رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مدحت الشريف: الحكومة تتعمد «دفن» ملفات الفساد.. وغير راضٍ عن أداء البرلمان (حوار)

محررتا «النبأ» أثناء
محررتا «النبأ» أثناء الحوار مع مدحت الشريف


قال مدحت الشريف، وكيل اللجنة الاقتصادية بـ«البرلمان»، إن المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لا يصلح في الوقت الحالي لإدارة الحكومة، مشيرًا إلى أن إمكانياته لا تسمح بإدارة مصر في هذه المرحلة الصعبة، متابعًا: «نحن بحاجة إلى رجل ذو خلفية اقتصادية قوية للغاية لديه قدرات إدارية».


وأضاف «الشريف» في حواره لـ«النبأ»، أن منظمات المجتمع المدني «تسترزق» من دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات، وإلى نص الحوار:  


كيف ترى الوضع بصورة عامة في مصر؟
نحن على أعتاب انتخابات رئاسية مقبلة في 2018، وحتى الآن خريطة هذا الالتزام السياسي الهام غير واضحة، فلم يظهر حتى الآن المرشحون لهذه الانتخابات، كما لم يعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشكل رسمي، نيته في الترشح للرئاسة، من عدمها،  وكل هذا يتم في وقت لا توجد به انتخابات مجالس محلية، ولم يقر أي قانون خاص بالإدارة المحلية، كما أننا نعيش في ظل برنامج اقتصادي صعب للغاية، أثر بشكل كبير على درجة الرضا السياسي بالنسبة للمواطنين في الشارع، ولكنها إصلاحات ضرورية، ونتائجها تحتاج وقتًا لتظهر، ونحن لا نزال نتحدث عن رئيس لا يدعمه حزب أو تيار سياسي معين.

وماذا عن حزبي مستقبل وطن والمصريين الأحرار.. أليس هذان الحزبان يدعمان الرئيس؟
هذان الحزبان لا علاقة لهما بـ«السيسي»، ولكنهما يدعمان موقف الرئيس، وهذا لا يعنى أنهما حزبا رئيس الجمهورية، وبشكل قانوني، الظهير السياسي للسيسي، غير موجود، فالدعم لا يعني الموافقة على كل شىء، وإلا سنعود إلى فترة  «تأليه» الزعيم.

ولكن المواطن البسيط يدفع ثمن هذه الإصلاحات الاقتصادية؟
برنامج الإصلاح الاقتصادي كان يجب أن يتم اتخاذ إجراءات حاسمة فيه، ولا يمكن تأجيله أكثر من ذلك؛ لأن مصر ستكون على «حافة الهاوية»، حقيقي أن الشعب هو من يدفع الضريبة الأولى، وبالذات الطبقات المتوسطة، لأن الفئات الأكثر احتياجا لها برامج للحماية الاجتماعية «تكافل وكرامة»، ولكن تلك الطبقة هي الأكثر تأثرًا لأنها لا تأخذ دعما ولا بطاقات التموين ولا ينطبق عليها برامج تكافل الاجتماعي ولذلك تتآكل، فهي تعد نقاطًا سلبية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، ولكن النتائج الإيجابية ستتحقق على المدى القريب لو سرنا بشكل منتظم بدون مؤثرات خارجية.

ماذا تقصد بالمؤثرات الخارجية؟
بعض الدول تستخدم «أوراق ضغط» ضد مصر لضرب اقتصادها، وهو ما يظهر في ضرب طائرة أو تنفيذ هجمات إرهابية لتشويه سمعة مصر دوليًا عبر أجهزة استخبارات دول أجنبية؛ لتخطيط الهجوم من قبل دول أخرى معروفة وهو ما أثر على السياحة التي كانت تحتل المركز الثالث كمصدر لدخل العملات الصعبة في مصر.

هل هذا الأمر يتعلق بالقصور الأمني؟
ليس بالضرورة، فـ«الهجمات الإرهابية» تحدث في جميع دول العالم، فلا توجد منظومة أمنية كاملة بنسبة 100%، وطالما أنا نجحت في تنفيذ عمل إرهابي، فأنا استغللت ثغرة في المنظومة الأمنية بعد تخطيط لشهور على مستويات عالية من الدقة، وأعتقد أن مصر تتخذ كل الإجراءات اللازمة للتأمين بشكل جيد وموفق لحد كبير، وهو ما ظهر في عدم تكرار حوادث الإرهاب في الفترة الأخيرة.

