رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

فتحي الطحاوي: رفع سعر الفائدة «يدمر الاستثمار».. والتسعيرة الجبرية نظام فاشل (حوار)

محررة «النبأ» مع
محررة «النبأ» مع فتحي الطحاوي


قال فتحي الطحاوي، الخبير الاقتصادي، ونائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية بـ«الاتحاد العام للغرف التجارية»، إن البنوك في مصر حتى الآن ليس لديها القدرة على تغطية احتياجات المستوردين من الدولار، موضحًا أنه يتم توفير الدولار حاليًا من «السوق السوداء»، بفارق سعر يزيد عن البنوك من 5 إلى 10 قروش.

وأضاف «الطحاوي»، أن أسعار جميع السلع ارتفعت 200% منذ التعويم حتى الآن، لافتًا إلى أن رفع سعر الفائدة يدمر الاستثمار، وأن تطبيق التسعيرة الجبرية «فاشل»، متوقعًا وصول سعر الدولار في البنوك إلى 16 جنيهًا نهاية 2017، وإلى نص الحوار:

في البداية.. ماذا عن وضع التجارة والاستيراد في مصر؟
الاستيراد شبه متوقف، أما بالنسبة للتجارة لا يوجد حركة في أسواق الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية، إذ أصدرت وزارة التجارة والصناعة القرار رقم 43 لسنة 2016، الخاص بإنشاء سجل للمصانع والشركات، ومن بعدها لم ينفذ القرار سوى على 5% فقط من جملة المصانع المتقدمة، بالرغم من استيفاء الأوراق المطلوبة، وذلك منذ سنة و5 أشهر، كما أن التسجيل يتم بشكل غير منظم وعشوائى حيث يسجل مصنع واحد فقط كل 5 أشهر، لصالح كبار التجار ورجال الأعمال.

هل عدم التسجيل يؤثر على الاستثمار؟
نعم.. المستثمر الأجنبي الذي يرغب في ضخ أمواله في مصر، في البداية يدرس السوق ومع عدم التسجيل وأخذ القرارات بدون تنفيذها لمدة أكثر من سنة، ومع وقف الاستيراد، والقيود الموجودة، يتسبب في هروب المستثمرين وانخفاض الراغبين في الصناعة.

إذًا ما الحل؟
الحل في زيادة الصناعة والإنتاج، تسهيل الإجراءات، ووضع اشتراطات للاستيراد والتصدير، وتشديد الرقابة على الصادرات والواردات، وزيادة المواصفات والجودة على السلع الواردة إلى مصر، بالإضافة إلى منع التهريب، فهناك منافذ مثل بورسعيد أصبحت خاصة بتهريب السلع، و«بدلًا من دخول الأموال للدولة تدخل للمهربين»، وهو ما يفتح أبوابًا لمشكلات كبيرة، بالإضافة إلى ضرورة وضع سياسة اقتصادية واضحة نسير عليها لمدة 5 سنوات على الأقل.

في ظل قيود الحكومة وركود الأسواق.. كيف يعمل التجار؟
معظم التجار يغلقون محلاتهم، فأصبحت نسبة الإغلاق والخروج من السوق «يومية»، إذ يتجهون إلى الإيداع في البنوك بسبب ارتفاع الفائدة إلى 20%، فالبنوك لا يوجد بها ضرائب، وتكليفات العمالة والإنتاج، وبهذه الطريقة تهرب الأموال من السوق وتذهب للبنوك، ما سيؤدي إلى زيادة ديون الدولة وزياد التضخم، وخاصة مع قلة عجلة الإنتاج والصناعة.

إذًا رفع سعر الفائدة خطر على الاقتصاد؟
نعم.. فهو شيء في منتهى الخطورة، فأي مستثمر يعد دراسة عن السوق وعن البدائل المتاحة، ونسبة الأرباح من المشروع، ولا يوجد مشروع أو صناعة صافي ربحها يصل إلى 20%، ومع ارتفاع سعر الفائدة يجب أن تكون المشروعات صافي ربحها أكثر من 30%، ولذلك يجب خفض سعر الفائدة وبسرعة، لأنها لا توقف الاستثمار فقطـ، ولكن تدمره.

ماذا عن ارتفاع الاحتياطي النقدي؟
ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى أكثر من 36 مليار دولار ليس مؤشرًا جيدًا على تحسن الوضع الاقتصادي؛ بل إن هذا الأمر ناتج عن قروض وديون، وليس من إنتاج وصناعة ودخل قومي.

