رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

يُعين رؤساء الهيئات القضائية والرقابية والإعلامية.. السيسي «يُكوش» على السلطات

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


في الفترة الأخيرة، وافق مجلس النواب على عدد من القوانين، تسمح للرئيس باختيار رؤساء الهيئات القضائية والرقابية والإعلامية والتعليمية، إضافة إلى رئاسة المجلس الأعلى للاستثمار، والسلطات الدستورية الأخرى.


ويرى الخبراء أن هذه الإجراءات الهدف منها إحكام قبضة الرئيس على كل مؤسسات الدولة، وأن ذلك يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، ومفهوم الدولة المدنية، ويخالف الدستور، ويثقل كاهل الرئيس بالمزيد من المسئوليات.


تعيين وعزل رؤساء الأجهزة الرقابية

كما وافق مجلس النواب على قرار رئيس جمهورية مصر العربية، بالقانون رقم 89 لسنة 2015 بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، حيث نصت المادة الأولى من القانون على أنه “يجوز لرئيس الجمهورية إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم فى 4 حالات، أولها إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها. وثانيها إذا فقد الثقة والاعتبار. والثالثة إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة. والرابعة إذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذى يشغله لغير الأسباب الصحية".


وقد صدر هذا القانون وسط اعتراض من جانب بعض أعضاء مجلس النواب، على رأسهم هيثم الحريري وأحمد مرتضى منصور، والنائب خالد عبد العزيز الذي قال إن القانون مخالف للدستور وضد استقلالية الأجهزة الرقابية فى مصر لما يحتويه من عبارات مطاطة، كما رفضه عدد من فقهاء القانون الدستوري، على رأسهم الفقيه الدستوري الدكتور محمد نور فرحات الذى رأى أن القرار يتعارض جملة وتفصيلا مع الدستور ومع المادة 216 من الدستور.


وقد تم عزل المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بناء على هذا القانون.


تعيين رؤساء الهيئات القضائية

كما وافق المجلس على قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، والذي ينص على: "يعين رؤساء الهيئات القضائية بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نواب الرئيس فى كل جهة، يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة من بين أقدم سبعة نواب لرئيس الهيئة، وذلك لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية، حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله، ويجب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس الهيئة بستين يوما على الأقل، وفى حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء الأجل المذكور، أو ترشح عدد يقل عن ثلاثة، أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة، يعين رئيس الجمهورية رئيس الهيئة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس الهيئة".


ووجد هذا القانون اعتراضات من جانب جموع القضاة، الذين اعتبروه مخالفا للدستور ولمبدأ الفصل بين السلطات، والتغول على القضاء من جانب السلطة التنفيذية، وهددوا بالامتناع عن تنفيذه ورفض مراقبة الانتخابات، كما هدد البعض بتدويل القضية.


تعيين رؤساء الهيئات الإعلامية     

كما أقر مجلس النواب قانون تشكيل الهيئات الإعلامية الذي يسمح لرئيس الجمهورية، تعيين رؤساء المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والتي تتولى الإشراف على المؤسسات القومية، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذي سيشرف على التلفزيون الرسمي والإذاعة، كما أصبح من حق الرئيس اختيار ثلاثة أعضاء من أصل 6  في مجلسي الصحافة والإعلام، واختيار أربعة أعضاء  في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.


تعيين رؤساء الجامعات

وفي يونيو 2014، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، عبر تعديل المادتين 25،43 من القانون، بما يسمح للرئيس بتعيين رؤساء الجامعات، وعمداء الكليات والمعاهد، بعد أن كان يتم اختيارهم بالانتخاب، ما اعتبره بعض أساتذة الجامعات تدخلا من السلطة التنفيذية في عمل الجامعات.


رئاسة المجلس الأعلى للاستثمار

وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريا بإنشاء المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي وعدد من الوزراء ورؤساء الأجهزة الرقابية، يختص المجلس بمتابعة تصنيف مصر في التقارير الدورية الخاصة بالاستثمار، ومتابعة تحديث الخريطة الاستثمارية، بالإضافة إلى متابعة تنفيذ أجهزة الدولة للخطط والبرامج المتعلقة بالاستثمار، فضلا عن وضع الإطار العام للإصلاح التشريعي والإداري لهيئة الاستثمار.


الأزهر ومشروع «أبو حامد»

كما تقدم النائب محمد أبو حامد، بمشروع قانون، يسمح لرئيس الجمهورية بتعيين وعزل شيخ الأزهر، ويتضمن تحديد  مدة الإمام الأكبر 6 سنوات ويجوز إعادة انتخابه لفترة واحدة فقط، وعزله حال الإخلال بوظيفته وإحالته إلى لجنة التحقيق، وفي حالة الإدانة يوقع عليه أحد هذه الجزاءات: الإنذار أو اللوم أو عدم الصلاحية، وسط اعتراضات من جانب بعض نواب المجلس، والأزهر الشريف.


لكن خبراء يرجحون تمرير هذا القانون الفترة القادمة، لسيطرة الرئيس على الأزهر، الذي ينتقد إمامه الأكبر بسبب عدم قدرته على تجديد الخطاب الديني كما طالب الرئيس.


