رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مهندس كمبيوتر يهدد مستقبل السيسي

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


مع تصاعد الأزمات الاقتصادية «الطاحنة» التي يواجهها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وانخفاض شعبيته بـ«شكل ملحوظ»، يظهر الحديث عن الشخصيات البارزة التي تتولى مناصب «رفيعة» في الدولة، والتي تسير وفق سياسات أو تتخذ قرارات يكون لها «مفعول السحر» في توجيه انتقادات حادة لـ«نظام السيسي»، واتهامه بـ«دهس» الفقراء تحت عجلات القرارات «المؤلمة» غير المدروسة «جيدًا».


ومن بين هذه الشخصيات الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، الذي يبدو أنه أصبح مثل «السوس» الذي ينخر في شعبية السيسي، ويهدد بـ«إسقاطه».


الحديث السابق يؤكده، ما حدث خلال الأيام الماضية، فقد اقترحت وزارة التموين والتجارة الداخلية، مضاعفة قيمة نقاط الخبز 100%، لتصبح 20 قرشًا عن كل «رغيف» لا يتم استهلاكه، في مقابل تحديد نصيب كل فرد من الخبز المدعم بـ4 أرغفة يوميًا، أغسطس المقبل، وأثار هذا الأمر جدلًا واسعًا بين المواطنين والقائمين على منظومة فارق نقاط الخبز، وأعاد إلى الأذهان أزمة رغيف الخبز في عهد الرئيس الأسبق «مبارك»، والتي نتج عنها مشاجرات بين المواطنين بسبب «طوابير الخبز» والتي كانت مشهدًا يوميًا، وانتهى الأمر بسقوط العشرات ما بين قتيل وجريح، وأطلق عليهم الإعلام «شهداء الخبز».


وكشف تقرير رسمي أعدته الإدارة العامة للدراسات وبحوث التكاليف بوزارة التموين والتجارة الداخلية عن تراوح معدلات استهلاك الخبز المدعم بين 2.5 إلى 3.8 أرغفة يوم، لكل مواطن من واقع البيانات الرقمية الصادرة عن شركات تشغيل «الكروت الذكية» التي يستخدمها 81 مليون مواطن في صرف حصتهم من «الخبز المدعم».


وأكد خبراء، أن تنفيذ قرار الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والخاص بتخفيض حصة الفرد من رغيف الخبز، يعد مخالفة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، والخاصة بمراعاة محدودي الدخل، والمواطن البسيط، مشيرين إلى أن ذلك يعد إحراجًا للرئيس أمام المواطنين.


ولم يتخيل أحد أن يثير «المصيلحي» كل هذا الجدل، وكل هذه الأزمات؛ فبالرغم من الانتقادات التي وجهت للقيادة السياسية؛ بسبب إعادته مرة ثانية لـ«منصب وزير»، إلا أن القول بأنه قادر على مواجهة مشكلات هذه المنظومة المعقدة، كان «أمرًا يشفع» له، ولكن يبدو أن كل هذه الآمال ستذهب «أدراج الريح».


تكشف السيرة الذاتية المتوفرة عن الدكتور علي المصيلحي، أنه تخرج في الكلية الفنية العسكرية عام 1971 بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف في مجال الهندسة الإلكترونية، وفي عام 1977 حصل على الماجستير من جامعة Paris VI، وفي عام 1980 حصل على الدكتوراه في استخدام الحاسبات في تصميم  الدوائر المصغرة  من "Ecole Poly Technique" – باريس، وظل يعمل بالكلية الفنية العسكرية كرئيس قسم الحاسب، وفي خلال فترة عمله درس المواد الآتية: «التصميم باستخدام الكمبيوتر – تحليل وتصميم النظم – هندسة البرمجيات – قواعد البيانات»، ثم ترك العمل بالكلية في يناير 1991.


كما شغل «المصيلحي» منصب المدير العام والتنفيذي لشركة متخصصة في تكنولوجيا المعلومات لمدة 19 عامًا، وأشرف على كثير من المشروعات الخاصة بنظم المعلومات بالشركات الصناعية والسياحية والبترول وكذلك العديد من القطاعات الصناعية، إضافة إلى تطوير وتنفيذ الخطط الرئيسية للعديد من الشركات الكبرى والضخمة.


