رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لغز «انقلاب» بريطانيا على الإخوان بعد 4 سنوات من «التحالف»

شعار جماعة الإخوان
شعار جماعة الإخوان المسلمين - أرشيفية


5 أشهر فقط كانت «كفيلة» بتحول محوري في العلاقات بين مصر وبريطانيا، من النقد والهجوم والتقارب مع الإخوان، إلى التصالح والتواصل مع النظام، ونبذ «الجماعة».

فمنذ 3 يوليو 2013، اتخذت بريطانيا موقفًا متصلبًا من النظام المصري باعتباره أطاح بنظام أتى بطريقة ديمقراطية، في حين أتاحت التواجد بشكل كبير للإخوان، وأفسحت المجال لهم في التواجد والعمل بنشاط، حتى أن مركز إدارة «الجماعة» أصبح بشكل رئيسي في لندن، وبدأت بريطانيا مع تولي السيسي للحكم في تصعيد الهجوم على مصر، واتخذت عدة خطوات لتحقيق ذلك.


ففي بداية ديسمبر 2014، قررت بريطانيا منفردة ودون سابق إنذار إغلاق سفارتها في مصر، وتبعها خمس دول أبرزهم أمريكا، وتم تحذير رعايا تلك الدول من التنقل في مصر، ما أدى لخسائر كبيرة في السياحة.


وفي نهاية فبراير 2015، سقطت الطائرة الروسية في سيناء وراح ضحيتها 224 راكبا، وفي الوقت الذي بدأت مصر وروسيا التحقيق في أسباب الحادث، أعلنت بريطانيا منذ اللحظات الأولى، سقوط الطائرة نتيجة عمل إرهابي، على لسان رئيس وزرائها ديفيد كاميرون، «في ذلك الوقت»، أثناء زيارة السيسي لبريطانيا، وأجلت رعاياها، وأوقفت رحلات الطيران، رغم أنها ليست طرفا في الأزمة، وتبعتها بعد ذلك روسيا.


ومع بروز حادثة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، نهاية يناير 2016، كانت بريطانيا أول من أعلن أن «ريجيني» مات نتيجة التعذيب على يد السلطات المصرية، وهي الرواية التي تبنتها «الإندبندنت» البريطانية، وتبعتها «بي بي سي»، و«الديلي ميل»، وبعدها صوت نواب حزب المحافظين البريطاني بالإجماع على قرار يدين مصر في تلك القضية.


ومع تصاعد أزمة الدولار في مصر، قررت شركة الخطوط البريطانية وقف التعامل بالجنيه المصري في دفع التذاكر داخل مصر، والدفع بـ«الفيزا والدولار» فقط؛ لتزيد من الأزمة.


وبعدها بيومين، أعلن بنك باركليز البريطاني، تخارجه من مصر، ليعطى مؤشرا سلبيا عن وضع السوق المصري، ويفتح الباب لتخارج بنوك وشركات أخرى.


في حين أدانت بريطانيا موقف النظام من حقوق الإنسان خلال انعقاد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف.


في المقابل، وتحت ضغط من السعودية والإمارات، قامت الحكومة البريطانية منذ بدايات عام 2014، بتشكيل لجنة لعمل "مراجعة" بشأن تواجد «الإخوان» في بريطانيا وعلاقتها بالتطرف والإرهاب، ففي أبريل 2014 شكل رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون، لجنة يترأسها السير جون جنكينز، السفير البريطاني في السعودية آنذاك؛ لإعداد تقرير عن مناهج وأفكار الإخوان ومدى ارتباطها بالتنظيمات الإرهابية ومدى تشكيل ذلك لأي تهديد لبريطانيا، وهو التقرير الذي انتهت اللجنة منه وسلمته للحكومة البريطانية في يوليو 2014 دون الإعلان عن نتائجه في وقتها، وتم إرجاء الإعلان عن نتائج التقرير عدة مرات دونما إبداء أسباب وجيهة، إلى أن جاء سبتمبر 2015، حيث أكدت مصادر دبلوماسية بريطانية، أن الحكومة البريطانية أعادت فتح ملف "تقرير الإخوان" بناء على مطالبات عدة تقدمت بها سفارات دول عربية.


وفي ديسمبر 2015،  أعلنت الحكومة البريطانية انتهاء مراجعة أجرتها في أمر جماعة الإخوان، وقام ديفيد كاميرون، بقراءة ملخص من التقرير على مجلس العموم البريطاني في اليوم الأخير قبل عطلة أعياد الميلاد ودون ترك أي مجال للمناقشة.


وأشارت إفادة كاميرون إلى أن الانتماء لجماعة الإخوان أو الارتباط بها يمكن اعتباره مؤشرا محتملا على التطرف.


وفي نهاية الأمر، لم تتخذ الحكومة البريطانية أية إجراءات نحو «الإخوان»، أو أي من أعضائها في بريطانيا بناء على ما عرضته من نتائج على مجلس العموم، توقف الجدل حول الإخوان، وبدأت بريطانيا تعيد التعاطف معهم، ففي أغسطس 2016 قررت سلطات الهجرة البريطانية إمكانية التقدم بطلب اللجوء لأعضاء «الجماعة» في مصر في إشارة واضحة لتعرضهم لظلم سياسي من قبل النظام المصري، ومن ناحية أخرى عدم تشكيلهم خطرًا على بريطانيا.


