رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سعيد صادق لـ"النبأ": التدين في مصر «شكلي».. وبعض أعضاء البرلمان مصابون بـ«الهوس الجنسي»

محرر «النبأ» في حواره
محرر «النبأ» في حواره مع الدكتور سعيد صادق


قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إن الفوضى والحرب الأهلية، هما أسوأ سيناريو يمكن أن يواجه مصر الفترة القادمة، في حال استمرار الوضع الحالي.


وأضاف «صادق»، أن البلد تدار بـ«طريقة ارتجالية»، وأن استمرار الوضع على ما هو عليه الآن، سيحول مصر إلى «دولة فاشلة»، منوها في حوار لـ«النبأ»، إلى أن 85% من المصريين يحتاجون لـ«علاج نفسي»، وإلى تفاصيل الحوار.


في البداية.. ما توصيفك للمشهد السياسي الحالي؟

مصر بعد ثورتين أصبحت تعاني مشاكل عديدة، مثل عدم الاستقرار السياسي والأمني، منذ 2013 هناك تمرد مسلح لم يحدث في تاريخ مصر على الحكومة المركزية في شمال سيناء، الأقباط أحد مكونات المجتمع ويتعرضون لهجمات لم تحدث في تاريخ مصر، المعارضة المصرية في «مأزق» ليس لديها بديل للنظام الحاكم، النظام ليس لديه استراتيجية، الدولة تسير بالارتجال في كل شيء، الأجهزة الحكومية مترهلة، وأصبحت عائقًا أمام التنمية، البيروقراطية المصرية مازالت متمسكة بالإجراءات البطيئة في كل شيء، هناك فساد يعاني منه المواطن يوميا، أمن المواطن مهدد، الأوضاع الاقتصادية سيئة، هناك تدهور في مستوى المعيشة، الأمن المجتمعي منهار، الكل يعمل في جزر منعزلة، لا أحد يريد أن يضحي، وهناك غياب للعدالة، لذلك المشاكل مستمرة ولم تنته، هناك شماعات كثيرة، الاستقرار في مصر غير دائم فالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في تدهور، الوضع في سيناء أصبح أسوأ، الحكومة ضعيفة، لا يوجد خطة واضحة لـ«الإصلاح الديني»، الدولة «ماشية» دون خطط، وبالارتجال، والأجهزة الأمنية لا تدافع عن ضحايا «التحرش الجنسي»، ولا تهتم بأمن المجتمع، فحرق الكتب، ومنع المنتقبات من التدريس في جامعة القاهرة، كلها عمليات ارتجالية يقوم بها أشخاص بعيدا عن الدولة، مشاكل مصر الحقيقية لم يقترب منها أحد، والمصريون مش عارفين رايحين على فين، مصر أصبحت مجمدة، هناك محافظة على الوضع الحالي، وليس هناك تطوير.


قلت إن الدولة تسير طبقًا للارتجالية.. لكن الحكومة تؤكد عكس ذلك؟

الحكومة تقول كما تريد، الذي يحكم هو المواطن الذي أصبح غير آمن في الشارع، ومعدلات الجريمة في ارتفاع بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية، ومصر ثاني دولة في  العالم في التحرش بعد أفغانستان، هناك فقر مدقع، وفوضى مستمرة، وعنف مجتمعي.


ماذا عن الحالة النفسية للمصريين في ظل هذه الظروف؟

85 % من المصريين يحتاجون إلى علاج نفسي، وهناك الكثير من المسئولين في الدولة يحتاجون إلى العلاج النفسي، والكشف عن «قواهم العقلية»، لا أحد يتحدث عن التعليم الفاسد، وأزمات البلد المزمنة الحقيقية لم يقترب منها أحد، ولا يوجد حكومة مسئولة تنظر للمستقبل وخاضعة للمساءلة.


ماذا عن مجلس النواب الذي يقول البعض إنه أفضل مجلس في تاريخ مصر؟

بعض أعضاء مجلس النواب ينتشر بينهم الجهل؛ لذلك هم يسعون لعمل فرقعات إعلامية، ويتحدثون عن مشاريع وهمية من أجل الشهرة وجذب الإعلام إليهم، وبعضهم مصاب بـ«الهوس الجنسي»، تركوا كل مشاكل مصر، وأصبحوا منشغلين بإغلاق «مواقع البورنو»، ونسبة عالية جدا من المصريين لا تثق في هذا البرلمان ولا في قدراته، وترى أنه لا يمثل الشعب المصري.


لكن الدولة تخوض حربا ضروس ضد الإرهاب؟

لا يوجد استراتيجية لمكافحة الإرهاب، هناك الكثير من الجرائم ترتكب باسم هذا الأمر، فمثلًا  القاضي الذي قتل المجند قال إنه «إخواني»، وجريدة «الأهرام» تحدثت عن وجود خلية إرهابية في العمارة التي يسكن بها، وهذا يكشف حجم الفساد الأخلاقي والإعلامي والضحك على الرأي العام، لذلك مصر ترتيبها رقم 161 عالميا في حرية الفكر.


