رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حكايات مثيرة للنصب على المواطنين باسم «الرئاسة»

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


يحاول النصابون استخدام العديد من الحيل المبتكرة؛ للنصب على المواطنين والاستيلاء على أموالهم، لكن الأغرب في الأمر هو استغلال الجهات الرسمية، والمؤسسات البارزة في الدولة لخداع ضحاياهم، وأبرز هذه الجهات هي مؤسسة الرئاسة.


وعلى الرغم من تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بمحاربة الفساد، وضبط الفاسدين، وشن الحملات على المعتدين على أراضي الدولة والمحتالين؛ إلا أن هناك بعض الأشخاص لم يهتموا بكل هذا الأمر، ووصلوا إلى الحد بالزج باسم مؤسسة الرئاسة، وإيهامهم ضحاياهم بأنهم مستشارين للرئيس؛ للاستيلاء على أموال المواطنين في عمليات نصب كبرى، وهذا ما نكشف عنه عبر السطور التالية..


الواقعة الأولى التي نسردها عبر السطور التالية، تتمثل فى أنه قد حضر إلى الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، ماجد أحمد محمد، صاحب ومدير شركة فينوس للاستيراد والتصدير، وشركة فينوس للصناعة، بهدف تحرير محضر يفيد فيه بتعرفه على شخص يدعى رضا محمد مبارز، مستشار رئيس الجمهورية للمشروع القومي لترشيد الطاقة، بعد أن حضر إليه مع شقيقه "أحمد"، والذي كان يعمل في شركة أخرى، وأخبره أنهم سوف يعقدون اجتماعا موسعا بمقر وزارة الكهرباء، مع أصحاب شركات اللمبات الكهربائية، لتعميم نشر استخدام الموفرة "ليد"، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية.


وأضاف في بلاغه أنه عقد الاجتماع بمقر وزارة الكهرباء، وترأسه عن وزير الكهرباء الدكتور محمد موسي عمران، وكيل وزارة الكهرباء، ورئيس قطاع البحوث والتخطيط ومتابعة الهيئات، وأٍوصى الاجتماع بضرورة قيام الشركات العاملة في مجال استيراد وتجميع اللمبات الموفرة، بتغيير نشاطها إلى استيراد وتجميع اللمبات "الليد"، ذات الاستهلاك المنخفض للتيار الكهربائى؛ لتخفيف الأحمال على شبكات الكهرباء.

 

وأوضح أنه علم أن رضا مبارز، قام بتعيين اللواء عبدالنبي عبدالقارد خميس، رئيس مجلس إدارة شركة نياز للكهرباء، إحدى أكبر الشركات العامة لتصنيع وتجميع اللمبات الكهربائية بأن يكون رئيسًا للمشروع القومي لترشيد الكهرباء والطاقة، لافتًا إلى أنه أخبره أن عليه حضور اجتماع عاجل بمقر شركة نياز بالإسكندرية ومعه عبدالنبي عبدالقادر، ومجموعة من أصحاب الشركات، مشيرًا إلى أن الاجتماع أسفر عن طرح مناقصة على مستوى الشركات لتوريد 5 ملايين لمبة "ليد"، والتي رست على مجموعة من الشركات كانت من بينها شركته، كما أنه تم تكليفه من مستشار الرئيس على شراء 10 ملايين لمبة "ليد"، وتوريدها للبلاد قبل حلول شهر أبريل وشهور الصيف، دون بدء بقيام الشركة المرسية عليها المناقصة بتوريد اللمبات.


وأشار إلى أنه تلقى عدة مكالمات هاتفية أثناء تواجده في الصين، من مستشار الرئيس ورئيس لجنة ترشيد الطاقة، يطالبه فيها بضرورة الانتهاء من التعاقد على شراء الـ10 ملايين لمبة "ليد"، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، ولذلك تعاقد مع شركة صينية على توريد اللمبات، مشيرًا إلى أنه بعد ذلك أخبره أن تعليمات الجهات السيادية بتوزيع تلك اللمبات على الكروت الذكية على بطاقات التموين للمواطنين، مؤكدا له أنه سيتقاضى ما قام بدفعه كاملا من مبالغ مالية، عقب عودته إلى البلاد وحصول رئاسة المشروع القومي لترشيد الطاقة على مبلغ 600 مليون جنيه من صندوق التنمية الاجتماعية.


