رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

على علماء الأزهر مراعاة فروق التوقيت

حمدي رزق
حمدي رزق



«تدخل غير العلماء المدركين حقيقة الأحكام من حيث القطعية التى لا تقبل الاجتهاد ولا تتغير بتغير زمان ولا مكان، وبين الظنى الذى يقبل هذا الاجتهاد هو من التبديد وليس التجديد».

هذا ما انتهى إليه وكيل الأزهر الشريف الدكتور عباس شومان فى معرض رفضه دعوة الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى للمساواة بين المرأة والرجل فى المواريث والزواج من غير المسلم، والتى حبذتها المراجع الدينية فى ديوان الإفتاء التونسى.

شومان الأزهرى لم يراع فروق التوقيت بين القاهرة وتونس، ودخل بالأزهر فى الشأن التونسى مدخلا ضيقا، شومان تخطى الرقاب جميعا، وقفز من فوق العمامة الكبرى، وأفتى فى الشؤون الداخلية التونسية بفتوى قُوبلت برفض مهين تونسيًّا، لا لشخصه، فهم لا يعرفونه، بل بصفته منتسباً إلى الأزهر الشريف، جلب على الأزهر غضبة تونسية عاتية!.

من ينتسب إلى المشيخة فليتحسب، ليس هكذا تورد الإبل، ليس الشديد بالصرعة الفتوية، وما كان على شومان أن يتحدث بصفته الأزهرية حتى تقرر المشيخة الحديث، لكل مقام مقال، ولكل حادث حديث، كيف استباح لنفسه التداخل فى الشؤون الداخلية الدقيقة للشقيقة تونس قبل أن يستشرف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الموقف مصريًّا، الموقف ملتبس دينيًّا وسياسيًّا ويحتاج إلى توقف وتبين وتبصر قبل قلب الطاولة على رؤوس التوانسة!

شومان يحتل موقع وكيل المشيخة الأزهرية وظيفيا، يشرف على الامتحانات، يعلن النتائج، يسلم على الأوائل وينقل إليهم تبريكات الإمام الأكبر، ولكنه لا يمثل الشيخ ولا المشيخة فقهيا ولا دعويا، الأزهر لم يعدم شيخا طيبا يشار إليه عالميا بالبنان، ويملك من المجالس والمجامع التى تضم من القامات العلمية والفقهية ما يثقل كفة الأزهر إذا احتكم الأمر، هناك هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية.

لم يحتكم التوانسة إلى الأزهر بعد، ولم يطلبوا رأى الإمام الطيب بعد، وتطوُّع شومان بالفصل فى الأمر ليس خيرا يفتن الشارع التونسى، التطوع برأى الأزهر فى مواقف حرجة تونسيا خفة شخصية مدفوعة بصرعة فقهية دونما تبصّر، هناك فارق توقيت بين القاهرة وتونس، شومان تعود يفتى فينا، ولم ينهه الإمام عن الفتيا قط، فاستطابها.

كان حَريًّا بشومان أن يعود إلى شيخه الطيب ويستنير، أين تقف القاهرة من هذا الذى هو من قبيل الشؤون الداخلية التونسية، والمعلن مصريا «لا تدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى»، وكم عانينا من تدخل المراجع الفقهية خارج مصر فى شؤوننا الداخلية، فتاوى وأباطيل وأراجيف الاتحاد العالمى لعلماء الإخوان (لصاحبه يوسف القرضاوى) نموذج ومثال.

كان على شومان، جرياً على سنة شيخه الإمام الطيب، أن يحترم اجتهاد المراجع الدينية التونسية فى ديوان الإفتاء، التى باركت دعوة رئيسها، وفقهتها، ويقف على حروفها بقصد تجلية مقاصدها، وإذا شاء الإمام الأكبر تطوعا أن يشاورهم فليكن، وإذا لجأوا إلى الأزهر الشريف أغاثهم بالرأى السديد.

فقهاء الزيتونة أدرى بشعابها، ما كان مطلوبا من شومان التسرع بوصم دعوة الرئيس التونسى بالتبديد وليس التجديد، ولو فعلها فقيه تونسى فى وصف دعوة الرئيس السيسى (وقد سبق بخطاب التجديد الدينى) ما صمتنا عليه، ولسلخنا وجهه ذماً وتلويماً.
نقلًا عن "المصري اليوم"