رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

قصة تأسيس جبهة الإنقاذ «الإخوانية» للإطاحة بـ«السيسي»

السيسي والإخوان -
السيسي والإخوان - أرشيفية


في 22 نوفمبر 2012، أعلن تكتل من أحزاب ليبرالية ويسارية، وعدد من الشخصيات العامة أبرزهم عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، وحمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، ومحمد البرادعي، رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق، تشكيل جبهة سُميت «جبهة الإنقاذ» بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المعزول محمد مرسي، وبدأت في إطلاق دعوات مختلفة للتظاهر ضد مرسي، انتهت بقرار عزله في 3 يوليو 2013.


وفي ذكرى الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين، في البيان الذي ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي قبل 4 أعوام، اعتادت جماعة الإخوان خلال السنوات الماضية الدعوة لمظاهرات حاشدة للتعبير عن رفضها لقرار الجيش، بالإطاحة بحكم محمد مرسي، ووصف ما جرى بـ«الانقلاب العسكري» على الرئيس المدني المنتخب، وهو ما ظل تقليدا ثابتا على مدار السنوات الماضية لا يكاد يتغير.


هذا العام، توقفت دعوات الجماعة للتظاهر والحشد، على عكس الحال في الأعوام السابقة، ولم تزد تحركات الجماعة عن بيانات للإدانة لما جرى في 3 يوليو 2013، والتأكيد على ثبات موقفها من رفض الإجراءات التي ترتبت على بيان 3 يوليو، ووصف المسار التالي له بـ«الانقلابي».


وفي الوقت الذي توقفت فيه الجماعة عن الدعوة للتظاهرات التقليدية، لجأت لخطة جديدة باستلهام الطريقة التي أُسقط بها محمد مرسي، وكانت جبهة الإنقاذ رأس الحربة بها، وسعت لجمع أكبر عدد ممكن من السياسيين والرموز والتيارات المعارضة لنظام الحكم الحالي، وتدشين جبهة مثيلة لجبهة الإنقاذ حملت اسم «الجبهة المصرية الوطنية»، على أن تظل الجماعة تدير المشهد من الكواليس دون دور فاعل في العلن في أعمال تلك الجبهة، التي أوكلت قيادتها لشخصيات غير محسوبة على الجماعة.


وبالفعل تمكنت الجماعة في الذكرى الرابعة لبيان 3 يوليو، بالتنسيق مع عدد من الرموز السياسية غير المحسوبة عليها، من تشكيل جبهة تكون مظلة لمطالبات جميع القوى بالوقوف ضد نظام السيسي، انطلاقا من قواعد عامة ليس من بينها العودة لشرعية مرسي، مثل تنازل النظام الحالي عن جزيرتي تيران وصنافير، والأزمات المعيشية وانتهاكات حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وارتضت أن تكون قيادتها للدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة.


على مدار الأشهر الماضية تمكن أيمن نور، من التواصل مع عدد كبير من المعارضين في الداخل والخارج، واستطاع استقطاب عدد من الرموز لم يتوحدوا من قبل تحت مظلة الجبهة الجديدة، التي جمعت ممثلين للجماعة ليسوا من الصف الأول لها مثل الكاتب الصحفي قطب العربي، ووزير الإعلام السابق محمد عبد المقصود، بالإضافة إلى طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية "المستقيل"، وسيف الدين عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية، وعدد من الشخصيات في الداخل مثل الكاتب جمال الجمل والسفير إبراهيم يسري والمحامي محمد الدماطي وغيرهم.


وأعلنت الجبهة الجديدة عن نفسها خلال مؤتمرين صحفيين أحدهما في جنيف السويسرية والآخر في إسطنبول التركية، وأطلقت على الكيان الجديد الذي أصبح بديلا لتحالف دعم الشرعية والكيانات السابقة المختلفة، اسم «الجبهة الوطنية المصرية».


وأعلنت الجبهة الجديدة عن تشكيل مكتب سياسي لها، ضم أستاذ العلوم السياسية، سيف عبد الفتاح، والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية أيمن نور، ووزير الشئون القانونية السابق، محمد محسوب، ووزير الإعلام الأسبق صلاح عبد المقصود، ومحافظ البحيرة الأسبق أسامة سليمان، ورئيس حزب البناء والتنمية طارق الزمر "المستقيل"، والناشط السياسي، والمتحدث السابق باسم حركة شباب 6 إبريل، محمد كمال، ودعت المصريين للتوقيع على وثيقة «العمل الوطني المشترك» التي أطلقتها.


