رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الصحافة العالمية عن حادث الواحات: المجزرة كمين للضباط.. وتصريحات الحكومة «سحابة غموض»

ضباط شرطة- أرشيفية
ضباط شرطة- أرشيفية


ألقت الصحافة العالمية الضوء على حادث الواحات الإرهابي، الذي راح ضحيته حسب مصادر أمنية أكثر من 58 ضابطًا ومجندًا، فيما أكد البيان الرسمي لوزارة الداخلية المصرية أن عدد الضحايا لا يتجاوز الـ16 فقط.

ويبدو أن المصادر الأمنية، والمعلومات الأولية التي تم تداولها عن الحادث، كان لها الأثر الأكبر في الصحافة الأجنبية عن بيان وزارة الداخلية الذي صدر عقب انتهاء الحادث بأكثر من 24 ساعة.

فذكرت الصحف العالمية، نقلا عن وكالات الأنباء (اسوشيتدبرس، رويترز، وغيرها) أن أعداد الضحايا لا يقل بأي حال من الأحوال عن 55 فردًا عسكريًا، وهو ما يعد المجزرة الأكبر التي تقع بحق ضباط الشرطة المصرية منذ عقود.

 

كمين للضباط!

فتحت عنوان "مسلحون يقتلون قوات الأمن المصرية في كمين مدمر"، وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، تفاصيل الحادث، حيث ذكرت أن كمين نُصب على يد مسلحين اسلاميين مساء الجمعة على بعد 85 ميل من القاهرة في عمق الصحراء الغربية فى منطقة الواحات البحرية التابعة لمحافظة الجيزة.

ونقلت الصحيفة عن مسئولين امنيين ان ما لا يقل عن 59 من ضباط الشرطة المصرية لقوا مصرعهم، مشيرة إلى بيان وزارة الداخلية الذي ذكر أن العدد 16 جندي فقط، دون توضيح سر هذا التباين الكبير في الأرقام.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن ثمانى سيارات للشرطة، محملة بالجنود توجهت إلى منطقة الواحات، بعدما تلقت معلومات مضللة بشأن وجود إرهابيين في المنطقة، وهو ما تبين فيما بعد أنه كمين للشرطة، حيث فور وصول السيارات للمنطقة تم إطلاق النار بشكل كثيف، بالإضافة إلى قذف المدرعات بقنابل وصواريخ متقدمة، كانت بحوزة المهاجمين الذين كانوا في انتظار وصول الشرطة!

 أعداد الضحايا

ولازلنا مع صحيفة نيويورك تايمز، التي ذكرت أن جماعة حسم الإرهابية أعلنت تبنيها العملية، ولكن دون توضيح للأسباب أو ذكر مزيد من التفاصيل، كما أشارت الصحيفة إلى التسريبات الصوتية التي ظهرت في بعض وسائل الإعلام، والتي تناول حوار بين اثنين من ضباط الشرطة الذين قاموا بإفشاء أماكن تواجدهمماأم، بعدما هربوا من إطلاق النار.

ونقلت الصحيفة عن الضابط الهارب قوله ـــــــــــــــــــ وفقا للتسريبات ـــــــــــــــــــ "أنهم يطاردوننا، نحن تائهين في الصحراء، أخذوا جميع الأسلحة والذخائر، نحن نختبئ بسفح الجبل"، وهو ما كان السبب في مضاعفة أعداد الضحايا بحسب الصحيفة، حيث عرف المهاجمون أماكن تواجد القوات، فقاموا بالهجوم عليهم.

ونقلت الصحيفة عن وكالة انباء اسوشيتد برس أن القتلى من بينهم 34 مجندا بالإضافة إلى جنديين من رجال الشرطة وعقيد و 10 ضباط يحملون رتبة ملازم.

ووفقا للصحيفة قال المسؤولون أن المؤشرات الأولية تشير إلى أن الشرطة تلقت بيانات كاذبة ومضللة، تم على إثرها نصب كمين للجنود.

ونقلت الصحيفة عن أحمد كامل البحيري الباحث الأمني في مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية الذي تديره الدولة "أن حركة (حسم) لا تعمل في تلك المنطقة ولا تستطيع القيام بهذا النوع من العمليات". وأضاف "حتى الان لم يتمكنوا من استخدام أسلحة كبيرة او أجهزة متفجرة متطورة، فليس لديهم الأرقام أو التدريب أو الاسلحة اللازمة لذلك"، وأضاف البحيري إن السيناريو الأكثر احتمالا هو أن الدولة الإسلامية مسئولة عن تلك الهجوم.

 مسئولية الإخوان

من جانبها أكدت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن جماعة الأخوان المسلمين هي المسئول الرئيس عن المجزرة التي وقعت في منطقة الواحات البحرية، مشيرة إلى أن القاهرة أصبحت تعاني من القتال على جبهتين، الأولى في سيناء ضد تنظيم داعش الإرهابي الذي قتل المئات من قوات الأمن والجيش منذ عام 2013، والثانية في الصحراء الغربية من خلال ولاية داعش في ليبيا.

