رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد زارع: السيسي سيقضي على حقوق الإنسان فى ولايته الرئاسية الثانية.. وهذا النظام «إلى زوال».. (حوار)

محمد زارع - أرشيفية
محمد زارع - أرشيفية


قال محمد زارع، المدير السابق للمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ونائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، إن قانون الجمعيات الأهلية الجديد، هو الأسوأ في تاريخ مصر، مشيرًا إلى أن السيسي سيقضي كل شيء له علاقة بحقوق الإنسان مع بداية فترة حكمه الثانية.


وأضاف «زارع» في حواره لـ«النبأ» من جنيف، أن الانتخابات الرئاسية القادمة، «تمثيلية كبيرة»، وأن الدولة المدنية في مصر أصبحت «تاريخًا»، وإلى تفاصيل الحوار:


ما تعليقك على قانون الجمعيات الأهلية الجديد؟

هو الأسوأ في تاريخ كل القوانين المنظمة للعمل الأهلى في مصر، ومعظم دول العالم.


كيف ترى توقيت إصدار هذا القانون؟

منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم في مصر، والمجتمع المدني يعاني من إجراءات تقوم بها الدولة، وما يحدث في القضية رقم 173 مع الناشطين المصريين من منع من السفر، وتحفظ على الأموال، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، والتشهير بهذه المنظمات من جانب الإعلام، خير دليل على ذلك، وهذا القانون الجديد رسخ كل الإجراءات القمعية التي تقوم بها الدولة تجاه الجمعيات الأهلية في مصر، وبالتالي هو قانون قمعي بامتياز، وخروج القانون في هذا التوقيت دليل على أن الدولة كان لديها نية لإصدار هذا القانون لتحجيم العمل الأهلى في مصر، وتحجيم دور منظمات حقوق الإنسان.


ما مستقبل منظمات المجتمع المدني بعد هذا القانون؟

مستقبلها على المحك، تعاني الآن من مشكلة وجود، لأن نظام الحكام يتعامل معها باعتبار أنها منظمات غير وطنية، وأنها هي السبب في الأحداث التي جرت منذ 25 يناير 2011 حتى اليوم، منظمات المجتمع المدني سوف تعمل في كل الأحوال، وسوف تواجه القانون بالإجراءات السلمية أمام كل المحافل الدولية والرسمية، لأن قضيتها عادلة، ومصر ليست عزبة، ولا يجوز لأي صاحب سلطة أن ينتهك الدستور المصري، لاسيما وأن هذا القانون غير دستوري بالمرة، ويجعل من المجتمع المدني مجتمعا غير وطني ومشتبه به وتابع للإدارة طول الوقت، وهذا القانون سيكون له آثار سلبية وسيئة على أوضاع حقوق الإنسان في مصر.


كيف ترى موقف أوروبا وأمريكا مما يحدث لمنظمات المجتمع المدني في مصر؟

هناك موقف رسمي وموقف حقوقي، الموقف الرسمي دائما تحركه المصلحة، لاسيما وأن مصر دولة كبيرة، والتعاون معها في ملفات مثل مكافحة الإرهاب واللاجئين على أولويات أوروبا وأمريكا، وبالتالي هم يضحون بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، مقابل مصالحهم مع الدولة الرسمية، لكن المنظمات الحقوقية في أوروبا وأمريكا انتقدت بشدة هذا القانون، إضافة إلى الأمم المتحدة، لكن في النهاية المصالح هي التي يكون لها الأولوية في سياسات الدول.


هل تتوقع فرض عقوبات دولية على مصر بسبب هذا القانون؟

أستبعد ذلك، لأن المصلحة تغلب على العلاقات بين مصر وهذه الدول، وقد شاهدنا المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» تقوم بدفع نصف مليار دولار للدولة المصرية في قضية اللاجئين وحماية شواطئ البحر المتوسط، وبالتالي المصلحة هي الغالبة، ولا أتوقع أن تكون هناك عقوبات مالية، على العكس سوف تستمر المساعدات، لأن أمريكا الرسمية وأوربا الرسمية لها علاقة ومصلحة مع النظام المصري.


