رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

حمدي رزق
حمدي رزق


خلوا من الإحساس والمسؤولية المجتمعية، مبررات مسؤولى وزارة التضامن لصرف المعاشات بعد العيد، لو فيه ذرة إحساس بالناس لاستعدت الوزارة لصرف المعاشات قبل العيد، ولأدخلت البهجة والسرور على ملايين الغلابة، ولكن الروتين وما أدراك ما الروتين، وكهنة الروتين، عبَدَة الروتين يحكمون وزارة التضامن.

حجة البليد، المعاشات خلاف المرتبات تُصرف فى بداية الشهر المستحقة عنه، يا سلام، يعنى لو صُرفت مع المرتبات مبكراً أسبوعا واحدا تِتْهَدّ الدنيا، ويخرب السيستم، وينهار الهرم، مثلاً مثلاً أصحاب المعاشات مكتوب عليهم أول الشهر، وهل هذا موعد مقدس، يعنى لو قبضوا قبل آخر الشهر على سبيل الاستثناء، بمناسبة العيد، هتخرب الدنيا، عذر أقبح من ذنب أن يدخل العيد على الغلابة وبيوتهم خاوية من لحم الأضحية.

الإحساس نعمة، شفت بلادة وعدم إحساس أكتر من كده، العيد لم يأت إذ فجأة، معلوم باليوم والتاريخ منذ شهور، والمعاشات مرصودة 9 ملايين و400 ألف، والفلوس متوفرة 11 مليار جنيه، اللى ربط المرتبات إلكترونيا أول الشهر يفكها استثناء، أصحاب المعاشات داخل عليهم عيد، يترجون الله فى حق النشوق، ولكن منين نجيب ناس لمعناة الكلام يفهموه؟!.

لو فكر مسؤول على درجة «إنسان» من كبار المسؤولين فى وزارة التضامن، وشارك أصحاب المعاشات هموم العيد، وحسبها من العيد الصغير على الأجندة الرقمية، كيف سيدخل العيد على هؤلاء بدون معاشات- وهى بالأساس لا تكفى عيدا ولا مولدا، جنيهات بالكاد يقمن صلبه- وفكر قليلاً، وتعاطف قليلاً، كانت تفرق كثيرا.

لو لفت أحدهم نظر الوزيرة غادة والى إلى أن المعاشات ستُصرف بعد العيد، وهناك حاجة لتعديل فى السيستم الإلكترونى، ما كانت سكتت، وأشك أنها كانت ستتأخر عن غوث أصحاب المعاشات قبل العيد، ولكن البلادة الوظيفية طبع، طالما سعادته قبض المرتب قبل العيد واشترى اللحمة، فليهلك أصحاب المعاشات.

حال أصحاب المعاشات فى العيد محزن، حزانى لا يكفكف لهم دمع، لا بواكى لهم، قد ضلّ مَن كانت العميان تهديه، والعميان يقودون هذه الوزارة المنوط بها رعاية أصحاب المعاشات، والتى تتوفر على تلبية حاجاتهم المجتمعية، مرة يقولّك السيستم، ومرة يقولّك كيف يقبض صاحب المعاش معاش شهر قبل القبض بأسبوع، يعنى يقبض مرتين فى الشهر؟!، وكأن صاحب المعاش هيقبض قبل العيد وبعد العيد!.

سيخرج علينا من دهاليز الوزارة ألف لسان طويل يتحدث عن السيستم، والعقبات الفنية والتقنية المستحيلة، والنظام الإلكترونى الصارم، وأصل وفصل، وهو فى قرارة نفسه يعلم أن كلامه ساكت، لا محل له من الإعراب، وأنه لو انتوى صرف المعاشات لتَمّ التعامل مع السيستم إلكترونيا.

لو علم رئيس الوزراء قبلاً، ولو تم تصعيد الأمر إلى رئيس الجمهورية ما تأخر عن نجدة الغلابة، فيه حاجة اسمها «المواءمة المجتمعية»، وترجمتها «الإحساس العام»، وهذا ما لا يفهمه عبَدَة الروتين فى الوزارات، ولكن يفهمه المسيسون، المولفون على الخدمة العامة وتلبية الحاجات العاجلة والطارئة، كسراً للروتين واستجلاباً للرضا العام.

طبعاً ليس عليهم جناح وظيفى، انتظام تام فى صرف المعاشات على مواقيتها، ولكن الحقيقة المُرّة أنهم فوّتوا على الحكومة إجراءً إنسانياً واجتماعياً كان واجباً، مثل هذه اللمسات تبرهن على يقظة ووعى وإدراك، ورغبة فى ترضية الناس، عين على الشارع فرض عين، وللأسف العين كليلة عن إدراك البعد الإنسانى فى القرارات الوزارية، الشوف مش نظر، للأسف فى الحكومة مَن لا يرى أبعد من أرنبة أنفه.

نقلًا عن "المصري اليوم"