الجبهة الجديدة لم تُقدّم جديدًا عما سبقها من كيانات سوى بنقطة واحدة، وهي عدم ذكر «شرعية مرسي» في نص تأسيس الكيان الجديد؛ ما يعني استعدادها للتخلي عن مطلب الشرعية في مقابل عمل اصطفاف وطني، وهو الأمر الذي  قبلته جماعة الإخوان على مستوى جبهة القيادات التاريخية، إذ أوفدت بعض رموز الجماعة المعبرين عنها مثل صلاح عبد المقصود، وأسامة سليمان، وغيرهم ليكونوا أعضاءً بتلك الجبهة.


واستوعبت الجبهة كذلك أغلب الكيانات السابقة حيث شملت خليطا لمجموعة من المعارضين الذين أطلقوا العديد من المبادرات السابقة لمواجهة السلطة مثل "المجلس الثوري" و"التحالف الوطني" و"إعلان فبراير" و"وثيقة بروكسيل"  وبيان القاهرة.


في المقابل وقف عدد من الشخصيات المقربة من الإخوان في موقف المعارض لتلك الاتفاقية وكان أبرزهم عمرو عبد الهادي، وقيادات ما عُرف بالمجلس الثوري المصري، مثل مها عزام والمستشار وليد شرابي، والناشط السياسي عمرو عادل، ومحمد شرف، والذين تم السعي لتحجيم دورهم؛ لكي لا يؤثروا على الجبهة الجديدة، فلم يُسمح لأحدهم بالظهور في قنوات وطن أو الشرق ومكملين، للتعبير عن موقفهم من تلك الجبهة بحسب مصادر في المجلس الثوري.


وأوضحت المصادر أن قناة الشرق مملوكة لأيمن نور، لذلك ترفض السماح لهم بالتعبير عن وجهة نظرهم وتضع «لوجو» يحمل اسم الجبهة الجديدة بشكل مستمر، وكذلك فإن الإعلاميين في قناتي «وطن ومكملين» يحاولون إرضاء أيمن نور وقيادات الجبهة الجديدة، إذ إن كل إعلامي يحسب حساب الاستغناء عنه من تلك القنوات؛ بسبب سياسة ترشيد النفقات، ويضع احتمال انتقاله لقناة الشرق التي تعد الأكثر تمويلا، وهو ما حدث مع إعلاميين كانوا في تلك القنوات وانتقلوا للشرق مثل هشام عبد الله وطارق قاسم وعبد الله الماحي.


وأكدت المصادر المعارضة للجبهة أن هناك أزمة داخل الجبهة الجديدة تتمثل في قيادتها، تخص توزيع المناصب واستئثار محسوب وأيمن نور بالمقاعد الرئيسية ما جعل الآخرين في الجبهة ناقمين عليها.


في حين التزمت الجبهة الشبابية بجماعة الإخوان «مقعد المتفرج والمترقب» لما ستسفر عنه تلك المبادرة، وقال عباس قباري، القيادي بالجبهة الشبابية للجماعة إن الجبهة ليس لديها أي تعليق على الكيان الجديد على الأقل في الوقت الحالي.


وعن مستقبل تلك الجبهة يقول خالد الشريف، المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، أحد مؤسسي الجبهة الجديدة، إن هذا الكيان السياسي جاء في وقت تعيش فيه البلاد حالة من الفراغ السياسي؛ بسبب الضربات المتتالية التي توجه للمعارضة، مشيرا إلى أن جميع مقاومي النظام الحالي يرحبون بأي كيان سياسي يجمع شمل المصريين وينهي حالة الاستقطاب والانقسام التي تعيشها مصر، وأي جهد يسعى لإنقاذ مصر من أزمتها الاقتصادية والسياسية التي وقعت بها.


وأوضح «الشريف» أن الجديد في هذه الجبهة أنها تسعى لجمع شمل كل الاتجاهات السياسية بالداخل والخارج، ولا تقتصر على شخصيات الخارج فقط، أو على الإسلاميين والإخوان وحدهم مثل الكيانات السابقة، بل تفتح الأبواب أمام الجميع للانضمام لها على أرضية وطنية لمواجهة هذا النظام الذي يهدر حاضر مصر ومستقبلها، حسب قوله.


