رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

قطر تلجأ لـ«العمالة الجزائرية والسودانية» للتخلص من المصريين

العمالة المصرية في
العمالة المصرية في قطر - أرشيفية


في ساعة متأخرة من ليل الإثنين الماضي، أعلنت كل من البحرين والإمارات والسعودية، قطع علاقاتهم بقطر، ووقف رحلات الطيران، وسحب السفراء ورعاياهم منها، وإمهال رعايا قطر مدة 14 يوما للرحيل، ومثيل المدة لمواطنيهم للعودة، وتبعتهم مصر في قرار قطع العلاقات في ذات الليلة.


القرار المصري لقطع العلاقات مع قطر لم يتطرق من قريب أو بعيد لوضع المصريين العاملين في قطر الذين يتجاوز عددهم الـ300 ألف مصري، بحسب بيانات وزارة الهجرة، ويعملون في المهن المختلفة في قطر، ومنها مصدر دخلهم الأساسي ورزق عوائلهم، ولم تتبع مصر طريقة الدول الثلاث في استدعاء مواطنيها من قطر خلال 14 يوما، وفي الوقت الذي أعلنت فيه وقف الرحلات الجوية إلى قطر، وترحيل القطريين من مصر، تركت المصريين يلقون مصيرهم المجهول.


وفي مشهد أثار سخرية الكثيرين، خرجت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، بتصريح يؤكد أنه سيتم استيعاب من يقرر العودة النهائية لمصر من العاملين في قطر، مضيفة: "عندنا فرص عمل للى عاوز يرجع"، في حين أنها لم تكشف عن نوعية الفرصة البديلة المتوفرة للعائدين من قطر، ولماذا لم تتوفر لأكثر من 3 ملايين ونصف المليون عاطل في مصر، بحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017.


بعد أن أعلنت مصر عن هذا القرار، قررت تنفيذه فورًا، وأغلقت السفارة المصرية في قطر في وجه المصريين وسحبت السفير، وعهدت إلى سفارة اليونان برعاية مصالح الـ 300 ألف مصري في قطر.


أزمات كثيرة وكارثية واجهت المصريين بحسب مصادر مطلعة في قطر، جراء قطع العلاقات مع الدوحة، والهجوم الإعلامي الكاسح على قطر وأميرها ومؤسساتها، مما جعلهم رعايا في دولة لا ترغب في وجودهم، وتضمر العداء لنظامهم الحاكم، وهو ما ستطالهم تبعاته باعتبارهم الحلقة الأضعف في هذا الصراع، ولا يملكون سوى أعمالهم ومهنهم التي لم توّفر لهم الحياة الكريمة في مصر، فسعوا للحصول عليها في بلاد الغربة.


المصادر أوضحت أن قطع العلاقات المصرية مع قطر ليس له أي تأثير يذكر عليها؛ لأنها لا تربطها بها حدود ولا مصالح اقتصادية مؤثرة، في حين تملك قطر مصير 300 ألف مصري، قد تدفعهم إلى البطالة والعوز بجرة قلم مثل التي فعلتها مصر، مشيرة إلى أن قطر لجأت إلى منفذها البحري لتوفير احتياجاتها عبر إيران من ميناء الدوحة، بالتنسيق مع رجال الأعمال الإيرانيين الذين يملكون استثمارات ضخمة في قطر مثل المولات والمجمعات الاستهلاكية المعروفة باسم "فلاجيو".


وأشارت المصادر إلى أن المصريين لا يعانون من نقص في الخدمات ولا الأمن الغذائي ويجري معاملتهم مثل المواطنين الأصليين، مؤكدة أن المشكلة تكمن في أن آلاف المصريين مهددون بالفصل من أعمالهم خلال الفترة المقبلة ردًا على الموقف المصري، وخاصة في حال التصالح مع دول الخليج.