وفي نوفمبر 2016: انتقدت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني برئاسة السير «كريسبن بلانت»، وزارة الخارجية البريطانية ومنهجيتها في المراجعة التي قادها السير «جينكيز» عن الإخوان، ولم تستبعد اللجنة أن تكون دولة أجنبية قد مارست نفوذا غير مقبول أثناء إعداد التقرير في إشارة غير مباشرة للضغوط التي مارستها الإمارات ومصر لإخراج تقرير جينكنز بشكل يدين «الجماعة».


وظل الوضع كذلك طوال السنوات الماضية يصب في اتجاه التصعيد ضد مصر والتقارب مع «الإخوان» إلى أن انقلب رأسا على عقب خلال الأشهر الماضية، وكانت البداية في يونيو الماضي، حيث نشر السير جينكنز  مقالًا على موقع (Policy Exchange)  7 اليميني المحافظ، تخلى فيه جينكنز عن حديثه المتوازن والموضوعي عن الإخوان أثناء ترؤسه لفريق التحقيق المكلف من الحكومة البريطانية، واتجه جينكنز في مقاله إلى توجيه الاتهامات إلى الإسلام السياسي بكل أشكاله ومدى التهديد الذي يمكن أن يمثله للدولة القومية الحديثة، وربط بين أفكار جماعة الإخوان ومبادئهم وبين التنظيمات الإرهابية.


في المقابل أبعد حزب المحافظين الحاكم، «كرسبن بلانت» العضو في نفس الحزب والوزير السابق، في انتخابات رئاسة اللجنة في يونيو 2017، بعد أشهر قليلة على توجيه لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني برئاستها نقدًا إلى الحكومة البريطانية، فيما يخص تقرير الإخوان، واتفاق اللجنة على عدم تصنيف الإخوان باعتبارها منظمة إرهابية، ولا حتى اتهامها بالتطرف.


وفي 13 أغسطس الماضي، قام "الستر بيرت" وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بزيارة إلى مصر، ونشر مقالا باللغة العربية، بـ« الأهرام»، دعا فيه للتعاون مع النظام المصري، وشن هجوما واسعا على جماعة الإخوان، واتهمها بالوقوف خلف العنف وانتهاج التطرف.


وهدد بفرض رقابة مشددة على سلوك الجماعة، وأنشطتها بما في ذلك طلبات استخراج التأشيرات لهم ورصد مصادر تمويل الجمعيات الخيرية وشبكة العلاقات الدولية للتنظيم.


بعد يومين فقط من زيارة «بيرت» لمصر، قام "تشارلز فار"، رئيس لجنة الاستخبارات المشتركة بمجلس الوزراء البريطاني بزيارة مصر في 26 أغسطس 2017، هو أحد أفراد فريق السير «جون جينكيز» الذي قام بمراجعة أنشطة جماعة الإخوان ومدى خطورتها على بريطانيا، وتم الحديث عن تفاهمات أمنية بين الجانبين المصري والبريطاني فيما يتعلق بنشاط جماعة الإخوان، وتواجدها في بريطانيا.


وقال السفير البريطاني في القاهرة «جون كاسن»، إن وفدًا تجاريًا من بريطانيا، سيقوم بزيارة القاهرة لفتح آفاق جديدة للاستثمار في مصر، مضيفًا أنه سيتم الإعلان خلال تلك الزيارة عن ضخ حزمة جديدة من الاستثمارات البريطانية في مجال البنية التحتية.


وخلال الأسبوع الماضي، دشن مسئولون ونشطاء في حزب المحافظين الحاكم، حملة داخلية لإقناع حكومة رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، بفرض حظر قانوني على أنشطة الإخوان في أراضي المملكة المتحدة.


وقال مسؤول حملة "حظر نشاط الإخوان في بريطانيا"، دان لارج، إن الحملة تهدف إلى منع الإخوان من مزاولة أنشطتهم في بريطانيا، نظرا لاعتماد الجماعة على العنف في تحقيق أهدافها، بشكل يتعارض مع قيم المجتمع البريطاني.


من جانبها، كشفت مصادر في جماعة الإخوان ببريطانيا، أن الجماعة تعيش حالة ترقب للإجراءات المقبلة بعد التقارب بين النظام المصري والحكومة البريطانية، مشيرة إلى أن بريطانيا لم تبدأ في تنفيذ أي إجراء حتى الآن ضد الجماعة، ولكن يبدو واضحا التطور الكبير في السياسات بعد الانتخابات السابقة.


وأوضحت المصادر أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكلفها نحو 65 مليار دولار، فضلا عن ارتفاع ديونها، ما سيجعلها تقترض من الخارج لتغطية ذلك، مشيرة إلى أنها بدأت في توثيق التحالف مع دول الخليج من أجل بيع صفقات أسلحة، والحصول على استثمارات بأرباح كبيرة، وفي سبيل ذلك تنفّذ رغبات السعودية والإمارات، بالتقارب مع النظام المصري والتضييق على جماعة الإخوان.