رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خلافات «الأجهزة الأمنية».. أخطر أسباب تأجيل تشكيل «مجلس مكافحة الإرهاب»

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي في التاسع من إبريل الماضي، أي قبل نحو 40 يوما، ليعلن أمام الشعب عن إنشاء "المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب"، بالتزامن مع إعلان حالة الطوارئ في البلاد، عقب تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية.


السيسي أكَّد وقتها أن المجلس سيكون له كافة الصلاحيات التي تُمكّنه من تنفيذ المطلوب في مكافحة الإرهاب وضبط الموقف كله على كافة المناحي.. إعلامية أو قضائية أو قانونية أو حتى تجديد الخطاب الديني.


الرئيس السيسي أعلن عن إنشاء المجلس فور خروجه من اجتماعٍ لمجلس الدفاع الوطني، ولكنه في الوقت ذاته لم يحدد وقتها الصلاحية المخولة لهذا المجلس، لكنه أكَّد أن له صلاحيات مطلَقة، ومن المعروف أن كلمة الصلاحيات المطلقة تُطلَق دائمًا حال غياب الرؤية أو الخطط الواضحة.


وبرغم مرور قرابة شهرين علي تصريحات السيسي لم يخرج المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب - حتى الآن - للنور، كما لم تُرسِل الحكومة للبرلمان مشروع قانون بإنشاء المجلس كما قالت، كما خرجت تصريحات من اللجنة التشريعية والدستورية بالبرلمان تؤكد عدم وصول القانون وكذلك إدراجه على أجندة اللجنة خلال الدورة البرلمانية الحالية، تأخير عرض القانون علي البرلمان، كان محور تساؤلات واسعة عن أسباب تأخر تشكيل المجلس حتى الآن!؟ وما علاقة الخلافات بين الأزهر والدولة بتأخُّر تشكيل هذا المجلس؟ وهل صراع الأجهزة الأمنية سبب قوي في هذا التأخير؟


وللإجابة عن تلك التساؤلات، فقد حصلت «النبأ» على معلومات غاية في الأهمية تكشف عن الأسباب الحقيقية وراء تأخير تقدم الحكومة مشروع قانون تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب للبرلمان حتى الآن، حيث كشفت مصادر أمنية مطلعة، أن هناك العديد من المعوقات بشأن خروج المجلس للنور، لعل أبرزها هو عدم وجود رؤية محددة بشأن صلاحيات المجلس وكيفية تشكيله، وأن الفكرة طرحت أثناء اجتماع المجلس الأعلى للدفاع عقب تفجيرات كنيستي طنطا والإسكندرية، وعندما خرج الرئيس ليعلن عن تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، جاء على عجل ودون دراسة تفصيلية، وكان الهدف في ذلك الوقت هو امتصاص لغضب الرأي العام، ومحاولة إعطاء المزيد من الأمل بتشكيل مجلس سيحل كل مشاكل الإرهاب والعنف.


وأضافت المصادر، أن مجلس الوزراء شكل لجنة برئاسة وزير العدل، المستشار حسام عبد الرحيم، لوضع نصوص قانون المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، ولكن اللجنة اكتشفت عددًا من العوائق أبرزها، أنه وفقا لبيان رئاسة الجمهورية الصادر 11/4/2017، بشأن المجلس الجديد، فقد أكد خلاله السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف سيضُمّ كافة الوزراء ورؤساء هيئات ومؤسسات الدولة ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي أكدت لجنة مجلس الوزراء أنه يتعارض مع المهام والصلاحيات الموكلة لمجلس الدفاع الوطني، ومن مهامه الرئيسية، مكافحة الإرهاب.


كما أن اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل؛ لوضع قانون المجلس الجديد اكتشفت تضارب صلاحيات مجلس مكافحة الإرهاب مع بعض الوزارات؛ وعلى رأسها المؤسسات الدينية متمثلة في الأزهر وكذلك المؤسسات الأمنية بكافة أنواعها، وكذلك المؤسسات الاقتصادية، كما أن هناك تضاربا مع وزارتي التعليم والثقافة؛ وتحديد اختصاصات كل مؤسسة على حدة يجعل المجلس بلا دور.


وأوضحت المصادر، أنه من ضمن أسباب التأخير في إنشاء المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، هو ترتيب وضعه القانوني والدستوري؛ حيث هناك عقبات دستورية في تحديد الاختصاص داخل المجلس الجديد، ففي حال توسعة اختصاص هذا المجلس بالمخالفة لأحكام الدستور سيكون مجلسًا غير دستوري، وما سيصدر عنه سيكون باطلًا قانونًا، خاصة فيما يتعلق بوضع الأزهر واختصاصاته داخل المجلس؛ فوفقًا للمادة 7 من الدستور فإن الأزهر هو الجهة الوحيدة المسئولة عن الدعوة وتجديد الخطاب الديني.


الأمر الآخر الذي قد يكون أحد أسباب تأخيره، هو وجود صراع كبير بين الأجهزة الأمنية في مصر حول بعض النقاط الهامة من أبرزها من يرأس المجلس، ودور الداخلية والجيش بداخله، وهل تكون الكلمة العليا للمجلس في ملف الإرهاب متروكة للقوات المسلحة، ودور الأجهزة الأمنية السيادية الأخرى، وهل يكون التشكيل الرئيس للمجلس أمنيًا بحتًا على أن تكون مشاركة باقي المؤسسات على سبيل المساعدة وتقديم الاستشارة حسب ما يطلب من كل مؤسسة بمهام يلزمها المجلس.


في الوقت ذاته، يرى الشيخ نبيل نعيم، مؤسس تنظيم الجهاد في مصر، أن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب «فنكوش» من جانب الدولة، ولن يخرج للنور على المدى القريب، مشيرا إلى أن الإعلان عن تشكيل المجلس جاء بغرض تهدئة الشارع فقط، خاصة أن هناك معوقات واضحة تحول دون تشكيل المجلس الجديد أبرزها بالفعل وجود صراع خفي بين أجهزة الدولة في ملف محاربة الإرهاب، ما كان سببا مباشرا وراء غياب الرؤية الواضحة من جانب الدولة في محاربة الإرهاب.


وقال «نعيم» إن الدولة تخرج ببيانات حول قتل العناصر الإرهابية دون توضيح هوية تلك العناصر، ودورهم على أرض سيناء، وكيف يتم تمويلهم بالمال والسلاح.


وطالب مؤسس تنظيم الجهاد في مصر، الدولة بالعمل الجاد على تخفيف الأعباء الاقتصادية علي المواطن؛ لأن محاربة الإرهاب لن تكون بتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب كما تعتقد الدولة، لافتًا إلى وجود تجارب ناجحة قامت بها العديد من الدول الأوربية وعلى رأسها فرنسا، يمكن الاستعانة بها لخروج قانون تشكيل المجلس الأعلى للنور قريبا.


وأشار إلى أن الرئيس السيسي بما يمتلكه من صلاحيات دستورية، يمكنه القيام بوقف الصراعات بين الأجهزة الأمنية والمؤسسات بشأن تشكيل المجلس الجديد بحيث يقوم المجلس بدور حقيقي في محاربة الإرهاب إذا كانت الدولة جادة في ذلك.