وأوضحت المصادر أن قطر كانت تخصص "كوتة" للعمالة المصرية، من العمال الوافدين تصل إلى الربع، ولكن بعد القرارات الأخيرة فإنها أوقفت جلب أي مصري لقطر وبدأت في سياسة "تفنيش" أو إنهاء أعمال المصريين بشكل تدريجي.


وأكدت المصادر، أن عددًا كبيرًا من المصريين قد حجزوا لقضاء إجازة العيد في مصر، عبر شركة مصر للطيران، موضحة أن الشركة تركتهم ولم توفر لهم بدائل للعودة، وتماطل في إعادة أموالهم، موضحةً أن البديل سيكون عن طريق طيران قطر بالإضافة إلى ترانزيت في الكويت أو عمان، وهو ما يعني إضافة 80 إلى 120% على سعر تذكرة السفر لمصر في إجازة العيد ومثلها على سعر العودة.


ويقول أحمد سعيد، عضو مكتب الجالية المصرية في قطر، إن قطر بدأت تنزعج من الإعلام المصري الذي تعرض للأسرة الحاكمة وكذلك لمواقف مصر المعادية لها، والتي تصاعدت بشكل كبير، وشرعت في التخلص من عدد كبير من المصريين وصل عددهم إلى 3 آلاف عامل خلال الستة أشهر الأخيرة في القطاع الحكومي فقط.


وأوضح "سعيد" أن قطر قررت اتباع سياسة عرفت باسم "الإحلال والتقطير"، هدفها وضع القطريين في الوظائف الحكومية التي تعمل بها الجنسيات المختلفة، وطالت تلك السياسة المصريين بشكل كبير للغاية، مشيرا إلى أن من يتم إنهاء عمله لا يحصل على "منع كفالة"، بحيث لا يُسمح له بالانتقال إلى عمل آخر، ويكون مطالبًا بالرحيل عن قطر بعد إعطائه كامل مستحقاته.


وأضاف أن السياسة المصرية والإعلام المصري صدّروا الكوارث للمصريين، مشيرًا إلى أن هناك آلاف الفقراء والمدنيين ومن لديهم أزمات معيشية، أصبحوا مهددين بين لحظة وأخرى بـ"قطع عيشهم" بسبب المواقف المصرية عديمة التأثير والفائدة.


وأشار إلى أن العلاقات الخليجية ستعود كما كانت قريبًا، ولكن العلاقات مع مصر لن تعود، منوها بأن قطر ضاقت ذرعا بتلك المواقف، وقررت اتباع سياسة الإحلال على حساب المصريين، والتي ستطال آلاف العاملين في قطر خلال الأشهر المقبلة، فضلا عن اتجاه القطريين لاستجلاب العمالة الجزائرية والسورية وقطع الطريق على استقدام أي عمالة مصرية كما كان يجري في السابق.


وأوضح أن الجالية المصرية تحاول التهدئة مع الجانب القطري وقامت بحملة للتأكيد على عمق العلاقات بين الشعبين ورفضها لنهج الإعلام المصري، مشيرًا إلى أنهم يبذلون كل ما في وسعهم لتجنب وقوع الكارثة وهي الاستغناء عن المصريين بالكامل في غضون شهور.


ومن جانبه، يرى عمرو عبد الهادي، المحامي والسياسي، المقيم في قطر، أن السوق القطرية تحتاج لعمالة مختلفة، ولا يسدها القطريون وحدهم؛ نظرًا لقلة أعدادهم، وكان المصريون يمثلون النسبة الأكبر منها، مشيرا إلى أن هناك نية في الدوائر القطرية للاعتماد على العمالة الجزائرية والسودانية بدلًا من المصرية؛ بسبب مواقف النظام المصري.


وأضاف أن كل ما قام به السيسي لا يضر إلا مصر، ولذلك لم تهتم قطر بما فعله السيسي في بياناتها، مشيرًا إلى أن شركة الخطوط القطرية وفّرت خطوط طيران بديلة للمصريين الراغبين في العودة لمصر، والمصريون يشعرون بالقلق والخوف على أعمالهم في قطر التي أصبحت مهددة بشكل غير مسبوق.