رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة «مبارك» وراء سقوط مشيرة خطاب فى «معركة اليونسكو».. تقرير

مشيرة خطاب - أرشيفية
مشيرة خطاب - أرشيفية


خلال الأسبوع الماضي، خرجت السفيرة مشيرة خطاب من المنافسة النهائية على منصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، ثم فازت بالمنصب وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة «أودري أزولاي».


وبالمقارنة بين طريقة أداء مصر في انتخابات 2009، والتي خاضها فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، وانتخابات 2017 التي ترشحت لها السفيرة مشيرة خطاب، نجد أن الأسلوب والخطة لم يتغيرا كثيرًا؛ فالأخطاء واحدة، والحجج وتبريرات الفشل واحدة، كذلك نفس الأسلوب في التحركات و«التربيطات» قبل الانتخابات مع الدول العربية والإفريقية.


وكان النظام الحالى، وبعد 8 سنوات، يتبع نفس «خطة مبارك»، ولم يتعلم من أخطاء الماضي مع السفيرة مشيرة خطاب.


وبالعودة إلى الانتخابات السابقة، وفي سبتمبر 2009 تحديدًا، خسر المرشح فاروق حسني بفارق أصوات قليلة عن مرشحة بلغاريا «إيرينا بوكوفا» حيث جمع 27 صوتًا، مقابل 31 لأول امرأة تفوز بـ«المنصب الدولي المرموق».


وكان «حسني» منذ البداية، يحتل مقدمة الترتيب أمام المرشحين وهم ألكسندر ياكوفينكو، نائب وزير الخارجية روسيا، سابقا إنا مارشيوليونيته من ليتوانيا إيرينا بوكوفا من بلغاريا، سوسبيترمويجاروبي موهونجو من تنزانيا، وزير الخارجية الجزائر الأسبق محمد البيجاوي، نورعيني تيجاني سيربوس من بينين، إيفون خويس من الإكوادور.


وحصل «حسني» على 23 صوتًا في الجولة الثانية للانتخابات متفوقًا على «بنيتا فيريرو فالدنر»، المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية التي حصلت على 9 أصوات فقط، ثم المنافسة البلغارية التي حصلت على 8 أصوات متساوية مع المنافسة الإكوادورية في الأصوات.


وفي الجولة الثالثة من الانتخابات حصل فاروق حسني على 25 صوتًا، ولاحقته المرشحة البلغارية بـ13 صوتًا، ليحصل حسني في الجولة الفاصلة مع المرشحة البلغارية على 29 صوتا مقابل 31 للبلغارية، أما في انتخابات 2017 فقد حصلت مشيرة خطاب في الجولة الأولى على 11 صوتًا بالترتيب الثالث، وفي الجولة الثانية ارتفعت إلى 13 صوتا، وفي الثالثة 18 صوتا لتدخل جولة إعادة مع مرشحة فرنسا، وتحصل مشيرة خطاب على 25 صوتا مقابل 31 للفرنسية. 

وبالمقارنة أيضا بين المرتين في الانتخابات، يلاحظ أن مصر لم تتعلم من التجربة الأولى في عهد فاروق حسني، حيث انتهجت نفس السياسة التي اتبعت في انتخابات 2009، ونفس أسلوب تعامل نظام مبارك في التعامل مع التربيطات بين الدول، ففي انتخابات 2009 صرح وزير الخارجية في هذا الوقت، وخلال انتخابات اليونسكو، أحمد أبو الغيط، أن الغرب وقوى في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا والعرب وقفوا ضد مرشح مصر فاروق حسني، وتردد نفس الأسباب التي تقال حاليا بأن الرشاوى وتحكم المال والخيانة، ونقض التعهدات كان سببا في سقوط مرشحي مصر، ففي هذا العام ومع مشيرة خطاب تم التركيز أيضا على الدور السياسي في الانتخابات واستخدام قطر لنفوذها المادي في عملية التصويت والذي منحها فرصة الوصول إلى المرحلة الأخيرة من الانتخابات.

من جانبه، أكد السفير صلاح فهمى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر اتبعت نفس أسلوب و«خطة مبارك» في انتخابات 2009، عندما شارك فاروق حسني فيها رغم أن «كفته كانت أرجح تاريخيًا»، بدليل تحقيقه نتائج قوية جدًا في جميع الجولات رغم قوة المنافسين في انتخابات 2009 في حين كانت الانتخابات الحالية أقل صعوبة ومنافسة أمام مصر، حيث أسفرت الانتخابات في المرحلتين استمرار هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على مجريات الأمور في منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها عمومًا ومنها اليونسكو بما لا يتعارض مع مصالحها العليا.


