رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

داعش جريمة الغرب الكبرى «9»

أحمد عز العرب
أحمد عز العرب


ما كادت دولة المماليك في مصر والشام تنتهى من القضاء على أكبر خطرين كانا يهددان المنطقة بالفناء، وهما الخطر المغولي من الشرق الذي سحقته مصر في عين جالوت1260م، والخطر الصليبي الذي دامت حروبه العدوانية قرنين من الزمان حتى سحقت دولة المماليك آخر معاقله في سنة 291 الميلادية، نقول ما كادت مصر تنتهى من هذين الخطرين اللذين استنزفا مواردها البشرية والمادية حتى بدأ خطر جديد يزحف عليها من داخل العالم الإسلامي هذه المرة، كانت مكانة مصر خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الهجري قد بدأت في الضعف نتيجة بدء الاكتشافات الجغرافية في الأمريكيتين على يد إسبانيا والبرتغال التى هزت مكانة مصر التجارية مع حليفتها عندئذ جمهورية البندقية الإيطالية نتيجة بدء تحول التجارة العالمية من طريق البندقية السويس الشرق إلى الطريق الجديد الذي اكتشفه الإسبان والبرتغال، وهو طريق رأس الرجاء الصالح، وكانت القوى الصاعدة في منطقتنا عندئذ هي إيران أو فارس التى كانت قد تحولت إلى المذهب الشيعي على يد الشاه إسماعيل الصفوى، ودولة تركيا حديثة الظهور إلى الغرب منها، وكان الصدام محتوما بين القوى الثلاث للسيطرة على المنطقة، وكانت تركيا في أوج قوتها العسكرية عندما بدأت تدخل التاريخ مطلع القرن السادس عشر على يد ملكها سليم الأول الذي أنشأ أقوى الفرق العسكرية المعروفة بالإنكشارية.

وبعد تحرشات ليس هنا مجال تفصيلها، وقعت المعركة الكبرى بين مصر وتركيا في شمال سوريا عند مرج دابق سنة 1516 وهزمت مصر فيها هزيمة كاملة، وتقدم الجيش التركي نحو القاهرة التى احتلها أوائل 1517، وكان السلطان الغوري ملك مصر وقتها قد قتل في مرج دابق ولم يعثر له على أثر في أرض المعركة، ثم أسر الأتراك ابن أخيه الذي خلفه في السلطنة وهو طومان باي وشنقوه، وكان سلاطين المماليك بعد سقوط بغداد وتدميرها على يد المغول سنة 1258 قد استحضروا أحد أمراء الدولة العباسية الذين هربوا من بغداد وبايعوه خليفة عباسية صوريا حتى يضفوا على ملكهم مهابة دينية، وعند استيلاء سليم الأول على القاهرة أخذ معه الخليفة العباسي الصوري وأجبره على التنازل عن الخلافة الإسلامية للأتراك وبذلك أصبحت الدولة التركية العثمانية هي دولة الخلافة الإسلامية وهو الوضع الذي منحها نفوذًا هائلًا في العالم الإسلامي وسط السذج الذين كانوا يظنون أن الخلافة ركن في الإسلام وليست مجرد صيغة حكم دنيوي يناسب العقلية القبلية، ولم يكن حظ المصريين تحت الحكم التركي أفضل من حظهم تحت حكم الإمارات الصليبية السابق، فقد نهب سليم الأول الكثير جدًا من كنوز مصر وتراثها واصطحب معه ألف جمل محملة بما نهب من أبرع صناع مصر ليقيموا له نهضة تركيا، حيث كانت تركيا أكثر تخلفًا جدًا من مصر وقتها وظلت مصر تتدهور كباقى مستعمرات الخلافة العثمانية طوال القرنين السابع عشر والثامن عشر حتى وصل إليها في نهاية القرن الثامن عشر مغامر يتمتع بعبقرية استعمارية غير عادية سنعرض تفاصيلها فيما بعد، وفي ركابه كل ما حققته فرنسا من نهضة وعلم خاصة بعد ثورتها الشهيرة 1789 وكانت عدوتها اللدودة بريطانيا التى كانت منافسها الرئيس في السيطرة على عالمنا المنكوب بالاحتلال العثماني.

ونضطر هنا إلى العودة سريعا إلى الوراء في فلسطين عند مطلع القرن الأول الميلادي في عجالة شديدة، حيث سيستحيل على القارئ العربي إدراك مدى الخطر الفادح الذي تتعرض له بلاده دون إدراك معنى الصهيوينة الحديثة، وكيف نشأت؟ وكيف سيطرت على مفاصل المال والإعلام في العالم الغربي وسخرته لتدمير حسابات بلادنا لحسابها؟ وسنرى من هذا العرض السريع مدى القدرة الفائقة على الكذب وتسخير الأكاذيب لخدمة أهدافها وأهداف الغرب الاستعماري، ويكفي أن نذكر أن الأغلبية الكبرى من يهود العالم ليسوا من بني إسرائيل بل من قبائل الإشكناز المتبربره والتى اعتنقت اليهودية بالمخالفة لأحكام الشريعة اليهودية فى التوراة التى تحظر التبشير بالرسالة اليهودية بين الاغيار لأنها حسب معتقداتهم ديانة خاصة باليهود وشعب الله المختار، ولكن ظروف التاريخ هي التى فرضت عليهم التبشير بين المتبربرين من الإشكناز حتى لا تنقرض، كما سنوضح في المقال القادم ولن نعتمد في كل ما نسرد سوى المصادر اليهودية والغربية وحدها؛ حتى لا يكون هناك أي مجال لاتهامنا باتهام الغرب الشرير جزافا، فنحن لن نقدم سوى المصادر التى زودنا بها.. فإلى المقال التالي.