وأكد أنه بعد عودته طالب مستشار الرئيس ورئيس اللجنة بسداد مستحقاته المالية التي قام بدفعها للشركة الصينية، فأخبره أن تلك اللمبات لم يتم توزيعها على البطاقات الذكية للمواطنين، وإنما سيتم طرحها للبيع المباشر للجمهور، وسوف يحصل على مستحقاته عقب الانتهاء من بيعها، مشيرًا إلى أنه بعد ذلك لم يحصل على أموال، وعرف أنه تعرض لعملية نصب كبرى، وأن رضا مبارز ليس مستشارَا لرئيس الجمهورية، وأنه لا يوجد ما يسمى بالمشروع القومي لترشيد الطاقة، وأن الواقعة برمتها مختلقة من المشكو في حقهما بقصد تحقيق الربح والثراء السريع.

 

على الفور تم تشكيل فريق بحث من إدارة مكافحة جرائم الأموال العامة بمديرية أمن القاهرة، وتمت مداهمة مقر شركة نيازا، وتم ضبط مستشار الرئيس المزيف وشقيقه "أحمد"، وبحوزتهما كارنيهن منسوبين لديوان رئاسة الجمهورية، المشروع القومي لترشيد الطاقة، مثبت في الأول صورة المتهم الأول "فوتوغرافية" وصفته كرئيس تنفيذي للمشروع، ومثبت بالثاني صورة "فوتوغرافية" بصفته كرئيس مكتب توزيع المشروع، وبتفتيش مقر الشركة تم ضبط المستندات وأوراق المشروع الوهمي.


بإجراء التحريات تبين أن المتهمين اشتركا مع مجهول في تزوير الكارنيهين المضبوطين، وقيامهما بالنصب والاحتيال على شركات عامة، وخاصة بزعمهما وجود مشروع يسمى المشروع القومي لترشيد الطاقة، وتعميم واستخدام لمبات الليد كذبا، حيث انتحل الأول صفة غير صحيحة وهي مستشار اقتصادي لرئيس الجمهورية، واستخدامهما وسائل وأساليب احتيالية من شأنها إحداث الأمل بالحصول على ربح وهمي؛ لإصباغ صفة المشروعة على تصرفاتهما تجاه المجني عليهم، بقصد خداعهم والمسئولين لحثهم على إنشاء هذا المشروع الكاذب بقصد الاستيلاء على أموال المجني عليه وأموال الشركات الأخرى من القطاع العام والخاص المشتركين في مناقصات المشروع الوهمي، من خلال أن المتهم الأول هو المدير التنفيذي للمشروع والثاني المسئول عن ملف التوزيع بالمشروع.


تم تحرير محضر بالواقعة، وبالعرض على النيابة العامة أمرت باستدعاء عبدالنبي رئيس مجلس إدارة شركة نيازا، للتحقيق معه حول توريطه في هذا الأمر، وبالفعل حضر وأكد في تحقيقات النيابة أنه انخدع في صفة المتهمين بعدما أوهمه الأول أنه مستشار اقتصادي لرئاسة الجمهورية، والمسئول عن مشروع ترشيد الطاقة، وقدم له صورا من خطابات منسوبة لديوان رئاسة الجمهورية بتكليفه برئاسة هذا المشروع الوهمي، وعين الاول نفسه مديرًا تنفيذيّا للمشروع وعين شقيقه المتهم الثاني، رئيس مكتب التوزيع للمشروع قاصدين من ذلك الاستيلاء على أموال المشروع، عقب توريد اللمبات الليد، لصالح المشروع؛ إلا أنه فوجئ بانتحالهما تلك الصفة غير الصحيحة.


كما كشفت تحقيقات النيابة العامة، أنه لم يصدر أي قرار جمهوري بتكيف اللواء عبدالنبي عبدالقادر برئاسة ما يسمى بالمشروع القومي لترشيد الطاقة ولم يصدر من رئيس الجمهورية أي قرار بتعيين المتهم الأول مستشًارًا للرئيس، كما أنه لا يوجد في الهيكل التنظيمي لرئاسة الجمهورية مسمى الأمانة العامة لديوان الرئاسة، كما أنه لا تتوافر لدى الرئاسة أية معلومات أو صله بما يسمى المشروع القومي لترشيد الطاقة.

 

بانتهاء التحقيقات أمرت النيابة العامة، بعرض القضية على المستشار وائل شلبي المحامي العام لنيابة وسط القاهرة الكلية، والذي أمر بإحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة للتحقيق فيها.

 

النصب في تعيين الوظائف الحكومية  

الواقعة الثانية كانت عندما وردت معلومات إلى الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، تفيد بانتشار ظاهرة تزوير  المحررات الرسمية المنسوبة للعديد من الجهات الحكومية بالبلاد وترويجها.


وفي ذات الوقت تلقت إدارة الأموال العامة، العديد من البلاغات من رجال أعمال ومواطنين تفيد بتعرضهم لعملية نصب كبرى من إحدى الشخصيات الذي يدعي أنه مستشار رئيس الجمهورية.