مجلس النواب

ويتهم كثيرون مجلس النواب بأنه أصبح جزءًا من السلطة التنفيذية، وأنه ابتعد عن مشاكل الشعب الحقيقية، حيث قال الفنان محمد صبحي، إن مجلس النواب الحالي لا يتفرغ إلا لـلأزهر والصحافة والقضاء، بما يعني أن هذا المجلس يريد أن يحدث وقيعة بين أطياف الوطن الواحد وشركاء التنمية.



ويقول أحمد عبد الحفيظ، القيادي الناصري، إن تركيز السلطة بشكل مطلق وغير مسبوق في رأس الدولة، خطر كبير جدا يهدد الجميع، ويمثل اختلالًا في توزيع السلطات داخل الدولة، مؤكدا أن ذلك ضد مبدأ الفصل بين السلطات وضد مبدأ مدنية الدولة، مشيرا إلى أنه لابد من وجود توازن بين السلطات لتحقيق المصلحة العامة للدولة، لافتا إلى أنه لن يحدث أي تحول ديمقراطي دون الفصل بين السلطات والسماح للأحزاب السياسية بالعمل.


من جانبه يقول الدكتور محمود كبيش، عضو مجلس النواب، وعميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، إن قيام الرئيس باختيار رؤساء الهيئات والمؤسسات، لا يتعارض مع مفهوم دولة المؤسسات، مشيرا إلى أن مهمة البرلمان هي إصدار التشريعات التي تحقق مصلحة المجتمع، كما أن كل القوانين التي يصدرها البرلمان تعبر عن الإرادة الشعبية، لأن البرلمان جاء باختيار الشعب، وبالتالي هو يعبر عن إرادة الشعب، وليس من حق أي جهة الاعتراض على القوانين التي يصدرها البرلمان.



وأضاف "كبيش" في تصريحات لـ"النبأ" أن دولة المؤسسات لا تعنى أن كل مؤسسة أو كل جهة تعيش في وادي منعزل عن الجهات الأخرى، مشيرا إلى أن مبدأ الفصل بين السلطات في أي دولة في العالم، مبدأ مرن، وليس جامدا، بمعنى أنه يسمح بالتداخل بين السلطات بما يحقق الرقابة المتبادلة، مشيرا إلى أن عمل كل جهة باستقلالية تامة عن الجهات الأخرى، يجعل كل مؤسسة تصبح دولة داخل الدولة، مؤكدا أنه على كل جهة أن تفهم أن رئيس الجمهورية ليس فقط هو رئيس السلطة التنفيذية، لكنه هو رئيس الدولة، وتم اختياره من الشعب، ومن اختصاصاته الدستورية أنه حكم بين السلطات، إضافة إلى أنه رئيس السلطة التنفيذية، وهو الذي يعلن حالة الحرب، ويبرم المعاهدات، وكل هذه الاختصاصات تخضع لرقابة البرلمان، وبالتالي السلطة هنا متبادلة.


ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن مصر ليست بدعة في ذلك، ففي فرنسا رئيس الجمهورية هو الذي يرأس المجلس الأعلى للهيئات القضائية وينوب عنه وزير العدل التابع له، والمجلس الدستوري في فرنسا مكون من 9 أعضاء، يعين رئيس الجمهورية 3 منهم، والباقون يتم تعيينهم من قبل مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وفي أمريكا رئيس الجمهورية هو الذي يعين أعضاء المحكمة العليا، ويخضعون لجلسة استماع من مجلس الشيوخ، وبالتالي لا يوجد سلطة أو مؤسسة داخل الدولة تعمل منفردة، مشيرا إلى أن مبدأ الفصل بين السلطات يعني عدم تدخل سلطة في اختصاصات سلطة أخرى فيما تمارسه من عمل، إلا في الظروف التي يسمح بها القانون كنوع من الرقابة المتبادلة، وبالتالي السماح لكل سلطة بالعمل منفردة سيضيع فكرة الدولة الجامعة، الذي يحكمها نوع من التناغم فيما بين أجهزتها المختلفة.


وأكد "كبيش"، أن ذلك لا يتعارض مع مفهوم الدولة المدنية، والدليل أن هذا النظام معمول به في أرقى دول العالم الديمقراطية مثل أمريكا، لأن الرئيس لا يتدخل في التفاصيل، لكنه يتدخل في بعض الحالات التي تثبت التناغم بين سلطات الدولة المختلفة، خصوصا وأن الرئيس هو المسئول أمام الشعب عن أداء كل مؤسسات الدولة، والشعب هو الذي يحاسب الرئيس عن أخطاء هذه المؤسسات، ولا يحاسب رؤساء الهيئات أو المؤسسات، مشيرا إلى أنه من الخطأ أن تعتقد أي سلطة أنها خارج سيطرة الدولة، وأن عمل رؤساء المؤسسات إدارى بحت وهو تنظيم عمل المؤسسة.


وتساءل عضو مجلس النواب، «إذا كان البعض يعترض على ذلك.. يبقى النظام الفرنسي فاسد، فهل نحن أكثر استقلالا من أمريكا وفرنسا"، مشيرا إلى أن رئيس الدولة حينما يتدخل لاختيار رئيس سلطة معينة يختاره للمصلحة العامة، فهل اختيار رئيس الهيئة القضائية أخطر على الدولة من إعلان الحرب؟