كيف ترى حركة البيع والشراء في الأسواق حاليًا؟
الأسواق في حالة ركود تام، ومن يقول غير ذلك «بيني وبينه الشارع»، وأي كلام لمداعبة القيادة السياسية، ونقل صورة غير حقيقية، مجرد «كذب عن الواقع»، ومن بعد التعويم «الدنيا باظت خالص»، وهذا على مستوى جميع القطاعات في مصر، وكله «بيصرخ من وقف الحال».

انخفاض سعر الدولار الجمركي إلى 16 جنيهًا لم يساهم في حل الأزمة؟
الدولار الجمركي انخفض خلال شهر 50 قرشًا، ولم يؤثر على الأسعار، لأنه في المقابل ارتفعت أسعار الكهرباء والبنزين، ولكنه ساهم في استقرار أسعار السلع على مدار 5 أشهر الماضية، ونحن تقدمنا بمقترح لتقسيم الدولار الجمركي إلى 3 شرائح لخفض الأسعار بشكل سريع، بناء على تحديد سعر الدولار الجمركي بـ10 جنيهات للأدوية والمحروقات والسلع الغذائية الأساسية ما يخفض أسعارها 30%، وتحديد سعر 12 جنيها لمستلزمات الإنتاج ما يخفض أسعارها في السوق المحلي 20%، وتحديد 14 جنيها على السلع كاملة الصنع ما يخفض أسعارها 15%، مما سيكون له تأثير واضح على أسعار السلع والقضاء على حالة الركود في القطاعات التجارية، بالإضافة إلى تحصيل الدولة ضرائب من عجلة الإنتاج وليس من جيب المواطن.

ولكن الأسعار ترتفع بشكل مستمر.. ما تعليقك؟ 
نعم.. فهناك عدة أسباب منها مباشر وغير مباشر، فالمباشر هو تعويم الجنيه، فكان الدولار يباع في البنوك بـ8.88 جنيه، وبعد التعويم وصل إلى 18 و19 جنيهًا، ومعظم المنتجات مستوردة من الخارج، وحتى السلع المصنعة في مصر مدخلاتها تستورد من الخارج، أما بالنسبة للعوامل غير المباشرة، فهناك سببان أحدهما قلة المعروض، ونتج هذا الأمر من ارتفاع سعر الدولار الجمركي، وانخفاض معدلات الاستيراد، أما السبب الآخر فيختص بتكلفة الحياة من ارتفاع في أسعار الوقود والكهرباء والنقل والضرائب «ضريبة القيمة المضافة من 4% إلى 14%».

كم نسبة الارتفاعات في أسعار السلع منذ التعويم حتى الآن؟
الارتفاعات في الأسعار وصلت على مستوى جميع القطاعات إلى 200%، في الملابس وأجهزة كهربائية وأدوات منزلية وهواتف والعقارات، فالتكلفة الإنتاجية زادت، فالأمر ليس له علاقة بجشع التجار، والدليل على ذلك أن الحكومة رفعت أسعارها على مستوى المواد التموينية أو شركات قطاع الأعمال العام، فالتاجر أسوأ شيء لديه البيع بسعر مرتفع؛ لأنه يعني ركود البضائع في المخازن.

أين دور جهاز حماية المستهلك في ضبط الأسعار؟
دور حماية المستهلك ليس ضبط الأسواق وأسعار السلع، بل يقتصر على السلع المعيبة والمجهولة المصدر، فالسوق يحكمه العرض والطلب، والمواطن هو الرقيب الآن للأسعار، فهي تسمي الرقابة الشعبة.

ماذا عن التسعيرة الجبرية الذي ينادي بها البرلمان؟
تطبيق فاشل، ويدعم وجود سعرين بالسوق، حيث سيتم عرض السلع الرديئة وتخزين ذات الجودة لبيعها بالسعر المرتفع، وأثبتت التجربة أن التسعيرة الجبرية فاشلة حتى في الصين والدول المتقدمة، بل من المستحيل تطبيقها، والأفضل تدوين السعر على المنتج وليس تسعيرية جبرية.

ما توقعاتك للفترة القادمة بالنسبة لسعر الدولار؟
أعتقد أن سعر الدولار في البنوك سينخفض عن 16 جنيهًا على نهاية العام الجاري، لأن قيمته الحقيقية أمام الجنيه لا تتعدى 14 جنيهًا، ونتمنى أن تنتهي أزمة توفير الدولار في البنوك أخر العام الجاري، بجانب رجوع عمليات الاستيراد مرة أخرى، وأن يصل سعر الدولار الجمركي إلى 14 جنيهًا أو يتم تثبيته على الأقل كل 4 أشهر حتى يوفق المستورد أوضاعه، بالإضافة إلى أن ذلك يعطي آملًا للمواطن باستقرار الأسعار.

