رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«رجل الصندوق» يُدير الحكومة بـ«ريموت كنترول».. تقرير

مصر وصندوق النقد
مصر وصندوق النقد الدولي - أرشيفية


دائمًا ما تتحدث حكومة المهندس شريف إسماعيل عن استقلالية القرارات الاقتصادية التي تتخذها لصالح خطط وبرامج الإصلاح التي تنفذها، نافية أن تكون هناك «تدخلات عُليا» من جهات أجنبية لـ«توجيه بوصلة» هذه القرارات الهامة.


وكان حديث الحكومة هذا يُثار دائمًا كلما ترددت أنباء عن ضغوط صندوق النقد الدولي على مصر؛ لتنفيذ سياسات اقتصادية معينة، في مقابل قرض الـ12 مليار دولار الذي حصلت عليه مصر.


عمرو الجارحي، وزير المالية، كان يردد دائمًا أن المباحثات مع صندوق النقد الدولي تسير بشكل جيد، وفق ما تستهدفه الحكومة بنسبة كبيرة، ويؤكد دائمًا أن الحكومة لن تقبل أي شروط تضعها تحت «ضغط».


كما كان «الجارحي» ينفى دائمًا صحة الأخبار المتداولة عن أن صندوق النقد طلب تسريح مليوني موظف، أو أن هناك خطة لـ«تعويم الجنيه» على 3 مراحل.



لكن ما حدث خلال الفترة الماضية، من قيام صندوق النقد الدولي بتعيين الاقتصادى الباكستانى «رضا باقر»، كـ«ممثل مقيم» له في مصر لمراقبة مدى التزام الحكومة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، كان كافيًا لنفى كل ما كانت تردده الحكومة دائمًا عن استقلالية «القرار الاقتصادي» الذي تتخذه.


في مطلع شهر سبتمبر الماضى، عقد «باقر» مع غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعى، اجتماعًا أكد ما يردد بشأن أن الحكومة تتحرك بـ«ريموت كنترول» من «رجل صندوق النقد الدولى» المقيم في مصر.


فخلال هذا الاجتماع، حرص «باقر»، طبقًا للأخبار المنشورة عن هذا اللقاء على «الاطلاع على برامج الحماية الاجتماعية، وبحث خطط التوسع في برامج حماية المرأة والطفل، وبرامج التنمية الريفية المتصلة بحماية الفقراء من آثار التضخم والموازية لخطط الإصلاح الاقتصادي».


وخلال اللقاء تمت مناقشة: إجراءات الشمول المالي التي تبنتها وزارة التضامن الاجتماعي من خلال بنك ناصر وبرنامج الدعم النقدي «تكافل وكرامة»، وبرامج تطوير الحضانات التي تتبناها الوزارة.


وبالرغم من أن صندوق النقد الدولى، وافق على قرض الـ12 مليار دولار لمصر، إلا أن هناك ثمة خلافات بين الجانبين، وتتركز هذه الخلافات في «التضخم»، حيث يرى الصندوق أن الجهود الحكومية لمكافحته أقل من المتوقع، ثم الخلافات على برامج الحماية الاجتماعية، ورفع الدعم عن المحروقات والطاقة، ثم الخلاف الأهم والأقوى وهو دخول الجيش في «مجال التجارة»، لاسيما أن الصندوق يرى أن هذا الأمر يعطل الاستثمار فى مصر.

وخلال الفترة الماضية، أعرب مسئولون بـ«صندوق النقد الدولي» عن مخاوفهم بشأن ارتفاع مستوى التضخم.

ويرى الصندوق أن مصر أقدمت على إصلاحات هامة وحاسمة في ملف إصلاح دعم الطاقة، لكنها لا تزال «متأخرة».




وجود ممثل لـ«صندوق النقد الدولى» بصفة دائمة في مصر، يثير مخاوف عن تأثير هذا الرجل على قرارات الحكومة الاقتصادية، ومراقبتها.


وفي هذا السياق، قال هاني الحسيني، الخبير الاقتصادي، إنه لابد من معرفة صلاحيات مدير صندوق النقد الدولي في مصر، وهل هو موجود؛ لتحقيق سرعة الاتصال بين الحكومة وبين صندوق النقد الدولي الذي يجرى كل فترة زمنية مراجعة لـ«برنامج الحكومة»، ثم يصدر تقريرًا وتقييمًا عن هذا البرنامج.


وتابع «الحسيني»: «صندوق النقد الدولى له مكتب في مصر، مثل السفارات الأجنبية بالضبط، للتنسيق وسرعة الاتصال مع الحكومة»، مشيرًا إلى أنه لابد من معرفة هل هذا «الرجل» جاء لمراقبة عمل الحكومة أم لا؟!


واستكمل «الحسيني»: لابد من معرفة صلاحيات هذا الممثل، وما هى مهامه، وهل سيتدخل في الشأن الاقتصادي، ويقيم ممارسات الحكومة؟


ولفت الخبير الاقتصادى، إلى أن ممثل صندوق النقد الدولى لو حضر الاجتماعات التي تتم بين البنك المركزى، وبين وزارة المالية، فإن هذا الأمر سيكون غير مقبول؛ لأنه يُعد تدخلًا من الصندوق الدولي في الشأن الداخلي للدولة، إضافة إلى أن هذا الأمر يعني أن الصندوق لا يثق في الحكومة، ولا يثق في قراراتها.


بدوره، قال الدكتور وائل النحاس، خبير أسواق المال، إنه لا يعرف طبيعة عمل مدير صندوق النقد الدولي في مصر، مشيرًا إلى أن هذا الصندوق له ممثل في «الشرق الأوسط»، ولكن أن يقيم ممثل للصندوق في مصر، «فهذا أمر جديد».




وأضاف «النحاس» أن صندوق النقد الدولي لو عين موظفًا ليكون له دور في تحديد سياسات الحكومة، فهذا يعني أن الرقابة على الحكومة ستكون «قبل وبعد اتخاذ القرار»، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يعني «تأميم قرار الحكومة الاقتصادي» لصالح الصندوق.


وتابع: «الحكومة بهذا الأمر لن تتصرف فى شىء إلا بالرجوع لصندوق النقد الدولي، وبذلك يكون قد نزعت منها «الاستقلالية»، لافتًا إلى أن هذا الأمر لم يحدث مع اليونان التي كانت «تخربش مع الصندوق».


وقال أيضًا: «تعيين هذا الممثل اعتراف بفشل الحكومة»، مشيرًا إلى أن صندوق النقد الدولي «غسل يده» من كل القرارات الاقتصادية المؤلمة التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية، «ولبسها للحكومة».


واستكمل: «وضع الحكومة تحت رقابة الصندوق.. من الممكن أن يفسر الأخبار الخاصة باستقالة شريف إسماعيل»، لافتًا إلى أن هذا الأمر يؤكد أيضًا أن الحكومة ستتجه لتطبيق الدعم النقدى، وليس العينى.


وقال أيضًا: «في أبريل 2016، وخلال المؤتمر التحضيرى  في الصين لمجموعة الـ20، تم التنبيه على دول الشرق الأوسط بعدم اتخاذ قرارات في السياسة النقدية، إلا بالرجوع لبنك التجارة الأمريكي.. وجميع الدول وقعت على اتفاقية الفاتيكا، ومنها السعودية والإمارات».


وأشار إلى أن الصندوق من الممكن أن يعين رقيبًا على الدول، لأنه يرى أن القرارات السلبية لهذه الدول الضعيفة تؤثر على اقتصاديات العالم بالسلب.