ما هوية الدولة المصرية الآن؟

مصر لا دولة دينية ولا دولة مدنية.


تقييمك لتجديد الخطاب الديني؟

الأزهر ليس مؤسسة إبداع في الإسلام حاليًا، وقياداته لا تصلح، والكثير من علمائه جاءوا من قاع العملية التعليمية، واستقبال العمال في عيدهم لشيخ الأزهر دليل على تطرف المجتمع، وقانون تجريم الفتوى يعني عودة الكهنوت.



إلى أين تتجه مصر؟

مصر تتجه لأن تكون دولة فاشلة.


كيف ترى شباب مصر؟

الشباب المصري «تائه».. ويريد أن يهاجر.


ما الذي يدفع شاب في مقتبل العمر إلى تفجير نفسه؟

الشباب الذين يفجرون أنفسهم لقتل الآخرين، ينتمون لأسر متطرفة ومفككة ومهمشة وعاطلة، ولديهم طاقة عنف وعدوانية، وأغلبهم جهلة ولا يفهمون شيئًا في الدين الذي يعد آخر الأسباب التي تدفعهم إلى تفجير أنفسهم.


كيف ترى مؤتمرات الشباب؟

مؤتمرات الشباب عبارة عن «مكلمة» في حالة عدم ترجمتها إلى سياسات، والتعليم هو الأهم.


ما تقييمك لأداء السيسي؟

السيسي كان أمامه فرصة ليكون مثل «أبو رقيبة» في تونس، أو مصطفى كمال أتاتورك في تركيا، لو استغل الشعبية الكبيرة التي كان يتمتع بها في بداية حكمه وقام بعمل إصلاح ديني، السيسي كان يمتلك شعبية وشرعية كبيرة في بداية حكمه، لكنه لم يستغلها، لذلك انخفضت شعبيته، النظام يحتاج إعلامًا سياسيًا قويًا يعبر عنه، ويحتاج إلى مستشارين ينصحونه بدلا من «الارتجال».


الرئيس قال إنه لن يبقى في الحكم ثانية واحدة إذا لم يريده الشعب.. رأيك؟

من الصعب جدا أن ينسحب السيسي من الانتخابات القادمة، لاسيما وأنه مدعوم من الدولة العميقة، ومن المرأة والأقباط ومن دول إقليمية مثل السعودية، ودول كبرى، وهذه الدول لا تريد أن تتحول مصر إلى سوريا والعراق وليبيا حفاظا على مصالحها، هو يريد أن يترك الرئاسة ويعيش حياته الطبيعية كأي مواطن، لكنه مضطر لنزول الانتخابات، لأنه لا يوجد بديل له حاليا، والدول الداعمة له لن توافق على انسحابه من الانتخابات، خاصة وأن أي بديل له «سيرث» تركة صعبة جدا.


لماذا يقسم الرئيس بالله كثيرا في خطاباته؟

للتأكيد.


لماذا يضحك الرئيس في خطاباته؟

يحاول أن يخفف من حدة الموقف، ويثبت أنه شخص عادي وغير متزمت وليس متجهما.


ولماذا يستخدم الرئيس دائما في خطاباته مصطلحات مثل أهل الشر وأنتوا اللي جبتوني ؟

هو يريد أن يذكر الناس دائما أنهم هم الذين أتوا به وطلبوا منه أن يصبح رئيسا، لكي ينقذهم من مصير سوريا والعراق، وينقذهم من تنظيم كان سيحول البلد إلى أسوأ من سوريا والعراق لو استمر في الحكم.

        

بما تفسر اللمسة الدينية في خطابات الرئيس؟

في الظرف الراهن، الرئيس لا يستطيع أن يفعل غير ذلك، لأنه يواجه الإخوان، لذلك هو يمثل الإسلام الوسطى المعتدل المسالم، ويحارب التطرف والإرهاب.


هل الوضع الحالي في مصر يمكن أن يؤدي إلى قيام ثورة جديدة؟

الوضع الحالي لن يؤدي لثورة، لكنه يمكن أن يؤدي إلى الفوضى، وهو أسوأ سيناريو يمكن أن يواجه مصر الفترة القادمة، والفوضى أكثر خطرا على الأمن القومي للبلاد من الثورة، فالفوضى سوف تؤدي إلى الانهيار التام، وزيادة العمليات الإرهابية، وأن تفقد الحكومة سيطرتها على البلاد، لذلك الرئيس دائما يقوم بتقوية الأجهزة الرئيسية في البلد مثل الشرطة، لأنه نتيجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية السيئة يمكن أن يحدث انهيار في أي وقت، وفي حالة الفوضى سيجد الإرهاب بيئة اجتماعية حاضنة له.