إذًا كيف يوفر المستوردون الدولار؟
نوفره من السوق السوداء، وليس لنا مكان آخر، فالبنوك لا تغطي احتياجات المستوردين قبل وبعد التعويم، وبالرغم من أن الاستيراد شبه متوقف بعد قرار تحرير سعر الصرف، إلا أنه كان لابد منه، فقد أحجم التداول في السوق السوداء والسعر أصبح يزيد فقط من 5 إلى 10 قروش عن البنك.

ماذا عن المدينة الصناعية «القلعة الأوروبية» الخاصة بالغرف التجارية؟
هي مدنية تتكون من 6 مصانع مختصة بإنتاج الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية منها مصنع لإنتاج البورسلين المنزلي، ومصنعان لإنتاج الألمونيوم المطلي بالسيراميك والجرانيت، ومصنع للزجاج، ومصنع أستاليس، ومصنع تجميع وتصنيع للأجهزة الكهربائية ويشارك في المدينة من 25 إلى 30 مستثمرًا، ونهدف من خلال هذه المدينة إلى تغيير معنى الشراكة في مصر وسد احتياجات الشعب المصري من هذه السلع، والاتجاه إلى التصدير بعد النجاح في الداخل، وسنبدأ الإنشاءات والأعمال الهندسية بالمدينة، خلال الشهر الجاري، وسوف نستعين بالتكنولوجيا الصينية والتركية، بالإضافة إلى أن قانون الاستثمار الجديد سيدعم ذلك، وفي غضون سنة أو سنة ونصف ستكون منتجاتنا بالسوق.

هل هناك معوقات تقف أمام المدينة؟
نعم.. تمويلات البنوك فهي من دورها تمويل المشروعات الجديدة وليس القديمة التي ترغب في التوسع فقط، حيث البنوك ترفض تمويل المشروعات الجديدة بسبب نسبة المخاطرة، فالقطاع المصرفي لا يمول غير سندات وأذون خزانة، وقرض السيارات والعقارات ونادي، بجانب ارتفاع نسبة الفائدة إلى 23%، والتي لا يجب أن تزيد عن 10 و15%، خاصة أن المشروعات جديدة، ولا تزال في البداية، والبنوك «ما بتشتغلش»، والحل الوحيد أن يأمر الرئيس عبد الفتاح السيسي مباشرة، فالحكومة لن تفعل ذلك من تلقاء نفسها.

في تصريحات سابقة قلت «صنع في مصر سمعته سيئة».. لماذا؟
بسبب الحملات الإعلانية، التي انتشرت خلال الفترة الماضية الخاصة بشراء المنتجات المصرية والبعد عن المنتجات المستوردة، وهو الأمر الذي ينشر سمعة سيئة لمصر للخارج ولدى المستثمرين أيضًا، وكان من الأفضل استخدام هذه الدعاية لإظهار مزايا المنتج المصري.

ما رأيك في أداء المجموعة الاقتصادية؟
أنا لا أدعم الحكومة ككل، ولكن المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، له دور فعال في الشق الصناعي فقط، لكن التجاري نواجه فيه معوقات كبيرة، بجانب الدكتورة سحر نصر، فهي تبذل مجهودًا «رهيبًا»، ولكن ستواجههما مشكلات ستتسبب في تنفيذ 30% فقط من خطط الحكومة والرئيس السيسي، والتي منها البيروقراطية التي «ستنسف هذه الخطط»، لذلك معظم المشروعات المهمة يسندها الرئيس للجيش؛ لأن المؤسسة العسكرية تلتزم بالمواعيد، وتتصف بالدقة، لذلك يجب نسف كهنة الوزارات، وهذا اللوبي الذي يسيطر على كل الهيئات الحكومية؛ إذا كنا نريد التقدم والنهوض.

ماذا عن الإصلاحات الاقتصادية؟
لم يشعر المواطن حتى الآن بأي إصلاح، والإصلاحات الحكومية ما هي إلا إصلاحات «هيكلية» لا تمس العصب الاقتصادي، وليس هناك نتيجة في الشارع سواء عن زيادة مرتبات للعاملين، أو استقرار في الأسعار، ونحن نسير باقتصاد «الجباية».

هل ترى للبرلمان دور إيجابي في تحسن الاقتصاد؟
حتى الآن لا أرى للبرلمان دورًا في تحسين الوضع الاقتصادي، أو على مستوى المعيشة للمواطن المصري، و«لوبي المصالح» هو الذي يسيطر الآن، كما أن المجلس يشغل نفسه بقضايا لا تهم المواطنين من الأساس.