رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

استقالة «أسقف الفيوم» تُفجر الكنيسة «من الداخل»

تواضروس - أرشيفية
تواضروس - أرشيفية


كانت استقالة «الأنبا إبرام»، أسقف الفيوم، من الإيبراشية، والاعتكاف بدير الأنبا بيشوي، والعودة لـ«حياة الرهبنة»، كفيلة بإثارة جدل كنسي واسع، ووضعت الكنيسة فى ورطة حقيقية، خاصة أن قوانين الكنيسة تنص على أنه لا يجوز للأسقف الاستقالة، ومن يخالف ذلك يتعرض لعقوبات.


بدورها، أعلنت الكنيسة أن الأنبا إبرام تقدم بخطاب موجه إلى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، حرره بخط يده، وعليه توقيعه، يوم السبت 15 يوليو الماضي، وطلب فيه السماح له بخلوة مفتوحة يقضيها بـ«قلايته» في دير القديس الأنبا بيشوي بـ«وادي النطرون»، كما أفصح خلاله عن رغبته الشديدة في الاعتكاف والوحدة الرهبانية بعد أن خدم إيبارشية الفيوم أكثر من 32 سنة.

وأوضحت الكنيسة، أن هناك محاولات عدة تمت، خلال الأيام الماضية، من أجل أن يتراجع الأنبا عن قراره، أهمها زيارة البابا تواضروس له في «قلايته» بدير الأنبا بيشوى بـ«وادى النطرون»، ثم أعقبتها زيارات أخرى لعدد من الكهنة إلى الأنبا إبرام للتراجع إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل.

من جانبه أكد البابا تواضروس الثاني، أنه عقد ثلاثة اجتماعات لبحث هذا الموضوع، منها اجتماع مع الأنبا «إبرام» نفسه، ولكنه أصر فى نهاية اللقاء على رغبته في الاعتكاف لعدة أسباب منها الصحية، ما دفع البابا إلى إحالة طلبه إلى اللجنة المجمعية لشئون الإيبارشيات لدراسته واتخاذ اللازم، متمنيًا أن يستجيب «الأنبا إبرام» للمساعي المتعددة التي تبذلها الأطراف المختلفة.

إصرار «الأنبا إبرام» على موقفه، دفع العديد من مسيحيي الفيوم إلى تنظيم مظاهرات داخل الإيبارشية لمطالبته بالتراجع عن قرار التنحي، وسعى البعض إلى جمع استثمارات لرفض تنحيه.

تظاهرات محبي الأنبا «إبرام» دفعته إلى إصدار بيان عبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى الـ«فيس بوك»، مطالبا أحباءه وتلاميذه من الفيوم بقبول اعتذاره عن استمراره في خدمته ومسامحته إن أخطأ في حق أحد معلنًا تسامحه مع من أخطأ في حقه أيضًا، مؤكدا أنه لا يوجد بينه وبين البابا تواضروس الثاني أي خلاف نهائيًا.

وكشفت مصادر، أن الأنبا إبرام يتمتع بصحة جيدة ولا يعانى من أى شىء سوى أعراض الشيخوخة، مؤكدة أن الحديث بشأن وجود متاعب صحية، وراء قرار التنحي، هو حديث عار تمام من الصحة.

وأضاف مصدر مسئول بالكنيسة لـ«النبأ»، أن الأسباب الحقيقية التي دفعت الأنبا إبرام، أسقف الفيوم إلى تقديم استقالته، هي استمرار خلافه مع البابا تواضروس نتيجة القرارات التى اتخذها البابا منذ توليه كرسي البابوي والتي يراها الأنبا إبرام أنها مخالفة لـ«تعاليم الكنيسة»، من أبرزها رفضه إعادة المعمودية للمتحولين من الطوائف الأخرى إلى الطائفة الأرثوذكسية، والذي وقعه بابا الإسكندرية تواضروس الثانى مع بابا الفاتيكان فرانسيس فى إبريل الماضى، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون بناء الكنائس، والصلاة خلف سيدة أثناء تواجده بالخارج.

وأضاف المصدر أن الأنبا إبرام يعد من أعضاء «الحرس القديم» الذي يتزعمه الأنبا بيشوى، مطران كفر الشيخ ودمياط، مشيرا إلى أن أزمة أسقف الفيوم ليست وليدة اللحظة، ولكنها من فترة طويلة.