وفي عام 1999، تم تعيينه كبير مستشاري وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث قام بوضع الخطة القومية لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات في مصر وأشرف على تطوير مركز معلومات التجارة ومينائي دمياط والعين السخنة، هذا بالإضافة إلى تصميم وتطوير نظام معلومات الضرائب العامة وخدمات الحكومة الإلكترونية ومشروع كمبيوتر لكل بيت.


وفي عام 2002 تم تعيينه رئيسًا لمجلس إدارة الهيئة القومية للبريد المصري حتى ديسمبر 2005 وفي خلال فترة عمله، وضع الخطة القومية لإصلاح هيئة البريد المصري والإشراف علي العديد من الأنشطة مثل وضع الإستراتيجية ودراسة التعديلات التشريعية المطلوبة ووضع التصور الجديد للهيئة القومية للبريد وتحليل السوق والإشراف على مشروعات البنية التحتية للاتصالات والميكنة والصرف الإلكتروني ومشروع إعادة الهيكلة وتطوير الخدمات القائمة وإقامة شركات مشتركة متعددة.


وشغل الدكتور علي المصيلحي منصب وزير التضامن الاجتماعي منذ 31 ديسمبر 2005، وأصبح مسئولا عن وضع الخطة القومية لتطوير شبكات الأمان وترشيد الدعم وخطة تطوير بنك ناصر الاجتماعي لزيادة الفعالية في تحقيق التنمية الاجتماعية.


وكان «المصيلحي»، عضوًا بالحزب الوطني الديمقراطي، ومجلس الشعب.


وفي هذا السياق، يقول عبد الرحمن عمر، رئيس شعبة المخابز بغرفة المنيا، وسكرتير الشعبة العامة، إن تخفيض حصة الفرد إلى 4 أرغفة بدلًا من 5، سيؤثر تأثيرًا كبيرًا على أصحاب المخابز في العمل، وأيضًا على المواطنين، متابعًا: «ولكن نحن علينا التنفيذ».


وأضاف «عمر» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن التخفيض سيؤثر سلبًا على مبيعات المخابز الفترة المقبلة، خاصة أن هناك عددًا من المواطنين سيلجئون فيما بعد إلى تخزين نقاط الخبز بعد ارتفاع قيمتها إلى 100%، بهدف شراء سلع بديلة بما يؤثر على الإنتاج والمبيعات اليومية للمخابز.


وأشار «عمر»، إلى أن الاقترح لم يدرس بشكل سليم وهو قرار خاطئ في الوقت الحالي، موضحًا أن هناك بعض المحافظات تستهلك جميع حصتها اليومية من الخبز والمقدرة بـ5 أرغفة للفرد، مثل محافظة المنيا.


وأوضح رئيس شعبة مخابز المنيا، أن الخبز من أهم السلع بالنسبة المواطنين، ولا يمكن الاستغناء عنه، لافتًا إلى أنه مع خفض الحصة ستحدث أزمات في بعض المحافظات التي يكون معدل استهلاكها «عاليًا».


بدوره قال مصطفي راضي، نقيب بقالي التموين بالدقهلية، وعضو النقابة العامة لـ«بقالي التموين»، إن القرار خاطئ في الوقت الحالي، لافتًا إلى أن القرار يزيد من قيمة الدعم وبالتالي يزيد من عبء الدولة.


وأوضح «راضى» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن المعادلة كالتالي إذا قولنا: «استهلاك الأسرة المكونة من 5 أفراد 15 رغيف يوميًا فهو يوفر 10 أرغفة يوميًا بسعر 30 جنيهًا في الشهر بعد ضرب عدد الأرغفة في 10 قروش، ولكن مع التعديل الجديد ستوفر هذه الأسرة 5 أرعفة يوميًا بسعر 30 جنيهًا بالشهر، بعد ضرب عدد الأرغفة في 20 قرشًا، قائلًا: «الاقتراح لا يوجد فيه اختلاف ولكن سيثير مخاوف لدى المواطنين».


وأضاف «راضي»، أن انخفاض قيمة أرغفة الخبز المدعمة، سيشعر المواطن فيما بعد بتقصير من الحكومة، وعجزها في توفير الدعم المخصص للخبز، متابعًا: «هذا سيقلق المواطن ويزيد من استهلاك الخبز وهو من شأنه زيادة العبء على كاهل الدولة».


وأشار نقيب بقالي التموين بالدقهلية، إلى أن زيادة استهلاك الفرد من الخبز يخفض ما يتم توفيره من نقاط الخبز، وبالتالي ينحفض هامش ربح التجار، وهو ما سيسبب أزمة خلال شهر أغسطس المقبل.