هل مصر محصنة من الحرب الأهلية في ظل هذه الظروف؟

مصر ليست محصنة من الحرب الأهلية، لاسيما في ظل استهداف الأقباط، ووجود بؤر متطرفة ما زالت تنتج الإرهابيين.


الحكومات المتعاقبة تتحدث دائما عن أن الشعب المصري غير مهيأ للديمقراطية.. ما حقيقة ذلك؟

الديمقراطية عملية تدريبية وتعليمية وتاريخية، والمصريون تعلموا الكثير من ثورة السوشيال ميديا ومن الثورتين الفترة القادمة، لذلك هم أصبحوا جاهزين وفاهمين كويس جدا، وبالتالي النخبة الحاكمة سترتكب خطأ كبيرا إذا تعاملت مع المصريين بعقلية ستينيات القرن الماضي، وبعقلية إعلام أحمد سعيد الموجه، هذا الكلام انتهى، ولازم النخبة الحاكمة تغير من طريقة تعاملها مع الشعب المصري، ولازم تفهم أن الشعب الذي قام بثورتين قد تغير، وأصبح لديه خيارات إعلامية مختلفة، وأن الأجيال الحالية لن ترضى عن الديمقراطية بديلا، والحديث عن فرض قيود وضريبة على استخدام الانترنت دليل على وجود قلق لدى الحكومة، لذلك الشباب ينظر لهذه المحاولات على أنها ساذجة ومازالت تتعامل بعقلية ستينيات القرن الماضي.


تقييمك لأداء الإعلام المصري؟

أغلب الإعلام بذيء، وهناك خطاب إعلامي لا يجذب المصريين، لذلك هم يلجئون إلى المحطات غير المصرية.


في الفترة الأخيرة أصبح الإعلام المصري يركز على الجرائم الجنسية.. لماذا؟

الإعلام المصري يركز على الإثارة الجنسية، لأن الشعب المصري مهووس بالجنس والنكاح والأكل والشرب والزواج، وهذه ثقافة البهائم، فالبشر يهتمون دائما بالثقافة والعلم، الثقافة المصرية والعربية والشرقية مهووسة بالجنس، العرب يذهبون إلى أماكن الجنس في الغرب ويقولون الحمد لله على نعمة الاسلام، برامج التوك شو المصرية برامج صفراء، والقنوات المصرية صفراء وهناك شيوخ صفر مثل الذي أفتى بإرضاع الكبير، الجمهور المصري أيضا أصفر، لذلك هناك طلب على الجنس في مصر، التدين في مصر تدين شكلي، والدليل أن الشعب "المتدين بالفطرة"، ثاني شعب في العالم في التحرش، وثاني شعب في العالم في زيارة المواقع الجنسية! وبالتالي الدين مجرد قناع.


كيف ترى مستقبل الإخوان في مصر؟

الإخوان انتهوا من مصر لفترة طويلة، لأنهم تعرضوا لضربة قوية، لكن الدعم القطرى والتركي وسوء إدارة السيسي للمرحلة السابقة منحهم أكسجين الحياة من جديد، ولولا ذلك لكانوا انتهوا للأبد كتنظيم، لكن أفكارهم مازالت موجودة ومنتشرة في المجتمع.


هل تتوقع إبرام صفقة بين الإخوان والنظام؟

أستبعد عقد أي صفقة بين الإخوان والنظام، لأن المعركة حاليا ليست بينهما، كما كان في عهد عبد الناصر والسادات ومبارك، لكن هم اشتبكوا مع الشعب والدولة، لكن لو تم فتح المجال السياسي، وتم عمل نظام ديمقراطي حقيقي فسوف يعودون تحت واجهة أخرى، لاسيما وأن غالبية المجتمع المصري ثقافته داعشية، لذلك رأينا حرق الكنائس في الصعيد، وبالتالي فكر الإخوان مازال موجودا ومنتشرا، وهذه كارثة.


هل هناك معارضة حقيقية في مصر؟

المعارضة المصرية ضعيفة جدا ومفككة ومنقسمة على نفسها.


البعض يقول إن السياسة في مصر ميتة.. رأيك؟

السياسة في مصر أصبحت محصورة في السوشيال ميديا والإعلام فقط.


من يصنع الطغاة والمستبدين؟

الحاشية والإعلام التابع لهم.


كيف ترى العلاقة بين السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟

ترامب معجب بالسيسي، لكن أمريكا دولة مؤسسات، لذلك تم تخفيض المعونة الأمريكية لمصر.


تقييمك لأداء البابا تواضروس؟

تواضروس راجل عملي جدا ويفهم في السياسة ويتصرف بطريقة صحيحة في الظروف الحالية.


ماذا تحتاج مصر للخروج من أزماتها؟

تحتاج لثورة علمية وثقافية وسياسية واقتصادية، واستراتيجية تنمية وتحديث وتطوير في كل المجالات.