رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«السوشيال ميديا» تنقذ «18 يوم» من «مقص الرقابة»

فيلم 18 يوم
فيلم 18 يوم


الفيلم عبارة عن مجموعة من الأفلام القصيرة المجمعة التي تتناول ثورة «25 يناير»



أثار فيلم «18 يوم»، خلال الفترة الماضية، جدلًا واسعًا على الساحة الفنية؛ إذ تم تسريبه على الإنترنت، وتداوله بسرعة فائقة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أكثر من 6 سنوات على تنفيذه.  


وعلى الرغم من الاحتفاء والإشادة الواسعة التي حظي بها الفيلم من النقاد والجماهير، عند عرضه في عدد من المهرجانات الدولية؛ من بينها "كان السينمائي" بفرنسا، إلا أن الحال كان مختلفًا كثيرًا في مصر؛ إذ توقف الحديث عنه فجأة، حتى خرجت "الرقابة" بقرار منع عرضه تمامًا في دور العرض السينمائية نهائيًا وبلا رجعة.


"18 يوم" عبارة عن مجموعة من الأفلام القصيرة المُجمعة، التي تناولت ثورة "25 يناير"، إذ جمع بين مشاهد تمثيلية ولقطات حقيقية من ميدان التحرير، وغيرها من الأماكن الأخرى التي شهدت اندلاع الثورة والمظاهرات.


ويتميز الفيلم بأنه أول تجربة سينمائية يشارك في كتابتها أكثر من 5 كُتاب؛ منهم: "تامر حبيب، وأحمد حلمي، وعباس أبو الحسن، وبلال فضل"، بالإضافة إلى أن إخراجه كان بالتعاون بين كل من: "كاملة أبو ذكري، ويسري نصرالله، ومروان حامد، وشريف البنداري، وشريف عرفة".


وعقب ساعات قليلة من انتشار الفيلم، أصبح وحده حديث "السوشيال ميديا"؛ إذ انقسم المتابعون إلى فريقين؛ الأول أُعجب به بشدة، خاصة ممن عاشوا تلك الفترة بقلب الميدان، بينما هاجمه الفريق الثاني بضراوة؛ بسبب احتوائه على الكثير من الألفاظ الخارجة.


الفنان أحمد حلمي كان على رأس ممن تعرضوا لانتقادات لاذعة بسبب نشره للفيلم عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك"؛ ما جعله قام بحذفه فورًا، بل واعتذاره عما فعله.


الانتقادات الحادة التي طالها فيلم "18 يوم" لم تكن من الجمهور بحسب، لكن هناك عددًا من الفنانين أعربوا عن غضبهم واستيائهم الشديد من التجاوزات والألفاظ التي تضمنها العمل؛ وعلى رأسهم الفنان تامر عاشور، الذي وصفه بأنه قمة "السفالة والانحطاط الفني".


على الجانب الآخر، دافع الفنان آسر ياسين، باعتباره أحد المشاركين في الفيلم، عنه، مشيرًا إلى أن كل الألفاظ الموجودة به يوجد أقوى منها بكثير في الأفلام الأجنبية، مشيرًا إلى أن الجمهور أُصيب فقط بصدمة من درجة الواقعية الموجودة بالفيلم، والتي يفتقدها في الأعمال الفنية في مصر. –على حد وصفه-.


تسريب الفيلم على الإنترنت، على الرغم من رفض الرقابة عرضه بالسينمات المصرية، كان "صفعة" قوية على وجه الجهاز؛ الغرض منها لفت الأنظار إلى أن "الإنترنت" أصبح أداة قوية في يد صناع الأعمال الفنية، يُمكنهم بسهولة استخدامها في حالة تعنت "الرقابة"، ومنعها عرض بعض الأعمال السينمائية.


ولكن التساؤل الذي يثار في الأذهان حاليًا؛ هو هل سيصبح الإنترنت، خلال الفترة المُقبلة، بالفعل، وسيلة لمحاربة التضييق الذي تفرضه "الرقابة" على كثير من الأفلام، بحجة خروجها عن المألوف أو الطبيعي، أو الخوف من قلب نظام الحكم، أو غير ذلك، أم أن الأمر كان مجرد حالة فردية ليس أكثر؟!


