللاحقون، وتيقن أن من مات شهيداً يهبنا الحياة، ويا لها من مكانة، ويا له من خلود، ينتظرك الخلود.

فقدت اليوم رفيقاً، وستفقد غداً رفيقاً، والطريق طويل تخضبه دماء الشهداء، لا تتوقف لحظة، امض فى سبيلك، وتيقن أنك بذلك مشكور، وجهادك محفوظ، وكل خطوة بندعيلك، ومن القلب نتمنى لك السلامة، وننتظر قدومك ظافراً، مضى الكثير، واستشهد الكثير، وبقى القليل، والطريق فى منتهاه، كمل طريقك، وخد بتارك، وبرّد نارك.

التولى عند الزحف من صفات المنافقين، وأنت من الصادقين، أنت تربية بيت طيب، وأبوك رجل طيب، وأمك من الكُمّل الفضليات، ربّوك على الشهادة والواجب والعَلَم والوطن والنشيد، ومن كان له ضابط أو جندى يحتسبه شهيداً، وإذا عدت إليهم شهيداً يزفونك بالزغاريد.

نقلًا عن "المصري اليوم"