رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أحمد علي عثمان: جنود سيناء يجوز لهم الإفطار.. وهذا حكم الدعاء للرئيس

الدكتور أحمد علي
الدكتور أحمد علي عثمان


شهدت الفترة الماضية، ظهور العديد من القضايا الدينية الجدلية، سواء داخل الشارع أو بين رجال الدين ونواب البرلمان، ومع قدوم شهر رمضان الكريم تطفو على سطح الأحداث بعض القضايا المتعلقة بالصيام، أو ما تخص حياة المواطنين.


وللوقوف على أبرز تلك القضايا والإجابات عنها، كان هذا الحوار مع الدكتور أحمد علي عثمان، أستاذ سيكولوجية الأديان والداعية بـ«وزارة الأوقاف».


ما حكم الدعاء لشخص معين كالملك أو الرئيس وذكر اسمه في المسجد؟

يجوز في الأصل الدعاء للمسلم سواء كان رئيسا أو مرؤوسا، حاكما أو محكوما، والدعاء للسلطان بالصلاح أمر جائز؛ لأن في صلاحه صلاح للرعية كما هو معلوم، ولهذا ورد عن بعض السلف الدعاء للسلطان، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: «لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان» ولكن الدعاء للرئيس على المنبر باسمه وبعينه لا على سبيل العموم، وقع فيه خلاف بين العلماء، فمنهم من قال بجوازه، ومنهم من قال بكراهته، فأتباع الحنابلة أفتوا بجواز الدعاء.


نستخلص من ذلك، بأن القليل من العلماء هم من أفتوا بالكراهية، ولكن الأغلبية أجازوا هذا الدعاء، وما ينبغي التنبيه عليه، ألا يدعى لظالم بطول العمر، ونحو ذلك؛ بل يدعى له بـ«الصلاح» ونحوه.


ما حكم استعمال مكبرات الصوت في الصلاة الجهرية؟

استعمال مكبر الصوت أثناء الصلاة، إذا كان فيه تشويش على أهل البيوت أو المساجد التي حوله، منهي عنه، لما فيه من أذى للمسلمين والتشويش عليهم في صلواتهم، وقد أخرج الإمام مالك عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضهم على بعض في القرآن"، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: "ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة"، أما إذا كان استعمال مكبر الصوت لا يشوش على أحد، ولا يؤذي أحدًا بحيث تكون السماعات داخل المسجد، فهذا إن كان فيه مصلحة كتنشيط القارئ والمصلين، أو كان له حاجة مثل: أن يكون المسجد كبيرًا، أو يكون صوت الإمام ضعيفًا فلا بأس به، وقد يترجح جانب استعماله على جانب تركه.


تقدم نائب في البرلمان بمشروع قانون يطالب بتحديد الإنجاب عند ثلاثة أبناء.. فهل ذلك يتفق مع الشرع في ظل الظروف التي تمر بها البلاد اقتصاديا؟

لا يجوز ذلك، بل المشروع أن يكثر الإنسان من الأولاد لأن في ذلك، تكثير الأمة الإسلامية، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، ولما في ذلك من الخير والصلاح؛ فقد يكون هؤلاء الأولاد صالحين ينفعون والديهم في دينهم ودنياهم، ثم إن تحديد النسل في الواقع ليس راجعا إلى الإنسان، فقد يحدد الإنسان نسله بأربعة أو خمسة، ثم يموت هؤلاء أو يموت بعضهم فيبقى عقيما أو مقلا من الأولاد وعلى كل حال فتحديد النسل لا يجوز أما تنظيمه بمعنى أنه بدلا من أن تنجب المرأة في السنتين مرتين ويريد أن تنجب في السنتين مرة واحدة لمصلحة شرعية، فهذا لابأس به، والظروف الاقتصادية قد تطلب من الزوجين تنظيم النسل ليكون الإنجاب على سنوات متباعدة، أما القول بإن يتم الاكتفاء بالطفل الثالث، فهذا يدخل ضمن تحديد النسل المحرم «شرعا».