على الفور تم تشكيل فريق بحث من ضباط إدارة مكافحة جرائم التزييف والتزوير، وتبين من التحريات أن وراء هذا الأمر، نصاب محترف يدعى محمد عادل محمود، 53 سنة، سبق اتهامه فى 4 قضايا، حيث استغل في هذه الوقائع اسم مؤسسة الرئاسة من أجل النصب باسمها، وذلك بانتحال صفة مستشار الرئيس، حيث أنه أستاذ دكتور في جامعة دولية بالقاهرة، ورئيس مجلس إدارة الجامعة.


وأضافت التحريات أن هذا الشخص استغل الصفات الذي انتحلها من أجل حضور العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية، استطاع من خلالها الإيقاع بضحاياه، وإيهامهم بقدرته الوظيفية على إنهاء مصالحهم الشخصية وتعيينهم وأقاربهم بالعديد من الوظائف الحكومية، مقابل حصوله على مبالغ مالية منهم.


وأضافت التحريات أن المذكور حصل على مبالغ مالية ضخمة من العديد من المواطنين، ثم زور المحررات الرسمية وقلد الأختام المنسوبة للعديد من الوزارات والجهات الحكومية المختلفة، وأعد عقود عمل وهمية للجهات الحكومية، من أجل إعطائها لضحاياه، عندما يأخذ منهم الأموال، مشيرين إلى أنه استطاع تحصيل ملايين الجنيهات، وصلت إلى أكثر من 2 مليون جنيه.


كما أنه استطاع النصب على عدد من رجال الأعمال، وإيهامهم بقدرته على إنهاء بعض الأمور لهم، مقابل الحصول على مبالغ مالية، ولكنه بعد النصب عليهم هرب، ولم يعلم أحد مكان تواجده.


بمتابعة نشاطه والأماكن التي يتردد عليها، وردت معلومات عن تواجده في إحدى الشقق بدائرة قسم شرطة الهرم، فخرجت حملة أمنية داهمت الشقة، وتمكنت من القبض عليه.


كما عثر داخل الشقة على 3 بصمات كلاشيهات لخاتم شعار الدولة المقلد؛ خاصة بكيانات تعليمية حكومية مختلفة بالبلاد، و2 بطاقة رقم قومى مزورين باسم وصورة المتهم، إحداهما بمهنة حاصل على بكالوريوس آداب، والأخرى مثبت بخانة المهنة أستاذ جامعي، و10 شهادات دراسية باسم المتهم تفيد حصوله على ليسانس آداب "مزورين بالكامل"، 85 شهادة معادلة منسوبة للمجلس الأعلى للجامعات المصرية بعضها خالى البيانات والبعض الآخر بأسماء أشخاص مختلفة تفيد حصولهم على درجات علمية من جامعات بالخارج تعادل البكالوريوس والدكتوراه بالجامعات المصرية، ممهورين بخاتم شعار الدولة المقلد. 


وبالإضافة إلى 45 شهادة دراسية منسوبة لجامعات مختلفة بأسماء أشخاص مختلفين تفيد حصولهم على درجات البكالوريوس والليسانس والدكتوراه، ممهورين بخاتم شعار الدولة المقلد "مزورين بالكامل"، وكمية من شهادات الخبرة بأسماء أشخاص مختلفة بعضها خالى البيانات ممهورة ببصمة خاتم شعار الدولة المقلد ومزورة بالكامل، و200 عقد عمل خالى البيانات معد للتزوير، وممهورة ببصمات خاتم شعار الدولة المقلد المنسوب لوزارات مختلفة، وكمية من طوابع الدمغة المصرية بفئات مالية مختلفة مزورة بالكامل، وكمية كبيرة من الشهادات المنسوبة لجامعة دولية بالقاهرة بعضها خالي البيانات بأسماء أشخاص مختلفة تفيد حصولهم على درجات علمية ممهورة بخاتم شعار الدولة المقلد، وكمية من إيصالات تحويلات مالية بين المتهم وضحاياه بلغت حوالى 100 ألف جنيه، وكمية من شهادات تقدير ودروع تمييز وكروت شخصية باسم المتهم بألقاب منتحلة، ومسدس صوت بالخزينة الخاصة بها فارغة الطلقات، و2 هاتف محمول، وكارت فلاش ميموري، بفحصها  تبين إحتواءها على العديد من الملفات التي تحمل صور المستندات المضبوطة، وصور ضوئية للمتهم معدلة باستخدام برامج الفوتوشوب تفيد حضوره مؤتمرات علمية، وصوره مع العديد من المسئولين والشخصيات العامة، والذي كان يستخدمها في الإيقاع بضحاياه، والنصب عليهم.


تحرر عن ذلك المحضر اللازم، وجارِ العرض على النيابة العامة؛ لمباشرة التحقيق.