لماذا هذه الحملة الشرسة من قبل السلطة على منظمات حقوق الإنسان؟

هذه الحملة الشرسة بدأت بعد ثورة 25 يناير 2011 مباشرة، لأن السلطة كانت تعتقد أن السبب الرئيسي في اندلاع ثورة 25 يناير هو المجتمع المدني بمعناه الواسع، وعلى رأسه منظمات حقوق الإنسان المصرية، وهناك لجان تقصى حقائق تابعة للأجهزة الأمنية المختصة كانت تتحدث عن أن المجتمع المدني هو السبب في خروج الناس إلى الشوارع، لذلك هم يحاولون القضاء على أي فرصة يمكن أن يطالب الشعب المصري من خلالها بحقوقه، ويحاولون منع أي ثورة يمكن أن تخرج، من خلال عقاب شديد للمجتمع المدني وإنهائه من مصر.


كيف ترى الاتهامات التي توجهها السلطة لهذه المنظمات مثل تنفيذ أجندات خارجية وتلقي أموال من جهات خارجية؟

كلها اتهامات غير حقيقية، أجندة المجتمع المدني معروفة، وهي العمل على ملفات لها علاقة بحقوق الإنسان مثل أوضاع المرأة والطفل والتعذيب والسجون والانتخابات ومناهضة العنف، ونشر ثقافة التسامح، وكلها حقوق مكفولة بالدستور المصري، وبالمواثيق والاتفاقيات الدولية، والتمويل الأجنبي منصوص عليه في القانون الجديد نفسه.


تقييمك للحريات وأوضاع حقوق الإنسان في مصر الآن؟

هي الأسوأ في تاريخ الدولة المصرية، فالسجون مكدسة، ومواقع التواصل الاجتماعي يتم إغلاقها لمجرد التعبير عن الرأي أو انتقاد الحاكم، ومنظمات المجتمع المدني يتم إغلاقها، والأحزاب السياسية «مقموعة».


كيف ترى انتخابات الرئاسة القادمة بدون هذه المنظمات؟

تمثيلية كبيرة، لأن السيسي لن يترك السلطة لأحد، وعدم وجود منظمات حقوقية أفضل لكنه سيحاول خلق منظمات حقوق «ديكورية» لمراقبة الانتخابات، لكن في النهاية لن يكون هناك مراقبة حقيقية لهذه الانتخابات.


كيف رأيت الإفراج عن الناشطة آية حجازي واستقبال ترامب لها؟

قضية آية حجازي عادلة، وكان من المفروض ألا يتم حبسها نهائيا، والإفراج عنها بعد ثلاث سنوات في السجن يؤكد على أن هذا النظام أصبح ينكل بكل من له علاقة بحقوق الإنسان، أما طريقة الإفراج عنها عن طريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يؤكد على أن الدولة تدار بشكل منفرد.


كيف تتوقع نهاية المحاكمات التي تعرض لها جمال عيد ونجاد البرعي وحسام بهجت وناصر أمين؟

النظام منتظر الفرصة المناسبة لكي يتخلص من منظمات المجتمع المدني بالكامل، والقضاء على كل من له علاقة بحقوق الإنسان في مصر،  وربما يكون ذلك في بداية الفترة الثانية من حكم الرئيس الحالي.


ما موقفك القانوني في مصر الآن؟

أنا موجود في جنيف منذ أكتوبر 2015، أعمل بعقد مدته سنتين، ينتهى في أكتوبر 2017، من خلال برنامج تابع للأمم المتحدة في جنيف، وأثناء فترة عملي فوجئت باتهامي في إحدى القضايا، وتم التحفظ على أموالي في شهر يناير 2017، بزعم أنني أنشر معلومات عن قيام الداخلية بتعذيب المواطنين، في القضية رقم 173.


هل أنت ممنوع من دخول مصر؟

لا أعتقد أنني ممنوع من دخول مصر، ولكن في حال عودتي سيكون هناك قضية في انتظاري، وستتم محاكمتي، وهذا شيء متوقع.


كيف ترى المساعي المصرية لإدراج الإخوان جماعة إرهابية في أمريكا؟

لا أعتقد أن ذلك سوف يحدث، لأن أمريكا والغرب يعلمون أن الإخوان المسلمين موجودون في عدد كبير في الدول العربية، وجزء من منظومة الحكم في الكثير من هذه الدول، وبالتالي إدراجهم كمنظمة إرهابية سوف يوتر العلاقات بين أمريكا وبين الكثير من الدول العربية المهمة في المنطقة مثل تونس والمغرب، وأمريكا في النهاية تعرف أن الهدف من كل هذه المساعي هو حصار جماعة الإخوان المسلمين.


