رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل درس «السيسي» مشروعاته الكبرى قبل إنفاق تريليون و40 مليار جنيه؟

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


انفعل الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أبو المعاطي مصطفى، عضو مجلس النواب، بعدما طالبه الأخير بضرورة إرجاء ومراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي، لا سيما فيما يختص بأسعار الوقود، ومطالبته السيسي برفع الحد الأدنى للأجور.


وعلق السيسي منفعلا بشكل حاد، قائلًا: "أنت مين.. أنت دارس الموضوع اللى بتتكلم فيه ده.. أنت فاكرني لما تيجي تقول الكلام ده في موضوع عام زي كده.. أنت عاوز دولة تقوم ولا عايزها تبقى ميتة.. ادرسوا الموضوع كويس واعرفوا البلد فيها إيه".


واستطرد السيسي: "بتقولي توفير 3 آلاف جنيه كحد أدنى للأجور إزاي بعد كام سنة.. كنت ممكن أسكت وأقول طيب لكن لا مينفعش"، مشددًا على أنه مسئول أمام الشعب المصري على النهوض باقتصاد الدولة حتى يصبح لها قيمة بين الدول المتقدمة، وتابع خلال افتتاح عدد من المشروعات الخدمية الكبرى بمحافظة دمياط: مصر تأخرت كثيرًا في قرارات الإصلاح الاقتصادي ولا يمكن التراجع عن تلك الإجراءات الضرورية.


انفعال الرئيس كان محور تساؤلات المواطنين، ووجه له بعض الأسئلة التي وجهها للنائب، هل الرئيس درس المشروعات القومية التي أعلن عنها منذ توليه السلطة، والتي كلفت الدولة تريليون و40 مليار جنيه، بدءًا من مشروع قناة السويس، كذلك مشروع العاصمة الإدارية الجديدة وانسحاب الشركة الصينية منها، ومشروع المليون ونصف المليون فدان؟


قناة السويس الجديدة

وعن تفاصيل المشروعات التي روج لها نظام السيسي، بهدف كسب أرضية وشعبية ترسخ أركانه، بعد حالة الفوضى التي انتابت شوارع مصر بعد رحيل الإخوان، يقول الدكتور إبراهيم منصور، أستاذ التخطيط القومي بمعهد التخطيط سابقا، إن هناك مشروعات أعلن عنها الرئيس وثبت بعد ذلك فشلها لأنها قامت من الأساس بدون دراسة ومخطط واضح وكانت البداية بمشروع المليون وحدة سكنية، الذي أعلنت عنه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بالاشتراك مع شركة «أرابتك» العقارية الإماراتية، حيث أعلنت الهيئة الهندسية عن توفير المشروع لشقق سكنية لمحدودي الدخل للقضاء على ارتفاع أسعار الشقق، لكن سرعان ما تبخر الحلم عقب انسحاب الشركة الإماراتية من المشروع، وإحالته لوزارة الإسكان، ثم غلق الملف نهائيًا بعد تقليص الوحدات السكنية المزمع إقامتها من مليون وحدة إلى 13 ألف فقط.


وحتى الآن لم يتم تسليم عدد كبير من الشقق للمواطنين؛ نظرا لارتفاع المقدم والذي يصل إلى 40 ألف جنيه، وقسط شهري يصل إلي أكثر من ألف جنيه، في حين أن مصر لا توجد بها أزمة سكن ولكن تواجه أزمة ارتفاع أسعار الوحدات السكنية فهناك 3 ملايين وحدة سكنية مغلقة.


مشروع العلاج بالكفتة

وأضاف خبير التخطيط، إبراهيم منصور، من ضمن المشروعات الفاشلة مشروع العلاج بالكفتة، ففي 2013 نظمت القوات المسلحة مؤتمرًا صحفيًّا عالميًّا بمقر المركز الصحفي لإدارة الشئون المعنوية لإزاحة الستار عن الاكتشاف الذي وصفته بـ"المهم" وهو جهاز الكشف عن فيروس التهاب الكبد الوبائي "c"، والإيدز وعلاج تلك الفيروسات قبل أن يعلن الجيش رسميًّا عن استيراد علاج أمريكي للفيرس وتوقف المشروع المنتظر، وانتهي المشروع بإعلان نقابة الأطباء فشل المشروع لعدم وجود دراسة له من الأساس وقررت النقابة وقف أربعة من الأطباء المشاركين في المشروع عن مزاولة المهنة لمدة عام.