إذًا هل أنت راضٍ عن برنامج الحكومة الاقتصادي؟
لا.. حديثي لا يعني أنني راضٍ عن البرنامج الاقتصادي بنسبة 100%؛ لأنه كان يجب وضع برنامج موازٍ له، وكان لابد أن يبدأ قبل هذا البرنامج بفترة كافية، وأهمها دعم الصناع المصريين والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ببرامج واضحة وقوية خلال 6 أشهر، أو سنة، حتى لو كان دعمًا تمويليًا به نسبة مخاطرة، وناديت منذ عام على وجوب تأسيس كيان منفصل لدعم المشروعات، وتحفيز الشباب على الاستثمار لعمل مشروعات بدلًا من الاعتماد على الوظيفة، وهذا لن يتأتى إلا بتسهيل التمويل للشباب، وهو ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال دعمه المشروعات بمبلغ 4 مليارات، ولكن للأسف اقتنص الحجم الأكبر منها رجال أعمال كبار، بفائدة 5% في حين أنها أصبحت حاليًا 20%.

لماذا لا تتواصلون مع الحكومة باعتباركم نواب برلمان لتنفيذ هذه البرامج؟
نحن  كنواب برلمان ضغطنا كثيرا، وأخيرا الحكومة تبنت فكرة وجود كيان منفصل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وأصدرت له لائحة تنفيذية، وأعتقد أنه سيكون أمامه كثيرًا من المعوقات الإدارية على أرض الواقع، وسأتدخل كنائب في دفع هذه الأمور في بداية دور الانعقاد الثالث، كما أن هناك تنسيقًا مع رئيس هذا الجهاز الجديد على أن يضم برامج تدريبية، ووحدة لتسهيل الإجراءات للشباب من خلال تقديم إجراءات عاجلة لهم بعيدا عن البيروقراطية والفساد، وهذا ما كانت تضمه الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، والتي كنت أحد المشاركين في وضعها، للأسف الشديد وحتى الآن الحكومة «مش عارفاها أو مش عجباها»، وقولت لرئيس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل: «لو أنت مش عايز تطبقها أعلن ذلك للشعب»، ومن يعوق هذه الإستراتيجية، يعوق الإصلاح في مصر، كما أن برنامج الحكومة مقارنة بالإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد لا يصلح لإدارة شركة «توك توك»، مجرد رؤى ليس لها مؤشرات أداء ولا فترة زمنية ملزمة ولا منهجية تنفيذ الاستراتيجية كل كبيرة وصغيرة.

ما تفسيرك لموقف الحكومة بشأن إستراتيجية مكافحة الفساد؟
مصر تعاني من أزمة إدارة، أهمها التنسيق ما بين الوزارات والكيانات الحكومية، فالإستراتيجية بها محور كامل  للإصلاح  المؤسسي، وحتى الآن لا يوجد إصلاح مؤسسي على أرض الواقع، تحدثنا كثيرا عن عملية دمج الوزارات بسبب عددها الكبير جدًا، وهو الأمر الذي أدى إلى التضارب أثناء مناقشة قانون الاستثمار، فمصر لن تتقدم بهذا الأسلوب، ولكن يجب تكون هناك قرارات فاعلة حاسمة  لتطبيق الاستراتيجية  ومكافحة الفساد.

كيف تقيم أداء البرلمان؟
أنا غير راضٍ عن أدائه؛ لأنه لم يحقق عددًا من التطلعات، أولها تفعيل الأدوات الرقابية فلم تتم الموافقة من البرلمان على أي طلب تقصى حقائق بعد طلب تقصى حقائق فساد القمح، وهذا يعد مساعدة للفساد، كما أنه ليست هناك «عدالة ناجزة» للذين تقدموا للمحاكمة في تقصي الحقائق للقمح، فقد كنت رئيس اللجنة المصغرة للتحقيق في فساد جهاز التجارة الداخلية وخرجنا بتوصيات أهمها إحالة قيادات الجهاز السابقة إلى النيابة العامة، وحتى الآن لم تتم إحالة أيا منهم، وهذا يستهدف تغييب دور البرلمان، وإهدار رؤية الشباب في غد أفضل.

هل ترى أن هذا الأمر تعمدًا من الحكومة؟
نعم.. «هناك تعمد من الحكومة لدفن ومعالجة الفساد»، فمعظم القيادات التي وجهت لهم تهم تمت إعادتهم مرة أخرى إلى هيئة الانتداب الرئيسية التابعة لهم، على سبيل المثال موظف صغير أصبح نائب رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية وعندما تم إثبات مخالفاته بأدلة دامغة تمت إعادته لهيئة الاستثمار ليتولى وظيفة قيادية لخدمة المستثمرين رغم تهمة التواطؤ، هناك مافيا «بتدخل» من الخارج لعمل توصيات لحماية الفاسدين الذين ساعدوها بعلم الحكومة.

وأين الرئيس من هذا الخلل؟
الرئيس لن يدخل «في كل حاجة.. مش شغلته يخش في كبيرة وصغيرة»، ولو فكرنا في إقالة الفاسدين فإننا سنقيل مصر كلها ماعدا قلة محترمة، وأنا أرى شريف إسماعيل رجلًا ذا خلق، ولكن إمكانياته لا تسمح بإدارة مصر في هذه المرحلة الصعبة، ونحن بحاجة إلى رجل ذى خلفية اقتصادية قوية للغاية لديه قدرات إدارية والحسم في الوقت المناسب، ويعلم تمامًا كيف يتعامل مع الفساد، كان يجب أن يعين نوابًا له فى إطار الإصلاح المؤسسي، مثل نائب للمجموعة الاقتصادية يعي المرحلة التي نمر بها، ونائب للمجموعة الخدمية ذى خلفية بهذا الدور، هو حاليًا يجتهد ولكن هذا الاجتهاد غير متواكب مع المرحلة التي نعيشها.

