رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

8 مبادرات للوحدة.. والنتيجة «لا شئ».. شرعية مرسي تنسف العلاقة بين «الإخوان» وحلفائها

أعلام جماعة الإخوان
أعلام جماعة الإخوان - أرشيفية


أزمة جديدة «نشبت» داخل أروقة جماعة الإخوان ومؤيديها بعد مشاركة قيادات الجماعة في تركيا مع أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، ومحمد محسوب، وزير الشئون البرلمانية السابق، وطارق الزمر، القيادي بالجماعة الإسلامية، وعدد من الوجوه الليبرالية في الخارج، في إعداد مبادرة حملت اسم "وثيقة مبادئ العمل المشترك"، والتي عُرفت بـ"نداء وطن".


ودعت المبادرة إلى تشكيل كيان وطني جامع يضم قوى يناير، بغض النظر عن رفضهم أو موافقتهم على شرعية محمد مرسي، وهو ما اعتبرته قواعد الجماعة تخليا عن مبادئها، ورفضته بشكل واسع.


تلك المبادرة التي قوبلت بالرفض ووُئدت في مهدها، لم تكن الأولى التي تدعو للتوحد بين قوى يناير، ثم تحدث زوبعة كبيرة وسرعان ما تختفي ولكن سبقها عدة مبادرات ومواثيق عمل انتهت جميعا بالفشل.


فعلى مدار السنوات التي تلت الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين، سعت الجماعة لدعم التظاهرات بشكل مستمر، فكانت تتصاعد حينًا وتخفت أحيانا أخرى، ولكنها بدأت في الاختفاء تماما في العامين الأخيرين.


ومع بداية خفوت المظاهرات في عام 2014، بدأ كثيرون في جماعة الإخوان يدركون أن ثورة يناير لم تنجح إلا باصطفاف القوى المختلفة ووحدتها، وأنها لن تنجح أي ثورة مقبلة بالإخوان وحدهم، ولذلك لجأوا للتقارب مع قوى يسارية وليبرالية محسوبة على ثورة يناير، ومن معارضي النظام.


على مدار الأعوام الماضية، كان شغل الإخوان الشاغل هو التحالف مع القوى الليبرالية، واستقطابها للوقوف معها في حين كانت الأخيرة تتمنع، وتطالب الإخوان بالتخلي عن مطلبهم الرئيسي في عودة شرعية «مرسي».


مع اشتداد القبضة الأمنية في مصر اضطر عدد من رموز يناير الليبراليين إلى الخروج من مصر بعد أن ضاقت السلطة بمعارضتهم، وسعوا لتشكيل جبهة في الخارج للجمع بين القوى الثورية كانت جميعها في صيغ متقاربة ومع ذات الأشخاص تقريبا.


المبادرة الوحيدة التي خرجت من مصر كانت في مايو 2014، وأعلنها  السفير إبراهيم يسري، والشاعر عبد الرحمن يوسف، والدكتور سيف عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية، وحملت اسم "بيان القاهرة" كان هدفها هو دعوة قوى ‫ثورة يناير‬ إلى ضرورة الاصطفاف صفًا واحدًا لاستعادة ‫ثورة 25 يناير‬ والمسار الديمقراطي، في مواجهة منظومة ‫الثورة المضادة‬ والاستبداد والقمع، والعمل لتجديد روح وقوة ثورة يناير.


ذات المعنى تكرر في نفس الشهر، في مبادرة أخرى، حيث عقدت مجموعة ثانية، مؤتمرًا صحفيًا في بروكسل، وأعلنوا خلاله عن وثيقة  بعنوان "من أجل استرداد ثورة يناير واستعادة المسار الديموقراطي"، عرفت باسم "وثيقة بروكسل"، وطالبت بالوحدة بين قوى يناير.



وأعلن الوثيقة كل من: أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، ومحمد محسوب، وزير الدولة السابق للشئون القانونية والنيابية، واللذان قادا جميع المبادرات التالية، وانضم لهما طارق الزمر، القيادي بالجماعة الإسلامية لاحقا، وشارك في وثيقة بروكسل من جماعة الإخوان، "عمرو دراج" و"يحيي حامد "كممثلين للإخوان المسلمين.


كانت المبادرتان قبيل الانتخابات الرئاسية في مصر واختفتا بعد تولي الرئيس السيسي، وخروج عبد الرحمن يوسف وسيف الدين عبد الفتاح من مصر خشية القبض عليهما.


على مدار عام توقفت المبادرات، بسبب مراقبة التغيرات في مصر مع صعود السيسي لعرش مصر، وتغيرت تكتيكات الإخوان في التظاهر بعد تولي محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد القيادة الفعلية للجماعة في مصر، ولكنها عادت للظهور مع وقوع انشقاق في الجماعة وتوقف التظاهرات بشكل شبه كامل في منتصف 2015.