وتابع: في انتخابات 2009 شنت الولايات المتحدة حملة هجومية عن طريق سفيرها الدائم لدى اليونسكو للحيلولة دون فوز المرشح المصري إرضاءً لإسرائيل واللوبي اليهودي، أما في انتخابات 2017 سعت الولايات المتحدة سريًا لإسقاط مرشحة مصر، عن طريق الانسحاب المفاجئ من اليونسكو لصالح دعم إسرائيل، وفي المرتين لم تقم مصر بفتح قنوات حوار وتربيط مع أمريكا واستغلال ما يقال عن العلاقات الطيبة بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي، ودونالد ترامب.


واستكمل: كما أظهرت الانتخابات في المرحلتين أيضًا فشل النظام المصري في الاستفادة من تجربة مبارك 2009، حيث ظهر مدى الاختلاف والانشقاق بين الدول الإفريقية منذ البداية، ورغم تأكيد مصر في المرحلتين من انتخابات اليونسكو الحصول على تأكيد أفريقي وعربي بمساندة مرشحة مصر، لم يقم مرشح مصر بأى حوار مع تلك الدول فكانت النتيجة حصول مصر على 3 أصوات في انتخابات 2009 من الدول العربية، و6 أصوات من إفريقيا، في حين حصلت مصر في انتخابات مشيرة خطاب على صوت عربي واحد، وهو العراق، و9 أصوات إفريقية من أصل 17، وهذا يعد سببًا في سقوط مصر في انتخابات 2009 و2017، خاصة أن أي مرشح مصري يجب أن يكون ضامنًا لأصوات العرب وإفريقيا أولًا.


وأوضح السفير صلاح فهمي، أنه من علامات السقوط في انتخابات اليونسكو على مدار الدورتين الماضيتين، هو تكرار نفس الحجج من جانب مصر، والاكتفاء فقط بتبرير السقوط بسبب تقديم «رشاوى» الأمر الذي نفاه المتحدث الرسمي لليونسكو، وتوزيع منشورات مجهولة تحمل التهديد الأمريكي بالانسحاب في حال فوز المرشح المصري، حيث وجهت نفس الاتهامات في انتخابات 2009 لمرشح الأكوادور وهو نفس الأمر بالنسبة لمرشح قطر.


في السياق ذاته، قال الدكتور محمد منصور، أستاذ العلوم السياسية، إن النظام المصري في انتخابات 2009 و2017 مارسا نفس الأخطاء والخطط، حيث تعمدت الدولة الفصل بين السياسة والثقافة في المحافل الدولية، كما أخطأت الدولة في التصور بأن انتخابات اليونسكو نزيهة تمامًا، مشيرًا إلى أن الدولة لم تقم بأى جهود في هذا الإطار، وأن الانتخابات أثبتت أيضًا استمرار غياب الدور المصري داخل إفريقيا.


كما كشفت الانتخابات أيضا في عهد فاروق حسني ومشيرة خطاب، وجود ظروف موضوعية إقليمية وعالمية وتوازنات قوى سياسية ومصالح دولية أدت إلى سقوط مرشحي مصر، في الوقت نفسه نجحت المنظمات اليهودية العالمية وإسرائيل في اكتساب قوة ونفوذ جديدين لم يكن لهما من قبل في المنطقة الإقليمية والدولية، والنظام المصري في الوقت الحالي والسابق لم يلتفت لذلك.


وتابع: «اللوم الأكبر ليس على موقف الدول الإفريقية تجاه دعم مصر، ولكن المسئولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق مصر، الأمر الذى يدعو الطرفين مصر ودول إفريقيا، إلى إعادة النظر بشأن العلاقات الدولية بينهما بما يحقق التكامل والتضامن وقد يأخذ الجانب المصري إعادة إحياء الدور المصري في إفريقيا هدفًا».


وقال الخبير السياسي، إن الإعلام المصري «تورط» في هزيمة مرشح مصر في انتخابات اليونسكو، حدث ذلك بطريق مباشر في انتخابات 2009 و2017، حيث قاد حملة تهاجم الدول الإفريقية والعربية التي لم تساند مصر، وكرر الإعلام نفس الاتهامات وهي حصولهم على رشاوى وهذا بالطبع بعيد عن الدبلوماسية السياسية، ما كان سببا في فقدان تعاطف عدد من الدول ضد مرشحي مصر في المرتين.