فيما قال علاء الكحلاوي، أحد ممثلى شباب مشروع جمعيتي بمحافظة سوهاج، إن القرار سيئ للغاية للطبقات التي تستخدم حصتها من الخبز «كاملة»، أما الطبقات التي لا تحتاج إلى خبز التموين فالقرار جيد بالنسبة لهم؛ لأنه يزيد من قيمة دعم البطاقة الضعف، ما يزيد قيمة شراء السلع البديلة للخبز.


وأضاف «الكحلاوي» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن القرار سيزيد من معدلات صرف سلع نقاط الخبز لدى مشروع «جمعيتي»، لافتًا إلى أن المشروع قائم أكثر على «النقاط»، ما يساعد على زيادة المبيعات بعد مضاعفة قيمة نقاط الخبز 100%.


ومن جانبه، قال الدكتور نادر نور الدين، المستشار الأسبق لوزير التموين والتجارة الداخلية، إن قرار خفض حصة الفرد من الخبز، مقابل مضاعفة قيمة سلع النقاط ليس «حكيمًا»، وجاء في وقت غير مناسب.


وأضاف «نور الدين» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن وزير التموين، على المصيلحي، متخصص في إحراج الرؤساء منذ واقعة «شهداء الخبز» الذين سقطوا في عهد «مبارك»؛ بسبب تخفيضه حصص دقيق المخابز دون وعي، ما تسبب في سحب «مبارك» لاختصاصاته وإسنادها للمحافظين.


وأوضح «نور الدين»، أن كل ما يريده وزير التموين هو إثبات أنه ابن بار للحكومة، متابعًا: «لن يهدأ حتى يتم إلغاء الدعم كليا».


وتابع: «مع الغلاء الشديد الذي اعترف به الرئيس ومعاناة الناس لا يمكن لعاقل أن يخفض حصة الخبز حاليًا مقابل مضاعفة السلع الهامشية للتجار من تونة وبامبرز ومربى ومسحايق غسيل والسبب أن تكلفة إنتاج الخبز زادت بنسبة 50%‏ بعد تعويم الجنيه».


وأشار «نور الدين» إلى أن الوزير يريد التخلص من هذه الزيادة بسحب نسبة من الخبز مقابل زيادة حصة النقاط بنسبة 10%‏ فقط، وهذا ليس حلًا ولكن الحل في تنقية بطاقات الخبز وبطاقات السلع التموينية من غير المستحقين.


وطالب المستشار الأسبق، الحكومة خلال تنقية البطاقات، باستبعاد أساتذة الجامعات ورجال القضاء والنيابة والدبلوماسيين وأصحاب الشقق ومحلات التمليك وكبار موظفي الدولة والمتزوجين الذين يصرفون على بطاقات الوالدة أو الوالد، قائلًا: «هذا يخفض أعداد المستفيدين إلى 50 مليون فردًا فقط بدلًا من 70 مليون على بطاقات التموين و80 مليون على بطاقات الخبز».


بدوره، أعلن محمود العسقلاني، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، دعمه لمقترحات وزارة التموين والتجارة الداخلية، لتعديل نظام دعم الخبز في حالة أن يكون اختياريًا وليس إجباريًا، قائلًا: «هناك من سيستفيد من هذه التعديلات ممن لا يستخدمون الخبز بشكل كبير، في مقابل يوجد فقراء يعتمدون بشكل كامل على رغيف الخبز».


وأكد «العسقلاني» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، رفضه بشكل قاطع المساس بحصة المواطنين من رغيف الخبز، لافتًا إلى أن ملف الخبز يجب أن يكون «خطًا أحمر»، والاقتراب منه يكون بحذر.


وأضاف «العسقلاني»، أن تنفيذ القرار من قبل وزارة التموين، بتخفيض حصة الفرد إلى 4 أرغفة يوميًا، يعد مخالفة لتعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدعم المواطن البسيط، متابعًا: «هو بذلك يحرج الرئيس السيسي فيجب أن تكون القرارات الحكومية ملائمة اقتصادية واجتماعية لجميع طبقات المجتمع».


وأشار رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، إلى أن القرار من الممكن أن يصنع تراكمات غضب لدى المواطنين قد تؤدي إلى انفجار فيما بعد، مؤكدًا أنها لن تصل إلى حد أزمة الخبز أيام الرئيس الأسبق «مبارك».