رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

منحة خليجية بـ«4 مليارات دولار» لإنقاذ «رقبة» السيسي قبل 2018

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


تصاعد الغضب الشعبي ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبات من المستحيل استمرار الوضع على ما هو عليه، فبعد 3 سنوات من تولي السيسي، السلطة، أصبح المواطن المصري غير عابئ بأي شيء سوى ارتفاع الأسعار، وباتت أحلامه في العيش والحرية الديمقراطية «مجرد أحلام»، ذهبت مع عواصف الأزمات التي تطل برأسها على الدولة بين الحين والآخر، ما جعل شعبية الرئيس في انهيار دائم.


وتركت سلسلة من التجاذبات والصدامات بين مؤسسات الدولة المختلفة وبين المصريين، تأثيراتها السلبية على شعبية "السيسي"، فتارة تدخل وزارة الداخلية في صدام مع الصحفيين، وتارة أخرى يصطدم مجلس النواب مع القضاة، وتارة أخرى يتقدم نائب بمشروع قانون ينتقص من مكانة شيخ الأزهر، وكل ذلك ساهم في تأليب الرأي العام، ووضع الرئيس في بؤرة النقد والاتهام.


ورغم تراجع شعبية الرئيس، فإن هناك إجراءات من شأنها إنقاذه، وتجعل شعبيته تتجه من الهبوط إلى الصعود، وأهم هذه الإجراءات: الانحياز إلى الفقراء ومحدودي الدخل عبر مجموعة من القرارات التي تصب في صالحهم، وتخفيف العبء عن كاهلهم، وتضمن وصول الدعم لمستحقيه الحقيقيين، إضافة إلى التقليل من حدة الصدامات بين مؤسسات الدولة وبعض فئات المجتمع مثل القضاة، والتدخل لترشيد أداء أعضاء مجلس النواب بعد اتجاه بعضهم لافتعال المشكلات دون جدوى حقيقية.


هذا التراجع الملحوظ في الشعبية، لم ينكره الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ ففي حديث صحفي قديم قال السيسي: «إذا خشينا من الإصلاح وضريبته على شعبية رئيس أو فرصة رئاسة أخرى نكون قد أخطأنا في حق وطن ومستقبل أبنائه».


وبلغة الأرقام في يناير الماضي، كشف استطلاع للرأي أجراه مركز «بصيرة» الذي يعد مقربا من النظام المصري، أن السيسي كان أفضل شخصية سياسية عام 2016، وللعام الثالث على التوالي، لكن بنسبة أقل بكثير عن سابقاتها في العامين الماضيين، وهي 27% مقابل 32% عام 2015، و54% لعام 2014.


واستغلت وسائل الإعلام المؤيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي، ذكرى مرور 3 سنوات على توليه حكم البلاد، ونظمت أكبر حملة إعلانية وإعلامية لإبراز إنجازات الرئيس بدءًا من التخلص من حكم الإخوان، مرورا بالمواجهات مع الجماعات الإرهابية في سيناء، وهما النقطتان الأكثر تركيزا، ثم تلى ذلك مشروعات قناة السويس الجديدة، ومشروع المليون ونصف المليون فدان والعاصمة الإدارية الجديدة، ولم يقترب الإعلام في تلك الحملة من قريب أو بعيد من ارتفاع الأسعار، وتراجع الاقتصاد.


الغريب في الأمر أن المصريين تعاملوا مع الحملات الدعائية بسيناريوهين، أولهما عدم الاستجابة في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وانتظار فرصة تغيير مناسبة قد تكون الانتخابات الرئاسية.


والسيناريو الثاني، وهو الأكثر ترجيحا، ينحصر في تحمل المصريين الأوضاع الاقتصادية، في ظل عدم وجود بديل رئاسي والدعم الخارجي الذي يقدم للسيسي.


في هذا السياق، يرى الدكتور محي الدين المحمدي، أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، أن الإعلام المؤيد للرئيس عبد الفتاح السيسي، يعد أحد أهم الأوراق التي سيعتمد عليها قبل الانتخابات الرئاسية 2018، مشيرًا إلى أن هذا الإعلام سينظم حملات شبه رسمية يستعرض فيها إنجازات السيسي حتى لو كانت وهمية أو «فنكوش»، وهذا ما حدث بالفعل، خلال الأيام الماضية، فقد تم تنظيم حملة شبه رسمية، لاستعراض إنجازات 3 سنوات من رئاسة عبد الفتاح السيسي، الذى تولى فترة الرئاسة في يونيو 2014، وعددت الحملة الوليدة إنجازات السيسي، لا سيما في ملفات مكافحة الإرهاب، وتحسين الخدمات العامة، والعمل على إقامة 19 مشروعا قوميا مثل العاصمة الإدارية الجديدة، واستعادة 118 مليون متر مربع من أراضي الدولة بنسبة تقارب 70 ٪ من إجمالي مساحات التعديات"، ورأت الحملة أن "قيام الرئيس المصري بـ 54 زيارة خارجية، أعاد لمصر مكانتها على الساحة الدولية، ووطد علاقاتها مع الدول الأوروبية والإفريقية والآسيوية، مشيرا إلي أن هناك 3 أهداف للتركيز الإعلامي على إنجازات السيسي، هم التمهيد للانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2018، وتأكيد شرعية النظام، وتجاوز تراجع شعبيته.