كيف ترى الموقف الأمريكي والغربي من أوضاع حقوق الإنسان في مصر؟

هم لديهم ملاحظات كبيرة على أوضاع حقوق الإنسان في مصر، ولكن كما قلت هناك مصالح تحكم هذه العلاقات، لذلك سيقتصر الأمر على النصائح على استحياء، وما يهم أمريكا والغرب الآن هو مكافحة الإرهاب ومنع تدفق اللاجئين لأوروبا، وفي النهاية كل ذلك يتم لصالح إسرائيل، وشيطنة إيران، وهذا سيقضى على أي استقرار في المنطقة.


كيف غيرت قضية ريجيني نظرة الغرب لأوضاع حقوق الإنسان في مصر؟

من المؤكد أن قضية ريجيني سلطت الضوء ولفتت النظر بشدة للانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في مصر، لاسيما ما يحدث من انتهاكات في أماكن الاحتجاز، وكلها ترصدها منظمات حقوق الإنسان، لذا أصبح هذا الموضوع يقلق الأوروبيين، فقاموا بطرحه في المجلس الدولى لحقوق الإنسان وداخل البرلمان الأوروبي.


وهذه القضية أصبحت تأخذ منحنى صعود وهبوط، أحيانا يتم التركيز عليها، وأحيانا أخرى يتم تناسيها، لكنها قضية موجودة وفي أي لحظة يمكن أن تكبر وتتطور، لكن الجانب المصري يتعامل معها من خلال تقديم الكثير من السخاء الاقتصادي والعسكري للجانب الإيطالي والأوروبي من أجل أن تتناسى الحكومة الرسمية في إيطاليا هذا الموضوع، لكن هذه القضية أكدت للغرب أن الكل يمكن أن يتعرض لانتهاكات حقوق الإنسان حتى لو كانوا أوروبيين، وبالتالي تحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر سيكون في صالح الأوروبيين وليس لصالح المصريين فقط.


تقييمك لأداء المجلس القومي لحقوق الإنسان؟

هو مجلس بلا فاعلية، مجلس ديكوري، وأغلب الموجودين فيه محسوبون على القوى الوطنية، ومحسوبون على منظمات حقوق الإنسان، وهذا الأداء سيكون له تأثير سلبي على سمعة هؤلاء الأعضاء.


كيف ترى حجب المواقع الإلكترونية في مصر؟

هذا يدخل في إطار القمع المستمر لكل مؤسسات الدولة المدنية، فكل الصحف والنقابات والأحزاب والمواقع الإليكترونية أصبحت كلها تحت الحصار وتحت المراقبة وبلا فاعلية، والهدف هو إنهاء أي محاولة لتغيير السلطة الحالية في مصر أو خروجها من الرئيس الحالي، لذلك كل شيء في الدولة معطل بما في ذلك الدستور.


ما توقعاتك لمستقبل الدولة المدنية في مصر؟

الدولة المدنية في مصر أصبحت تاريخ، وتحتاج إلى نضال طويل من أجل استعادتها مرة أخرى، نحن في ظل حكم مطلق.


هل مصر ما زالت معرضة لأن تصبح مثل سوريا والعراق وليبيا في ظل ما يحدث؟

لا أتمنى ذلك، لكن للأسف تم وضع الشعب المصري كله أمام خيارين، إما القمع وعدم وجود حريات، وإما الثورة والفوضى، وقد تم ذلك من خلال تفريغ المجتمع المدني وعلى رأسه الأحزاب السياسية، بحيث يظهر عدم وجود بديل قوى له في الحكم، لكن في النهاية هذا النظام إلى زوال في كل الأحوال، مثلما حدث مع حسنى مبارك، الذي ظل في السلطة 30 سنة، ولم يتوقع أحد في يوم من الأيام أنه ممكن أن يترك السلطة، وبالتالي المطلوب هو بناء مؤسسات الدولة، حتى لا يحدث فراغ سياسي بعد رحيل هذا النظام.


ماذا تحقق من أهداف ثورة 25 يناير الآن؟

لم يتحقق شيء، لكن الأحداث أكدت أنه لا أحد يستطيع اختطاف الدولة وابتلاعها، وأن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لحكم هذا البلد، والدليل أن الرئيس الحالي بكل ما يمتلكه من مؤسسات لم يستطيع السيطرة على الدولة.


كيف ترى مستقبل مصر في ظل ما يحدث؟

مستحيل أن يستمر هذا النظام في الحكم لفترة طويلة، وسوف تتحول مصر من شبه دولة إلى دولة مدنية حقيقية، تتسع للجميع، وتقوم على التعددية والمساواة والعدالة، وتنتصر للحرية وحقوق الإنسان والمواطنة.