المؤتمر الاقتصادي

وما لبث الشعب المغلوب على أمره من الاستفاقة من أوهام ما سبق، حتى جاء المؤتمر الاقتصادي العالمي مارس 2015، والذي قدمه النظام - من خلال آلته الإعلامية - على أنه الأمل الذي سينقذ مصر من أزمتها الاقتصادية، وبات الجميع يتحدث عن العاصمة الإدارية الجديدة، واكتشافات بترولية متعددة، وشراكات اقتصادية عالمية، وضخ استثمارات من هنا وهناك.


ويوضح الدكتور إبراهيم منصور، أن المؤتمر كشف أن العشوائية هي المتحكم في إدارة الملف الاقتصادي للدولة، فقد خرجت الحكومة لتعلن أن المؤتمر أسفر عن توقيع 55 مشروعا وخلال 890 يوما سوف يبدأ التنفيذ ليكتشف الشعب أنه لم يتم توقيع سوى سبعة مشروعات فقط منهم، يتركز معظمهم في قطاعي الإسكان والكهرباء، موضحا أن الكارثة التي تظهر العشوائية من جانب الحكومة، أن فشل المؤتمر كان بسبب:


أولا: عدم عرض دراسات جادة على المستثمرين، فضلا عن صدور قانون الاستثمار قبل انعقاد المؤتمر مباشرة، ولم يتم الترويج له بشكل جيد وترجمته.


ثانيا: عدم تحديد جهة مختصة للتواصل مع المستثمرين.


ثالثا: عدم الإعلان عن ملكية الأراضي المقرر إقامة المشروعات عليها والجهات التابعة لها.


رابعا: قضايا التحكيم الدولي المرفوعة ضد مصر والتي يبلغ عددها 31 قضية تطالب مصر بـ 100 مليار جنيه لم تحل الدولة منها سوى 3 قضايا فقط، الأمر الذي يضر بسمعة مصر ويجعلها مركز طرد للاستثمار.


قناة السويس الجديدة

بالرغم من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر في السنين الأخيرة، إلا أن البحث عن مشروع قومي يمهد الطريق لمزيد من الحضور الجماهيري دفع السيسي للإعلان عن حفر مشروع قناة السويس الجديدة  وجمع من الشعب 64 مليار جنيه عن طريق شهادات استثمار، ويكشف خبير التخطيط، إبراهيم منصور، أن التكلفة التقديرية لـ"التفريعة الجديدة" بلغت 8.2 مليار دولار، أي ما يعادل 64 مليار جنيه للمخطط الإجمالي للتفريعة.


ومن الأمور الغريبة في هذا الشأن تضارب تصريحات عبدالفتاح السيسي، ورئيس هيئة قناة السويس، مهاب مميش، بشأن تكلفة التفريعة الجديدة، وعدد السفن التي من الممكن أن تعبرها، حيث قال السيسي خلال ندوة نظمها الجيش المصري، إن تكلفة التفريعة بلغت 20 مليار جنيه (ما يعادل 2.52 مليار دولار)، مضيفًا أن بلاده تمكنت من استرجاع تكلفة القناة بمرور 60 إلى 63 سفينة عبر القناة، حيث قال: "إذا كان على الـ20 مليار اللي إحنا دفعناهم، إحنا جبناهم تاني".


وفي المقابل أكد رئيس هيئة قناة السويس أن تكلفة التفريعة الجديدة حتى الوقت الراهن بلغت 3.2 مليار دولار، ما يعادل 24.9 مليار جنيه، بفارق كبير عن الرقم الذي أعلن عنه السيسي، فضلًا عن 400 مليون دولار أقرضهم التحالف الذي يضم بنوك مصر والعربي الإفريقي والتجاري الدولي والأهلى لصالح الهيئة العامة لقناة السويس، وبحصولها على هذا القرض وصلت القروض الدولارية التي حصلت عليها الهيئة من البنوك خلال العام الحالي 1.4 مليار دولار.