وتوقع الخبير الإعلامي، استمرار الحملة الدعائية الخاصة بإنجازات السيسي بشكل متدرج حتى شهر فبراير، وهو الموعد الذي حدده الرئيس لطرح ما تحقق في عهده على مدار حكم ولايته الأولى، وعندئذ تكون الإشارة لتنظيم أكبر حملة إعلانية ترويجية للرئيس للتغطية على فشله الاقتصادي والسياسي وتجاوز سوء إدارة النظام في ملفات كأزمة الجزيرتين "تيران وصنافير"، معتبرا خطة الدعاية الإعلانية وسيلة هامة في يد الرئيس لتحسين ماء الوجه قبل الانتخابات الرئاسية، خاصة أن ذلك سيلازمه خروج تابعين للنظام للدفاع عنه سواء كان ذلك متمثلا في نواب البرلمان مثل ائتلاف «دعم مصر»، والعديد من المستقلين.


أما الدكتور إبراهيم منصور، خبير التخطيط والاقتصاد بالمركز القومي للتخطيط «سابقًا»، فأكد أن خطة إنقاذ شعبية السيسي قبل الانتخابات الرئاسية، تتطلب ضرورة تراجع الدولة عن بعض القرارات الخاطئة مثل قانون القيمة المضافة، والتي تسببت في رفع أسعار عدد من المنتجات الاستهلاكية، كما يجب التراجع عن فرض زيادات جديدة على المواطن وخاصة فواتير المياه والكهرباء والوقود، وتذاكر المترو والقطارات، كما يجب على الرئيس العمل على زيادة رواتب بعض فئات الشعب مثل المعلمين.


وقال الخبير الاقتصادي، إن خطة عودة شعبية السيسي تتطلب كذلك وقف الارتفاعات السنوية في مرتبات الشرطة والقوات المسلحة وكذلك المعاشات الخاصة بهم، وزيادة معاش «تكافل وكرامة» بما لا يقل عن 750 جنيها، وصرف منحة شهرية للمرأة المعيلة.


وأوضح خبير التخطيط، أن الرئيس مطالب كذلك بافتتاح المشروعات الكبرى التي أعلن عنها قبل انتخابات 2018، وخاصة فيما يتعلق بمشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروعات الإسكان، مشيرا إلى أن المطالب سابقة الذكر تتناقض تماما مع الواقع السيئ الموجود به حاليًا الاقتصاد المصري في التضخم وعجز الموازنة إلا أن التحسن في معيشة المواطن قد ينقذه أموال الخليج، مكافأة لمصر على وقوفها بجانبها في أزمة قطر، وهو سيناريو قد يكون في ذهن السيسي.


وفجر «منصور»، مفاجأة من العيار الثقيل، تتعلق بتوافر معلومات تفيد حصول مصر على منحة خليجية، وتحديدًا من الإمارات والسعودية، وتصل قيمتها إلى 4 مليارات دولار لإنقاذ شعبية الرئيس وضمان إعادة انتخابه في 2018، عن طريق قيام السيسي بتقديم منح وإغراءات مالية للفقراء.


من جانبه، يرى الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، أن السيسي يعلم أنه لا بديل له حتى الآن، وبالتالي يعتقد أن المصريين سيتحملون الأعباء الاقتصادية خشية وقوع أي سيناريو آخر قد يعرض بلادهم للفوضى، مشيرا إلى نقطة غاية في الأهمية، وهي أن السيسي يراهن على وجود دعم خارجي قوي من أمريكا وأوروبا وإسرائيل والخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، فتلك الدول تبارك استمرار السيسي لولاية جديدة، لاسيما أن الظروف والصفقات التي تتم في المنطقة تتطلب وجوده حتى 2022.


ويرى «زهران»، أن غياب البديل، ووجود الدعم الخارجي، سيناريو يرجح كفة السيسي في سباق الانتخابات الرئاسية، خاصة أن الإنجازات لاسيما الاقتصادية، لن نلمس لها فائدة إلا على المدى البعيد ولن تخفف معاناة المصريين الآن.


وأشار الخبير السياسي، إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي مطالب بالعمل جيدا علي تحسن العلاقات مع أجهزة الدولة مثل القضاء، خاصة بعد صدام قانون تعديلات «السلطة القضائية»، نفس الأمر مع الصحفيين، ثم العمل على فتح الباب أمام الحريات والمعارضة، كما يجب الإفراج عن شباب ثورتي يناير و30 يونيو، ووقف توغل فلول مبارك في السلطة، كما يجب وجود محاربة حقيقية تجاه الفساد بالدولة، فمن غير المقبول التعامل بمكيالين في هذا الملف كما حدث في عودة أملاك الدولة مؤخرا، ورفض البرلمان تنفيذ أحكام محكمة النقض بشأن إسقاط عضوية بعض النواب الحاليين.