في هذا التوقيت طرح أيمن نور ومحمد محسوب، وثيقة المبادئ العشرة التي ارتبطت ببيان بروكسل، نظرًا لاحتوائها على 10 بنود، ومنها التوحد لإسقاط السيسي، والاعتراف بشرعية الرئيس المعزول محمد مرسي، مع تجاوز مرحلة رجوعه لسدة الحكم مرة أخرى، ولم تلق أي صدى يذكر.


ورعا الرجلان مبادرة أخرى انضم لها عبد الرحمن يوسف بعد خروجه من مصر، حملت اسم "إعلان فبراير"، وكانت من إسطنبول التركية، ودعت لتوحيد قوى يناير أيضا متجاهلة الحديث عن محمد مرسي.


وفي سبتمبر 2016، عادت رحلة المبادرات برعاية نور ومحسوب للظهور مرة أخرى بوثيقة حملت عنوان "مبادرة واشنطن"، وسعت للدعوة إلى الوحدة بين قوى يناير، وتم إعلانها من واشنطن.


وعاود أيمن نور ومحسوب دعوات الاصطفاف مرة أخرى مع نهابة 2016، وطرحا مع آخرين اسم «ميثاق الشرف الوطني»، الذي دعا للوحدة بين قوى يناير ونبذ الكراهية.


وفي يناير 2017، ظهرت حملة، برعاية الرجلين، حملت عنوان "يناير يجمعنا"، ظهر فيها لأول مرة محمود حسين الأمين العام للإخوان، وأعلنت عن عدة مظاهرات خارج مصر في ذكرى الثورة، لم يتحقق منها الكثير، وتلاها وثيقة الاصطفاف الأخيرة التي قررت عدم الحديث عن مرسي أو شرعيته بشكل مطلق.


في مقابل تلك المحاولات ظهر فريق رافضا لكل هذه المحاولات، شمل ما سمي بالمجلس الثوري المصري على رأسهم رئيس المجلس، مها عزام ونائب الرئيس المستشار "وليد شرابي"، ورفعوا شعار رفض الاصطفاف إلا مع من يعترف بشرعية مرسي.


وبعد 8 مبادرات، مرت 3 سنوات وبقي الجميع عند نقطة الصفر بل زاد الانقسام الداخلي سواء في صف الإخوان أو صف مؤيديهم.


وعن تلك المبادرات يقول المحامي والسياسي عمرو عبد الهادي، إن تلك المبادرات بلا جدوى من الأساس، مشيرا إلى أنه حتى منتصف 2015،  كان الحديث عن مبادرات أو توافقات أمر محمود، لأن النظام في مصر بقيادة السيسي لم يكن ينحدر لمستوى خيانة الوطن نفسه، والمولاة لإسرائيل بشكل كامل، حسب قوله.



وأضاف أن الشعب كان ينظر للسيسي كطامع للسلطة ولذلك فهو يريق الدماء لتمكين سلطته، ولكن بعد منتصف 2015 بدأ السيسي في بيع أرض الوطن والتآمر على مستقبله، وهو ما لا يجدي معه كل المبادرات، وكان يجب أن يعلن المبادر عن توقفه ويعلن المتلقي سقوطه أمام أكبر اختبار في تاريخ مصر، على حد وصفه.


وأكد أن ما كان ينادي به المعتصمون في رابعة هو الاصطفاف وفي 2013 و2014 و2015، ولكنه لم يعد يجدي كطريق في 2016 و2017، حيث إن ما كان مسموحا في السابق لم ولن يكون مسموحا في الحاضر والمستقبل، مشيرا إلى أن المبادرات الآن أصبحت من قبيل ذر الرمال في العيون، ومن قبيل المهنة لدى البعض، ولم تصبح غاية بل أصبح وظيفة، مشيرا إلى أن كل هذه المحاولات لم تضف متظاهرًا واحد للشارع.


وأشار إلى أن المبادرة الأخيرة التي مازالت مطروحة ستلحق بباقي المبادرات، ولكن يجب على من فشلوا هذه المرة أن يعلنوا اعتزالهم للعمل السياسي، فجميعهم سبب في سقوط وفشل مرسي قبل ٣٠ يونيه.


من جانبه قال خالد الشريف، المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية المشارك في جميع مبادرات الاصطفاف، إن أي مبادرات أو محاولات تعيد الحل السياسي للأزمة المصرية فهي مبادرات محمودة ونشجعها؛ لأنها تحرك المياه الراكدة على أقل الأحوال، مشيرا إلى أن مصر تعاني من انسداد للأفق السياسي، وتعيش حالة من الانتقام والثأر.


وأضاف أن الداعين للاصطفاف يريدون إعادة الحياة السياسية لمصر، وربما كان المناخ غير مهيأ، ولذلك فشلت كل المبادرات والحلول السابقة، أو كانت مبادرات ناقصة وضعيفة، ولكن المطلوب من كل السياسيين والنخب هو التحرك وطرح الرؤى وإثارة واستنفار الأفكار للوصول لحلول سياسية عادلة تعيد الحقوق لأصحابها وتنهي الأزمة الطاحنة التي تعيشها مصر.