كما لفتت إلى تزايد عدد من الهجمات التي وقعت في القاهرة وبعض المحافظات المصرية الداخلية، على بعض الكنائس، مشيرة إلى أن الأخوان المسلمين هم الفاعل الرئيس في كل تلك الهجمات التي حصدت العشرات من الضحايا.

 سحابة غموض

من جانبها تابعت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تداعيات الحادث الإرهابي، حيث أشارت إلى قيام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اجتماعا حضره كبار المسؤولين الأمنيين في البلاد، بما في ذلك ممثلي وزارة الدفاع والداخلية، الأحد 22 أكتوبر 2017، في القاهرة، أكد خلاله السيسي، تعهده بالمضي قدما في محاربة الارهاب وتأمين حدوده ومطاردة المسلحين.

إلا أن الصحيفة الأمريكية رأت أن هذا الاجتماع والتصريحات التي أعقبته عبارة عن "سحابة غموض" تفتقر إلى المعلومات والبيانات الدقيقة التي كان يجب أن تخرج من رئيس الدولة في مثل هذا التوقيت، وعلى رأس تلك البيانات، عدد القتلى والجرحي، أسباب ما حدث، وكيف حدث، ولماذا حدث؟ وما هي الخطوات التي سوف يتم اتباعها لعدم تكرار الحادث.

وأضافت الصحيفة في معرض تعليقها على الأوضاع في مصر عقب الحادث الأليم، أن المجزرة أفضت إلى نقاش محموم في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انقسم المصريون حول من يتحمل مسؤولية الحادث، ففي الوقت الذي حمّل فيه البعض جماعة الأخوان المسلمين وداعش، والتنظيمات الإسلامية الأخرى المسؤولية، يرى البعض أن سوء التخطيط الأمني من قبل قوات الأمن المصرية، كان السبب الرئيس في وصول الأعداد لهذا الرقم الخطير.

من جهة أخرى أشارت الصحيفة إلى التقارير المتضاربة حول عدد القتلى، وقيام السلطات المصرية بنفي صحة التسجيلات الصوتية التى بثتها وسائل الاعلام الموالية للحكومة، والتي تزعم أن رجال الشرطة الذين شاركوا فى العملية، طلبوا المساعدة من الجحيم الذي وقعوا فيه!

ونقلت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها إن مصادر التسجيلات الصوتية غير معروفة، وأنها تحمل "تفاصيل غير واقعية لا علاقة لها بالواقع". وحذرت أيضا من تعميم هذه التسجيلات وزرع البلبلة.

القمع والعنف

ونقلت الصحيفة عن حجماعببعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان بالقاهرة، قولهم إن القمع الشديد الذي تمارسه السلطات على الإسلاميين في أعقاب الإطاحة العسكرية للرئيس الإسلامي محمد مرسي في عام 2013 يغذى هذا العنف والتمرد، حيث قُتل المئات من الإسلاميين في مظاهرات جماهيرية تطالب بعودة مرسي بعد الإطاحة به، بينما سُجن الآلاف.

وفى أحدى المحاكمات الأخيرة ضد الاسلاميين، اكدت محكمة جنائية مصرية عقوبة الاعدام بحق 11 رجلا، وحكمت بالسجن المؤبد على 14 آخرين بتهم تشمل محاولة قتل رجال شرطة.

 احتجاز رهائن

من جهتها، أشارت صحيفة الإندبنديت البريطانية إلى بعض المعلومات التي تواترت حول احتجاز بعض الرهائن من الضباط والجنود، مشيرة إلى أن أعداد القتلي يمكن أن تزداد، في حالة قتل هؤلاء الرهائن.

ولفتت الصحيفة إلى أن عدد القتلي الكبير في الحادث الأخير قد يكون ناجما جزئيا عن عدم الكفاءة الأمنية أو فشل المخابرات أو عدم التنسيق بين الشرطة والجيش، حيث تشير تحريات جهات سيادية إلى عدم قيام عملاء الشرطة فى إدارة مكافحة الارهاب بابلاغ الجيش بالعملية، لمساعدة ضباط الشرطة في هذا الهجوم.

 إعادة هيكلة الشرطة

وتوقعت الصحيفة أن تؤدي تلك الخسائر الفادحة في صفوف الشرطة إلى إعادة هيكلة وزارة الداخلية وجهود الدولة في مكافحة الإرهاب، مع زيادة التنسيق بين الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية لمواجهة الجماعات الإرهابية.

ولم تغفل الصحيفة الإدانات التي وجهتها العديد من دول العالم للحادث، وإعراب الكثير من المنظمات الدولية والأقليمية عن تعازيهم العميقة لعائلات المتوفين وحكومة مصر وشعبها.

تمدد الهجمات

وفي نهاية تقريرها، أكدت الصحيفة أن هذا الهجوم يأتي في أعقاب قيام مسلحين بشن هجوم في وضح النهار في قلب مدينة العريش اكبر مدن شبه جزيرة سيناء حيث هاجم مسلحون كنيسة وبنك واستطاعوا الفرار بمليون دولار، كما لقى سبعة اشخاص مصرعهم فى الهجوم يوم الاثنين الماضى.

وأشارت إلى انتشار الهجمات خارج سيناء وفي البر الرئيسي للبلاد والمناطق القريبة من الحدود الليبية التي يسهل اختراقها.