ولفت أستاذ التخطيط أنه بالرغم من التفريعة الجديدة، فإن إيرادات القناة تراجعت بنسبة 6.5% منذ افتتاح التفريعة الجديدة حتى نهاية ديسمبر الماضي، لتصل إلى 2.197 مليار دولار، مقارنة بـ 2.350 مليار خلال الفترة نفسها من 2015، بما يعادل 153 مليون دولار، لتستحوذ على 52.7% من إجمالي خسائر العام الماضي.


وأشار أستاذ التخطيط، إلى أن فشل مشروع قناة السويس ساهم بشكل كبير في إحداث تضخم في الاقتصاد المصري، وحدوث أزمة الدولار الحالية حيث قامت الحكومة بسحب الدولارات من البنك المركزي لسداد المستحقات للشركات الحفر الأجنبية.


مثلث التعدين

من المشروعات التي اعتبرها السيسي مشروعه القومي الهام الثاني فهو مشروع مثلث التعدين.. المثلث الذهبي في صحراء مصر الشرقية.. الممتد من منطقة إدفو جنوب محافظة قنا إلى مرسى علم على ساحل البحر الأحمر شرقًا إلى منطقة سفاجا شمالًا، ويعتبر هذا المشروع بالأساس هو مشروع رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل.


وفي عهد حكومة محلب طرح المشروع ولكن مع عدم تحديد مصادر التمويل في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد وعجز الموازنة، مع طرح المشروع ككلام على الورق دون تحديد آلية تنفيذه.


مشروع استصلاح مليون ونصف المليون فدان

مر أكثر من عام ونصف العام، منذ انطلاق المشروع القومي لاستصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان، لكن دون جدوى، برغم تعاقب عليه 4 وزراء زراعة دون تحقيق الأهداف التي من خلالها انطلق المشروع، سوى استصلاح الـ 10 آلاف فدان بالفرافرة.


العاصمة الإدارية الجديدة

وأعلن السيسي عن مشروع قومي آخر وأكد معظم الخبراء بما فيهم المؤيدين له فشله وهو العاصمة الإدارية الجديدة على طريق السويس. وتقع العاصمة الإدارية علي مسافة ٦٠ كيلو مترا في طريق القاهرة السويس الصحراوي.


والفكرة ليست جديدة حيث ظهرت للمرة الأولى عام ١٩٧٦ عندما وضع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات حجر الأساس لعاصمة إدارية بديلة عن القاهرة، ومنحها اسمه "مدينة السادات"، هادفا نقل الوزارات إلى المدينة الجديدة، بتكلفة بلغت وقتها ٢٥ مليون جنيه مصري، لكن موظفي أجهزة الدولة رفضوا الانتقال إلى المدينة الجديدة بسبب ضعف الاتصال بينها وبين المدينة الأم، وهو ما عكس ضعفا فى التخطيط للقرار قبل اتخاذه، ولعلاج ذلك تم إلحاق مباني الوزارات المقترحة بجامعة المنوفية، وانتهت الفكرة بالفشل ولم تحقق أى عائد اقتصادى أو مرورى أو أمنى.


تعويم الجنيه

تعويم الجنيه من القرارات غير المدروسة، وكان سببا رئيسيا في ارتفاع الأسعار، وخرجت الحكومة لتهلل بدراسة القرار بكافة جوانبه، وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمود الشريف، أن قرار البنك المركزي باتخاذ قرار تعويم الجنيه، كان يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف منها استقرار سعر الصرف في البنوك وتقاربه مع السعر في السوق الموازية، وهذه النقطة لم تتحقق بل إن تقارير صندوق النقد الدولي كشفت أنها لم تكن تتوقع تخطي الدولار لحاجز 16 جنيه، مشيرا إلي قرار التعويم الخاطئ كان عاملا أساسيا في زيادة الأسعار بشكل غير مبرر، وخاصة أسعار الدواء وغيرها من السلع الأساسية.


مطار النزهة

أخر مشروعات الرئيس غير المدروسة، هو مشرع تشغيل مطار النزهة بالإسكندرية، حيث صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر الشباب المقام بمدينة الإسماعلية، بعدم تشغيل مطار النزهة الدولي بالإسكندرية لأسباب لن يفصح عنها، بعدما تم الإعلان سابقًا عن افتتاحه في منتصف فبراير الماضي 2017 بعد تطويره بمبلغ 500 مليون جنيه ليتسع لمليوني راكب سنويًّا وتخفيف العمل عن مطار برج العرب.