"النبأ" تحدثت مع صناع فيلم "18 يوم"، الذين فتحوا قلبهم وكشفوا تفاصيل جديدة عن العمل؛ إذ قال المخرج شريف البنداري إن سبب تأخر عرض العمل في مصر هو اعتراض الرقابة عليه؛ مبررًا ذلك بأن الحالة السياسية التي تمر بها البلاد هي السبب في ذلك.


وأضاف "شريف" أن كل القائمين على العمل لم يكن لديهم علم بنزوله على "الإنترنت"، إلا في نفس يوم تسريبه، مضيفًا أنه شعر بسعادة عارمة بعد تلقيه ردود فعل إيجابيه كثيرة؛ موضحًا بأنه شعر أن مجهودهم، طول السنوات الماضية، لم يضع هباءً.


أما الفنان عباس أبو الحسن، فقال لـ«النبأ»، إن شركة "لايت هاوس" المنتجة للفيلم هي الوحيدة التي تملك إجابة للرد على سؤال سبب عدم عرض الفيلم في مصر.


وأشار «عباس» إلى أن روح "الحماس" كانت هي المحرك الأساسي والوحيد بين فريق عمل الفيلم، مؤكدًا أنه شعر بالحزن عندما تم عرض الفيلم في الخارج، وتحقيقه نجاحا ملحوظا، وعدم عرضه في بلده مصر. –بحسب ما قال-


الحال لم يختلف كثيرًا بالنسبة للفنان محمد فراج، والذي قال عن سر منع عرض الفيلم في مصر وقت الانتهاء من تصويره، إن حال البلد لم يكن يسمح بمزيد من "الشعللة"، لافتًا إلى أن كل فريق العمل بذل قصارى مجهوده لخروج الفيلم في أحسن صورة.


وتابع "فراج" أنه لا يدري إن كان تسريب الفيلم على "الإنترنت" –مؤخرًا- سيتيح الإمكانية لعرض في السينمات المصرية مستقبلًا أم لا، مشيرًا إلى أن الهدف من الفيلم تم تحقيقه، بمجرد إثارته جدلًا بين المشاهدين، ونجاحه على تحريك الماء الراكدة في المجتمع منذ وقت الثورة.


أما خالد عبد الجليل، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، فجر مُفاجأة من العيار الثقيل؛ إذ نفى تمامًا أن الفيلم تم عرضه على "الرقابة" من الأساس، مشيرًا إلى أنه يُحمل من قام بتسريبه على مواقع التواصل الاجتماعي أو على موقع الفيديوهات الشهير "يوتيوب"، المسئولية كاملة.


على الجانب الآخر، قال الناقد الفني طارق الشناوي لـ"النبأ" إن الجمهور أصابه حالة من اللامبالاة والفتور تجاه الأعمال التي تناقش فترة الثورة، مضيفًا أن أمر عرض الفيلم في دور العرض السينمائية ليس سهلًا، لكنه يحتاج إلى "قرار سيادي".


وتابع "الشناوي" أنه مع الانفتاح التكنولوجي والتقدم التقني الذي يعيشه العالم، سيصبح من الصعب جدًا على جهاز "الرقابة" السيطرة على الإنتاج الفني ومنعه من الخروج إلى النور، مضيفًا أن الفيلم تم عرضه بشكل رائع؛ من خلال الحفاظ على توازن النهاية.


وأكمل أن هيئة "الرقابة" لا تمتلك الآليات القوية التي تُمكنها من الوقوف أمام قوة "الإنترنت"، والذي وصفه بأنه "الملاذ الأخير" أمام صناع السينما في مصر.


وأشار الناقد الفني إلى أنه يجب على كل صناع الأعمال الفنية في مصر أن يتوقفوا عن محاولاتهم المستمرة في التقرب إلى السلطة، على حساب عرض الحقيقة، موضحًا أن المشاهدين أصبحوا على درجة من الوعي والثقافة تجعلهم قادرين على التمييز والنقد لكل ما يعرض عليهم.