وأشار المصدر، إلى أنه قبل إعلان «الأنبا إبرام» عن تنحيه حدثت مشادة بين أعضاء المجمع المقدس أثناء أحد اجتماعاتهم، وتعالت الأصوات، بينهم، نظرًا لمعارضة «الحرس القديم» لسياسات البابا الأخيرة، مضيفًا أن المجمع المقدس أصبح منقسمًا حاليًا حول تأييده لما يتخذه البابا من قرارات كنسية أو سياسية، موضحًا أن أزمة الأنبا إبرام جعلت الكنيسة على صفيح ساخن، وزادت من حدة التوتر بين «الحرس القديم» والبابا.

وأوضح المصدر، أن قرار البابا تواضروس الثاني، بإبعاد الأسقف عن الإشراف على دير الأنبا توماس السائح بالخطاطبة، وعين بدلا منه الراهب القمص سرابيون السريانى حتى يتم تعيينه «أسقفا» ورئيسا للدير، هو «القشة التى قسمت ظهر البعير»، موضحا أن هذا القرار تم اتخاذه بعد أن رفض الأنبا إبرام توحيد المعمودية، ثم ترك إبراشيته وسلم مهامها للأنبا إسحق الأسقف المساعد له، وأغلق هاتفه المحمول، وذهب إلى الدير.

وأكد المصدر أن اللجنة المجمعية لشئون الإيبارشيات التى شكلها البابا تواضروس لدراسة طلب الأسقف، وافقت على طلب الأنبا إبرام بالتنحى وتعيين آخر مكانه، مضيفا أنه كان من المقرر أن يتم الإعلان عن هذا القرار، يوم الخميس الماضى، إلا أن سفر البابا إلى روما، لترأس صلاة الجنازة على جثمان الأنبا كيرلس، مطران ميلانو وتوابعها والنائب البابوى بأوروبا، أجلت  صدور القرار.

وأوضح المصدر، أن هناك اتجاها فى الكنيسة أن يظل الأنبا فى رتبته الأسقفية وعدم تجريدها منه، وعدم معاقبته، مضيفا أنه سيتم الإعلان عن أن سوء الحالة الصحية لأسقف الفيوم، هي السبب وراء قرار التنحى.

بدوره أرسل الأنبا أغاثون، أسقف كرسي مغاغة والعدوة، رئيس رابطة خريجي الكلية الإكليريكية، خطابًا إلى الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس، أوضح فيه أنه لا يوجد سند قانوني أمام لجنة «شئون الإيبراشيات» أو المجمع المقدس برئاسة البابا تواضروس الثاني، ولا قوانين الكنيسة، ولا مجامع الكنيسة، ما يسمح بالموافقة أو قبول استقالة أسقف الفيوم، والاعتكاف في قلايته بدير الأنبا بيشوى، أحد أديرة وادى النطرون بـ«صحراء البحيرة».

المتابعون للشأن القبطي، يرون أن هذه الواقعة تعد هى الأولى من نوعها التى تحدث فى عهد البابا تواضروس الثاني، مؤكدين أن إصرار الأنبا على التنحي سيضع الكنيسة في «ورطة كبرى»، وسيضيف إليها أزمة جديدة يصعب حلها.

من جانبه قال مينا أسعد، مؤسس رابطة «حماة الإيمان الأرثوذكسية»، إن استقالة الأنبا إبرام تخالف القانون الكنسي الذي لا يعرف أنصاف الحلول في تلك الأمور، موضحًا أنه لا يجوز لرجال الدين المسيحي الاستقالة من العمل الكنسي، حيث إنه مرتبط وفقًا للتقليد الكنسي بالزواج الروحي بينه وبين إيبراشيته.

وأضاف «أسعد» فى تصريح خاص لـ«النبأ»، أن ما يتردد عن وجود خلاف بين «الأنبا إبرام»، والبابا تواضروس الثاني، هو حديث عار تماما من الصحة، مؤكدا أن أسقف الفيوم معتكف في ديره منذ فترة، وأغلق جميع هواتفه ولم يتواصل مع أحد.

وأوضح «أسعد» أنه لا يعرف أحد الأسباب الحقيقة وراء اتخاذ «الأنبا إبرام» قرار التنحي إلا هو، مشيرا إلى أن أهالى الفيوم، يطالبونه بالتراجع عن قراره.