كيف ترى القضية التي أثيرت حول وزير التموين علي المصيلحي واتهامه بتلقي مكافآت؟
لا أستطيع الحكم؛ لأنني لا أملك مستندات تلك الواقعة، ولكن المثير للشبهات هو ما أعلن عن عمل اللجان لإثبات ما يضر الموظفين الذين تقدموا بالبلاغ ضد الوزير حتى الساعة الواحدة صباحًا، وأيضًا في يوم عطلة العام الهجري الجديد، وهذا يُعد تعنتًا ضد المبلغين، وإصرارًا على قطع ألسنتهم، والمشكلة الحقيقة هو عدم وجود قانون لحماية المبلغين والشهود في مصر، وتقدمت به من حوالي عام وحتى الآن، توجد «مماطلة» غير عادية لمناقشة القانون.

هل يأخذنا هذا الحديث إلى واقعة أزمة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة؟
موضوع هشام جنينة مختلف، لأنه موظف رسمي وأعلن عن أرقام غير حقيقية عن أرض الواقع بشكل سليم، ونشعر من خلالها أنها مجرد أرقام تستهدف إثارة الرأي العام أكثر منها محاولة لـ«رأب الصدع» في منظومة الفساد، وأساس  المشكلة تكمن في قانون الجهاز المركزي للمحاسبات، والذي يجب تعديله، فلابد وأن يكون هناك قانون يعطيه الأحقية بإحالة هذه الجهات للنيابة بشكل مباشر، أنا تقدمت في بداية تشكيل اللجنة على طلب عمل لجنة النزاهة الشفافية وتم رفضه. 

كيف ترى دخول الجيش في المشروعات الاقتصادية؟
الجيش تم تكليفه بشكل مباشر لإدارة ومتابعة المشروعات القومية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، نظرًا إلى أن الأجهزة الحكومية في الوقت الحالي، لا تستطيع القيام بتلك المشروعات بالشكل الأمثل؛ لذلك يتم اللجوء إلى الجيش، ولكن في الوقت ذاته يجب أن تكون هناك خطة لتطوير تلك المؤسسات حتى تستعيد عافيتها، وعمل إصلاح مؤسسي لها، وهو ما يطلق عليه التطوير في اتجاه النجاح، فالقوات المسلحة بها قوانين ملزمة وآليات ثواب وعقاب، والبيروقراطية تكاد تكون فيها شبه معدومة؛ لأنها تأخذ قرارات عاجلة.

هل تؤيد مطالبات تحويل الدعم العيني إلى نقدي؟
نعم.. أنا حاليًا مقتنع بتحويل الدعم العيني إلى نقدي، لأنه سينهي الفساد داخل هذه المنظومة، فنحن لا نملك حتى الآن محددات واضحة لمستحقى الدعم في البطاقات التموينية، وهناك لجنة بالبرلمان مشكلة من مجلس الوزراء منذ عام تقريبًا، تسمى لجنة العدالة الاجتماعية؛ لتحديد تلك المعايير ولم تنته من عملها.

كيف ترى الحملات التي تم الإعلان عنها لتأييد السيسى لفترة رئاسية ثانية؟
هذه حرية سياسية مشروعة، ولكن من غير المشروع هو مشاركة مؤسسات مجتمع مدني، يحظر عليها العمل السياسي وفقا للقانون أن تشترك في هذه الحملات وتتغلغل في المحافظات لعمل دعاية لـ«الاسترزاق» من دعم الرئيس، والتملق، ولا داعى لذكر أسمائها، فإدارة الملف السياسي تحتاج إلى الفهم، والاحترافية؛ لأن من يمارسها بشكل خاطئ يسيء إلى سمعتها.

ما رأيك في قرار الإدارة الأمريكية بتخفيض المعونات الاقتصادية والعسكرية؟
بالنسبة لـ«المعونة الاقتصادية» فهي غير مؤثرة، ولكن خفضها يعني أن هناك مؤشرًا على وجود تيار سياسي داخل «الكونجرس» يريد أن يستخدم ورقة ضغط لــ«تنصاع» مصر لرؤية الولايات المتحدة الأمريكية.

أما «العسكرية» فتم إعلام مصر في عهد الرئيس السابق «أوباما» بتقليص المعونة الأمريكية، وأعتقد أنه في المجال العسكري سيكون مؤثرًا لأننا في إطار المعونة نأخذ قطع غيار للمعدات والأسلحة أمريكية الصنع دون دفع مقابل مادي.