وعلى الجانب المعارض لتلك الجبهة، يقول عمرو عبد الهادي، المحامي والسياسي، إن تلك الجبهة تكرار لتجارب وكيانات سبقتها وفشلت جميعا، مشيرا إلى أنه لا تغيير في أي شيء، فالجبهة الجديدة تحوي ذات الوجوه والأفكار، موضحًا أنه تم إطلاق ٤٧ بيانا و١٠ كيانات و١٥ وثيقة، جميعهم قرروا عمل جبهة على غرار جبهة الإنقاذ والضمير، وباءت تجاربهم بالفشل.


وأكد «عبد الهادي» أن تلك المبادرة كما انطلقت ستسقط كالعادة، ولن تستطيع إضافة شخص جديد للحراك المعارض للنظام، مشيرا إلى أنه بعد تأسيس تلك الجبهة انطلقت مظاهرات، وإن كانت محدودة في مصر، ولكنها جميعا حملت صور رابعة ومرسي ولم يعر أحد الجبهة الجديدة أي اهتمام.


من جانبه قال، الكاتب الصحفي، قطب العربي، العضو المؤسس بالجبهة، والممثل لجماعة الإخوان بها، إن الجبهة ضرورة لـ«تجميع» كل الجهود المخلصة الراغبة في إنقاذ مصر، وإنهاء الحكم العسكري الجاسم على صدرها منذ «انقلاب» الثالث من يوليو 2013، والذي أصبحت خطورته على الوطن وعلى الشعب واضحة للجميع، بعد أن قتل آلاف المصريين وشرد واعتقل أضعافه، ولم يقتصر في ذلك على فصيل واحد ادعى أن الحرب مقصورة عليه، ولكنه تعدى ذلك إلى ملاحقة وحبس نشطاء من مختلف الاتجاهات بمن فيهم الذين دعموه وفوضوه، كما أن خطورة نظام السيسي على الشعب البسيط أصبحت واضحة بقراراته المتتالية برفع الأسعار وإلغاء الدعم ونقص الخدمات وتثبيت رواتب الموظفين في الوقت الذي يرفع فيه دوما رواتب الجيش والشرطة والقضاء ثمنا لولائهم له، حسب قوله.


وأضاف «العربي» أن الجبهة كانت ضرورة لمواجهة هذا التردي، وهذا الحكم العسكري وقد جاء الإعلان عن تأسيسها في الثالث من يوليو في الذكرى الرابعة لـ(الانقلاب) بعد جهود كبيرة وممتدة عبر السنوات الماضية نحو تحقيق الحد الأدنى من الاصطفاف الثوري، وقد سبق ذلك العديد من المبادرات والجهود التي تعثرت في تحقيق الهدف النهائي وهو توحيد العمل الثوري، لكن كل تلك الخطوات كانت تمهيدا مهما لما وصلنا إليه وهو إطلاق الجبهة الوطنية المصرية.


وأوضح أن الجبهة الوطنية تمتاز بتنوع لم يكن موجودا في المبادرات المماثلة من قبل، فهي تجمع قوى ورموزًا إسلامية وليبرالية ويسارية، كما تتميز بخطاب سياسي رشيد، يعرف عدوه من صديقه، ويصوب سهامه فقط نحو العدو الحقيقي ولا يدخل في معارك جانبية تستنزف الطاقات وتبدد الجهود، كما تمتاز الجبهة أنها كيان مفتوح وليس مغلقا، وأنها تمد أيديها لكل مخلص راغب في التخلص من هذا الحكم الاستبدادي انطلاقا من وثيقتها التأسيسية «وثيقة مبادئ العمل المشترك».


وأضاف أن الجبهة تضم قيادات من الداخل والخارج، فرئيسها الشرفي هو السفير إبراهيم يسري، وهو يقيم داخل مصر وهناك شخصيات أخرى من داخل مصر، إضافة إلى رموز وطنية كبرى في الجبهة تقيم خارج مصر، وعمل الجبهة سيكون في الداخل والخارج أيضا؛ لأن القوى السياسية التي تضمها الجبهة لا تزال قواعدها موجودة داخل مصر أيضا.


وأكد أن الجبهة الآن في مرحلة التأسيس واستكمال هياكلها وعقب الانتهاء من ذلك ستعلن خطة تحركها في المسارات المختلفة الشعبية والسياسية والقانونية والحقوقية والإعلامية سواء داخل مصر أو خارجها.