هل هناك ضرورة تفرض على الحاكم استخدام شرعية تعدد الزيجات كما حدث في دولة الصومال؟

تعدد الزوجات في الإسلام، يجب اللجوء إليه لحل المشاكل المعقدة التي يستعصي حلها، مثل كثرة العنوسة أو نقص في تعداد المواليد والسكان، وهذا الأمر يقدره العلماء لأنه تكون من القضايا التي تحتاج للتجديد، ولكن الشرع أجاز تعدد الزيجات، ولكن بشروط؛ فالأمر ليس مطروكا للرجل يتزوج ويطلق متى يشاء، ولو لم يحقق الرجل تلك الشروط فالأصل هو الزواج بواحدة في ظل نص قوله "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"، وقوله "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء"، فالإسلام ينظر إلى تكوين الأسرة بطريقة مشرفة، والعلاقة بين الرجل وزوجته يجب أن تقوم على المودة والاحترام المتبادل، لأنهما عنصران في بنيان الأسرة، والعادات والتقاليد في بعض الأحيان، تقلل من شأن المرأة".


نستقي من كل ذلك بأن تعدد الزوجات دون أسباب يعد "عبثا" و"هراء". وقوله "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء"، فأننا نذهب لتعدد الزوجات عند استحالة الحياة مع الزوجة الأولى والصلح بينهما لقوله تعالى "وإن يتفرقا يغني الله كلا من سعته"، وقوله "فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها".


هل يجوز إفطار جنود الجيش والشرطة على أرض سيناء لكونهم في حالة حرب ولشدة الحر؟

الإسلام وضع شروطًا وضوابط في مسألة إفطار المسلم في نهار رمضان، منها السفر، أو المرض أو المرأة الحامل أو المرضعة أو أصحاب الأمراض المزمنة التي لا يجري منها الشفاء مثل السكر، وقد يفطر الصائم من شدة الحر طالما كان ذلك يمثل خطرا علي حياته، فالفرائض لم تنزل لإزلال الناس، ومن هنا الجندي الذي يحارب الإرهاب في سيناء يكون دائما في حالة حرب، وبالتالي يجوز لهه الإفطار إذا لم يستطع الصيام أو كونه يعوق تركيزه في أداء المهام الموكل لهم، وهذه الفتوى صدرت من قبل عن دار الإفتاء إبان حرب 73، عندما أجاز للجنود الإفطار ولكن المعروف عن الجندي المصري حرصه على الحرب مع الصيام فلم يفطر جندي مصر في حرب أكتوبر المجيدة.


هل يجوز للمسلم الإفطار على مائدة مسيحي رغم الفتاوى السلفية التي تحرم ذلك؟

يجوز للصائم الإفطار علي مائدة إفطار أو رحمن ينظمها قبطي، فهذا لا يقل من ثواب الصيام كما يفتي البعض، فالرسول – صلى الله عليه وسلم – أول من وضع وثيقة وطنية بين الأديان السماوية في المدينة دون تفرقة في المعاملة أو التجارة أو ما يخص البيع والشراء، كما يجوز أيضا دعوة المسلم للجارة المسيحي للإفطار معه علي مائدة واحدة.


كيف ترى تصريحات البعض بشأن تكفير الأقباط واعتبار عقيدتهم فاسدة؟

هذه الفتاوى لا تتفق مع وسطية الدين الإسلامي، ودعوته القائمة على نشر السلام والمحبة بين الجميع، فالدين دعا إلى حسن المعاملة بين البشر، أما الدين والعقيدة فمتروكة لله وحده، فلا يحق لأحد الفتوى بأن هذا في الجنة أو في النار، فكم من مسلمين يدخلون النار، وكم من أقباط في الجنة، فالعبرة في الخاتمة، ولذلك أوصى نبينا الكريم بالدعاء بحسن الخاتمة، ويجب على الجميع من الطرفين الكف عن التلاسن فيما بينهم بشأن العقائد، لأن ذلك عواقبه كبيرة ستؤدي إلى فتنة في البلاد، وحدث ذلك كثيرًا عبر التاريخ، وأطالب الدولة بضرورة الوقفة الحازمة تجاه تجاوزات التيارات السلفية وإصرارهم علي صدور الفتاوى الشاذة التي تدعو للكراهية تجاه الآخر.